نصائح الخبراء لبناء أسرة سعيدة وناجحة

من أجل تحقيق السعادة في عصر التكنولوجيا، يحتاج الآباء والأمهات إلى فهم التحديات، والبحث عن استراتيجيات لبناء أساس أُسري متين لتحقيق النجاح المستدام. وفي ورشة «مقومات الأسرة الناجحة»، التي نظمتها جمعية الاجتماعيين في الشارقة، تحدث خبراء التنمية وتطوير الذات عن أهم أساسيات الأسرة السعيدة، ومقومات نجاحها.

يتحدث استشاري تنمية الذات والمختص بالسعادة، الدكتور علي اليماحي، عن الأسرة السعيدة، ومقوماتها، ويعرّفها بأنها «الأسرة القادرة على الاستمتاع، وخلق التوازن بين أنشطة الحياة، والمرونة، والاستقرار النفسي للأطفال، ووضع أهداف عائلية مشتركة، وتوفير حوار أُسري يرتكز على المودة».

ويشير «بما أن الأسرة تتكون من أب وأم وأبناء، فبالتأكيد ستواجه بعض العقبات والمشكلات، سواء بين الزوجين، أو مع الأبناء، وبشكل خاص المراهقين، ما يتطلب اتّباع بعض الأساليب للتغلب عليها، وتجاوزها، منها التفاهم، واستخدام لغة الحوار، فالتواصل الفعال والاستماع لآراء واحتياجات البعض، خاصة الأبناء، يمنحهم الفرصة للتعبير عن مشاعرهم، ويعزز من التواصل الصحيح والاحترام المتبادل بين جميع أفراد الأسرة».

الحوار بين أفراد الأسرة للتغلب على التحديات

ويركز د. اليماحي على أهمية الاختيار الصحيح لشريك الحياة، كأحد عوامل تحقيق السعادة الأسرية «من المهم أن يتم الاختيار بناء على النقاط المشتركة بين الزوجين، وتوافقهما، والاعتراف بوجود الاختلافات، والبحث عن النقاط الإيجابية، وتسليط الضوء على الحوار الصحي المفتوح في حل الخلافات الزوجية»، ويلفت لأهمية وجود قواعد واضحة للوصول إلى السعادة الأسرية «من المهم تحديد قواعد السلوكات المقبولة، والمرفوضة، فهي إضافة إلى أنها تساعد على تعزيز التعاون والمشاركة في الأنشطة العائلية، مثل اللعب أو الطهي، تعمل على تقوية الروابط العاطفية والعلاقات الأسرية».

ويضيف د. اليماحي «من المهم أيضاً الالتفات إلى صعوبة التعامل مع المراهقين، وهنا على الآباء والأمهات الوعي واتّباع بعض الاستراتيجيات لمساعدتهم على التكيف مع التحديات الخاصة التي تواجههم، على سبيل المثال، الاستماع لمشاعرهم الخاصة، وتقديم الدعم والاهتمام اللازمين، وتأكيد أهمية رأيهم، ومشاركتهم في صنع القرارات، باختصار تحقيق السعادة الأسرية يتطلب التفاهم، والحوار، والاحترام المتبادل بين أفراد الأسرة، للتغلب على التحدّيات، وبناء علاقات قوية».

مواصفات الأسرة الناجحة

من جانبها، تصف استشارية التنمية البشرية وتطوير الذات، الدكتورة وفاء محمد مصطفى، الأسرة الناجحة بكونها:

• «الأسرة التي تستمتع بقضاء الوقت معاً، وتعمل على خلق نموذج إيجابي من خلال الأنشطة.
• تحدد أهدافاً عائلية مشتركة، بدلاً من العمل بشكل فردي.
• توفر بيئة صحية للأبناء تعتمد على التفاهم، والحوار، والاحترام، والرعاية، والثقة التي تحميهم من الانحراف.
• تبتعد عن الانتقاد اللاذع، وتوجههم بطريقة تعزز من قدراتهم وتمنحهم الاهتمام الذي يحقق متطلباتهم، النفسية والاجتماعية، التي تساعدهم على التطور والنجاح».

وتشير إلى أنه «للأسف في عصر التكنولوجيا، تشهد مجتمعاتنا انتشاراً كبيراً للعنف، سواء اللفظي أو غير اللفظي، ما أثّر في قيم ومعتقدات أطفالنا الخاصة، وطريقة تعاملهم مع المجتمع، لذلك يجب أن يعي الآباء والأمهات أهمية السنوات الأولى من حياة الطفل في تكوين شخصيته.

فإلى جانب توفير جميع المتطلبات، من الطعام والشراب، يجب التركيز على تعليمه القيم، والعادات، والتعاليم السليمة، ليكون فردا صالحاً للمجتمع، حيث يكتسب الأبناء جميع الصفات والقيم من الأسرة، وهذا ما يكشف الدور الأكبر للأسرة في توفير العطف، والحنان، والحب، ومساعدة الطفل على التحرر من الخوف، لينشأ شخصاً سوياً».

وتشرح د. وفاء مصطفى أهمية تكامل العلاقة بين الزوجين، ووجودهما في حياة الأبناء للوصول إلى السعادة الأسرية، قائلة «إضافة إلى أهمية الاختيار الذي يلعب دوراً حاسماً في نجاح الحياة الزوجية، واستقرارها، يلعب ضعف التكافؤ بين الزوجين، كالمساواة المادية والاجتماعية، دوراً كبيراً في زعزعة الاستقرار الأسري، إلى جانب ضعف الاهتمام، والتقدير من الجانبين، وتراكم المشاكل والتوترات نتيجة عدم التواصل الجيد، وإيجاد وقت للحديث وتبادل الأفكار والمشاعر».

وتبيّن أن «العائلة هي الركيزة الأساسية لتربية الأطفال، وبناء المجتمعات القوية، لذلك يجب أن تكون الأسرة متكاملة في علاقتها، لتتمكن من توفير التربية السوية لأبنائها، حتى يصبحوا بالغين، كما يجب أن يكون الأب والأم حاضرَين، ومشاركَين في حياة أطفالهما، يقرّبانهم من القيم الأسرية القوية، والتعاليم الدينية».

فيما تحدث الدكتور عبدالله الحوسني، نائب الرئيس التنفيذي في شركة أركان للتدريب، عن أهم الممارسات والنماذج الأسرية الناجحة التي أثبتت نجاحها، وأهميتها، ويقول «على الصعيد الشخصي ساعدت البرامج التدريبية والخطط الاستراتيجية التي حرصت على الالتزام بها، على تطوير قدراتي، وقدرات أبنائي، وتحقيق أهدافي الشخصية والأسرية، والوصول إلى النجاح».

ويشرح د. الحوسني «لتحقيق السعادة والرفاهية في حياتنا الأسرية والمجتمعية، لابد أن نعمل جميعاً، كأفراد وأسَر، على تحقيق هذه الأهداف، كما يجب ترسيخ القيم والمبادئ الأسرية الثابتة، وتوطيدها في حياتنا اليومية.

ولابد من الإشارة إلى اهتمام حكومة دولة الإمارات، ورؤيتها للخمسين عاماً المقبلة، في تحقيق مجتمع متماسك ومزدهر، بالتركيز على تنمية قدرات ومهارات الأشخاص في جميع المجالات، إضافة إلى سعيها في توفير الأمان والاستقرار، ومنح الشباب الفرص والظروف المناسبة من أجل تحقيق تطورهم، الشخصي والمهني، وتحقيق التوازن، وبناء أجيال صالحة، حيث يعتبر التركيز على تحقيق الأهداف والرغبات الشخصية والاجتماعية أساساً لتحقيق السعادة الحقيقية، والتنمية الشاملة في المجتمع».

ويوجز د. الحوسني «أمّا عن دورة الأسرة، فعلى الآباء والأمهات إظهار الحب، والحنان، والتقدير، والعطف، للأبناء ليتمكنوا من النمو بتوازن، فالحب والحنان يسهمان في تكوين أطفال سعداء، ومتوازنين عاطفياً، لذلك يجب علينا أن نفكر في تربية أبنائنا بحب ورعاية، من أجل مستقبلهم الأفضل».