26 مايو 2024

د. ابتسام العبدولي: "مرصد" حائط صدّ لحماية المجتمع من تحايل تجار السّموم

محررة في مجلة كل الأسرة

د. ابتسام العبدولي:

خبراتها العلمية ممتدة لسنوات طويلة في مختبرات الأدلة الجنائية، وعلم الجريمة، تخرجت في جامعة الإمارات لتلتحق بالعمل في شرطة دبي، نالت درجة الماجستير والدكتوراه في علم السموم الجنائية، بجانب حصدها لبعض الجوائز التي تشهد على حبها لعملها، وتفانيها فيه. هي خبير أول سموم د. ابتسام عبد الرحمن العبدولي، مدير مركز مرصد للمخدرات بالإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة في شرطة دبي، التقيناها لنتعرف إلى هذا العالم المملوء بالأسرار.

د. ابتسام العبدولي:

انجذبت للعمل في مجال علم المختبرات الجنائية بالصدفة، فكيف حدث ذلك؟

كان من ضمن برامج التخرج في السنة الرابعة بالجامعة، قيامنا بزيارات للمؤسسات ذات الصلة بمجال التخصص الأكاديمي، ومن ضمنها المختبر الجنائي في شرطة دبي، بهدف الوقوف على طبيعة العمل فيه، وأنواع القضايا، وكيفية الكشف عن الجرائم، وغيرها من التفاصيل المتعلقة بعلم الجريمة. وهذه الزيارة أشعلت بداخلي الشغف لهذا المجال، وبمجرد أن تخرجت في الجامعة تقدمت للالتحاق بالعمل في المختبر الجنائي، ولله الحمد تم تعييني خبير سموم جنائية بناء على تخصصي الأكاديمي، ثم تدرجت في العديد من المناصب وصولًا لمدير إدارة الأدلة الجنائية التخصصية لمدة 7 سنوات تقريباً، ومنه إلى المنصب الحالي كمدير مركز مرصد للمخدرات منذ 2023، وحتى الآن.

يتحايل تجار المخدرات لابتكار الخلطات والوصفات المخدرة لمساعدة المتعاطي كي لا يقع في دائرة الاتهام، ما سبيلكم للتصدي لذلك؟

عالم المخدرات متجد،د ومتسارع، فبمجرد اكتشاف مادة وإدراجها في جداول المخدرات تختفي بعد فترة قصيرة ويظهر منها مخدر جديد، ومثلما يوجد في المختبر الجنائي كيميائي متميز للكشف عن المخدرات، هناك في المقابل كيميائي عند تجار هذه السموم عمله الرئيسي خلط المكونات لتصنيع مخدر جديد غير مدرج للتحايل على رجال القانون، ودور «مرصد» ليس كشف هذه السموم، بل دراسة «مُستقلبات المخدر»، واحتمالية وجود أنواع جديدة والاستعداد للمحتمل تصنيعها، وبناء على ذلك يتم تنبيه الجمارك ومنافذ الدولة، ورجال مكافحة المخدرات والتحريات، وغيرها من المؤسسات المعنية.

د. ابتسام العبدولي:

وما الآثار المترتبة على تعاطي المواد المخدرة المصنّعة؟

يعمل خبراء السموم والكيمياء على متابعة أي تغييرات تطرأ على المركبات والعناصر الكيميائية في المواد المخدرة، والأخذ في الاعتبار آثارها الجانبية الخطرة في صحة الإنسان، منها ارتفاع ضربات القلب، والهلوسة، والتشنجات، وهناك حالات يكون مصيرها الموت، ونحن نقف لتجار المخدرات بالمرصاد، فقد اكتشفنا خلال عامي 2022 و2023 فقط، 16 نوعاً من تلك السموم المصنّعة، وذلك بفضل التجارب والأبحاث والتحاليل المخبرية الدقيقة التي أجريت على مواد أظهرت احتواءها سموماً تؤثر في صحة الإنسان، وسلامة عقله.

ماذا عن فريق عملك، وأكثر ما تحرصين على أن يتوفر فيه؟

أصبح توجه المركز تنبئي، استباقي، استشرافي، ما يستلزم توافر أصحاب الخبرات المتميزة، وهذا ما ينطبق على العاملين في «مرصد»، الذي ينطوي على خبراء في مجال السموم والكيمياء الجنائية، يجمعهم العمل بروح الفريق، وهذا أهم ما يميزهم.

د. ابتسام العبدولي:

تمتد مسيرتك في مجال فك ألغاز القضايا لسنوات طويلة، فهل يوجد قاسم مشترك يربط تلك القضايا ببعضها بعضاً؟

على الرغم من أن كشف غموض الجرائم ليست مهمة سهلة، إلا أن العامل المشترك بينها أنها دائما ما تكشف عن نفسها، الأمر الذي يستلزم وجود خبرة مدربة تمتاز بدقة الملاحظة، وسرعة البديهة، بجانب توافر الإمكانات والأدوات والأجهزة، التي تسهل من عمل العنصر البشري، وهو بالتأكيد ما تمتاز به شرطة دبي.

المخدرات آفة المجتمع ومواجهتها بتفعيل دور الأهل وقيامهم بواجبهم الحقيقي

بما أن المخدرات آفة اجتماعية تتسلل إلى أفراد المجتمع بشكل خطر، ما السبيل لحماية أبنائنا من تجار السموم؟

بتفعيل دور الأهل وقيامهم بواجبهم الحقيقي، وليس المتمثل فقط في توفير المال من أجل عيش الأبناء حياة كريمة، بل تنشئتهم وتعليمهم مبادئ دينهم، وضوابطه، ونواهيه، بجانب مصادقتهم، وفتح جسور للتواصل الفعال معهم، والتعرف إلى جميع المحيطين بهم، من أصدقاء ومعارف، وعدم تركهم فريسة سهلة للمضللين عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وعبر التطبيقات الإلكترونية، حتى لا يقعوا ضحايا الابتزاز.

د. ابتسام العبدولي:

حصلتم على حقوق الملكية الفكرية لـ «كأس الاختبار السريع»، فهل لك أن تطلعينا على أهمية هذا الابتكار؟

يأتي هذا المشروع في إطار الحرص على الاستمرار في تطوير الوسائل والأدوات المطبّقة في الإدارة العامة للأدلة الجنائية، وعلم الجريمة، وتقديم النماذج المتطورة التي تسهم في دعم المختبرات ورفع مستوى الأداء فيها، ويعد «كأس الاختبار السريع» أحدث الابتكارات في مجال الأدلة، ويضمن إجراء الفحص السريع للمخدرات والمؤثرات العقلية بطريقة دقيقة، تختصر وقت مكوث الموقوفين من 7 ساعات إلى 10 دقائق، ويضمن عدم التدخل البشري في تفسير النتائج.

من وجهة نظرك، ما مقوّمات الشخصية التي يجب توافرها فيمن ترغب في التخصص بمجال عملك؟

حب العمل ذاته، والإخلاص فيه، وهي نقطة مهمة تعزز من إرادة المرأة وتجعلها قادرة على قبول التحدي والصمود أمام أي معوقات، بجانب توافر بعض من الخصال الشخصية، منها القوة، والجرأة، وقوة الملاحظة.

د. ابتسام العبدولي:

تفهّم الزوج لأهمية عمل شريكة الحياة بمثابة قوة دافعة لها، فماذا عن تجربتك الشخصية؟

عندما يتشارك الزوجان مجال عمل واحد، دائماّ ما يكون هناك تفاهم لطبيعة ومتطلبات هذا العمل، فشريك حياتي من حملة الدكتوراه في القانون الجنائي، ومحاضر في أكاديمية شرطة دبي، كل ذلك ساعد على تفهمه للمهام الموكلة إلي، فأصبح العمل بالنسبة إلي متعة وليس عبئاً.

ماذا عن أبنائك ومن يشبهك في طريقة تفكيرك؟

لديّ واحدة من بناتي لديها فكر متطلع وجدّي، وحسّ المهارة القيادية، وكذلك أحد أبنائي لديه حسّ البحث والتحري، وأعتقد أنهما سيكونان جزءاً من الكيان الشرطي في المستقبل القريب.

د. ابتسام العبدولي:

هل يراودك حلم يشبع رغبة لديك؟

نعم، ولكنه تساؤل مرتبط بحلم، وهو: هل سيأتي يوم يكون فيه مدير الأدلة الجنائية امرأة؟ وهل ستشرق شمس نهار أجد نفسي فيه أتولى منصب وزيرة للبحث الجنائي؟ وكلها أحلام ممزوجة بطموحات أتمنى أن أراها تتحقق على أرض الواقع.

* تصوير: السيد رمضان