يشكو كثير من الأزواج وكذلك الزوجات من الفراغ العاطفي وأن الشريك لا يبالي بالاحتياجات العاطفية للطرف الآخر فالحب والاهتمام أبعد ما يكون عن تفكيره، ورغم أن الفراغ العاطفي أزمة قد يمر بها الطرفان، لكنها تكون أخطر وأشد وطأة لدى الزوج فهو الأكثر جرأة وإقداماً على تعويض هذا الفراغ بطرق عديدة لكنها تؤذي الزوجة ومشاعرها.
طرحت «كل الأسرة» عدداً من التساؤلات حول أسباب الفراغ العاطفي التي قد تصيب الزوجين على خبراء الطب النفسي والعلاج الزواجي وتعديل السلوك:
فما أسباب الفراغ العاطفي لدى الرجل المتزوج؟ وكيف تتعامل الزوجة مع الملل الزوجي الذي قد يصيب الزوج؟ وكيف يتحول الفراغ العاطفي إلى خيانة؟ وهل الجفاف العاطفي سبباً كافياً لإنهاء العلاقة الزوجية؟
أسباب الفراغ العاطفي
في البداية يؤكد الدكتور هشام ماجد استشاري الطب النفسي والأمراض النفسية والعصبية وعلاج الخلافات الزوجية أن أهم سبب للفراغ العاطفي هو عدم وجود اهتمام متبادل بين الشريكين ويقول: الحوار الزوجي أفضل أسلوب لتعزيز العلاقة بين الطرفين وتقويتها لإصلاح ما أفسدته الأيام كما أن الحوار يعتبر طوق النجاة للزوجين.
ودائماً ما أؤكد للأزواج والزوجات أن الحوار هو الحل السحري الذي يمنع حدوث سوء الفهم أو النقاشات الخلافية أو الفراغ العاطفي لذلك يجب على الزوجين عدم التوقف عن الحوار في كل صغيرة وكبيرة حتى لا يتركا نفسهما فريسة الخرس الزوجي مع ضرورة تخصيص وقت مناسب لطرح كل المواضيع ومناقشتها بهدوء وبأسلوب ودي بعيداً عن أي توتر.
وينصح الدكتور هشام ماجد الأزواج والزوجات التحلي بالمرونة لتعزيز الشعور بالتفاهم المتبادل بين الطرفين فمن أكثر الأمور التي تقرب بين الأزواج والزوجات وجود جو من الألفة والصداقة والمرونة بينهما.
فعندما يكون الأزواج والزوجات أصدقاء في المقام الأول تجد أن هذا النوع من المشاكل يقل بينهما فالصداقة تحث كلاهما على دعم الآخر وتحمله والعطف عليه والتماس العذر له كما أنها تجعل الزوج يشعر بزوجته ويحتوي ضعفها وأنوثتها، صبوراً أمام انفعالاتها في المنعطفات الصحية الطارئة مثل الحيض والولادة والحمل ويقدر اضطراباتها الهرمونية وحالتها المزاجية ويمتص آلامها وأحزانها.
ويشدد الدكتور هشام ماجد على أن أعباء الحياة التي يواجهها الطرفان ومتطلباتها ومشاغلها تتطلب زوجة محبة مليئة بالحنان والرجل بشكل خاص لا يحتاج لزوجة فقط ليغير بارتباطه بها حالته الاجتماعية فحسب لكنه دائم الحاجة إلى صديقة وحبيبة وشريكة حياة.
يجب على الكثير من الزوجات إدراك أنهن مسؤولات عن الفراغ العاطفي لأزواجهن فبعضهن يمكثن لفترات طويلة لدى الأهل وتترك الزوج وحيداً فلا يجد أمامه سوى المقاهي والأصدقاء
وتتفق معه الدكتورة مي عيسى أستاذة الأمراض النفسية والعصبية بالقاهرة في أن الزوج يحتاج من زوجته الاحتواء والحضن الدافئ وتؤكد أن للأسف الكثير من الزوجات يتحمسن في بداية الزواج للعناية بأنفسهن والاهتمام بالزوج من أجل الظهور بأروع صورة أمامه لكنه بعد مرور الوقت ينقضي الاهتمام وتجعل الزوجة حاجات زوجها آخر اهتماماتها.
وتقول: يجب على الكثير من الزوجات إدراك أنهن مسؤولات عن الفراغ العاطفي لأزواجهن فبعضهن يمكثن لفترات طويلة لدى الأهل وتترك الزوج وحيداً فلا يجد أمامه سوى المقاهي والأصدقاء ودائماً أؤكد للأزواج والزوجات ضرورة الاهتمام بما تعتريهم من مشاكل ومواجهتها وعدم الخوف من التصدي لها.
وترى استشاري الأمراض النفسية والعصبية أن من أكثر المشاكل الزوجية التي تتسبب في الفراغ العاطفي لدى الزوجين هي عدم انتظام واستقرار العلاقة الحميمية بينهما وللأسف تظهر المشكلة واضحة للطرفين لكنهما لا يتحدثان فيها إلا بعد فوات الأوان بسبب الخجل وعدم الاهتمام بحل المشكلة حتى يصلان إلى مرحلة الخرس الزوجي وتصبح العلاقة بينهما مثل أي شيء أصابه الذبول والروتين والرتابة.
ومن أهم الأسباب التي تزيد من الفجوة بين الزوجين هو انتظار كل طرف من الآخر تحسين وإصلاح العلاقة الزوجية من ناحيته أو جعلها بالصورة المطلوبة دون جهد منه أو سعي لتغيير نفسه لذلك دائماً ما أنصح الزوجات خاصة المناقشة مع الزوج بهدوء في كل مشكلة وعدم تأجيلها حتى لا تزيد الفجوة.
وتنصح الدكتورة مي عيسى الأزواج والزوجات بعدم الاستسلام لضغوط العمل والأعباء المالية والأعمال المنزلية التي تؤثر في كلا الزوجين وتصيب العلاقة بينهما بالملل والخرس ويصبح الصمت هو سيد الموقف فأحياناً ضغوط العمل والحياة اليومية تصيب أحد الزوجين بحالة من اللامبالاة ولا يحتاج وقتها إلى شيء سوى أن نترك له مساحة بمفرده للاسترخاء والتخلص من الضغوط لكن هذه الخصوصية والمساحة المطلوبة لا تعني الإهمال فليس المقصود بالبعد انعزال كل طرف في عالمه.
التذمر والعبوس آخر ما يريده الزوج عندما يعود للمنزل فإذا ما وجد زوجته على هذه الحال لابد أن ينفر ويطفش من الحياة الزوجية ويصبح متزوجاً بالاسم فقط
ومن جانبه يؤكد الدكتور علاء الغندور استشاري العلاج النفسي والسلوكي والعلاقات الزوجية والأسرية بالقاهرة أن المرأة بعد الزواج تمنح كل وقتها للبيت والأولاد وتنسى أنها زوجة ولزوجها حقوق فيشعر بأنه ليس من أولوياتها ويصبح في المرتبة الثانية لديها وهذا الأمر كفيل بقتل الحب والرومانسية وإحداث فجوة وفراغ عاطفي لدى الطرفين خاصة لدى الزوج الذي بطبعه يحتاج إلى الحنان والحب طوال الوقت.
ويحذر الدكتور الغندور الزوجات من افتعال المشكلات والنكد والشكوى المستمرة من الزوج فالتذمر والعبوس آخر ما يريده الزوج عندما يعود للمنزل فإذا ما وجد زوجته على هذه الحال لابد أن ينفر ويطفش من الحياة الزوجية ويصبح متزوجاً بالاسم فقط.
ويقول: من أهم أسباب شعور الزوج بالفراغ العاطفي هو افتقاره إلى سماع الكلام المعسول من زوجته لأن الرجل بحاجة هو أيضاً إلى سماع الكلام الحلو والرومانسي الذي يطيب خاطره ويشعره بحب زوجته له واهتمامها به ولذلك يشعر الرجل الذي لا يسمع كلاماً معسولاً من زوجته بالفراغ العاطفي. أما مدح الرجل وإلقاء الكلام المعسول الذي له أن يرضي غروره ويشعره بالسعادة.
ويحذر استشاري الطب النفسي الزوجات المتزوجات حديثاً من إهمال الزوج بعد المولود الأول ويقول: لا شك أن كثيراً من الأمور تتغير بعد إنجاب المولود الأول في البداية وخصوصاً فيما يتعلق باهتمام الزوجة بالزوج إذ ينعدم اهتمام الزوجة بالزوج بعد المولود الأول وذلك لانشغالها في مسؤولياتها الجديدة خصوصاً مع حداثة عهدها بالأمومة لذلك تحتاج للتركيز الشديد مع هذه التجربة.
لكن اهتمام الزوجة بالمولود الجديد لا يعني إهمال الزوج وحقوقه خاصة فيما يتعلق بالعلاقة الحميمة وافتعال الخلافات والمشاحنات الزوجية بسبب تداخل جميع العوامل التي تؤدي لتغير الزوج وحدوث الفراغ العاطفي لديه.