في يوم الحب، لا يمكن أن نطوي حبّ الأم والأب من روزنامة حياتنا المفعمة بعطرهما وتفاصيلهما الجميلة. فهذه المناسبة قد تكون «بطاقة تعبير» عن المشاعر الإيجابية تجاه والدَينا، وفرصة لتعزيز الروابط معهما، عبر تقديم هدية، أو رسالة تحمل فيض الحب، أو قضاء وقت مميز معهما.
ففي هذا اليوم، نطلّ على أهمية الأب والأم في حياتنا، وتأثير دورهما في تكوين شخصيّاتنا، وفي تعزيز استقرارنا النفسي، وسلامنا العاطفي، كما على كيفية «ردّ الجميل لهما» في هذه المناسبة، وطُرق التعبير عن حبّنا لهما، بحيث لا يقتصر على هذا اليوم فقط.
ترصد تانيا كيفورك أواكميان، متخصصة في علم النفس العيادي ومدرّبة حياة، تأثير التنشئة في العلاقة بين الأب والأم، من جهة، والأبناء من جهة أخرى «شخصية الفرد تتأثر بوالديه، وكل مسار يختاره في حياته يرتكز إلى التأثير الأعمق للأب والأم في حياته، سواء كان الأب والأم على قيد الحياة، أو توفّاهما الله. فمن خلال حياتي، أبي كان سبباً رئيسياً في علاقتي المشوّهة بالمال، بحيث لا أقيم وزناً للمال، وادّخاره، واكتسبتُ من أمّي عصبيّتها، وشعورها بعدم الأمان، في ظل ما مرّت به من مراحل صعبة في حياتها، وهذا الشعور بعدم الأمان انتقل إليّ عبر سنوات عمري».
يكتسب الأطفال من «المعلّم الأول»، وهو الوالدان، وبعدها يكتسبون عادات من البيئة المدرسية
هذا المسار من التأثر بالأب والأم يُستكمل مع العمر، وتتبدّى بعض «تداعيّاته» على خطوط الشخصية لدى الفرد، وهو ما تعيد التأكيد عليه أواكميان، لافتة إلى أنه «عندما نكبر، نقوم باختيارات تستند إلى تربية وتنشئة ومعاملة الأب والأم، وهذا التأثير يتأتى جراء معايشة الطفل لعادات يومية يعيشها، ويعايشها، مع كل من والديه، حيث يكتسب الأطفال من «المعلّم الأول»، وهو الوالدان، وبعدها يكتسبون عادات من البيئة المدرسية، أو من مشاهير الـ«سوشيال ميديا»، كما الوضع حالياً. والفرد يحتاج إلى أحدٍ يتابعه، وبالتالي على الأب والأم، أن يشتغلا على شخصيتيهما، إلى جانب القيام بدورهما، ليتعلم الولد بناء شخصيته بالتماهي مع والديه، وإيجاد طاولة مستديرة للنقاش مع أبنائهما، ولو مرة في الأسبوع، وتدعيم أسس الحوار والنقاش، بصدق وشفافية».
الاحترام هو «البديل الشرعي» للحب
ففي عيد الحب، يتوّج الاحترام «بديلاً شرعياً» للحب.. وتبين مدربة الحياة أواكميان «الاحترام هو الذي يولد الحب، وكل التفاصيل الجميلة. فالحب معاملة لا تقتصر على العطف أو تبادل الهدايا، بقدر ما هو أجندة يومية من التفاصيل اليومية التي تجمع الأبناء والآباء تحت سقف واحد».
في يوم الحب، كيف نعبّر عن حبّنا لآبائنا وأمهاتنا في عيد الحب ؟
تتوقف أواكميان عند طرق عدّة للتعبير عن حبّنا.. ففي حال كان الأب والأم متوفيَّين، يمكن رفدهما بالحب عبر:
وفي حال كان الأب والأم على قيد الحياة، لا بدّ من:
الوالدان مصدر أمان للأبناء
في يوم الحب، لا بد من الـتأكيد على أن حب الأب والأم عامل داعم في تحقيق السلامة، العاطفية والنفسية، ما ينعكس على صحتنا الجسدية.
وتؤكد سنيها جون، أخصائية نفسية في عيادة «ميدكير كامالي»، في دبي، أن الآباء، ومُقدمي الرعاية الآخرين، يلعبون دوراً رئيسياً في مساعدة الأبناء على إدارة عواطفهم وسلوكهم، فهم يؤدّون دورهم عبر تقديم تأكيدات إيجابية تعبّر عن الحب والاحترام، وتعزّز الإحساس بالأمان لدى الأبناء. فالأطفال الصغار الذين يترعرعون في ظل ارتباط آمن وصحي مع آبائهم، يتمتعون بفرصة أفضل لتطوير علاقات تتسم بالرضا والسعادة مع الآخرين، في حياتهم، ومن يحظى بعلاقة آمنة مع والديه يتعلّم تنظيم عواطفه تحت التوتر، وفي الظروف الصعبة.
فالعلاقة الصحية هي أساس النمو السليم، نفسياً واجتماعياً.. وتوضح جون «إن التدخل والمشاركة الصحية للوالدَين في الحياة اليومية لأبنائهما تضع الأساس لتطوير مهارات اجتماعية وأكاديمية أفضل للأبناء، حيث يقود الارتباط الآمن إلى نمو صحي للأبناء، على الصعيد الاجتماعي، والعاطفي، والإدراكي، كما يكسبهم مهارات قوية في حلّ المشكلات، إذ يُعد وجود بيئة عائلية صحية أمراً ضرورياً لتنمية الصحة العقلية لدى الأبناء، كما تساهم الأجواء الإيجابية ضمن العائلة، مثل التواصل المنفتح والصريح والعلاقات الشخصية القوية بين الآباء والأبناء والانسجام والتماسك، في توفير مساحة آمنة، ومؤاتية لهم لتطوير عادات صحية».
كيف نستغل عيد الحب لتقوية العلاقة مع الوالدين؟
لذلك، في يوم الحب، لا يمكن إغفال الأم والأب، وما يمثلانه من صورة جلية للحب. ولتعزيز التواصل الصحي مع أهلنا، وتلمّس أهمية هذا التواصل في رفع مناعتنا النفسية، هناك عدة طرق عدّة، تساعدكم على تقوية العلاقة مع الوالدين، من بينها:
حب الوالدين فطرة ويضاهي كل أشكال الحب في العالم
يبقى حب الأم والأب البوصلة الحقيقية لمسارات الفرد ونجاحاته وإنجازاته.
تتوقف حنان محيي الدين الموال، مدرّبة تنمية أسرية، عند تكامل يوم الحب مع الحب لوالدينا، وتقول «حب الوالدين فطرة في قلب الإنسان تولد معه، وينمو هذا الحب ويتجسد مع السنوات بطرق عدّة، وهو يضاهي جميع أنواع وأشكال الحب في العالم، وبالأخص مع تربية الأبناء، وتنشئتهم على هذا الحب «الكثيف»، إذا جاز التعبير».
في يوم الحب، تجد حنان الموال أن هذا اليوم هو إعلان حب للأب والأم، قبل أيّ أحد، لكونهما أول من غرس في الأبناء مشاعر الحب منذ نعومة أظفارهم، وهذه المشاعر تتعزز يومياً بأسلوب التعامل والتقرب بين الآباء والأبناء، بحكمة ونضج، ما يجسد الصورة الأجمل لهذا الحب يومياً، من دون تأطيره في مناسبة معينة، أو يوم محدّد.
وتلفت الموال إلى أن تأثير حب الأهل في حياتنا ينعكس على يومياتنا، وعلاقاتنا الاجتماعية «عندما نمنح الحب لآبائنا وأمهاتنا من دون مقابل، نتلمّس تأثير هذا الحب والتقدير والاحترام في حياتنا، ويومياتنا. فالحب لأهلنا لا يقتصر على وقت معين، بل هو البلسم الذي يمدّ أيامنا بحياة أكثر».