6 يونيو 2021

د. هدى محيو تكتب: الرقم على الميزان لا يهم

أستاذة وباحثة جامعية

أستاذة وباحثة جامعية

د. هدى محيو تكتب: الرقم على الميزان لا يهم

ظاهرة عالمية هي «الجولات إلى البراد» والإفراط في تناول الطعام خلال جائحة كورونا هذه، وبالأخص خلال فترات الحجر المنزلي. بيد أن الخبراء ومؤسسات الرعاية الصحية في العالم قد لاحظت أن هذه الظاهرة هددت ولا تزال المراهقين أكثر من سواهم. معروف أن المراهقين أكثر عرضة لاضطرابات الطعام بسبب التغيرات التي تطال شكلهم قبيل سن البلوغ وبعدها، لكن أعداد من يعانون هذه الاضطرابات بينهم قد سجلت زيادة ملحوظة ومقلقة، ليس فقط بين الفتيات ولكن أيضاً بين الفتيان.

ويعزو الخبراء هذه الزيادة بين المراهقين إلى أسباب متعددة أولها أن المراهقين قد فقدوا فجأة إيقاع حياتهم اليومية المعتاد. ومن يكون بينهم أكثر حساسية تجاه القلق والتوتر وعدم الاستقرار يصبح أكثر عرضة لاضطرابات الطعام. وكذلك أولئك الذين يتمتعون بطاقة كبيرة كانوا ينفقونها عادة في فرحة الإنجار المدرسي أو الرياضي وقد حرموا فجأة من هذه المخارج.لذا انقلب اهتمامهم بشكل كامل إلى مظهرهم الخارجي كطريقة للتعامل مع قلقهم أو مع حاجتهم للشعور بالإنجار.

ولا ننسى أن التعليم عن بعد، أي في المنزل، قد أتاح لهم مصدر طعام متواصلاً وشجعهم على سلوك غذائي مرتبط بحالتهم الانفعالية كطريقة لمعالجة الملل أو التوتر. فالوسط المدرسي يشكل حاجزاً طبيعياً لاستخدام الطعام كـ«حل» في حين أن هذا الحاجز مفقود في المنزل. هذا في حالة الإكثار من تناول الطعام أو الخلفة، ولكن ثمة اضطرابات غذائية معاكسة، أي الإقلال من الطعام أو الضَوَر، وهي نتيجة ما يراه المراهق على شبكات التواصل الاجتماعي.

فالجائحة قد أتاحت للمراهقين تمضية وقت أطول بكثير أمام شاشاتهم وهم يحدقون بصور أترابهم وبصور «الشخصيات المؤثرة» في هذه الشبكات مما قد ينجم عنه إحساس بعدم الرضى عن شكلهم فيتخذون قرارًا بالامتناع عن الطعام أو باتباع حمية غير صحية وجدوا وصفتها على الإنترنت.

أما المؤشرات التي يجب أن يتنبه لها الأهل فهي الزيادة أو الخسارة المفاجئة في الوزن لدى المراهق، أو أي تغير في سلوكه الغذائي واختفاء الطعام من البراد المنزلي، ما قد يشير إلى إمكانية معاناة المراهق اضطراب الخلفة و/أو الضور.

وفي المقابل، ينصح الخبراء الأهل باتباع سلوك وقائي إزاء مراهقيهم ليكونوا هم بأنفسهم نموذجاً يحتذى في ما يتعلق بالسلوك الغذائي المتوازن، إضافة إلى خلق فرص أمام المراهق حتى يمارس نشاطًا بدنيًا ممتعًا ينفّس فيه عن توتره أو عن طاقته. والأهم أن على الأهل أن يمتنعوا عن توجيه ملاحظات سلبية حول شكل المراهق أو حتى حول شكلهم الشخصي بل أن يشددوا على مخاطر ثقافة الحمية السائدة التي تركز على الشكل والوزن والحجم لتحديد قيمة الشخص وأهميته ليؤكدوا للمراهق أو المراهقة أن ما من رقم على الميزان قادر على تحديد هويتهم وأهميتهم.

 

مقالات ذات صلة