29 أغسطس 2023

الأم العاملة وروتين العام الدراسي.. عبء تتخطاه بترتيب الأولويات وتنظيم المهام وتقسيم الوقت

محررة في مجلة كل الأسرة

محررة في مجلة كل الأسرة

الأم العاملة وروتين العام الدراسي.. عبء تتخطاه بترتيب الأولويات وتنظيم المهام وتقسيم الوقت

مع بداية كل عام دراسي، تتعالى أصوات الأمهات مطالبة بتقديم النصيحة لأبنائهن التي تساعدهم على التكيف والاستعداد للعودة إلى المدرسة، متغافلات أهمية أن يتهيأن نفسياً وجسدياً خاصة العاملات منهن، كون الأم هي أكثر من يقع على عاتقها تحمل أعباء العام الدراسي.

الأم تصارع من أجل الوفاء بالتزاماتها التي تؤديها جنباً إلى جنب مع مهامها الأساسية في العمل، وفي السطور التالية نتوجه بتساؤل يتعلق بهذا الأمر للمختصين، ليقدموا للأمهات بعض النصائح التي تساعدهن على الانتقال السلمي من فترة الإجازة إلى روتين العام الدراسي.

الأم العاملة وروتين العام الدراسي.. عبء تتخطاه بترتيب الأولويات وتنظيم المهام وتقسيم الوقت

تقول الدكتورة رقية عوض الكتبي، محاضر بكليات التقنية العليا بالشارقة، «عوداً حميداً لكل طلابنا وأمهاتهم بمناسبة بدء العام الدراسي متمنين لهم سنة حافلة بالإنجازات والنجاحات، وكون الأم هي التي تدفع أبناءها للتفوق والتغلب على صعاب العام الدراسي، فتهيئة الأم نفسياً أمر ضروري لاستقبال أي حدث يغير من روتين المنزل، فإذا كانت "شكاية بكاية" متذمرة على تحمل أعباء العام الدراسي فسيشحن الأبناء بنفس الطاقة السلبية وسيكرهون ما تبغضه الأم ويعكر صفو حياتها، أما إذا كانت ملأى بالتفاؤل والنشاط والرغبة في إحداث فارق يتعلق بتفوق أبنائها وإنجازهم لمهامهم الدراسية على النحو المرضي، فسينعكس ذلك على الأبناء وسيقبلون هم أيضاً على العام الدراسي بإقدام ورغبة حقيقية في التفوق، وهو ما ينعكس على المجتمع بشكل عام، فهذا الأمر من شأنه تنشئة جيل واع لدوره».

الروتين اليومي يتيح للأم وقتاً مستقطعاً تستطيع أن تأخذ فيه قسطاً من الراحة

وتلفت د. رقية الكتبي إلى مجموعة من النصائح لتحقيق مسيرة جيدة في العام الدراسي الجديد:

  • على الأم العاملة أن تربط الأشياء الجميلة بالمدرسة، فإذا كانت في محل تجاري عليها اصطحابهم للمكان المخصص بالأدوات المكتبية وتبدأ في اختيار ما يحتاجونه حتى تذكرهم بهذه المرحلة.
  • عليها أن تستعد هي نفسياً لذلك الأمر. وإذا وجدت من يتذمر من المدرسة ويستصعب تلك المرحلة عليها ألا تستخدم كلمة «لازم» و«لابد»، بل تحرص على تذكيره بالأمور التي يحبها، مثل مقابلة الزملاء وممارسة الأنشطة اللاصفية معهم.
  • لتتذكر هي أيضاً الالتزام الذي يسود جميع من في المنزل والانضباط المتعلق بالنوم والاستيقاظ وغيرها من الأمور التي تتيح لها وقتاً ولو مستقطعاً تأخذ فيه قسطاً من الراحة بعيداً عن الأبناء.
  • كذلك من الخطوات المهمة أن تدون الأم في ورقة ما تحتاج لشرائه وتبحث عن الأماكن التي تقدم عروضاً وتخفيضات حتى تخفف من الضغط الواقع على الأسرة إذا ما ارتبط الأمر بالقدرة الشرائية.
  • أن تتناقش مع أبنائها حول الأشياء التي اشترتها في العام الماضي ولم تكن مفيدة فتبتعد عنها، كل هذا يفتح مسارات للحوار تزيد من الترابط فيما بينهم، فمعرفة الأم باحتياجات أبنائها ومتطلباتهم يخفف الضغط النفسي عليها إذا ما شعرت بعدم قدرتها على إرضائهم نتيجة عدم فهمها لتلك الاحتياجات».

الأم العاملة وروتين العام الدراسي.. عبء تتخطاه بترتيب الأولويات وتنظيم المهام وتقسيم الوقت

وتضيف د. الكتبي «نجاحي في التوفيق بين عملي وأبنائي اعتمد على عدم تغليب الأول على مصلحة الأبناء، فهم في المقدمة وشعورهم بوجودي بجانبهم أراعي احتياجاتهم النفسية زودني بطاقة كبيرة تساعدني على أن أؤدي دوري في عملي على الوجه الذي يرضيني، وهذه نقطة مهمة. كما أود أن أشير لأمر آخر لا يقل أهمية وهو أن دور الأم في متابعة دروس أبنائها ليس أبدياً، فعندما يصل ابني إلى الصف الخامس أقوم بفطامه تعليمياً، وعندما يحتاج إلى معين في جزء معين يجدني بجانبه أدعمه وأقدم له من خبراتي الكثير، فالأم العاملة بطلة تحتاج دوماً إلى التقدير والامتنان لما تؤديه من دور في حياة أسرتها».

الأم العاملة وروتين العام الدراسي.. عبء تتخطاه بترتيب الأولويات وتنظيم المهام وتقسيم الوقت

التهيئة النفسية والجسدية للأم

من جانبها، تشير الدكتورة خديجة أحمد البلوشي، أستاذ علم الاجتماع التطبيقي بجامعة الشارقة، «في خضم زحام برامج العودة للمدارس والجامعات والتركيز على ضرورة تهيئة الأبناء حتى يعودون بطرق صحيحة سليمة تعينهم على أداء متطلبات الدراسة بشكل جيد، وما يترتب على الأسر من دور كبير في العمل على الوصول لأفضل استعداد مادي ومعنوي للأبناء، يجب علينا ألا ننسى في المقابل أهمية استعداد الأم بشكل عام والعاملة بشكل خاص وتهيئتها نفسياً وجسدياً لذلك، إذ يركز كثير من الأمهات على تحضير أبنائهن لمقاعد الدراسة دون أن تدرك أن تهيئة نفسها للعودة لمهام العام الدراسي مصحوبة بمهام إضافية لا تقل أهمية، ولا شك أن ذلك دورها الحقيقي بل وظيفتها الأساسية.

ومن أجل تحقيق أعلى مستويات التهيئة حتى يؤدي الطرفان دورهما باقتدار، بإمكاننا اتباع مجموعة من الطرق أولاها الاستعانة بالله، والدعاء بأن يعين الله تعالى أفراد الأسرة على ذلك، ثانياً ضرورة معرفة المهام والاحتياجات الأكثر أهمية والأكثر ضرورة وترتيبها بحيث تستطيع إنجازها دون الإخلال بأحدها، ثالثاً تنظيم الوقت والخروج من حالة عدم المسؤولية، خاصة في الأيام الأخيرة للإجازة والتي غالباً ما يكون الوقت فيها غير منظم».

وتتابع د. البلوشي « النظرة الإيجابية لمهام المرأة المتعددة تعينها على أداء أكثر من دور بشكل جيد، ويتحقق ذلك باستشعار أهمية ذلك في حياتها وفي حياة أسرتها ومردوده على مجتمعها ليحفزها للمزيد، كما أن تهيئة مكان العمل سواء كان مكتبياً أو ميدانياً من العوامل المساعدة لرفع معدل إنتاجية الفرد، ولا شك في أن النساء تهتم بذلك كثيراً، وهذا ينعكس إيجاباً على حبها للعمل وإنتاجها بشكل فاعل خلال العام الدراسي».

التوازن بين الأولويات.. خير معين

نورة إبراهيم القصير، مستشار أسري ومدرب محترف معتمد في التنمية البشرية وتطوير الذات، توضح «دائماً ما تعيش الأسرة حالة ارتباك وتوتر مع بداية العام الدراسي ويكون هذا الوضع متجسداً في الوالدين وبالأخص الأم العاملة، التي تحمل مسؤولية عام دراسي طويل تقع معظم مهامه على عاتقها، إذ تبدأ معها سلسلة الارتباكات المتمثلة في ترتيب جدول أوقات اليوم للأبناء ثم يليه ترتيب جدول دوامها، وغيرها من الأمور التي تتطلب أن توازن فيها بين مسؤوليتها في العمل وفي البيت. والحقيقة أن نجاح العملية بأكملها يتوقف على هذه النقطة، وهي النجاح في تقسيم الأولويات والتوازن بينها من أجل تخفيف الضغط النفسي الذي يعد عاملاً مربكاً بالنسبة لها، فإن نجحت في تحقيق التوازن استقرت نفسياً وإن لم يحدث ذلك فقد ينعكس سلباً على صحتها وذاتها ومن ثم على الأبناء ومدى تلبية احتياجاتهم ومتطلباتهم النفسية والجسدية».

وتتابع نورة القصير «حتى لا تشعر المرأة العاملة بكل تلك الضغوط المرتبطة بعودة أبنائها إلى الدراسة، يجب عليها:

  • أن تسعى إلى ترتيب جدول يومها وإعطاء فسحة لها من أجل ألا تشعر بالضغط النفسي.
  • قيامها ببعض المهام مع البدء الفعلي للدراسة مثل شراء القرطاسية واستلام الكتب والزي المدرسي.
  • تدريب الأبناء على تخصيص وقت محدد للجلوس أمام الأجهزة الإلكترونية.
  • تنظيم أوقات ممارسة الرياضة أو الهوايات المختلفة، مع تصفح وقراءة الكتب الخاصة بالمنهج المقرر حتى يستعدوا نفسياً للمذاكرة».

الأم رغم تصنعها بالقوة إلا أنها دائماً ما تعيش شعوراً دائماً بالذنب تجاه أبنائها

أما المهندسة بشاير المنصوري، كاتبة ومدربة في أسلوب الحياة، فتبين جانباً من التحديات التي تواجهها الأم «بداية دعونا نتعرف إلى أبرز التحديات التي تواجهها الأم العاملة لنتعرف إلى طرق التخلص منها، إذ تعد مهام الأم واحدة من أصعب المسؤوليات في العالم، فالأم تسعى جاهدة لأن تسد في جبهتين مختلفتين ليحاط بها الخوف المستمر من التقصير في أي أمر يتعلق بهما، وحتى وإن تصنعت القوة فهي تعيش شعوراً دائماً بالذنب لوجودها في العمل وتقصيرها في شيء مثلاً لم تجهزه لأبنائها قبل عودتهم من المدرسة. فالأم تتولى مهام تحضير وجبات الطعام لهم ومساعدتهم في الدراسة وتوصيلهم للمدرسة والتعامل مع تقلباتهم المزاجية خاصة المراهقين، وهي دائماً متواجدة لدعمهم في المرض والصحة والمناسبات الدراسية والاجتماعية وصولاً لمساعدة الزوج في توفير احتياجات الأبناء من كماليات وأساسيات، فتشعر أنها في سباق لا يبدو أنه سينتهي ويتكرر كل يوم، علاوة على الشعور بالتقصير والذنب معظم الوقت».

الأم العاملة وروتين العام الدراسي.. عبء تتخطاه بترتيب الأولويات وتنظيم المهام وتقسيم الوقت

وتقدم بشاير المنصوري نصائح بسيطة تخلص الأم من شعورها بالذنب وتقليل التوتر داخلها:

  • تعرفي إلى علامات التوتر ولا تتجاهليها، فسبب حدوث الانهيار العصبي تلك الأيام المرهقة المتراكمة على مر السنين والتي تم تجاهلها، كما أن ارتفاع ضغط الدم، ومعدل ضربات القلب، والصداع المستمر، والشعور بالدوار، والرغبة في البكاء بدون سبب.. جميعاً تشكل علامات جسدية للتوتر يجب معالجتها.
  • حددي الأنشطة الأكثر إرهاقاً وحضريها مسبقاً، فإذا كان تحضير الغداء بعد العودة من العمل مهمة صعبة، فبإمكانك إعداده مسبقاً وتخزين بعض الوجبات الصحية في البراد.
  • وقتك المخصص للراحة مقدس، واطلبي من زوجك الاعتناء بالأطفال حين تريدين الاستمتاع بمشاهدة برنامج تلفزيوني.
  • ابحثي دائماً عن الدعم المعنوي من أم عاملة أخرى لتبادل الخبرات والحصول على الدعم النفسي الذي ستقدمانه لبعضكما البعض كونكما تمران بنفس تلك الصعوبات.
  • حددي المهام لأطفالك، فلا يتوجب عليك القيام بكل شيء لهم فذلك يفقدهم الشعور بالمسؤولية.
  • احرصي على ممارسة الرياضة، فهي تحفز على إطلاق هرمونات معينة في الجسم مثل الاندروفين تجعلك أكثر سعادة.
  • وأخيرا قولي لا، فلا مانع من الرفض في بعض الأحيان، خاصة إذا كان ما يتم طلبه منك لا يتعلق بمسؤولياتك الأساسية سواء كانت في البيت أو العمل».

الأم العاملة وروتين العام الدراسي.. عبء تتخطاه بترتيب الأولويات وتنظيم المهام وتقسيم الوقت

أسماء نزار ادلبي، دكتوراه في القياس والتقويم التربوي والنفسي، ومديرة مركز أفق الإبداع للتعليم وتنمية المهارات، تقول «لا شك أن مهام ومسؤوليات الأم واحدة من الأصعب والأكثر تحدياً، فتارة تكون تلك الممرضة التي تسهر طوال الليل لمتابعة حالة الأبناء أثناء المرض، وتارة أخرى تكون هذه المعلمة التي تشرح الدروس وتتابع الواجبات، وأحياناً أخرى تكون الأخصائية النفسية التي ترعى وتهتم بالمشاعر وتحتوي المخاوف وتزرع الثقة بالنفس. تلك المهام تتطلب منها الكثير من الصبر والمثابرة والقدرة على التحمل، فبلا شك لا توجد قوة تضاهي قوة تحمل الأم ولا قوة الحب الذي تحمله في قلبها لأبنائها، فمشاعرها الفياضة تجعلها مستعدة لتحرك الجبال وقهر الصعاب من أجلهم، فلا راحة للأم ولا إجازة من مهامها، فنرى أنها تنتقل بين المسؤوليات المتنوعة دون ضيق أو ضجر، فعند إجازة الصيف تكون مسؤولة عن الترتيبات الخاصة بوضع خطط السفر وتنظيم الحقائب واختيار الأنشطة والمخيمات لاستثمار وقت العطلة بالشكل الجيد، كما تقع على عاتقها مجموعة كبيرة من مهام متعلقة بالأبناء مثل تلبية احتياجاتهم الجسدية والعاطفية والتعليمية ومهام تتعلق بالمنزل وأخرى بنفسها وعملها إن وجد، فمع وجود هذه المسؤوليات المتعددة، فإن الأم تواجه تحديات يومية ومستمرة وتحتاج إلى القدرة على التنظيم وإدارة الوقت والمرونة للتعامل معها».

تقدم ادلبي بعض النصائح للأمهات:

  • الاعتناء بالذات: قومي بتخصيص وقت لأنشطتك المفضلة والتي تمنحك السعادة والراحة، مثل قراءة الكتب، الاستماع إلى الموسيقى، ممارسة الهوايات، قضاء وقت مع الصديقات.
  • التفكير الإيجابي: حاولي التركيز على الجوانب الجيدة في حياتك، وتحدثي مع نفسك بإيجابية وتحديد الأشياء التي تقدرينها وتمنحك السعادة.
  • التدرب على الاسترخاء: تعلمي تقنيات الاسترخاء مثل التأمل، والتنفس العميق، فهذه التقنيات تساعد في تهدئة العقل وتخفيف التوتر والقلق.
  • الممارسات الصحية: اهتمي بصحتك الجسدية والعقلية، ومارسي التمارين الرياضية بانتظام، وتناولي وجبات صحية متوازنة، وتأكدي من الحصول على قدر كاف من النوم، فهذا يساعدك على تعزيز الشعور بالراحة والتوازن العام.
  • استعادة الروتين: حاولي استعادة بعض الروتين اليومي الذي كنت تتبعينه قبل الإجازة وقومي بضبط ساعة الاستيقاظ والنوم وتحضير الطعام وممارسة الرياضة، إذ يساعد هذا على التكيف مع المهام بشكل أسهل وأكثر سلاسة.
  • التنظيم والترتيب: قومي بترتيب منزلك والملفات والمستندات، فهذا يساعد على خلق بيئة منظمة ومريحة تعزز التركيز والإنتاجية.
  • تحديد الأهداف: حددي أهدافاً واضحة لنفسك جديدة تلهمك الحماس، مثل تحديد مشاريع محددة تحتاج إلى إكمالها أو مهارات جديدة ترغبين في تطويرها.

 

مقالات ذات صلة