فاطمة الموسوي: "يقنّد الراس" منتج إماراتي صديق للبيئة ويتماشى مع استراتيجيّة الاستدامة
درست مجال العلوم البيئيّة والطاقة المستدامة لتقرّر تسخير ما تعلّمته لابتكار منتج يجمع بين شغفها وإرثها من أبيها، إذ تُعدّ صاحبة أول منتج شاي يحمل علامة تجارية إماراتية صديقة للبيئة.
الاستدامة بالنسبة لها مفهوم حياة يجب ألا ينحصر في المختبرات والمجالات العلميّة، بل جزء أصيل من حياتنا اليوميّة..
هي فاطمة أحمد الموسوي، رائدة أعمال وباحثة في علوم البيئة، ومدرّب معتمد في مجال البيئة والابتكار:
كان لمتابعتك وأنت صغيرة لسلوكيّات الوالد الأثر في ابتكارك لمنتج جديد، هل لك أن تطلعينا على تفاصيل تلك القصة؟
بداية ارتباطي بـ«استكانة الشاي» كان نتاج تفاعلي مع ما يصنعه الوالد -رحمه الله-، فقد كان صاحب خبرة في اختيار أجود أنواع الشاي وعمل توليفة لخلطات خاصة به.
وأتذكّر عندما كان يصطحبني إلى السوق لشراء الأغراض التي يحتاجها لهذا المشروب، كيف كان يستأنس كثيراً وهو يفعل ذلك.
وعندما كان يعود إلى المنزل يقضي بعض الوقت لخلط المكوّنات التي اشتراها ليعدّ منها أحلى كوب شاي، يجلس معنا لتبادل الحديث ويأخذ رأينا في ما صنعه من خلطة جديدة، الحقيقة أن هواية والدي انتقلت لي مع الوقت.
وعندما غاب عن عالمنا افتقدت كثيراً لهذه اللحظات وقرّرت أن أعيد ما كان يفعله، خاصة وأنه ارتبط عندي بجلسات الأهل وتبادل الأحاديث مع بعضهم البعض.
ووضعت نصب عيني مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، «نحن شعب لا يرضى بغير المركز الأول».
وفكرت: لماذا لا أصنع أول علامة تجارية إماراتية للشاي تكون صديقة للبيئة؟، فدمجت بين الهواية ومجال الدراسة الأكاديميّة في مجال العلوم البيئيّة.
ندمج بين الثقافة العربيّة والأوروبيّة والهنديّة في «استكانة شاي» إماراتيّة
تقدمين أول منتج مختص بنكهات الشاي في الدولة ويحمل علامة تجاريّة محليّة، حدثينا عمّا يميزه عن غيره من الأنواع؟
«يقنّد الراس» أول منتج إماراتي خرج للنور بناء على دراسات علميّة صديقة للبيئة، تتماشى مع استراتيجية الدولة في الاستدامة، وها نحن ومنذ أطلقنا مشروعنا نحافظ على جودة منتجنا ولم نكتفِ بذلك بل جعلناه صديقاً للبيئة في مراحله كلها.
أما ثاني أمر فهو نوع الخلطة التي تميّز هذا المنتج عن غيره، إذ ندمج بين الثقافة العربيّة والأوروبيّة والهنديّة في «استكانة شاي» إماراتيّة لها نكهتها الخاصة، وبما يرضي جميع الأذواق التي تنتمي لجنسيّات مختلفة تعيش تحت مظلة دولتنا الحبيبة.
لم تكتفِ بثمرة مشروعك، بل حوّلت مخلّفاته لسلسلة مشاريع مستدامة تخدم البيئة، فما تفاصيل هذا الإنجاز؟
تخصّصت في دراسة العلوم البيئيّة والطاقة المستدامة، وعملت من خلال أبحاثي على تنقيّة المياه باستخدام مخلّفات الشاي، وبالفعل نجحت في تخليصها بنسبة 97% من المعادن الثقيلة مثل الزنك والحديد، وهو نتاج بحث أجريته وحصلت على براءة الاختراع فيه.
وثاني بحث كان عن تحويل أوراق الشاي لسماد طبيعي، وفيها يتم غسلها وتخليصها من الجلوكوز ومن ثم وضعها بالتربة واستخدامها كسماد طبيعي، ثالث بحث أجريته هو صنع ألوان طبيعية من مخلّفات الشاي وإضافة النعناع والكركديه لمزيد من الألوان التي تكون آمنة ويمكن للأطفال استخدامها.
هل واجهت تحدّيّات أثناء إعدادك لمشروعك؟
بالتأكيد، وأوّلها كان عدم وجود خلفيّة لديّ بكيفيّة إدارة «بيزنس»، وتنسيق الأمور الماليّة، بجانب أنني بدأت إطلاق المشروع في سنة التخرج وهو ما جعلني أعاني من ضيق الوقت.
إلا أنني استطعت تخطّي ذلك كله بأن يكون لديّ شغف النجاح وأن أرفع اسم عائلتي عالياً، ولا أنكر أن حبّي للشاي وارتباطه بذكرى والدي كان وراء نجاح هذا المشروع.
اختيار الشباب لمشروع يحمل شغفاً داخلهم يضمن البقاء والاستمراريّة
ما أهم النصائح التي تقدمينها للشباب الراغبين في تأسيس مشروعات غذائيّة؟
أهم نصيحة هو اختيارهم لمشروع يحمل شغفاً داخلهم، وهي نقطة غاية في الأهمية، كونها تضمن البقاء والاستمراريّة، فأنا أحبّ الشاي ولم أكتفِ بذلك، بل أردت أن يكون له مريدون كثيرون يتذوّقونه ويحبّون مذاقه.
في نفس الوقت يتناولونه بطريقة صحيّة، ودفعني ذلك لأن أنجح في إقامة مشروعي، بالإضافة إلى أن وضع هدف واضح ومحدّد يضمن الوصول إليه، فأسّسوا مشروعاتكم وفق ما تحبّون وليس ما يُفرض عليكم.
ما الصفات التي يجب تعزيزها كي تثبت الفتيات أنفسهنّ في عالم الريادة والمشروعات؟
الإصرار في العمل والاستمرار فيه هما سرّ النجاح، وعلى الفتيات أن يتحلين بالصبر والثّبات والاطّلاع والقراءة الكثيرة، التي تطلعهنّ على الخبرات السابقة، بما يفيد مشروعاتهنّ.
كثر الاهتمام بمصطلح الاستدامة وتطبيقه في شتى مجالات الحياة، فكيف نجعله جزءاً من ثقافة أفراد المجتمع؟
الاستدامة هي مفهوم حياة يجب ألّا نحصره في المختبرات والمجالات العلميّة، فكل فرد لديه مسؤولية تجاه مجتمعه، وعندما يقّلل شخص من استهلاكه للأشياء التي لا يعاد تدويرها أو يقلّل من هدره للطاقة والمياه يكون قد أفاد بيئته.
ودورنا نحن كروّاد أعمال البحث عن الأشياء البديلة التي تقلّل من تلوث البيئة، وتعريفها لأفراد المجتمع.
هل لك اهتمامات أخرى بعيداً عن مشروعك؟
أبحث من خلال تقديم الدورات وورش العمل لأن أكون ملهِمة لفئة الشباب، وحثّهم لأن يحوّلوا شغفهم إلى ابتكارات يتبعها نجاحات، فهناك من يعيش دون أن يدرك ذلك ويضيّع على نفسه كثيرًا من الفرص التي ربما لا يمكن تكرارها.
مَن أكثر الداعمين لك في هذه الحياة ويساعدك على مواصلة العطاء؟
في البدايات كان لوالدي -رحمه الله- دور كبير في دعمي، فهو من كنت أتأثّر به وبأفعاله وسلوكيّاته، ثم يأتي دور والدتي وزوجي وإخوتي فهم من يمدونني بالطاقة التي تحفزني على تكملة مشواري، دائماً ما يدعموني في أي تحدّ يمكن أن يعرقل طريقي.
هل لك أن تطلعينا على أهم الإنجازات التي حقّقتيها؟
حصلت على العديد من الجوائز طوال فترة مسيرتي، ومنها جائزة «بالعلوم نفكّر» عن أول بحث علميّ، إلا أن أهم الإنجازات التي حقّقتها من وجهة نظري هي حضوري الاجتماعات السنويّة لحكومة الإمارات في دورتها لعام 2023.
وقدّمت من خلالها مشروعي ولاقى استحساناً كبيراً من الحضور، وغيرها من الأمور التي تزدني حماسة وقدرة على بذل مزيد من الجهد للارتقاء والتقدم.
هل يراودك حلم لمشروع تتمنين أن تجدي له مساحة على أرض الواقع؟
أن أجد مشروعي يتخطّى الحدود وينتقل إلى خارج الدولة وتعرفه الشعوب العربيّة ويصبح علامة تجاريّة مشهورة في كل مكان.