19 يوليو 2022

د. حسن مدن يكتب: من يشبهنا أم من يكملنا؟

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"، صدرت له مجموعة من الكتب بينها: "ترميم الذاكرة"، "الكتابة بحبر أسود"، "للأشياء أوانها"، "يوميات التلصص".

د. حسن مدن يكتب: من يشبهنا أم من يكملنا؟

هذا بمثابة سؤال نستخلصه من تقرير يناقش
هل ما يشدّ شريكين إلى بعضهما هو تشابههما في الشكل والصفات، أم الرغبة في اختيار شخص يكمل شخصيتنا، ما يعني أن في شخصيته شيئاً لا نملكه، واقتراننا به سيعوض لنا ذلك؟

ينطلق هذا التقرير من معلومة تفيد بأن موقع تعارف أمريكياً على الإنترنت، يقوم «باختيار الرجال والنساء المتوافقين اعتماداً على تقييم صورهم ورصد التشابه في المواصفات الشكلية، معتمدين على فكرة أن «شرارة الحب تشتعل» عندما نجد شخصاً يشبهنا في الملامح»، ليتساءل واضعو التقرير عما إذا كانت «كيمياء الحب» تعتمد على الشكل الخارجي فقط، أما أن الصفات الداخلية تلعب دوراً فيها.

حتى في عالم الحيوان يرى بعض العلماء أن التشابه هو أساس الانجذاب للجنس، فالحيوانات، هي الأخرى، «تنجذب لبعضها وفقاً لمعايير شكلية لها علاقة باللون وشكل الفراء، لكن بالنسبة للبشر فإن معايير مثل السن والتعليم والوضع الوظيفي تلعب إلى جانب الشكل دوراً في الاختيار».

لكن مختصاً في السلوك، هو النمساوي كارل غرامر، يؤكد أن الأبحاث حول الانجذاب على أساس الشكل الخارجي «لم تتوصل إلى نتائج مقنعة، يلعب التشابه الشكلي دوراً في العلاقة، لكن لا يمكننا بعد تحديد إلى أي مدى يحدث هذا الأمر».

ويرفض غرامر، الذي شارك في أبحاث عديدة بشأن الانجذاب العاطفي، فكرة أن الانجذاب يعتمد على العثور على شخص يكمل شخصيتك، مؤكداً أن «زيادة التشابه في الصفات الشخصية، يزيد من معدلات نجاح العلاقة».

اللافت أكثر في هذا التقرير ما ينقله على لسان الباحث نفسه، من أن «الوقوع في الحب لا يستغرق أكثر من 10 ثوان. فالإنسان يستطيع خلال هذه الفترة القصيرة جداً، أن يقرر ما إذا كان الشخص الذي يقف أمامه يصلح لأن يحبه أم لا»، وهذا يطرح للنقاش مسألة يجري حولها حديث كثير، فالنصيحة المعتادة لمن يرغبون في تكوين شراكة عاطفية أو زوجية هي أن يتريثوا في اختيار شريكهم، ولا ينساقوا وراء شعور آني سريع، ليكتشفوا بعد حين، قد لا يطول، أنهم أخطأوا الاختيار، وأن الأجدى أن يمنحوا أنفسهم فرصة لاختبار مدى «جديّة» مشاعرهم، والتأكد مما إذا كان المرشح لأن يكون شريكاً هو بالفعل الاختيار المناسب لتكوين حياة مشتركة.

آراء أخرى تشكك في أمر الثواني العشر هذه، وترى أن الأمر خاضع لعمليات كيميائية، وأن مدة التعلق تتغير من شخص لآخر، فلكل دورته الخاصة التي قد تطول أو تقصر. وبالطبع فإنه كلما كانت الاستجابة بين كيمياء المُحب وكيمياء المحبوب أكثر تواؤماً كانت هذه المقدرة على خلق السعادة أكبر.

 

مقالات ذات صلة