05 أبريل 2023

كيف نحفز الأطفال على أداء الفرائض الدينية؟.. علماء الأزهر يجيبون

محرر متعاون

كيف نحفز الأطفال على أداء الفرائض الدينية؟.. علماء الأزهر يجيبون

حث علماء الأزهر على ترغيب أطفالهم بكل الوسائل لأداء العبادات والشعائر الدينية سواء في رمضان أو غير رمضان، وأكدوا أن تسليح أطفالنا بالقيم الدينية، وما تستهدفه العبادات والطاعات من قيم إيمانية، وأخلاقيات مثالية، ومشاعر إنسانية، يمثل حائط الصد الأقوى لحمايتهم من التجاوزات السلوكية التي انتشرت بين الأطفال نتيجة ما يحيط بهم، ويطاردهم في السوشيال ميديا، وفي الحياة العامة.

وهنا تتبادر إلى أذهان الكثيرين تساؤلات مهمة وخاصة في هذه الأيام المباركة أبرزها: هل الفرائض الدينية من صلاة وصوم وزكاة وحج مطلوبة من الأطفال؟ وما كيفية ترغيب الأطفال في أداء تلك العبادات دون ممارسة الإكراه أو العنف ضدهم؟ وما مفهوم الضرب المقبول شرعاً للأطفال على إهمالهم للصلاة وعدم التزامهم بها والذي ورد في وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم (واضربوهم عليها لعشر)؟

تساؤلات كثيرة تتعلق بعلاقة الأطفال بالفرائض الدينية حملناها إلى عدد من كبار علماء الأزهر الشريف.. وهنا خلاصة ما قالوه ونصحوا به:

كيف نحفز الأطفال على أداء الفرائض الدينية؟.. علماء الأزهر يجيبون

الفرائض الدينية للأطفال.. بالترغيب وليس الترهيب

في البداية يؤكد د.علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي مصر السابق، أن الفرائض الدينية ليست واجبة على الأطفال، فهي ترتبط بالتكليف ويشترط لوجوب بعضها (البلوغ والعقل) مثل الصلاة والصوم، ويضاف للبعض الآخر شرط القدرة المالية والبدنية مثل الزكاة والحج.

ويضيف «لكن هذه الشروط لا تعني أن نترك أطفالنا بلا توجيه ديني، وبلا تأهيل نفسي لهم على تقبل هذه العبادات وترغيبهم فيها، لأنها تمثل بالنسبة لهم عاملاً مهماً جداً في ضرورة الحرص على طاعة الله، كما أنها تلعب دوراً كبيراً في تقويم سلوكهم وحمايتهم من كل الأفكار والسلوكيات المنحرفة، ذلك أن فرائض الإسلام لها دور تربوي مهم إلى جانب كونها طاعة لله عز وجل».

وينبه د.جمعة هنا إلى أن تحفيز الأطفال للحرص على العبادات والطاعات ينبغي أن يقوم على الترغيب لا الترهيب، فلا ينبغي تكليف الطفل بعبادة لا يستطيع أن يؤديها دون إرهاق بدني أو نفسي، فالصلاة مثلاً لا يجوز ممارسة العنف ضد أطفالنا لكى يلتزموا بالصلاة، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها، وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع»– وإن كان حوله كلام من جانب بعض علماء الحديث- فهو محمول على الترغيب، وليس العنف كما يعتقد البعض، ولذلك من المحبب أن نعود الأطفال قبل البلوغ على الصلاة والصيام؛ بل لا مانع من اصطحابهم في العمرة أو الحج دون إجبار أو إرهاق، ويحسب لهم حج نافلة".

كيف نحفز الأطفال على أداء الفرائض الدينية؟.. علماء الأزهر يجيبون

قدوة الآباء بداية التربية الأخلاقية للأطفال

د.محمد المهدى، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، يرى أن البداية الحقيقية للتربية الأخلاقية للأطفال تبدأ من كون الآباء والأمهات قدوة لأطفالهم في أداء الفرائض الدينية والتعاليم الدينية، فتعاليم الدين تنتقل بالقدوة الطيبة أكثر مما تنتقل بالتلقين والترغيب اللفظي، وهذه تمثل أهم رعاية من الآباء والأمهات لأطفالهم. ولذلك ينصح كل الآباء والأمهات بتحفيز الأطفال على أداء عبادات دينهم، وتربيتهم على الفضائل منذ نعومة أظفارهم، كي لا يشق الأمر عليهم بعد البلوغ وهو وقت إلزام الشباب بما فرضه الله عليهم.

ويرى أستاذ الطب النفسي ضرورة أن يتم ذلك بالترغيب وليس الترهيب أو الإكراه، ويقول «العبادات والطاعات ينبغي أن نرغب فيها صغارنا بالحوافز الإيمانية عن طريق شرح أهمية هذه العبادات للإنسان، وهو الأمر الذي يتطلب وقوف الآباء والأمهات على أهداف ومحاسن هذه العبادات وشرحها لأطفالهم بأسلوب مبسط، ولم يعد هناك عذر لأب أو لأم في تقصيرهم في أداء هذا الواجب، فالمعلومات الدينية الصحيحة أصبحت متاحة الآن عبر مواقع المؤسسات الدينية على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي».

ويحذر أستاذ الطب النفسى من ممارسة الآباء والأمهات العنف ضد أطفالهم من أجل إرغامهم على الصلاة أو الصوم بعض الآباء يفهمون حديث رسول الله صلوات الله وسلامه عليه: "مروا أولادكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع"، فهماً خاطئاً، ويقومون بتعنيفهم، وربما ضربهم بقسوة إذا أهملوا في أداء الصلاة أو لم يلتزموا بالصوم، وهؤلاء يضرون أطفالهم ويغضبون خالقهم.

كيف نحفز الأطفال على أداء الفرائض الدينية؟.. علماء الأزهر يجيبون

طرق تشجيع الأطفال على أداء العبادات

وينبه أستاذ الطب النفسى إلى أن هناك طرقاً تربوية مفيدة في تحفيز الأطفال وتعويدهم الحرص على عبادات الإسلام وخاصة الصلاة والصوم، ومن هذه الطرق:

  • الشرح: تشرح كيفية أداء الصلاة والصوم والحج وغيره لهم.
  • التشجيع: بتقديم مكافآت أو حوافز مادية أو معنوية على الالتزام بذلك.
  • الثناء عليهم: عن طريق مدحهم أمام الجميع.
  • المنافسة: عن طريق التنافس المحمود بين الأطفال.
  • التدريب: تدريبهم على الدروس المستفادة من هذه العبادات وفوائدها.
  • عدم التأنيب: عدم تأديبهم إذا لم يلتزموا بها، وعتابهم عتاباً رقيقاً على تقصيرهم في ذلك.

كيف نحفز الأطفال على أداء الفرائض الدينية؟.. علماء الأزهر يجيبون

علماء الأزهر: احذروا إجبار أطفالكم على الصيام

من جانبه حذر الأزهر من خلال مركزه العالمي للفتوى الإلكترونية من إجبار الأطفال على الصلاة أو الصيام في رمضان.. موضحاً أنه لا يجوز إجبار الطفل على صيام شهر رمضان، لأنه ليس واجباً عليه شرعا أن يصوم، فالطفل ليس أهلاً للتكليف لصغر سنه، لكن يستحب مع عدم وجوب الصيام عليه أن يعود على الصيام، ومن صام في صغره سهل عليه الصيام عند بلوغه حد التكليف.

هذا ما تؤكده د. فتحية الحنفي، أستاذة الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، «من الأمور المستحبة شرعاً حث الأولاد على الصلاة والصوم للتمرين عليهما.. وهذا واجب عليهم لأنه يدخل في نطاق حسن تربية الصغار وإعدادهم للحياة الفاضلة بالقدوة والسلوك الحسن، والتوجيه إلى معالم الرشد وقيم الدين الحنيف. فواجب الآباء والأمهات أن يهتموا بشعائر الإسلام كلها، ويلتزموا بها التزاماً صادقاً وأميناً أمام صغارهم، ويدعو أبناءهم لمشاركتهم هذه المناسبات الدينية وما أجمل أن يصطحب الأب أبناءه إلى المسجد مع إرشادهم إلى آداب ارتياد المساجد. ولهذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجعل بعض صلاتنا في بيوتنا، وقال العلماء: إن الأفضل في صلاة النافلة أن تؤدى في البيت حتى يشب الأبناء على صورة آبائهم وأمهاتهم وأشقائهم الكبار وهم يؤدون الصلاة. كذلك أوصانا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بأن نقرأ القرآن في بيوتنا، كي تحفها الملائكة، وتتنزل فيها الرحمة، وينشأ الأطفال في رياض القرآن العظيم».

وتحذر أستاذة الشريعة الإسلامية بالأزهر من الأخطاء التي يرتكبها بعض الآباء والأمهات الذين يضربون أطفالهم لإجبارهم على الصلاة والصوم، لأن ضرب الأطفال بسبب التكاسل عن أداء العبادات وخاصة الصلاة والصوم يرسخ في نفوسهم كراهيتها، والضرب الذي أشار إليه الرسول الكريم في حديثه بضرب الأطفال الذين يتكاسلون عن الصلاة هو مجرد (ضرب رمزي) يشبه العتاب، وهو ما ينطبق أيضاً على ضرب الزوج لزوجته الناشز.. لمجرد التعبير عن الغضب أو عدم الرضا عن سلوك الابن.. وأيضاً الزوجة الناشز.

كيف نحفز الأطفال على أداء الفرائض الدينية؟.. علماء الأزهر يجيبون

شاركوا أطفالكم أعمال الخير

وتضم الداعية الإسلامية د.نادية عمارة صوتها إلى أصوات العلماء السابقين، وتؤكد أن شهر رمضان المبارك فرصة لتعويد الأطفال على كل العبادات والطاعات وأعمال الخير.. وتبين «الأمر لا يقتصر على الصلاة والصوم، لكن هناك عبادات أخرى مفروضة أو مسنونة مثل الزكاة والصدقات التطوعية، ومن المهم مشاركة الأطفال لآبائهم في ذلك، فالطفل الذي يتعود من صغره على العطاء، سوف تستمر معهم هذه الفضيلة طوال حياتهم».

ويشير د. حذيفة محمد المسير، الأستاذ بكلية أصول الدين بالأزهر، إلى أهمية مشاركة الأطفال لأسرهم في أداء العبادات الإسلامية من صلاة، وصيام، وإخراج زكوات، وصدقات تطوعية، والسفر معهم لمشاركتهم في مناسك العمرة لو تيسر ذلك على الرغم من أنه لا تكليف شرعي بالعبادات قبل البلوغ، فلا إلزام ولا مسؤولية على من هو دون البلوغ.. ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق».