01 فبراير 2024

"سي وورلد جزيرة ياس".. رحلة مملوءة بالأسرار مع بطاريق آديلي والجنتو والملك ومكرونة

محررة في مجلة كل الأسرة

هل تعلم أن حياة البطاريق مملوءة بالصعاب، وبالأخص في بيئاتها الطبيعية، وفي ظل التهديدات المناخية والبشرية التي تحيط بها، حيث يتناول تاريخ البطاريق التحولات التي عاشتها هذه الكائنات المهددة بالانقراض؟

في «سي وورلد جزيرة ياس»- أبو ظبي، نتعرف إلى عالم البطاريق، وأسراره، والآليات المعتمدة، نفسياً وعلمياً، في تغيير البيئة، ومحاولة الحفاظ على استقرارها النفسي بعيداً عن «اكتئاب البطاريق»، فضلاً عن الطرق المعتمدة لتكاثرها ومحاولة الحفاظ عليها، إضافة إلى تناول الغداء معها في جو من الدهشة.

في البداية، لا بدّ لنا أن نتعرف إلى أنواع البطاريق في «سي وورلد جزيرة ياس»- أبوظبي، وهي أول مدينة ترفيهية للأحياء البحرية في المنطقة، وتضمّ ثمانية عوالم فريدة تقدم تجارب تفاعلية مع الحيوانات البحرية، منها البطاريق.

ستة أنواع من طيور البطريق في عالم القطب الجنوبي يمكن أن تقترب منها، وتتعرف إلى يومياتها، وخصائصها، وعاداتها، وغذائها، وتصنع ذكريات لا تنسى معها، حيث تضفي على يومك ابتسامة مدهشة، وأنت تجدها تتنقل من مكان إلى آخر، وتتبختر في عوالمها الباردة، لكون «الجليد هو حياة» بالنسبة إليها، وتراجع مستوى الجليد هو مكمن الخطر، لأنه حاجة أساسية للبطريق، سواء للبحث عن الطعام، أو تربية صغاره.

فعالم البطاريق يشكل مجتمعاً متكيّفاً مع البيئة البحرية، ويتسم بخصائص عدّة، منها قدرة البطاريق على الغوص إلى عمق كبير للبحث عن الطعام، بفضل أجنحتها الزعنفية التي تمكّنها من السباحة بكفاءة، فضلاً عن نمطها الغذائي، والتحدّيات التي تواجهها.

فلنتعرف إلى أنواع البطاريق الستة، وإلى خصائص كل منها:

البطريق الملك

يعتبر البطريق الملك من أكبر أنواع البطاريق، حيث يسبقه البطريق الإمبراطور، ويتميز بريشه الأصفر البرتقالي اللامع على رأسه، وجسمه الأسود والأبيض، ويتمتع بمهارات رائعة في السباحة والصيد، حيث يطلق عليه «الصياد الملحمي»، لأن بإمكانه صيد نحو 2000 سمكة في يوم واحد، وهو يتغذى على الأسماك والحبار.

وما يميز البطريق الملك منقاره «المشرق»، كما يصفونه، حيث يميل إلى اللون البرتقالي لكونه (أي المنقار) يعكس أشعة الشمس فوق البنفسجية، ما يساعده على جذب، أو اختيار شركاء التزاوج.

بطريق الجنتو

يتبختر بطريق الجنتو بجسمه الضخم على الجليد، وبريشه الذي يزاوج بين اللونين الأسود والأبيض، من دون إغفال اللون الزاهي الذي يميز منقاره، ويعزى هذا اللون إلى الصبغات الموجودة في أجسام القشرات التي يلتهمها

ومن المعروف عن هذا النوع من البطاريق أنه يتمتع بقدرة استثنائية على السباحة، ويعيش على الكريل، والأسماك التي تشكل نحو 15% من نظامه الغذائي، ويعتبر ثالث أكبر البطاريق بعد البطريق الإمبراطور، والبطريق الملك.

بطريق المكرونة أو البطريق الذهبي

يعتبر بطريق المكرونة الأكبر من حيث العدد بين أنواع البطاريق المختلفة، حيث يقدر بأكثر من ستة ملايين زوج من البطاريق القادرة على التكاثر (على مستوى العالم)، إلا أنه معرّض لمخاطر التغيّر المناخي، والصيد الجائر، والأمراض. وتتميز بطاريق المكرونة برأس أصفر اللون، وبوجه أسود، وذقن أبيض، وشهدت تراجعاً في أعدادها، ما وضعها في تصنيف الطيور المعرّضة لخطر الانقراض، وهذا النوع، وغيره من أنواع البطاريق، يبتلع حجارة صغيرة قد تكون السبب في زيادة وزنه، وهذه الزيادة تساعده على السباحة، أو على طحن وهضم الأصداف التي يلتهمها.

بطريق آديلي

ويتميز هذا النوع من البطاريق بريش أسود على الظهر، وببطن أبيض، ويعتبر أصغر أنواع البطاريق. يتغذى على الأسماك والكريل ويتمتع بقدرة كبيرة على السباحة والغوص للحصول على الطعام. وتهاجر بعض بطاريق آديلي لمسافة 13000 كيلومتر كل سنة. وفي بداية فصل الربيع، يحتاج بطريق آديلي للسير مسافة تتجاوز 50 كيلومتراً فوق الجليد ليصل إلى المياه التي يمكنه فيها البحث عن غذائه.

البطريق الصخري

أُطلق عليه هذا الوصف لكونه قادراً على تسلّق الصخور عبر ممرات شديدة الانحدار، كما يقفز على قدميه عوضاً عن المشي، وإلى جانب الرشاقة، فإن البطريق الصخري يتسم بالنشاط، والحيوية، والمشاكسة، ويعتبر أصغر البطاريق في القطب الجنوبي، كما تعيش أنواع أخرى من البطريق الصخري الشمالي في جنوب المحيط الأطلسي والمحيط الهندي.

البطريق ذو الذقن المخطط

يتميز بشريط أسود حول ذقنه، وبحسب لوحة التعريف به في «سي وورلد أبو ظبي»، فإنّ 95 % من غذاء البطريق ذي الذقن المخطط هي من قشريات الكريل، وكما حال البطاريق الأخرى، يؤثّر الصيد الجائر وعوامل التغيّر المناخي في تراجع أعداد قشريات الكريل، ما يهدّد أمنه الغذائي.

وفي هذا السياق، تؤكد ميثة عبدالسلام فاضل علي الذهلي، مساعد تعليم في «سي وورلد أبوظبي»، لـ«كل الأسرة» أن «حياة البطاريق ليست سهلة، لكن «سي وورلد جزيرة ياس» توفّر بيئة آمنة تحاكي ظروف بيئاتها الطبيعية على مدار العام، حيث تم تصميم المكان بالتماهي مع الموطن الطبيعي للبطاريق، واتخاذ إجراءات لحمايتها، وتوفير المناخ المثالي لها».

ومن تلك الإجراءات، بحسب الخبراء المشرفين على المكان «الإبقاء على درجات حرارة الهواء عند 1 درجة مئوية، والمياه عند 7 درجات مئوية، وتوفير الظروف الصحية المناسبة، سواء خلال موسم طرحها للريش، أو في موسم التعشيش».

وحول إصابة البطاريق بالاكتئاب نتيجة «تغيّر بيئتها»، تلفت الذهلي إلى أن «البطاريق لا تكتئب بالطريقة التي نفهمها، إذ إن بعض السلوكات التي تظهرها قد تكون ناتجة عن محاولة التكيّف مع بيئتها الباردة، أو جراء السعي لتوفير احتياجات كالطعام، وغيره، حيث يمكن أن نجد بطريقاً وحيداً منعزلاً عن مستعمرة البطاريق»، لافتة إلى وجود أخصائيين على مدار الساعة يرصدون سلوكات البطاريق، والمشكلات التي تواجهها، وحتى العمل على معايشة نفس الظروف الطبيعية والجغرافية التي كانت تعايشها تلك الحيوانات البحرية في موطنها الأصلي، لجهة توفير إضاءة الشمس الطبيعية، وكل الأمور اللوجستية للمكان.

البطاريق «كائنات رومانسية»

ميثة الذهلي، خريجة علوم بيئة واستدامة من «جامعة زايد»، تتحدث عن تماسّها مع هذا العالم «هذه التجربة تفوق التوقعات لجهة التواصل مع عالم البطاريق، وخصائصها، وأنواعها المختلفة، ونظامها الغذائي، وهي تشكل بالنسبة إلي فرصة تعليمية للاطلاع عن قرب على عالم حيوانات مهددة بالانقراض، ومواكبة الإجراءات المتخذة للحفاظ عليها، والمشاركة في تلك المهمة الجليلة، حيث أتابع تحركاتها، وأرصد خطواتها، وأتماهى مع واقعها في موطنها الطبيعي».

وحول ردة فعل الزوار، بخاصة أن «البطريق كائن رومانسي»، تخلص الذهلي «هدفنا أن نعلّم أجيال المستقبل عن الأحياء البحرية، وأهميتها في عالمنا، وآليات الحفاظ على البيئة، لما تشكله التحديات البيئية من حلقة مترابطة تؤثر في حياة البطاريق سلباً، في ظل ذوبان الجليد، حيث نرشد زوار «سي وورلد»، وبالأخص الصغار، حول كيفية مساعدة تلك الحيوانات، وحمايتها من الانقراض بالحفاظ على البيئة، وبالتالي فإن الزوار، كباراً وصغاراً، يخوضون تجربة تعليمية وتوعوية رائعة مع البطاريق».

* تصوير: محمد السماني