01 أكتوبر 2023

"كل الأسرة"... 30 عاماً من التزام الموضوعية والعمق وخدمة الأسرة

محررة في مجلة كل الأسرة

كانت مسيرة مكللّة بالإنجازات وبالقدرة على مواكبة قضايا المجتمع بموضوعية وتوازن وعمق.. هي تلك مسيرة «كل الأسرة» التي بدأت في العشرين من شهر أكتوبر عام 1993 إلى اليوم، حيث 30 عاماً من مسيرة صحفية واكبت قضايا المجتمع ورسمت خريطة طريق لتمكين المرأة ونهضة الأسرة بنهج موضوعي لم تحد عنه طوال تلك الفترة.

هذه القضايا المطروحة على مدى 30 عاماً تتماهى مع هدف مؤسسيها تريم وعبدالله عمران اللذين حملا هموم الأسرة العربية من المحيط إلى الخليج وأطلا بها عبر صفحات المجلة بكل جرأة والتزام، بمبادئ وأخلاقيات العمل الصحفي، دون أن يتخليا عن تزويد الكادر الصحفي للمجلة من صحفيين وكتاب بالجرأة لمناقشة ظواهر مجتمعية تشكل خطورة على مجتمعنا وتنهش من قيمنا.

«كل الأسرة».. صحافة الموقف والرسالة السامية في التماهي مع أخلاقيات الإعلام وتأثيره في تغيير مسارات وحيوات وحتى الإطلالة على أوجاع ومآس، دون أن تغفل مساحات الفرح في كل هذا.

تبنّي قضايا المجتمع وخدمته

كان التزام المجلة التزاماً مبدئياً بالأسرة وتكوين هذه الأسرة. لم تكتف المطبوعة بإرساء أسس التعامل مع الأبعاد المجتمعية، بل تبنت هذه القضايا وشرحتها تشريحاً دقيقاً على يد الخبراء والمختصين ورصدت آثارها واستنبطت الكثير من الحلول التي يمكن وضعها على خريطة التطبيق.

الهدف والرسالة

كانت افتتاحية تريم عمران البوابة نحو تقصي واقع الأسرة والإطلالة على هواجس الفرد ومحاولة التفرد بمعالجة الظواهر الاجتماعية انطلاقاً من جذورها، أسبابها، انعكاساتها وطرح الحلول وآليات العلاج لها.

من هنا، يقول في افتتاحية العدد الأول بتاريخ 20 أكتوبر 1993: «فإذا كان صدور مطبوعة جديدة بذاته مدعاة للفرح ومسألة فوق السؤال التقليدي عن سبب الصدور، فإننا، في دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر، نصدر «كل الأسرة» لتنضم إلى العائلة الصحفية العربية، مطبوعة أسبوعية لها رسالة وهدف، وليس مجرد إضافة عددية تهيم على وجهها وتركض وراء المظاهر وتلهث وراء الظواهر لتتسلى بها وتسود الصفحات أو تزوقها بهوامشها وقشورها».

كان تريم عمران مباشراً وواضحاً في تحديد هوية المجلة وهدفها بقوله: «لهذه المجلة الأسبوعية رسالة تنطلق من الوعي على أن «الخلية الاجتماعية الأولى» (أي الأسرة) هي التي تقرر في النهاية «حالة المجتمع»... ترسم ملامحه وتحدد سماته وخصائصه، وتشكل عنصر هويته الوطنية».

القضايا الاجتماعية

على صعيد القضايا الاجتماعية، واكبت المطبوعة الأسرة فرداً فرداً، ولكن ركزت على المرأة في كل ميادين العطاء سواء كانت أماً أو أختاً أو ابنة أو امرأة عاملة أو امرأة، حلقّت بآفاق طموحاتها إلى الأبعد.

شكلت الحياة الزوجية مدماكاً من مداميك الأسرة القوية. تطرقت المجلة إلى الكثير من أسس البناء الزوجي ومن القضايا التي طرحتها شملت أسس الحياة الزوجية الناجحة ومرتكزاتها وقضايا الطلاق وقضايا الأحوال الشخصية والحضانة وزواج المواطنين من أجنبيات وتأثيره في التركيبة السكانية، وحتى أنها واكبت عمل صندوق الزواج وأهدافه وحاولت أن تكون عنصراً مكملاً لدوره في التوعية حول المبالغة في المهور عبر معالجة تداعيات هذا التوجه على وضع الأسرة ومحاصرتها بدوامة الديون وانسحاب ذلك على واقع أفرادها نفسياً واقتصادياً واجتماعياً.

ناقشت تفاصيل الحياة الزوجية من بدايتها عن نجاح العروسين في ليلة العمر، كيفية احتواء غضب الزوج، التعامل السليم مع الأبناء وبينهم المراهقين، وغيرها الكثير من مواضيع تماهت مع مشكلات الأسرة ودخلت عوالمها.

تحقيقات وقضايا

تنوع هذا الباب بين قضايا عدة باتجاهات عدة من ميدانية استقصائية إلى تحقيقات اجتماعية ومتابعات صحفية تتناول محاور تربوية، نفسية، اجتماعية وغيرها.
لمعت «كل الأسرة» في التحقيقات الميدانية، ومن عناوينها نستشف قدرة المجلة وكتّابها على تناول مواضيع جريئة تخفي وراءها قضية اجتماعية خطيرة أو تترك انعكاساتها السلبية على أرض الواقع، فكانت الإحاطة شاملة ودقيقة.

من العناوين اللافتة:

  • تعدد الجنسيات والمعتقدات وراء الظاهرة... سوق سوداء للإجهاض.
  • أسباب نفسية وعضوية وراء المشكلة.. الانهيارات الأسرية بعد الأربعين.
  • اغتصاب الفجر... جريمة شيطانية هزت مجتمع الإمارات (اغتصاب طفلة بعمر 13 عاماً بعد خطفها من منطقة انتظار الحافلة في الشارقة).
  • جرس إنذار في الحياة المشتركة... زوجتي تكسب أكثر مني.
  • البخور... «السعادة القاتلة» في بيتك.

ولم تغفل المطبوعة معالجة العديد من الظواهر المقلقة كبطالة الخريجين، غيرة الفتيات من الأم، العالم السري لـ«الشقق الخاصة»، وغيرها من ظواهر كثيرة تركت فيها «كل الأسرة» بصمة في تناولها ومعالجتها من كل النواحي.

باب الشباب

عالجت المطبوعة قضايا الشباب بجرأة كبيرة واقتحمت ميدانهم ودخلت إلى عمق تفكيرهم.

فكان عنوان الباب «كل الشباب» مفتاحاً حقيقياً لطرح المشكلات الشبابية على مصراعيها والتعبير بجرأة عن هواجس هؤلاء، مع عدم التغاضي عن سلوكياتهم السلبية وتشريحها على طاولة البحث والتقصي.. على سبيل المثال، فتح ملف معاكسات الفتيات في الشوارع وجاء تحت عنوان: «المعاكسات: الشبان يعترفون.. والبنات يردن حلاً».

كما تناولت المجلة في «كل الشباب» مواهب الشباب وهواياتهم وأطلّت على هواجسهم ومطالبهم:

  • عاطلون عن العمل بمؤهلات جامعية!
  • تكاليف الزواج بين التباهي والاستثمار.

وتناولت اختراعات الشباب ومشروعاتهم وأحلامهم وطموحاتهم عبر حوارات شيقة وممتعة لا تخلو من الجرأة، كما واكبت معهم كل المناسبات والاحتفالات الوطنية.

نساء في الضوء.. أولهن سمو الشيخة فاطمة

أثرى هذا الباب البعد النسوي للمجلة، حيث أطل على عوالم شخصيات نسوية بارزة، بينها لقاء شامل لـ«كل الأسرة» مع سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، أم الإمارات، تناولت فيه مختلف جوانب مسيرتها في مناصرة المرأة الإماراتية وتمكينها ضمن الأطر الرسمية، واستشرفت الارتقاء بمكانة المرأة قائلة: «لا أستبعد أن يأتي يوم تحتل فيه المرأة منصباً وزارياً»، وتحدثت فيه عن دورها كأم بالقول: «أنا كأي امرأة عادية... أحرص على بيتي وأولادي أولاً».

وثمة شخصيات نسوية أخرى، منهن:

  • للا مريم... أميرة من هذا الزمان.
  • ماجدة الرومي: أنا صفحة في كتاب فيروز.
  • الشيخة لؤلؤة الخليفة: العمل التطوعي ثروة.

إلى شخصيات عربية تألقت على الغلاف منها الفنانة إيمان الطوخي، منى أبو سليمان، سميرة سعيدة.. إلى شخصيات إماراتية واكبت مسيرة كاملة من إنجازات المرأة الإماراتية والارتقاء بمكانتها ووصولها إلى تبوئها المناصب العليا، وكان آخرها حوار مع قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، في العدد الشهري الأول للمطبوعة (2023)، وشخصيات عالمية أخرى سبق وزينت غلاف المجلة، منها كلوديا شيفر، الليدي ديانا تحت عنوان «ديانا تستقيل من وظيفة أميرة».. وغيرهما.

الثقافة والفنون

كان باب الثقافة والفنون باباً غنياً بالمواضيع الجادة والملتزمة، حمل راية الثقافة من أجل المعرفة. ففي باب الثقافة، الكثير من التحقيقات الملتزمة بنقل الصورة وتشريح الواقع الثقافي وحتى مواكبة المثقفين بـ«أوراقهم» المخبأة في الذاكرة، وعلى سبيل المثال:

  • كتب الدين والأدب الأكثر رواجاً في الإمارات.. الكتاب يمد يده والقارئ يدير ظهره!
  • المفكر مصطفى محمود يكشف أوراقه القديمة: أنا السبب في فشل زيجاتي!

هذه عيّنة من بحر من المواضيع. فعلى الجانب الآخر، واكبت المجلة أخبار الفن والفنانين في طابع مشوق عبر «قصة فيلم» أو «نادي الفيديو والكاسيت» وكل جديد، إلى حوارات حية مع فنانين وفنانات وحتى إجراء تحقيقات تناولت الكثير من القضايا المتعلقة بالسينما وواقعها والقضايا المثارة في حينها، وحتى قصص كانت تنشر على لسان بعض الفنانين الكبار ومن كواليس حياتهم أو أعمالهم، إلى القصة القصيرة التي كان لها الأثر البراق في جذب العديد من القراء والقارئات وتدعيم البعد المعرفي بالأدب وأنواعه، إلى جانب الشعر ومقالات كتّاب المجلة وكلهم أسماء لامعة.

باب الجريمة

اتسم باب الجريمة بتفصيلة مهمة ومحورية وهي نقل القارئ إلى مسرح الجريمة، حيث كانت كتابة تفاصيل الجريمة بطريقة سلسة وجاذبة تلزم القارئ بقراءة باب الجريمة من «الألف إلى الياء».

البيئة

هناك أيضاً باب «علوم وبيئة» لجهة استشراف الواقع البيئي الراهن ودور الدولة في الاستدامة وإنجازاتها في مجال التغير المناخي، خاصة أن دولة الإمارات قمة المناخ «كوب 28» في مدينة إكسبو دبي خلال نوفمبر 2023، وهو ما تدأب المجلة على مواكبته بالعديد من التحقيقات.

الصحة

فتحت المجلة الآفاق واسعة أمام عوالم الصحة، سواء الصحة الجسدية،الصحة النفسية والعقلية، وغاصت في عمق النفس البشرية من اكتئاب ما بعد الولادة، كآبة ما بعد العطلة.. وغيرها.

المسيرة مستمرة

لم تغفل المطبوعة إضفاء روح المرح على قرائها عبر كاريكاتير «سالم» والذي كان يتطرق إلى الكثير من ملامح العلاقة بين الأهل والأبناء بقالب كوميدي يوصل الرسالة الهادفة، إلى الفتاوى الدينية والكثير من الأبواب الأخرى منها «كوكب الصغار»، المطبخ، والكثير من الموضوعات المنوعة.

لا تزال المسيرة مستمرة، ولم تزل «كل الأسرة»، وهي تضيء مسيرة 30 عاماً، لا تطفئ شعلة نضالها من أجل الاستمرار في خدمة الوطن والمجتمع والأسرة.