أكثر ما يبحث عنه الناس عبر محركات البحث عن المكونات السرية لوصفات الزواج السعيد، وفي كل جلسة تناقش وصفة جعلت زواج فلان ناجحاً حتى آخر العمر فتتلاحق نصائح من يدعي امتلاكه مفاتيح أسراره!
وهكذا، أصبح الزواج يبدو وكأنه شيء غامض وأصبح التحدث والنصح فيه أكثر انتشاراً مقابل زيادة هائلة في أعداد الطلاق وتعقيدات ما بعده، ما يدعونا للتساؤل عما صيّر نجاح الزواج بوصفة ومكونات وتوابل وخبراء في علومه رغم كونه علاقة واضحة وبسيطة بين طرفين تجمعهما مودة ورغبة في الاستقرار وتكوين أسرة!
وما الذي على الطرفين القيام به من أجل السير في الاتجاه الصحيح وإنجاح العلاقة الزوجية لأطول أمد؟ فهل عليهما التفكير طويلاً وكثيراً وبعمق وحرص من أجل وضع استراتيجية، أم يكفي القيام ببعض الأشياء الأساسية البسيطة التي ستضمن لهما حياة هادئة وسعيدة على الدوام؟
لقد أثبتت التجارب الناجحة مراراً بأن علاقة الزواج تشبه زراعة النباتات، فالإعجاب أول بذرة فيه لكنه يحتاج بعدها لمساحة ووقت واهتمام كاف من أجل أن تنمو وتزدهر شجرته ككل شيء في حياة الإنسان يبدأ صغيراً ويكبر بالرعاية والاهتمام.
أما الأهم من كل ذلك وأول مكون ضروري لإنجاح الزواج التعامل معه كشيء حي يحتاج إلى الكثير من العناية والحب والتضحية ليكبر.
هل الحب يكفي؟
الزواج لا يكتفي بالحب، بل بحاجة لتربية صحيحة وبذل الجهد الذي يبذله الأبوان في تربية ولدهما مكرسين لأجله عتاداً من الصبر والتسامح والتواصل محافظين طوال الرحلة على تركيزهما لأجل صحته ومستقبله وخوفهما عليه على مر السنين، وعندما يكبر صغيرهما سيبادلهما المحبة ويرعاهما عندما يكبران.
إن الرابط العاطفي بين الأبوين وأطفالهما ينمو ويزهر بعلاقة مستقرة ومكتملة فيزيائياً وروحياً ويتطلب أن تكون بينهم ثقة حقيقية واتصال عاطفي عميق سيتحقق بعد سنوات من الالتزام بالرعاية تجاه بعضهم البعض، وهكذا هو الزواج، طفل بحاجة للرعاية.
وكما لا يخلو زواج من معارك ومشاجرات لأي سبب، ولكن ومع كل معركة زوجية ومن خلالها يمكن أن يتحقق الشعور بالأمان والثقة، اعتماداً على ميكانيكية التواصل بين الطرفين، ليس بالكلمات فقط، ولكن من خلال تعلم تواصل كل طرف مع مشاعره الخاصة ومشاركة الآخر ما يشعر به بصدق وبوضوح والاعتراف بالأخطاء بثقة كاملة بما يكفي لمشاركة ما يجري في حياته وما يدور في تفكيره بدون خوف أو تردد.
وكما تسهم قوة التواصل في تحقيق النجاح في الزواج يسهم ضعف التواصل في اضطراب العلاقة بين الطرفين، فيتحول شجار بسيط إلى حرب ونزاع وتنافس، بدلاً من تعلم كيفية الاستفادة من الشجارات لزيادة حيوية وصحة الزواج وتحويله من معركة إلى دروس وتجارب تفيد في إطالة عمر الحب وتحقيق استقراره.
ومهما كانت الحالة، يجب معالجة طريقة الاتصال والتوصل إلى الأسلوب الأمثل لجعله نقطة قوة في العلاقة إذا كان الزوجان يرغبان في الاستقرار معاً ويسعيان جاهدين من أجل التغلب على المشكلات ويلتزمان بالعمل الجاد للحصول على ثقة الشريك والإيمان به والحفاظ على الثقة دائماً.
إن الثقة تنكسر بسهولة ويمكن أن يكون من الصعب إصلاحها لكن الحفاظ عليها ليس صعباً، ولكنه يعني أن يبذل كل طرف قصارى جهده لتكريم شريكه ونيل ثقته.