دائماً ما تتهم المرأة بأنها من تتقن فنون النكد ولديها القدرة على تغيير مسار أي حوار إلى جانب مظلم، وهو ما يضعها في بؤرة الاتهام ، إلا أن هناك بعض الأزواج ممن يتقنون النكد ويتخذونه نهج حياة لتصبح بيوتهم مصدراً للكآبة لكل من يعيش فيه.
الدوافع النفسية للنكد
تسلط أماني سالم، مستشارة تربوية وأسرية وخبيرة تطوير السلوك، الضوء على طبيعة الأزواج النكديين والدوافع النفسية التي تحولهم لأن يكونوا بيئة طاردة في بيوتهم، وتقول «دائماً ما تتهم المرأة بأنها هي مصدر النكد ومن تثير حفيظة الزوج وتزيد من توتره إذا ما نشب بينهما خلاف، إلا أن الدراسات أثبتت بأنه لا يوجد فرق بين ذكر وأنثى فيما يتعلق بهذا السلوك وإنما يعتمد على عدة جوانب منها نمط الشخصية، والتي إن كانت كثيرة النقد ويعرف عنها ذلك فبكل تأكيد تكون هي مصدر إزعاج للطرف الآخر، كما تؤكد مجموعة من علماء النفس أن الحالة النكدية التي يمكن أن تصيب الرجل أو المرأة، إنما تعود لدوافع نفسية منها ما هو مرتبط بمسألة إثبات الذات، وهناك من يكتسبها وتصبح صفة سائدة ومنغصة لعش الزوجية».
تضيف أماني سالم «مما لا شك فيه أن الأجواء الأسرية سواء كانت إيجابية أو سلبية تنعكس على الأبناء، فهم مرآة للوالدين وبالتالي حالة النكد وما يعتريها من سلوكيات منفرة غير جاذبة للاستقرار المنزلي تؤثر فيهم، إذ قد تولد هذه الحالات ابناً مضطرباً نفسياً فيكون كثير التعرض لحالة الهلع أو الخوف أو الاضطرابات، ومنها ما يتفاقم لأمراض نفسية، فالأبناء منذ نعومة أظفارهم يستمدون من الأم الثقة والقيمة لكيانهم، ويستمدون من الأب الفخر وروح الإنجاز.
1- إدخال البهجة في البيت
الدكتورة شهيرة سامي، معالج سلوكي للأطفال والمراهقين واستشاري أسري وصحة نفسية،تقول «على الزوجة أن تكون على درجة كبيرة من الوعي للاضطرابات النفسية التي تحيط بالرجل النكدي وأن تحاول معالجة ذلك ولكن بطريقة غير مباشرة، لأنه إذا استشعر أنه مريض ويحتاج إلى علاج سيقوم بردة فعل شرسة تجاهها، وأوضح هنا أن ذلك يعود بالنفع عليها لأنها إذا ما استسلمت لمثل هذا الزوج ستصاب بالاضطرابات النفسية والاكتئاب ناهيك عن الأبناء الذين يرون هذا كله بشكل يومي ومتكرر دون هدنة تذكر».
تشير د. شهيرة سامي«الرجل الذي يعاني هذا الاضطراب هو مجرد طفل عانى سلوكيات مضطربة في الصغر، فشب على هذه التحديات النفسية التي يمر بها والتي يدفع ثمنها الزوجة والأبناء، والذين إذا فهموا ذلك ينتقلون بسهولة من مرحلة الفهم والإدراك إلى التقبل يتبعه التدخل بإيجابية، منها إدخال البهجة في البيت وتجاهل كثير من الأمور التي يضخمها وتجنب الحديث عنها، لأن إثارة الحوار حولها يشبع لديه رغبته في النكد، ولكن تحويل الدفة إلى جو من المرح والمزاح وتجاهل الدراما سوف يوقفه عن ذلك. وأؤكد أن ذلك يستلزم من الزوجة التحلي بالصبر فما تفعله ليس سهلاً، وأهم شيء أن تدخل الرياضة في روتين يومها خاصة المشي لأنه يساعد على تغيير المزاج إلى الأفضل بجانب تحسين حالة الجسم بشكل عام، وعليها أن تتثقف وتقرأ في موضوعات مثل كيف أكون زوجة إيجابية؟ فالرجل النكدي لديه رغبة للتغيير ولكنه لا يستطيع بمفرده، وعلى الزوجة تأسيس الجو الملائم لإحداث هذا التغيير، ومع الوقت سيحب هذا الجو فلا يوجد شخص عاشق للنكد طوال الوقت ولكنه مدفوع له، كما يجب عليها أن تحث الأبناء على ذلك وأنهم جزء من جعل أجواء البيت سعيدة، فهي «الفلتر» الذي يزيل الشوائب والسموم التي تتوغل إلى نفسيتهم».
2- التحلي بالصبر والوعي
تقول ميساء الشحادات، مدربة استشارية أسرية بمركز مودة الأسري التابع لجمعية أم المؤمنين، «كون تصرفات الأبوين تشكل وعي الأبناء حول تكوين الأسرة في المستقبل، فمن البديهي أن يتأثروا بطريقة تفكيرهما ونظرتهما للأمور وأحياناً يتبنوها لفترة معينة، لأن الوالدين منبع المعرفة والخبرات لديهم ولاسيما في مراحل الطفولة مما ينعكس سلباً عليهم لاحقاً. فالأبناء سيعتبرون هذا الأب النكدي هو الطبيعي في الحياة، إلى أن تزداد خبراتهم وتتفتح عقولهم على نماذج أخرى من محيطهم ليدركوا سوء طريقة تعامل والدهم معهم وكيف ينعكس نكده على حياتهم بقطع منابع الفرح والاستقرار فيها.
أما الزوجة فبديهي أن تكون مستنزفة الطاقة بسبب كثرة الضغط الذي تتعرض له خلال اليوم بتفاصيل عديدة، ونقصد هنا الروتين النكدي وعدم الاستقرار والشجار الدائم مما يجعلها تدخل في عدم استقرار نفسي وتصبح غير قادرة على ممارسة أنشطتها اليومية بسلام. إذ إن التوتر الدائم يؤثر في العلاقة الزوجية والتواصل بين الشريكين، فالنكد الدائم يدخل العلاقة بحالة عدم استقرار دائمة، وهو ما يؤدي لنشوء فجوة عاطفية بين الزوجين وقد يفضي للطلاق العاطفي، وعلى الزوجة أن تتحلى بالصبر والوعي لطريقة تفكير شريك حياتها وتصرفاته والوعي كذلك بردات فعلها تجاه هذه التصرفات بحيث تقلل من كم التوتر الواقع لحين الوقت المناسب، حينما يكون هادئاً ومتقبلاً للحديث ومحاولة توجيهه بهدوء لأثر هذا الطبع فيها وفي الأبناء والبيت بشكل عام».
5 أمور تساعد الزوج على التخلص من مشاعر الاكتئاب وتخفيف الضغط النفسي: