من سلبيات الإجازة الصيفية على الأطفال سهر الطفل لوقت متأخر، فمع قدوم الإجازة الصيفية يميل كثير من الأطفال للنوم في وقت متأخر لاعتقادهم أن لا شيء يضطرهم للاستيقاظ مبكراً، لكن هذه الحالة في الحقيقة خطيرة جداً، كما يرى خبراء الصحة النفسية والعلاقات الأسرية وكذلك المتخصصون في تربية الأطفال، حيث يؤكدون جسامة الأضرار التي تصيب الأطفال من جراء النوم في ساعة متأخرة.
طرحت «كل الأسرة» على خبراء الطب النفسي والعلاقات الأسرية والتربية قضية التأثيرات السلبية لسهر الأطفال في صحتهم النفسية والجسمانية، وهل يؤثر في أخلاقهم وسلوكياتهم، كما سألتهم عن مخاطر سهر الأبناء من ناحية تأثيره في نموهم الذهني والبدني.
أهمية النوم المبكر
في البداية، تؤكد الدكتورة لبنى الشباسي، الاستشارية النفسية والمتخصصة في العلاقات الأسرية ونفسية الطفل وتعديل السلوك بجامعة عين شمس، أن هناك خطأ شائعاً تقع فيه الكثير من الأسر وهو تشجيع أولادهم على السهر رغم أنه يشكل خطراً كبيراً على صحتهم النفسية والبدنية، وتقول «النوم المبكر ينظم الساعة البيولوجية لدى الصغار والكبار وخاصة الأطفال فهو مفيد ويعود بالنفع على صحته النفسية ونموه. وكثيراً ما تشكو الأمهات من بطء نمو طفلها وعصبيته الزائدة والمفرطة أو عدم انتباه الطفل لما يجري من حوله وقلة نشاطه وعدم تفاعله مع الآخرين، وكل هذه العلامات توصف بأنها أهم مؤشرات الخطر على صحة الطفل، لذلك دائماً ما أحذر الآباء والأمهات من خطورة ترك أطفالهم فريسة لآفة السهر ليلاً والنوم في ساعات الصباح لوقت متأخر».
أسباب انتشار ظاهرة سهر الأبناء في الإجازة الصيفية
وترجع الاستشارية النفسية انتشار ظاهرة سهر الأبناء إلى التطور التقني والتكنولوجي الذي دخل بيوتنا جميعاً كونه شكل عنصراً يسهم في زيادة حركة الطفل وتغيير نظام حياته، كالألعاب الإلكترونية والأجهزة الذكية وحجم الإضاءة في البيت وطريقة البناء والبيوت الواسعة.
وتشير «كل هذه العوامل أسهمت في استمرار نشاط الطفل حتى وقت ساعات متأخرة من الليل عكس السابق حين كانت الأسر تفتقر إلى هذه الظروف فكان الكبير والصغير يلجأ إلى النوم في وقت مبكر».
وغالباً عندما ينام الطفل في وقت متأخر لا يحصل على قسط كاف من النوم ليستيقظ في الصباح ويشعر بالتعب مما يؤثر في حالته المزاجية وقدراته لأداء مختلف الأنشطة اليومية والتفاعل مع الآخرين.
ساعات نوم الموصى بها للطفل بحسب عمره
ومن جانبه، يؤيد الدكتور إيهاب عيد، أستاذ الطب النفسي السلوكي وعلاج وتعديل سلوك المراهقين بجامعة عين شمس، نفس الرأي مؤكداً أن كثرة نوم الطفل نتيجة طبيعية قد تصيب بعض الأطفال نتيجة التعود على السهر، ويبين «يمكن أن يعتاد الطفل على السهر والنوم لفترة طويلة نهاراً مما يضيع جزءاً كبيراً من اليوم الذي يمكن أن يستفيد به الطفل، كما أن النوم لوقت طويل له تأثيرات سلبية عديدة في الجسم حيث من الممكن أن يؤدي إلى آلام الرأس والشعور بالتوتر والتعب».
ويوضح الدكتور إيهاب عيد أن مدة النوم المناسبة لكل طفل تتباين وفقاً لعمره:
- الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين عامين وثلاثة أعوام يحتاجون من 9 إلى 13 ساعة نوم يومياً
- الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 إلى 5 سنوات يحتاجون من 10 إلى 12 عاماً نوم يومياً
- الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين خمس سنوات و12عاماً يفترض أن تتراوح مدة نومهم من 8 إلى 10 ساعات.
وينبه الدكتور إيهاب عيد أن هناك دراسات عديدة أجريت حول هذه المشكلة وكشفت أن سهر الطفل هو عامل أساسي في قلة إفراز الهرمونات الضرورية للنمو وبناء الجسم، فهناك هرمونات تفرز ليلاً أثناء النوم فإذا لم يأخذ الطفل كفايته من النوم فسيكون لديه خلل أهم أعراضه الكسل والخمول وضعف البدن زيادة على ضعف النظر والعصبية الزائدة.
ضرورة تجنب "نوم القيلولة"
وفي نفس السياق، تؤكد الاختصاصية الدكتورة نادية جمال، استشاري العلاقات الزوجية والأسرية وتعديل السلوك في القاهرة، أن السهر الزائد يسهم في إضعاف جهاز المناعة نتيجة الخلل في الساعة البيولوجية وتغير نظامها، وتضيف «كما أن الطفل كثير السهر يصاب بفرط النشاط وكثرة الحركة وفقدان الشهية والقلق وعدم التفاعل مع وسائل التعليم أو عدم الانتباه لما يقوله المعلم.
وهناك الكثير من الآراء الطبية التي تجزم بأن السهر له تأثير خطير في الجزء الخلفي للدماغ المسؤول عن الحركات اللاإرادية والسلوك الانفعالي والفص الجبهي المسؤول عن الانتباه والتفكير وصياغة الأفكار، ولا تظهر التأثيرات بشكل مباشر ولكن تظهر على المدى الطويل وخاصة ضعف قدرة الدماغ على تلقي المعلومة، وهذا الأمر سيظهر مبكراً على الطفل».
خطوات علاج مشكلة سهر الأبناء
1- تحديد وقت النوم و موعد الاستيقاظ صباحاً
وتحذر الدكتورة نادية جمال من ترك الأطفال ينامون نهاراً لفترات طويلة في منتصف اليوم، وتقول «يساعد نوم القيلولة الطفل على تجديد نشاطه مرة أخرى ولكن يجب ألا تتجاوز مدة النوم التي يحصل عليها الطفل خلال النهار ساعة واحدة لأن الطفل إذا نام لفترة طويلة سيظل مستيقظاً لساعات متأخرة من الليل. ما يهم ليس فقط تحديد وقت النوم، لكن تحديد موعد الاستيقاظ صباحاً، والتعرض للشمس وتناول طعام شهي وكلها إشارات ترسل إلى العقل لتنبهه أن وقت النشاط قد بدأ، حتى لو أن بدء الصفوف المدرسية لا تتناسب مع الساعة البيولوجية الجديدة لأطفالكم المراهقين».
2- إقناع الطفل بالنوم مبكرًا
أما الدكتور عمرو يسري، أستاذ الطب النفسي وخبير العلاقات الأسرية والزوجية، فيشير إلى أن أهم جانب في هذه القضية ومحورها وهو الأم، فهي محور تنظيم الأسرة لذلك فإن غيابها أو قلة اهتمامها بأسرتها يسبب كثيراً من المشاكل، ويرى أن إهمال الأم أحد أهم أسباب سهر الأطفال كونها هي من تنظم ساعات النوم وساعات اللعب وساعات الأكل وغيرها من الأمور التي تنظم حياة طفلها.
ويوضح «إذا أهملت الأم طفلها وتركته من غير توجيه وتنظيم لأموره سيعاني من جملة أمور كالسهر وغيرها، ولكن على الأم أن تتمتع بروح رياضية في معاملة الطفل عند امتناعه عن النوم فإرغامه على النوم ليس حلاً للمشكلة بل يولد مشاكل أخرى فيجب مسايسته وإقناعه شيئاً فشيئاً، حتى يكون الذهاب إلى النوم بوقت مبكر عادة لا تنفك عنه».
3- إبعاد الأجهزة الإلكترونية عن غرفة النوم
وحول تأثير التكنولوجيا في الأبناء، يقول الدكتور عمرو يسري أن التكنولوجيا لا تحرم الأطفال من نومهم أثناء الليل فحسب بل حتى في أوقات النهار بالنسبة للأطفال الذين لا يسهرون، فقد استطاعت التكنولوجيا أن تصيب الأطفال بما يشبه مرض التوحد ويعود ذلك إلى جلوسه وحيداً لمشاهدة التلفزيون أو من خلال اللعب على الأجهزة الإلكترونية، وبالتالي لن يتفاعل مع الأطفال الآخرين وسيقضي معظم وقته وحيداً ما قد يجعله سريع الانزعاج وتكون لديه عدائية تجاه الأطفال الآخرين بسبب انعزاله عنهم، وقد يصاب الطفل على الرغم من صغر سنه بحموضة في المعدة أو حول في العين بسبب هذه الأجهزة.