كلمات الحب والمدح والغزل من الأمور التي لها تأثير رائع في العلاقة بين الزوجين، لأنها تمس المشاعر والوجدان وترتبط بمقدار الحب بينهما. وخبراء الطب النفسي والعلاقات الزوجية والأسرية لا يفوتون فرصة دون التأكيد على ضرورة التواصل الدائم بين الزوجين وتبادل عبارات الغزل والكلام المعسول، لما في ذلك من آثار إيجابية في العلاقة الزوجية.
طرحت «كل الأسرة» عدداً من التساؤلات حول كلمات الحب والغزل بين الزوجين ومدى تأثيرها في استقرار العلاقة الزوجية، وسألت خبراء الطب النفسي والعلاقات الزوجية والأسرية: كيف يستفيد الزوجان من الغزل والتدليل لبعضهما البعض في تحقيق السعادة الزوجية والاستقرار؟
لغة الحب .. كلام أم أفعال؟
بداية، تؤكد الدكتورة شيرين درديري، استشارية العلاقات الزوجية والنفسية وخبيرة تعديل السلوك، أن من أهم أسباب الخلافات بين الزوجين خاصة في السنوات الأولى من الزواج هو أن اللغة التي يعبر بها كل طرف عن مشاعره تختلف عن لغة الآخر. فالزوجة تستخدم لغة المشاعر لديها، فهي تحب أن تسمع كلمات الحب والغزل باستمرار لأنها تعبير عن مدى حب زوجها لها، بينما بعض الأزواج لا يفهم هذه اللغة ويعتبر أن تكرار كلمات الحب وعبارات الغزل نوعاً من أنواع «النفاق الزوجي»، لأنه يرى أن التعبير عن الحب بالأفعال أقوى من التعبير عنه بالمشاعر، فهو يبرهن عن حبه لزوجته بأنه يتعب في العمل ليوفر لها كل متطلباتها.
الكلمات الرقيقة بين الزوجين في هذه الأيام الصعبة لها سحر خاص
وترى الاستشارية الأسرية أنه على الأزواج أن يعترفوا بأن الزوجة تحتاج بين الحين والآخر إلى التدليل، وتقول «لعل بعض الأزواج يعتقدون أن ترويض المرأة لا يأتي إلا بالشدة والعين الحمراء، ولكن يمكنهم ببعض الأمور التي لن تكلفهم شيء أن يجعلوا الزوجة كقطعة العجين اللينة أو كقطعة من البسكوت سريع الذوبان، وإذا كانت تغيب عنهم هذه الأسرار في زحمة مشاكل الحياة اليومية، فليراجعوا حساباتهم ويتفقدوا أمورهم فالحل سهل ويتلخص في الكلمة الحلوة».
أين السمن وأين العسل؟
ويتفق معها الخبير النفسي الدكتور حاتم صبري، أستاذ الطب النفسي وتعديل السلوك، في أن عبارات الحب والغزل وكلمات المدح تزيل ما يعلق بنفوس الزوجين، ويضيف «فترة الخطوبة تعتبر من أجمل الفترات، وكذلك أول سنوات الزواج لما تحمله من كلمات الغزل الجميلة التي تشعل نار الحب بينهما، ولكنها للأسف تختفي بعد ذلك وتتلاشى. لكن تظل الزوجة في حقيقة الأمر في احتياج شديد لكلمات المدح والثناء لأنها بطبيعتها تعشق الغزل وتظل طوال حياتها كلها تبحث عنه ولا تمل سماعه حتى لو سمعته في اليوم 100 مرة».
ويواصل «في بداية كل حياة زوجية يكون الزوجان «سمناً على عسل» ثم تتغير فجأة الأحوال و تتقطع الأوصال، فلا هي تتحدث معه برقة وحنان وضعف أنثوي ولا هو يغدق عليها عذب الكلام ولا يمدح اهتمامها به ولا جاذبيتها.
وحل هذا الأمر بسيط وهو أن يتعلم كلا الزوجين فن الدبلوماسية مع الآخر واللجوء إلى المديح والثناء في كل الأمور، والجميل أيضاً أن طريقة المديح والثناء تعتبر من الطرق المعدية فهي تنتقل من الزوج إلى الزوجة وكذلك العكس لأن الطرف الآخر يحب هذا الأمر ويرد الجميل».
يعتاد الزوجان على الحياة الروتينية بينهما ولا يعود فتيل الحب متأججاً
ويحذر الدكتور حاتم صبري الأزواج والزوجات من الفتور الذي يداهم أي علاقة زوجية بعد مرور عدة سنوات «في كل زواج هناك ما يسمى بالفتور الذي يصيب الزوجين دون مبرر ودون مقدمات حيث يعتاد الزوجان على الحياة الروتينية بينهما ولا يعود فتيل الحب متأججاً بينهما كما في السابق بسبب المشاكل ومصاعب الحياة ومتطلباتها، والحل في ذلك أنه مهما باعدت بين الزوجين هموم الحياة ومشاكلها فلا بد من تخصيص وقت يجلسان فيه معاً طلباً للراحة والحميمية، فكلاهما يحتاج إلى ذلك لأن كثرة المسؤوليات والأعباء تذهب الصبر وتجلب التوتر والنكد».
المال ليس كل شيء
من جانبها، تؤكد الدكتورة مي عيسى، أستاذة الأمراض النفسية والعصبية، أنه يجب على الزوجين عدم الاستسلام للبعد والقطيعة التي تفرضها عليهما هموم الحياة، وتبين «في ظل انشغال الزوج والزوجة وخروجهما إلى العمل يتحول الشريكان إلى ماكينات لضخ المال من أجل تأمين عيش محترم، مما يزيد التباعد والجفاء بينهما، ولا يلتقيان إلا في آخر الليل أو الإجازات ولا يتذكران تبادل كلمات الحب والغزل طوال يومهما أو حتى في فترات الإجازة، يكتفيان بهذا الأمر في المناسبات. كما أن هناك أزواج وزوجات يخطئون عندما يعتبرون أن الزواج يفرض عليهم الجدية والوقار والهيبة وإلا أضاعوا الاحترام بينهم، وهذا غير صحيح ويجعل العلاقة بين الزوجين معقدة ولا يجعل بينهما مجالاً للأخذ والرد فيها. فالرجل يحب بطبيعته المرأة المبتسمة التي تمزح وتضحك معه، والمرأة نفس الوضع تحب الرجل صاحب النكتة التي يضحك ويمرح معها».
الرجل من النوع الصامت لا يعرف كيف يعبر عن مشاعره فتغضب منه المرأة
تنبه الدكتورة مي عيسى إلى خطأ كبير أيضاً يقع فيه بعض الأزواج والزوجات وهو عدم المعرفة بكيفية الجهر بالحب، «فالرجل خاصة يكون من النوع الصامت الذي لا يعرف كيف يعبر عن مشاعره مما يغضب منه المرأة فتعامله بالمثل. والحقيقة أن الأمر حله بسيط ويحتاج فقط من المرأة لأن تختار كل يوم كلمة تناديه بها وأن تعترف بمشاعرها تجاهه وأن تخاطبه هي الأخرى بكلمات الغزل. والرجل أيضاً يحب أن يسمع كلمات الغزل ومخاطبته بها يشجعه على أن يبادل زوجته الحب بكلام أرق وأجمل». كما تنبه الاستشارية الأسرية الأزواج والزوجات إلى ضرورة استرجاع الذكريات الحلوة بينهم، وترى في ذلك فعلاً من الأفعال اللازمة لتعزيز الرومانسية بين الزوجين، وتوضح «يمكن استغلال الأماكن التي جمعت بينكما في تذكرها سوياً إضافة إلى تسجيل اللحظات الحلوة الحالمة كالتقاط صور أو فيديوهات مضحكة جديدة، وعلى المرأة والرجل الاعتراف بالحب كل منهما للآخر للاستمتاع بالآثار الإيجابية المريحة والمبهجة للنفس والتي لها أن تحرك المشاعر وتجعلهما في مزاج جيد».
"أنت جميلة" لها تأثير سحري
أما الاستشاري الأسري الدكتور وائل وهبة، استشاري الطب النفسي والعلاقات الأسرية، فيرى أن مدح الزوج لزوجته ببعض عبارات الغزل مثل «أنت جميلة» و«لا أرى نساء غيرك» له تأثير سحري في المرأة ويجعلها تثق في زوجها وتبادله مشاعر الحب أضعاف ما يقدمه لها، «لذلك كثيراً ما أنصح الأزواج والزوجات بإظهار المشاعر باستمرار للطرف الآخر وعدم الصمت نهائياً أو الشرود والابتعاد والجفاف، وأن تتعودوا دائماً على الغزل والكلمة الطيبة حتى تسهل عليكم الحياة ويعم الحب داخل الأسرة».
تعبر الزوجة عن اهتمامها وحبها لزوجها بكثرة الكلام