11 ديسمبر 2021

لهذه الأسباب.. تحتاج كل أم إلى وقت خاص بها

محررة في مجلة كل الأسرة

لهذه الأسباب.. تحتاج كل أم إلى وقت خاص بها
فيلم Bad Mothers

الضغوط التي تقع على كاهل الأم قد تستنفد طاقتها وتجعلها غير قادرة على المضي قدماً في القيام بواجباتها، وفي هذه الحالة تحتاج إلى «وقت خاص» تشرب خلاله فنجان قهوة، تتحدث مع صديقة، تسمع موسيقى، تمارس إحدى الرياضات أو لا تقوم بأي شيء لإعادة شحن طاقتها. فرعاية الآخرين لا بد أن تنطلق من رعاية الأم لذاتها و«الطبطبة» عليها.

فهل تخصص الأمهات وقتاً للاعتناء بأنفسهن واستعادة ذواتهن في ظل صخب المهام التي يعشنها وضجيج الأوقات التي يغمرها الأطفال بأصواتهم ومشاغباتهم؟

via GIPHY

أغلب الأوقات التي أخرج فيها للاستمتاع بوقت خاص وأستمد طاقة، يكون أطفالي معي،

يتوزع يوم عائشة الحدادي، شاعرة وموظفة، بين الدوام والعودة إلى المنزل «لأجلس مع طفلتيّ، إحداهما بعمر السنتين وأخرى رضيعة، لنحو ساعة في انتظار عودة ولديّ التوأم (7 سنوات)

من المدرسة». رغم وجود مربية أطفال داخل المنزل إلا أن الحدادي تتابع شؤون أطفالها «أتابعهم في كل خطوة وبالأخص أن الأطفال يكونون في شوق لي بعد قضاء نصف النهار في الدوام. يتناولون طعامهم ومن ثم نتفرغ للدراسة ومتابعة فروضهم».

تستغرق المذاكرة نحو ساعتين وبعدها تقرر الحدادي تمضية وقتها الخاص مع أطفالها «أستقل السيارة وأصطحبهم معي لتناول الأيس كريم وأتناول فنجان قهوة لنحو ساعة ونعود إلى البيت لتناول عشائهم والنوم عند التاسعة مساء».

في سرد يومياتها، لا تجد غضاضة من أن يكون وقتها الخاص مع أطفالها «أمضي نصف يومي وأنا بالدوام. أقود السيارة بمفردي وأتمتع بصفاء ذهني وأتناول فنجان قهوتي، وعندما أرجع للبيت أعود الأم، ولأكون صريحة، حتى عندما أقصد صالون التجميل أصطحب معي ابنتيّ وأغيّر لهما الجو».

وتخلص «أغلب الأوقات التي أخرج فيها للاستمتاع بوقت خاص وأستمد طاقة، يكون أطفالي معي، وهذا يسعدني لأني أقضي نصف يومي في الدوام وأشعر بالشوق لهم».

via GIPHY

لا وقت عندي لتنظيف أسناني صباحاً أو للنظر إلى وجهي في المرآة

تعترف ماغي الحاج حسين، أم للطفلة ميلاني في الثالثة من عمرها، أنها لا تجد وقتاً خاصاً لها، حيث تجد نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما إما استقطاع من وقت ابنتها لوقتها الخاص وهو من ضمن الخيارات المستحيلة أو التفرغ لنفسها عند نوم ابنتها لتجد نفسها في هذا الوقت «تحت وابل» من الإرهاق تختار معه أن تحتسي فنجان قهوة أو لا تقوم بأي شيء.

تعتبر ماغي أن حياتها تغيرت بعد الإنجاب وبعد قرارها ترك العمل «في السابق، كنت أقضي وقتاً طويلاً في العمل وحتى كان يتسنى لي الخروج قليلاً للتنفيس عن ضغوط العمل، وعندما اتخذت القرار برعاية طفلتي، ألغى هذا القرار أي وقت خاص قد أجده في متاهة اليوم الطويل والموزّع بين أعباء المنزل ومتطلبات طفلتي».

ترصد لنا المشهد «يمكنكم تخيل أنّ لا وقت عندي لتنظيف أسناني صباحاً أو للنظر إلى وجهي في المرآة، حيث أستيقظ وأبدأ بمتابعة شؤون ابنتي ميلاني من طعام وإكسابها بعض المهارات وتنظيف وتحضير وجبة الغداء واللعب معها واطلاعها على بعض المعارف تمهيداً لإدخالها المدرسة».

تجد ضرورة أن تخصص المرأة وقتاً لنفسها «من الخطأ أن تهمل المرأة نفسها، والقصور في هذا الجانب قد يقودها إلى الانفجار في وجه من حولها عند مقارنة وضعها مع نساء أخريات، ما يرهق نفسيتها ويشكل ضغطاً عليها».

المتعة الوحيدة أنها تستثمر وقت نوم ابنتها بتناول فنجان «نسكافيه» ساخن «قد يكون أمرا تافها ولكن هذا أقصى أمنياتي، إذ أستمتع بالتأمل والتفكير أو أتفرغ لعملي حيث أقوم ببعض الأشغال اليدوية»، وتفكر في وضع ابنتها في حضانة «عندها يمكنني الخروج مع صديقاتي والتسجيل في ناد رياضي وقد أستمتع باستحمام لأكثر من 5 دقائق».

via GIPHY

بمجرد خروجي من المنزل وقيادة السيارة وذهابي للصالون، أشعر أني امرأة أخرى وأعود «فريش» إلى المنزل

إيمان المصري، حالة مشابهة للأم ماغي مع فارق وحيد وهو أنها سيدة أعمال، ما يضطرها لإعطاء وقت خاص لنفسها في ظل لقاءاتها مع عملاء وعقد اجتماعات وغيرها. تؤكد المصري أن لا وقت خاص عندها «أعتبر سيدة أعمال وإعلامية وأسسّت مشروعي الخاص في مجال العلاقات العامة والإعلام والضغط جزء من آليات العمل حيث أتابع وأكتب وأنشر».

المصري، وهي أم لأحمد (12 عاماً)، ترصد «جائحة كورونا زادت عزلتي وضغوطي وبات المنزل ميدان العمل والراحة في آن و كل ملفات العمل تنجز من المنزل في ظل الضغط القائم».
قد تجد هذه الأم خلال الأسبوع ساعة أو ساعتين لزيارة الصالون ليس من باب الترفيه الشخصي عن الذات «أذهب مضطرة لارتباطي بمواعيد، ويوم الجمعة هو الوحيد الذي يمكن تقسيمه حيث أقضي جزءاً منه مع زوجي وابني سواء في مطعم لتناول الغداء معاً أو لمشاهدة فيلم».

تأنس بتناول فنجان قهوة وهي ذاهبة إلى العمل «هذه العادة تزودني بطاقة كبيرة وبالأخص على وقع الموسيقى وبعيداً عن الهاتف. فمجرد خروجي من المنزل وقيادة السيارة وذهابي للصالون، أشعر أني امرأة أخرى وأعود «فريش» إلى المنزل»، موجزة «من الضروري أن نجلس مع ذواتنا ونتحاور معها وتجديد طاقتنا للصمود أمام ضغوط الحياة».

via GIPHY

هل فعلاً تحتاج الأم إلى وقت خاص أو فرصة لتستعيد نشاطها؟

تؤكد الاستشارية النفسية والأسرية لمى الصفدي أنّه «لا بد أن يتوافر لكل فرد متسع من الوقت للقيام بما يرضيه.

وفي حال القيام بإحصائية، نرصد أن ما يفوق 70 % من الأفراد يعيشون في هذه الحياة وفق إرضاء الآخرين وتلبية رغباتهم مع إحساسهم الدائم بأنهم لا بد أن يكونوا مثاليين في تنفيذ المهام ولكن يصابون بعد فترة بالاكتئاب ويكتشفون أنهم لم يمتلكوا مساحة من السعادة والحرية أو أشياء تجعلهم سعداء».

وفي الحديث عن الوقت الخاص للمرأة سواء كانت زوجة أو امرأة عاملة، توضح الصفدي «بالإضافة إلى تلك الضغوط، تمر المرأة بخلل هورموني حسب عمرها أو خلال أوقات معينة من الشهر، ما ينعكس على نفسيتها».

في هذه الحالة، تنصح الصفدي المرأة بالقيام بأمور تجعلها سعيدة أياً كانت قيمتها أو مكانها أو زمانها «الكثير من الأشخاص يربطون الوقت الخاص بمكان معين أو تكلفة مادية معينة ولكننا ندرك أن السعادة هي كل ما يجعلنا سعداء ويزودنا بأريحية مطلقة، سواء الذهاب للبحر أو الصحراء أو حتى التسوق، فكل إنسان يجد ضالته في مكان معيّن».

أنصح كل أم بتوفير ولو 10 دقائق يومياً تجلس خلالها في الغرفة مع إغلاق الباب، تكون عندها في حالة من التأمل أو النوم البسيط أو القيلولة حتى تستعيد نشاطها

وتقول الاستشارية النفسية لمى الصفدي «أنصح كل أم بتوفير ولو 10 دقائق يومياً تجلس خلالها في الغرفة مع إغلاق الباب، تكون عندها في حالة من التأمل أو النوم البسيط أو القيلولة حتى تستعيد نشاطها، ويفضّل أن تخصص ساعات معينة أسبوعياً تمارس فيها نشاطات تجعلها سعيدة ويفضل أن يكون نشاطاً جسدياً لأن أمهات كثيرات يعانين أعراضاً وآلاماً جسدية نتيجة عبء الحمل والولادة والإشراف على الأطفال».

وتنهي الصفدي بتوجيه المسار «كل فرد لديه قدرة على الصبر والتحمل والمرونة ولكن قد يصل إلى مرحلة التعب والإرهاق وبعدها الاستسلام، ونصيحتي لكل امرأة وأم ألا تصل إلى مرحلة الاستسلام ودوماً أحبي نفسك وفكري بنفسك وكوني أنانية بإيجابية».