معظم الفتيات، عندما يتخرجن في الجامعة، يحتفلن إما في مقر الجامعة أو في صالات الأفراح مع باقي الطلبة، ويستعددن لذلك أسابيع أو ربما شهوراً، للظهور بأبهى الملابس في يوم الفرحة الكبرى التي ينتظرْنها أربع سنوات أو أكثر، وقد يتواصل الاحتفال باللقاء خارج الجامعة بين الصديقات، حيث يتبادلن في جلساتهن الذكريات ودور الأساتذة، ويخططن لما سيفعلنه بعد التخرج.
لكن، ما قد يلفت النظر، عندما يتوّج الأهل الفتاة المتخرجة ملكة، أو ينظرون إليها كعروس تتجلى علماً وثقافة في يوم فرحتها، فيدعون الأقارب، ويقدمون الحلوى المصنوعة خصيصاً للمناسبة، ويزينون البيت بألوان الفرحة والبهجة.
في بيتنا خريجة
سالي تخرجت في إحدى جامعات دبي، متخصصة في اللغة العربية، علقت أمها على باب بيتهم لوحة كتب عليها «في بيتنا خريجة»، الأمر الذي دفعني لأقرع الباب وأسأل عن الخريجة، وعن تخصصها، ولأبارك لها، وعندما فتح الباب وجدت أن اللوحة لم تكن سوى لافتة لدخول عالم من الفرح يعمُّ البيت كله؛ بالونات ملونة، وشعارات تهنئة، وحلوى... سارعت الأم لترحّب بي وتقدم الشوكولاتة المزينة في طبق لامع، وقد وضع على كل قطعة ملصق باسم الخريجة.
في الحقيقة، تخيلت أنني أبارك لعروس في يوم زفافها، فالفتاة بدت متوّجة بإكليل من الفخر والاعتزاز، فرحة أهلها بها انعكست عليها حبوراً ورغبة لإكمال مسيرتها في طريق العلم ورفع رؤوس ذويها بشهاداتها.
فرحة باثنتين
أخبرتني سالي، أنها ليست وحدها من يحتفل به أهله بهذا الشكل، فقالت: إن صديقتها لمى كانت في دفعتها، وقد أقام لها والداها عرساً حقيقيّاً في أحد الفنادق وأعلنا فيه عن خطبتها لأحد زملائها في دفعتها، وأنها حين حضرت الحفل شعرت بأن تعبير والديها عن فرحتها قد جعلها تحلق في عالم من السعادة ولو أنها كانت تتمنى أن تعيش اللحظات التي عاشتها لمى، لكن وضع والديها المادي لا يسمح بإقامة حفلات بذلك المستوى.
دموع وزغاريد
بينما كانت علياء داخل مبنى الجامعة تنتظر ظهور نتيجة الامتحان الأخير في تخصص الهندسة المعمارية، كانت والدتها تنتظر في الخارج على أحرّ من الجمر، وقد حملت في يدها باقة كبيرة من الورد، وما إن أطلت علياء برأسها وهي ترفع شارة النصر، حتى راحت الأم تزرغد و تصرخ وتبكي من شدة الفرحة، وقد نسيت أنها وسط جموع من الطلبة، تفاوتت درجاتهم في النتيجة الأخيرة، لذا كان رد فعل علياء قوياً حين حاولت تهدئة أمها وقد شعرت بالحرج.
ست الصبايا
قبل ظهور نتيجة الامتحان الأخير، كان أبو ليلى، قد حجز لابنته تذكرة سفر إلى جزر المالديف؛ كي يحتفل والعائلة بتخرجها في كلية الطب، قبل أن تسافر إلى بريطانيا لتكمل دراستها وتتخصص في الجراحة، وقال أبو ليلى: إن فرحته بابنته لا توصف وإنها تستحق الكثير، فقد سهرت الليالي وجاهدت لتكون من المتفوقين، وإنه على يقين أنها ستصل إلى درجات عالية من العلم وتقدم للإنسانية الكثير.
حقاً إن مشاعر الفرح بتفوق الأبناء -وهم يشقون طريقهم ليسيروا في الحياة- لا يمكن أن تعادلها فرحة، وعلى الرغم من مرور وقت على نتائج الامتحانات النهائية، مازال الكثير من الأهل يواصلون الاحتفال.