التأمل عملية تدريب العقل على التركيز ولإعادة توجيه الأفكار على النحو المطلوب، بجانب فوائد أخرى كثيرة، وتزداد شعبية ممارسته مع اكتشاف المزيد من الفوائد الصحية له.
نورد هنا 8 فوائد أثبتها العلم الحديث من خلال الدراسات العملية.
1- تهدئة التوتر والقلق
خلصت إحدى المراجعات إلى أن التأمل بالفعل يحد من التوتر الذي في زيادة مستويات هرمون التوتر «الكورتيزول»، وينتج عن هذا العديد من الآثار الضارة للإجهاد منها إطلاق مواد كيميائية التهابية بالجسم تسمى السيتوكينات والتي تؤثر سلباً في النوم، وتعزز الاكتئاب والقلق، وترفع ضغط الدم، وتساهم في الإرهاق وتشوش التفكير.
في دراسة استمرت 8 أسابيع أدت ممارسة التأمل المسمى «تأمل اليقظة» إلى تقليل الاستجابة الالتهابية الناتجة عن الإجهاد، وعلاوة على ذلك أظهرت الأبحاث أن التأمل بصورة عامة يحسن أيضًا أعراض الحالات المرتبطة بالتوتر، بما في ذلك متلازمة القولون العصبي، واضطراب ما بعد الصدمة، والألم العضلي الليفي. وجد تحليل تلوي شمل ما يقرب من 1300 من البالغين أنه ربما يقلل من القلق، وأن هذا التأثير كان أقوى لدى من كانوا يعانون أعلى مستويات من تلك المشاعر السلبية.
2- تعزيز الشعور الإيجابي
يمكن أن تسهم بعض أشكال التأمل في تحسين صورة الذات وإلقاء نظرة أكثر إيجابية على الحياة، فعلى سبيل المثال وجدت مراجعة للعلاجات المقدمة لأكثر من 3500 من البالغين أن التأمل الذهني يخفف أعراض الاكتئاب، وبالمثل أظهرت مراجعة 18 دراسة أن الأشخاص الذين يتلقون العلاج بهذه الطريقة انخفضت لديهم الأعراض، ووجدت دراسة أخرى أن من أكملوا تمرين التأمل كانت لديهم أفكار سلبية أقل استجابةً لمشاهدة الصور السلبية.
3- زيادة التركيز والانتباه
يمكن تشبيه تأمل تركيز كامل الذهن برياضة رفع الأثقال، فهو يساعد على زيادة قوة انتباهك وطول فترة تحمله، وعلى سبيل المثال وجدت إحدى الدراسات أن الأشخاص الذين استمعوا إلى تسجيل يساعد على التأمل شهدوا تحسنًا في الانتباه والدقة أثناء إكمال المهمة مقارنة بالآخرين.
أظهرت دراسة مماثلة أن من كانوا يمارسونه بانتظام كان أداؤهم أفضل في مهمة بصرية ولديهم مدى انتباه أكبر من أولئك الذين ليس لديهم أي خبرة في التأمل.
4- منع تدهور الذاكرة
قد تساعد التحسينات في الانتباه والوضوح في التفكير على إبقاء الذاكرة في حالة شابة، وفي إحدى المراجعات ظهر دليل أولي على أن أساليب التأمل المتعددة زادت من الانتباه والذاكرة والسرعة العقلية لدى المتطوعين من كبار السن.
بالإضافة إلى محاربة تدهور الذاكرة الطبيعي المرتبط بالتقدم في العمر يمكن للتأمل أن يحسن الذاكرة جزئيًا على الأقل لدى مرضى الخرف.
5- الإقلاع عن العادات الضارة
قد يساعدك الانضباط العقلي الذي يمكنك تطويره من خلال التأمل على كسر التبعية عن طريق زيادة ضبط النفس والوعي بمحفزات السلوكيات التي تسبب إدمان شيء معين كتدخين السجائر أو الأكل بشراهة.
أظهرت الأبحاث أن التأمل يساعد الشخص على تعلم إعادة توجيه انتباهه، والتحكم في مشاعره واندفاعاته، وزيادة فهمه للأسباب الكامنة وراءها. قد يساعدك التأمل أيضًا على التحكم في الرغبة الشديدة في تناول الطعام حيث ظهر من خلال مراجعة لـ 14 دراسة أن تأمل اليقظة ساعد المشاركين على تقليل الأكل العاطفي والنهم.
6- تحسين جودة النوم
قارنت إحدى الدراسات برامج التأمل القائم على اليقظة ووجدت أن من يمارسونه أصبحوا ينامون بعمق ولفترة أطول وتخلصوا من حدة الأرق. يرى العلماء بأنك إذا أصبحت ماهرًا في التأمل قد يساعدك هذا على التحكم في الأفكار المتسابقة أو الجامحة التي غالبًا ما تؤدي إلى الأرق.
7- تخفيف الآلام والأوجاع
إدراك الألم يرتبط بالحالة الذهنية ويمكن أن يزيد في الظروف المجهدة نفسياً، وتشير بعض الأبحاث إلى أن دمج التأمل في الروتين اليومي قد يكون مفيدًا في السيطرة على الألم.
خلصت مراجعة واحدة لـ 38 دراسة إلى أن تأمل اليقظة يمكن أن يقلل الألم ويحسن نوعية الحياة، بجانب تقليل أعراض الاكتئاب لدى من يعانون الألم المزمن، وأظهر تحليل تلوي كبير للدراسات التي شملت ما يقرب من 3500 مشارك إلى أن التأمل كان مرتبطًا بانخفاض الألم، وبالرغم من أن مجموعة من كانوا يمارسونه ومن لم يمارسوه لديهم نفس مسببات الألم إلا أن أفراد المجموعة الأولى أظهروا مقدرة أكبر على التعامل معه حتى أن إحساسهم به انخفض.
8- خفض ضغط الدم
من الفوائد الأخرى التي يجنيها الجسم من ممارسة التأمل الحفاظ على عضلة القلب من خلال السيطرة على ضغط الدم حتى لا يرتفع، ومن المعروف أن ارتفاعه يؤدي إلى صعوبة في عمل تلك العضلة مما ينتج عنه في الأخير ضعف وظائفها. من المهم أيضاً محاربة ارتفاع الضغط لمنع الإصابة بتصلب الشرايين الذي يؤدي إلى النوبات القلبية والسكتات الدماغية.
وجد التحليل التلوي لـ 12 دراسة شملت ما يقرب من 1000 مشارك أن التأمل ساعد في خفض ضغط الدم. كان هذا أكثر فاعلية بين المتطوعين الأكبر سنًا وأولئك الذين لديهم ارتفاع في ضغط الدم قبل الدراسة.
تأملوا.. تصحوا
التأمل وسيلة سهلة يمكن للجميع ممارستها لتحسين صحتهم العقلية ومشاعرهم الداخلية وأفكارهم، ومن الجيد أنه يمكن القيام بها في أي مكان دون الحاجة لمعدات خاصة أو عضوية بأحد الأندية، وله أساليب عدة ومتنوعة لكل منها نقاط قوة وفوائد مختلفة للدماغ والحالة النفسية وكلاهما ينعكس إيجاباً على الصحة الجسدية من خلال تقليل الإفرازات الكيميائية الضارة بالجسم المؤدية للأمراض والناجمة عن نمط الحياة العصرية ذي الإيقاع السريع والأحداث المتلاحقة التي تجعل الشخص في حالة من الضغط النفسي.