العام 2023 انتهى، لكن أحداثه ما زالت ترمي ظلالها على العام الجديد. التالي اثنا عشر حدثاً مهماً، وقعت في ذلك العام، وبعض قراءات المستقبل:
انتهى العام والأسئلة حول المستقبل ما زالت تتجدد، يلخّصها سؤال واحد هو: كيف ستكون السينما في عام 2024؟ ولكنها تتفرع إلى أسئلة أخرى مهمة، مثل: هل ستتفوق إيرادات السنة الجديدة على إيرادات 2023؟ هل ستصطدم بإضرابات جديدة؟ هل سيتحقق فيلم كوارثي، فإذا بهوليوود، أو باريس، أو لندن، أو سواها، ستحفل بأحداث تسبب بغلق الصالات؟ هل سينجح إطلاق جديد لنوع جديد من الوباء يعيدنا إلى عام 2020؟
لا شيء يُذكر يمكن التنبؤ به خلال يوم، فكيف الحال بعد أسبوع، أو شهر، أو أكثر؟
ربما قراءة المستقبل على هذا النحو ليست صحيحة. من الممكن جداً أن تنتعش صالات السينما فوق ما كانت تتوقع. محتمل كثيراً أن تعاود أفلام المهرجانات الآسيوية والأوروبية، شقّ طريقها إلى صالات السينما التجارية الأمريكية، أو يرتفع الإقبال عليها في أسواقها المحلية، كما يحدث مع الأفلام الفرنسية.
المؤكد هو ما مرّ هذا العام من أحداث ومحطّات وأفلام، وليس ما سيمر. في هذه الحلقة من حصاد عام 2023، وقفة عند بعض أهم المحطات التي شهدتها السنة المنصرمة، مُدرجة هنا بلا ترتيب معيّن.
1- باربي: أعلى نجاحات 2023
نجاح الفيلم كان متوقعاً: مخرجة بأفكار نيّرة، سياسة إعلامية حسبت لكل شيء حساباً، نجمة محبوبة وحِبكة خيالية- كوميدية، تستند إلى لعبة بالاسم ذاته. ما لم يكن متوقعاً حجم هذا النجاح: مليار و440 مليون دولار. هل هو فيلم جيد؟ ثمانية من أصل كل عشرة من المشاهدين قالوا نعم. على نحو متقارب، وبرصد المواقع النقدية (روتن توماتو، ميتاكريتيك الخ...) 8 من كل عشرة نقاد وجدوه رائعاً. وفي الواقع، موقع ميتاكريتيك يعبّر أكثر في هذا الإتجاه: 91 في المئة من نقاد الصحف والمجلات الأمريكية والكندية والبريطانية منحوا هذا الفيلم تقديرات عالية، مقابل 7 في المئة منحوه علامات متوسطة (له وعليه)، وواحد في المئة فقط، كانوا ضدّه. هذا الناقد يضم صوته إلى الأقلية.
2- أوبنهايمر: ثاني أعلى نجاحات 2023
المخرج كريستوفر نولان ليس سينمائياً بلا فهم كامل لكيفية جعل الفيلم الجاد مساوياً في نجاحه لأيّ فيلم ناجح، بما في ذلك فيلم لهو مثل «باربي». السيرة التي رصدها في «أوبنهايمر» ليست سهلة، والموضوع كان يمكن أن ينقلب إلى ما يشبه صحراء نيفادا، أو أريزونا. لكنه يعرف دوماً، كيف يعالج أفلامه بحيث لا تتخلّى عن جديّتها ولا يترك هذه الجدية تهيمن على ما قد يجذب إليه، وإلى الفيلم طبعاً، النجاح الكبير. نولان هو من بين أولئك المخرجين الذين ينتقدون التيار الهوليوودي الذي يضحي بقيمة السينما مقابل حفنة من الدولارات أكثر (عفواً سيرجيو ليوني)، و«أوبنهايمر»، وبصرف النظر عمّا قيل لمصلحته، أو ضده من نقد، أثبت وجهة نظر مخرجه في هذا الوضع المتأرجح. أنجز «أوبنهايمر» 951 مليون دولار رائعة.
3- إضراب وحقوق: والفائز هو...
في الثاني من أيار، وحتى التاسع من نوفمبر، عرفت هوليوود شللاً غير مسبوق عندما انبرى كتّاب السيناريو واتحاد الممثلين لإعلان إضراب مفتوح مطالبين برفع مستحقاتهم المادية من الأسواق التي قامت شركات هوليوود بالتعامل معها، وتبنّيها، من دون منح الكتّاب والممثلين أجوراً إضافية. في البال أيضاً أن التطوّرات التقنية قد تسمح باقتباس سيناريوهات من دون كتابة بشر، واستغلال ممثلين في أدوار جديدة من دون تصوير. كل طرف (شركات هوليوود والمضربين)، انتظر الطرف الآخر أن يصرخ من الألم أولاً، لكن الاثنين، في النهاية، وافقا على الصراخ معاً.
4- سكورسيزي: في الغرب الأمريكي
يشترك مارتن سكورسيزي، مع كريستوفر نولان، في نقد هوليوود الجديدة، مستخدماً ثقله وصيته واسمه. هو أحد أكثر مخرجي أمريكا والعالم نجاحاً، إذا ما نظرنا إلى تاريخ أعماله، وما حققته من نجاحات فنية و-أحياناً- تجارية. لكن فيلمه الأخير Killers of the Flowr Moon، الذي احتل موضعاً عند معظم نقاد السينما كأحد أفضل عشرة أفلام، جيد إلى حد. بعض ما كان ينقصه هو منح ضحايا بطليه (ليوناردو ديكابريو، وروبرت دي نيرو) مساحة حقيقية تعكس إيمانه بالقضية.. هذا حتى لا يقتصر الفيلم على حكايات الأشرار، بل على ضحاياهم أيضاً.
5- أنجح فيلم عربي
السينما العربية كان لها حظ من النجاح هذا العام. أفلام مثل «إن شاء الله ولد»، و«كذب أبيض»، و«بنات ألفة»، حققت دورات مهرجاناتية عدة، وبعضها نال جوائز. لكن النجاح الأهم كان من نصيب الفيلم السوداني «وداعاً جوليا»، الذي كان أول فيلم سوداني يدخل مهرجان كان منذ تأسيسه في الثلاثينات، والفيلم الذي حصد أكثر عدد ممكن من الجوائز العالمية.
6- بنيغال شيام: مخرج لا يتوقف
ليس سهلاً أن يصل مخرج ما، إلى سن التاسعة والثمانين وهو لا يزال يعمل بنشاط ابن الخمسين، أو ما دون. المخرج الهندي بنيغال شيام، أنجز في خريف هذا العام فيلماً جديداً عنوانه Mujib: The Making of a Nation. ليس أي فيلم، بل فيلم تاريخي وملحمي من نحو ثلاث ساعات، يتحدّث عن نجيب الرحمن مؤسس بنغلاديش،وأول رئيس جمهورية لها. ولمن لا يعرف شيئاً عن هذا المخرج، هو من جيل ضم، من بين آخرين، مرينال سن، وساتياجت راي، ما عرف في الستينات بالسينما الموازية لتلك الجماهيرية التي سادت السينما الهندية، من مطلعها إلى اليوم. لا يمكن أن نقول إن هذا المخرج الهندي عاد، لأنه، في الواقع، لم يغب، بل لا يزال يمارس الإخراج والكتابة كما كان عهده سابقاً.
بول جياماتي
7- أفضل تمثيل: المرشّحون الأقوى
8- «غولدن غلوبز»: عودة كبيرة
في نهاياته سجل العام الآيل للمضي بعيداً عودة جوائز غولدن غلوبز، بعدما تمت تنحية الجهة التي أسستها («جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية)، وتحويلها إلى ما يشبه العدّاد، يحصي تصويت الأعضاء والمشاركين فقط. بذلك أصبحت هذه الجائزة العريقة من ممتلكات مؤسسة جديدة تعِد بإعادة البريق إليها بعدما تعرّضت إلى انتقادات شديدة، ما أدّى إلى انكفائها. في هذا العام، تم تقسيم الجمعية إلى كيانين: الأول هو المؤسسة الأم التي كانت أسست في الأربعينات، والثاني، هو المؤسسة الجديدة التي تخطف الوهج وتقيم الحفلات منفصلة بعدما اشترت حقوق الجائزة. تقام الحفلة في العاشر من هذا الشهر.
9- التمثيل: اختفاء الممثل- النجم
قامت السينما الأمريكية على مبدأ «النجوم». وما زال الإعلام حول العالم (بما فيه الإعلام العربي)، يتحدث عن «هذا النجم»، و«تلك النجمة»، ويضيف إليهما كلمة عالمية. لكن الواقع مختلف 180 درجة. ففي حين كان الممثل هو الذي يدفع بالفيلم إلى النجاح، بات الفيلم هو الذي -قد- يدفع الممثل إلى النجاح، إذا ما حقق الفيلم نجاحاً. هوليوود اليوم بلا نجم واحد قادر على حمل فيلم. في العام الماضي برز توم كروز، كآخر الأسماء الكبيرة. هذا العام بالكاد نجا من السقوط. ليوناردو دي كابريو، روبرت داوني جونيور، مات دامون، جورج كلوني... وسواهم باتوا صفاً ثانياً. نهاية حزينة لأنه بصرف النظر عما يعتقده البعض من أن نظام النجوم هو استغلال لتحقيق أعلى الإيرادات (فليكن)، إلا أن المجال متاح حالياً لمن يتم اختياره لينفذ وظيفة. إن لم يقبل بها ذهبت لسواه، لكون معظم الأفلام لم تعد تتطلب تمثيلاً.
جينا لولوبريجيدا
10- راحلون: الوداع النهائي لعشرة
هذا العام كان عام الوداع لمئات من فناني السينما في كافة مجالاتها.. التالي عشرة منتقين لأسباب لا تُخفى:
11- السينما الفرنسية: تتوّج نفسها
مع «تشريح سقوط» (Anatomy of a Fall) تستمر السينما الفرنسية في دفع ذاتها في الأسواق الخارجية بنجاح. هذا الفيلم الرابح سعفة «كان» الذهبية لهذا العام، باع محلياً 780 ألف تذكرة في شهر نوفمبر وحده. عالمياً، وحسب مؤسسة «يونيفرانس»، حققت السينما الفرنسية حول العالم (أساساً أوروبا وكندا) قرابة 200 مليون يورو حتى الشهر الحادي عشر من 2023. عدد الأفلام التي عرضتها صالات السينما غير الفرنسية 130 فيلماً. عدد مشاهدي هذه الأفلام ارتفع عن العام الماضي، ليبلغ مليونين و900 ألف مشاهد.
12- نجاحات: كل استوديو لديه قصّة نجاح
جردة سريعة للفيلم الأعلى رواجاً لخمسة من استوديوهات هوليوود:
اقرأ أيضاً:
- جوائز «غولدن غلوبز» الجديدة.. توقعات وخلفيات مهمّة لإحدى أعرق المناسبات الفنية
- تعرفوا إلى أفضل 10 أفلام نالت جوائز عام 2023