بعد التسرع بالطلاق .. كيف يمكن للزوجين العودة وتجاوز الخلافات؟
كثيرة هي أسباب الطلاق والانفصال، يمكن أن تكون بسيطة ووليدة لحظة غضب وتسرع يستسلم لها الكثير من المطلقين على أنها نهاية للعلاقة الزوجية، بينما يجتهد البعض الآخر للعودة مكتشفين خطأ هذا القرار، لتكون بداية لحياة جديدة خالية من الخلافات متمسكين ببقايا الحب وذكريات الحياة الزوجية الجميلة أو حفاظاً على الأبناء من الضياع والتشرد بعد أن يقيّم كل من الطليقين نفسه ومدى مسؤوليته عن الفشل، مطبقين المقولة "إذا لم تتمكن من النجاح في المرة الأولى فحاول مرة ثانية".
الاتفاق على وضع حدود لتدخل الأهل
من خلال تماسها مع الواقع، ترصد تهاني التري، مستشارة أسرية وزوجية ، حالات طلاق اجتهد فيها الطليقان أو أحدهما للعودة بعد أن تمكنا من تحديد نقاط الضعف وتجاوزا الخلافات رغبةً منهما باستمرار العلاقة مطبقين الآية الكريمة "ولا تنسوا الفضل بينكم"، أو لمن سعى بالعودة حفاظاً على الأبناء من الضياع.
تروي التري تفاصيل قصة زوج اكتشف خطأه بعد أن تسرع بالطلاق بسبب تدخل أهل الزوجين، ما أشعل الفتنة والخلافات التي بدأت بالتطور وسرعان ما تحولت إلى "نار أكلت الأخضر واليابس"، وحدث ما حدث من انفصال ، وبعد الابتعاد ورؤية كل منهما الموضوع من خارج الإطار الذي احتبسا بداخله، ووجود الحب وعدم القناعة بالأحداث واستشعار الخطأ، قررا العودة والابتعاد عن الأهل من الطرفين، حتى لا يُسمح لهم بالتدخل أو بث الفتنة والسموم في العلاقة الزوجية التي يرغب الزوجان في استمرارها، لتنعم بالاستقرار والهدوء بعيداً عن المشاحنات والاضطرابات السلوكية جراء التدخل من أطراف خارجية لا تهتم باستمرار هذا الزواج أو عدمه.
تجاوز الخلافات من أجل الأبناء
بينما هناك من يحاول مد جسور التواصل، رغبة في الحفاظ على الأبناء من الضياع يصطدم برفض الشريك لتلك العلاقة، محاولاً البدء لوحده من جديد، تتوقف التري عند معاناة زوجة تسعى جاهدة بعودة علاقتها مع زوجها بعد أن حدث الطلاق لأسباب تجدها بسيطة كان يمكن لطليقها أن يتجاوزها لكنه أصر على الطلاق لأنه ومن وجهة نظره يرى أن كرامته لا تسمح له بالاستمرار ومع وجود مشاكل وخلافات لا تسمح له بالراحة، قرر حل المشكلة ببقاء الحال، ورفض جميع محاولات الزوجة، مبتعداً عن طفليه تاركاً الزوجة تتحمل جميع المسؤوليات.
تبين التري، أن أغلبية حالات الطلاق لم تقع إلا بعد أن عانى الزوجان ما عانياه من مشاكل وخلافات وصراعات أدت إلى حدوث النزعة الشيطانية بينهما، والاتفاق على الفرقة بالمعروف، ومن خلال العديد من الدراسات الميدانية والأبحاث التي استطلعت آراء أغلبية النساء بعد حصولهن على الانفصال، وسؤال كل واحدة (لو عاد بك الزمن إلى الوراء هل تفضلين الانفصال كما حدث أم أن تستمري في الحياة الزوجية بقليل من التضحيات والتنازلات في سبيل وجود الأطفال حفاظاً على صحتهم النفسية والسلوكية؟) ، وجدنا أن معظم النساء بما يشكل نسبة 65% يفضلن أن يستمررن في الحياة مقابل تضحيات وتنازلات، لحماية الأطفال من المواجهات المجتمعية المختلفة.
تقول تهاني التري "قد يحدث أن يعود الطليقان لبعضهما البعض لعدة أسباب تختلف من حالة لأخرى، وهي نادرة نوعاً ما، ولكنها تحدث وأغلبيتها يكون بسبب وجود أطفال بينهما وحرصهما على ألا يتشتتوا بين أم وأب منفصلين لديهما حياتان مختلفتان، وفي المقابل كثير من الحالات تكون الرغبة قوية من الزوجين في العودة إلى حياتهما السابقة، لكن إصرار أحدهما أو العناد يتسبب في استمرار ارتكاب المزيد من الأخطاء التي تعمل على توسع الفجوة بين الطرفين، وبالتالي تصبح هناك استحالة في الرجوع لما كانا عليه سابقاً أياً كان المقابل ".
مراجعة النفس وإدراك الخطأ
توضح مدربة التنمية البشرية وتطوير الذات د.ولاء الشحي، ما يمر به الزوجان بعد الطلاق قائلة "التفكير بالانتقام وبدء الحرب وأوضاع نفسية مختلفة، هي الحالة التي يمر بها أكثر المطلقين، لكن ذلك لا يمنع من وجود حالات "الطلاق الصحي" وهؤلاء هم من تصبح العلاقة بينهم بعد الطلاق أفضل مما قبله، متقبلين ما وصلوا له من نتيجة، كل طرف يسعى إلى أن تكون حياته أفضل وتزداد العلاقة بينهما قوة إن وجد الأبناء، أما في الطلاق المتسرع، تصبح الرغبة بالعودة أكبر بعد أن يراجع الطليقان أو أحدهما نفسه، ويدركا أخطاءهما، وبالتالي تثمر العودة علاقة أقوى من سابقتها، بعد أن عملا على تطوير ذاتهما، وراجعا نفسيهما وأدركا أخطاءهما، ليكتشفا أن الاختلافات التي تسببت بانفصالهما يمكن تجاوزها بطرق مختلفة ،ويعملان على تطوير ذاتهما ويحققا النجاح، على الأخص المرأة التي تتحدى بذلك ذاتها والمجتمع".
تقبل الخلافات والاختلافات
يوضح مبارك العطر، مدير إدارة الخدمات القضائية في محكمة استئناف خورفكان، "بعد قرار الطلاق تتضح الرؤية للكثير من المطلقين، وتكون الصورة أشد وضوحاً عندما يكون قرار الطلاق مفاجئاً وبعد فترة طويلة من الزواج، هنا تبدأ محاولات اكتشاف الأخطاء بعد أن يعايشا وضعاً مختلفاً، والإحساس بالندم وتأنيب الضمير والشعور بظلم الطرف الآخر".
يشرح العطر "أوجد الله في الزواج السكينة والاستقرار والأمن والأمان للزوجين، لا يمكن لشيء آخر تحقيقها، وخروج الزوج أو الزوجة من الجو الأسري بعد الطلاق يترك انطباعاً بالضياع ونوعاً من الفراغ في حياته يصعب عليه تقبله، ومع وجود الخلافات يكون على استعداد بالتضحية وتقبل أخطاء وعيوب الشريك، ورغبة بالعودة للحياة الأسرية".
يستشهد العطر بمقولة "الخلافات ملح الحياة الزوجية" وقصة الزوجة التي طلبت الطلاق من زوجها لأنها تفتقد طعم الحياة دون نقاش أو سجال، كونه لم يرفض لها طلباً، يكمل "الحياة لا يمكن أن تتوقف عند نقطة الطلاق دون عودة، إلا أن كبرياء البعض الذي يمكن أن يتجاوز الأزواج ويصل للأهل ورفضهم بعودة ابنتهم أو ابنهم للشريك، تمنعهم من استئناف الحياة، لذا لا يمكننا أن نغفل أهمية الخلافات أحياناً في تصحيح المسارات، وإعادة انتباهنا لأخطائنا، وفهم الحياة الزوجية بشكل أوضح والتعلم من التجارب".
ويكمل "يغير الكثير من الأزواج سلوكهم لعدم قدرتهم على تقبل فكرة الطلاق، والمرأة بشكل خاص أكثر تمسكاً ومقارنةً بين الجوانب الإيجابية والسلبية في الزوج، وأكثر تأثراً بالطلاق من الرجل، لانشغاله بأمور كثيرة تبعده عن التفكير به".
اقرأ أيضًا: كيف تشعر بالأمان في حياتك الزوجية؟ د. شافع النيادي