21 أبريل 2024

"منخفض الهدير".. وتساؤلات حول عودة أرض العرب "مروجاً وأنهاراً"

محررة في مجلة كل الأسرة

«منخفض الهدير».. وتساؤلات حول عودة أرض العرب «مروجاً وأنهاراً»

رسم «منخفض الهدير» الذي طوى صفحة أمطاره وسيوله، مؤخراً، الكثير من التساؤلات حول التغيّر المناخي، لكونه العنصر الفاعل، والسبب الأول لهذه الظاهرة، حيث أشارت بعض التحليلات إلى زيادة درجات حرارة المحيط الهندي، لتزيد معدلات التبخر، وتصبح الأمطار أشدّ قوّة، وتصاحبها السيول الجارفة.

وفي حين أشار بعض العلماء إلى أنّ المنخفض الذي شهدنا آثاره في الأرض، هو «مقدمة لتغيير جذري سيطرأ على المنطقة ويغيّر تضاريسها»، محذّرين من استمرار الأمطار والسيول مع زيادة الاحتباس الحراري، لفت آخرون إلى ضرورة «عدم معاندة الطبيعة، والتصالح معها»، داعين إلى «إيجاد الحلول، ورسم خريطة الطريق نحو الأمن المائي والغذائي، من خلال حصاد آثار هذه التغييرات بالشكل الصحيح».

«كل الأسرة» واكبت المنخفض بتحليلات ميدانية، علمية وجيولوجية ودينية، حيث الحديث عن عودة شبه الجزيرة العربية لتكتسي الغطاء النباتي مكلّلا بالأنهار، وحيث «من الواجب أيضاً تجنّب كل ما يمكن أن يعرقل توازن الأنظمة الطبيعية»:

«منخفض الهدير».. وتساؤلات حول عودة أرض العرب «مروجاً وأنهاراً»

عمر النعيمي: «منخفض الهدير» حالة متطرفة ونلاحظ تغيّراً في سلوك الأمطار وكميّاتها

يضعنا عمر النعيمي، مؤسس مركز العاصفة لمراقبة الطقس والتغير المناخي، في أجواء المستجدات الأخيرة: «الحالة الجوية التي أثرّت فيينا بسبب «منخفض الهدير»، وأثرت في البحرين، وسلطنة، عمان، وأجزاء من السعودية، هي حالة متطرفة، حيث إن كمية الأمطار المتساقطة تعادل نحو 254 ملم، أي معدل أمطار لثلاث سنوات سقطت في يوم واحد، ما تسبب بسيول جارفة، وتجمعات كبيرة للمياه في الدولة. فالبِنية التحيتة قوية، ولكن كمية الأمطار مرتفعة، وتستغرق الكثير من الوقت لتصريفها.

وحول كون هذا الحدث الاستثنائي مقدمة لتغيير سيطرأ على الإمارات، وشبه الجزيرة العربية، يلفت النعيمي إلى «إنّنا نتابع، منذ سنوات، هذه التغيّرات، ونرصدها، ونلاحظ تغيّراً فعلياّ في المناخ، بحيث إن المنخفضات تغيّرت من الأمطار الديمية (أمطار تدوم لفترات طويلة وتهطل بشكل متقطع)، إلى الأمطار القوية التي تسبب فيضانات. ففي السابق، كانت الأمطار معتدلة، وتتساقط على مدار أيام عدة، ولا تسبب فيضانات، ولكن اليوم تنحصر الأمطار في أيام معدودة، بحيث قلّ وقت المنخفضات، وزادت كمية الأمطار، كما لاحظنا تغيّر سلوك الأمطار، إذ تتساقط في الصيف والشتاء، في حين كانت الأمطار مقتصرة على موسم الأمطار فقط».

ينسق مركز العاصفة جهوده مع جهود الدولة التي يصفها النعيمي بـ«الكبيرة والضخمة في تلافي أضرار الأمطار والسيول»: «نحن في مركز العاصفة نتابع مع الجهات الرسمية، ونعطي تنبيهات وتحذيرات عن الحالات الجوية قبل وقوعها بيومين، إلى ثلاثة أيام، وتكون الجاهزية على أكمل وجه في جميع القطاعات، ولا يتخللها أي تقصير. فالتغيّر المناخي موضوع كبير، ومن واجب الأفراد التنبه لنشرات الطقس، ونتلمّس وعياً عميقاً لدى الشرائح المجتمعية لهذه التقلّبات، ولتلك الحالات المتطرفة التي يصاحبها تساقط كبير لحبّات البرَد ،والتسبب بسيول جارفة، وتجمعات مياه، ورياح قوية، حيث يلتزمون منازلهم لتفادي أي أذى، وتجنب الكثير من الأضرار».

ولكن ماذا عن الحديث حول عودة شبه الجزيرة العربية واحة خضراء بعد نحو 15 عاماً، في ظل هذه الظواهر المناخية؟

يقول النعيمي: «هذا واقع سيحدث، وهناك أحاديث عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم، تثبت هذا المسار، بيد أن تحديد الفترة الزمنية صعب جداً، سواء بعد مئة عام، أو عشر سنوات. فلا أحد يستطيع الجزم بهذا الشيء، لأن الله سبحانه وتعالى، هو من يتحكم في الفلك والكون كاملاً».

«منخفض الهدير».. وتساؤلات حول عودة أرض العرب «مروجاً وأنهاراً»

د. دلال الشامسي: لا يمكن إيقاف التغيّرات المناخية لكونها تغيّرات طبيعية، ولكن الإنسان ساهم في تسريع وتيرتها مع ظهور الثورة الصناعية

لتقريب الصورة إلى القارئ، لا بد من فهم التغيّرات المناخية القائمة، وتأثيرها في الدولة، والعالم، حيث إن ما شهدته الإمارات من أمطار استثنائية هي الكمية الأكبر في تاريخ الدولة منذ 1949، لها دلالات كثيرة، وتداعيات أكبر.

وتعتبر الدكتورة دلال مطر الشامسي، أستاذ مشارك في قسم علوم الأرض، مدير المركز الوطني للمياه والطاقة في جامعة الإمارات، أنّ التغيّرات المناخية الحالية «جزء من الدورة الطبيعية لتغيّر المناخ، والتي تتوافق مع تغيّر ميلان محور دوران الأرض، وحيث إننا نتجه حالياً نحو العصر الدفيء، وتغيّر درجات الحرارة، فإن معدلات التبخر ومستويات الرطوبة في الجو تزداد تبعاً لذلك، بخاصة في الدول المطلة على المسطحات المائية، ما ينتج عنه زيادة معدلات هطول الأمطار بغزارة، بشكل متكرر، متصاحبة مع الفيضانات القصيرة المدى، ما يعّد فرصة لانتعاش الخزانات الجوفية من ناحية زيادة المخزون الجوفي، وتحسّن جودته في الدولة».

«منخفض الهدير».. وتساؤلات حول عودة أرض العرب «مروجاً وأنهاراً»

سبق للدكتورة الشامسي أن قامت بأبحاث عدة، وباستحداث نهج مبتكر في أبحاثها المتعلقة بتركيز النشاط الإشعاعي الطبيعي في المياه للدولة.فكيف يمكن استثمار تلك الأبحاث في الواقع الحالي وتوظيفه في جودة المياه المتساقطة؟

تشرح: «تعّد تراكيز النشاط الإشعاعي في المياه الجوفية دليلاً جيداً لتتبع تدفق المياه الجوفية، وتأريخ تغذيتها بالمياه، ومدى تأثرها بالعوامل البيئية المحيطة، من مياه سطحية، وينابيع، وتكوينات صخرية جوفية محيطة، وحركات أرضية زلزالية محتملة، ما يدعم الدراسات المتكاملة لتوقعات تغيّرات جودة المياه، ويساعد على وضع الخطط والاستراتيجيات الملائمة للحفاظ على الأمن المائي في الدولة».

«كانت شبه الجزيرة العربية خضراء قبل 12 ألف عام، ولا تزال آثار الأنهار موجودة ما بين جبل حفيت والخليج العربي، ما يعني أن هذه الدورة الطبيعية قابلة للعودة مع توفر الظروف المناخية الملائمة».

كما تساعد برامج الزمالة في مجال الابتكار في المناخ على طرح الحلول الإبتكارية للتعامل مع تغيرات المناخ. فكيف يمكن أن تساهم تلك البرامج في الحد من التغيرات المناخية، وكيف يمكن للأجيال الحالية ترك تأثير مستدام في موارد المياه؟

تجيب د.الشامسي: «يمكن أن تساعد برامج الزمالة على طرح حلول فعالة للتعايش مع التغيّرات المناخية، وتقليل آثارها، عبر تطوير برامج حصاد الأمطار، ومراقبة ومعالجة جودة المياه، والهواء، والتربة، واستخدام الطاقة النظيفة وتطوير التكنولوجيا الداعمة لاستدامة الموارد المائية والغذائية لتحسين جودة الحياة، وتوفير البيئة النظيفة للجميع. وقد أسهمت برامج الزمالة بالفعل في ابتكار تقنيات منخفضة الكلفة، ويمكن تصنيعها من مواد متوفرة محلياً، ومستدامة، لتحلية المياه المالحة ومعالجة المياه المستخدمة، وإعادة تدويرها ورفع كفاءة استخدامها بأقل قدر ممكن من الطاقة».

عدم مواجهة الطبيعة

لا يمكن إيقاف التغيّرات المناخية لكونها تغيّرات طبيعية، ولكن الإنسان ساهم في تسريع وتيرتها مع ظهور الثورة الصناعية، كما توضح د.الشامسي، مؤكدة أنّه «لا يمكننا إيقاف الدورة الطبيعية لتغيّر المناخ، وما يصاحبها من آثار، ولكن يمكننا النظر إليها كفرصة للتعلم، وتطوير البحث العلمي، وإيجاد الحلول، ورسم خريطة الطريق نحو الأمن المائي والغذائي، من خلال حصاد آثار هذه التغيّرات بالشكل الصحيح. وهو ما يقوم عليه التقدم البشري، ويسهم في تطور العقول والارتقاء بالعلم التطبيقي، والمعرفة النظرية».

«منخفض الهدير».. وتساؤلات حول عودة أرض العرب «مروجاً وأنهاراً»

نجيب صعب: 3 دروس مستفادة من «منخفض الهدير» والأهم احترام الطبيعة

وفي هذا الصدد، استوقفنا مقال بعنوان «معاندة الطبيعة لن تنقذ البيئة»، لنجيب صعب، الأمين العام للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد)، نُشر في صحيفة الشرق الأوسط، يوم الأحد، 14 إبريل، قبل يومين من العاصفة المطرية. وحذّر من أن «تحويل الغيوم مرايا تعكس أشعة الشمس، والاستمطار الاصطناعي، ورشّ الثلج الاصطناعي على حلبات التزلّج، وامتصاص الكربون من الجو، قد تكون، وغيرها، تدابير لا مهرب منها في مواجهة الارتفاع المتسارع في الحرارة، وحلّاً مؤقتاً لتمديد استمرار النشاطات البشرية فترة إضافية. لكنها جميعاً تبقى مجرّد شراء للوقت، إذ لن يوقف الكارثة سوى تدابير جذرية تضع حداً للانبعاثات الحرارية واستنزاف الموارد، والتلوّث».

كما جاء في العمود الأسبوعي لنجيب صعب، أنّ «التأخير المتواصل في تحقيق الالتزامات الكفيلة بالحد من زيادة معدلات الحرارة فوق 1.5 درجة هو ما استدعى البحث عن بديل وقتي، هو التدخل البشري لتعديل الأنظمة المناخية، غير أن الحجب الاصطناعي للشمس ليس بديلاً عن خفض الانبعاثات».

نسأل صعب عن رأيه في بعض التعليقات التي ربطت الاستمطار الاصطناعي، برشّ مواد كيماوية في الغيوم، بما حصل في بعض مناطق الخليج، بخاصة الإمارات، فأجاب: «لم تثبت علمياً علاقة الاستمطار الاصطناعي بالعواصف المطرية التي ضربت الخليج، وكانت آثارها أشّد وطأة في عُمان، والإمارات. فقد أكد علماء المناخ أن هذه تقلبات في الطقس، زاد من حدتها التغيّر المناخي الذي يضرب العالم كله. ومنذ أكثر من خمسين عاماً، حذّر العلماء من أن التغيّر المناخي سيتسبب بظواهر متطرفة، وحادة، وقد تكون على طرفي نقيض، من سيول جارفة مفاجئة في مكان ما، وجفاف في أماكن أخرى، حيث لم يكن حدوثها متوقعاً وفق السياقين التاريخي والجغرافي».

التغيّر المناخي ليس خيالاً علمياً

ويضيف صعب، وهو محرّر سلسلة التقارير السنوية عن وضع البيئة العربية التي يصدرها «أفد»، أن الدروس المستفادة مما حصل كثيرة، من أهمها أن «التغيّر المناخي حقيقة راهنة، وهو مشكلة تواجه الحاضر، ولم تعد خيالاً علمياً للمستقبل. والذين كانوا يعتبرون الحديث عن التغيّر المناخي مؤامرة ضد الدول النامية، ومنتجي النفط ثبت أنهم كانوا على خطأ، عدا عن أن هذه الدول هي الأكثر تأثراً بنتائجه. وقد أثبتنا هذا بالتفصيل في تقرير المنتدى لسنة 2009، الذي تمحور حول أثر تغيّر المناخ في الدول العربية، وفي تقاريرنا اللاحقة.

أما الدرس الثاني فهو «إنّ من الضروري أن نكون مستعدين لمواجهة آثار التغيّرات المناخية التي لن يمكن وقفها، بخاصة بإحداث تبديلات في البنى التحتية، من شبكات طرقات، وصرف صحي، ومياه، وكهرباء، واستخدامات الأراضي، لمواجهة المتغيرات.

والدرس الثالث والأهم، هو الحيطة، بحيث نتجنب كل ما يمكن أن يعرقل توازن الأنظمة الطبيعية، إذ لا يمكن التحكم في النتائج والتأثيرات إلى ما لا نهاية. فاستمرار تحدي الأنظمة الطبيعية قد يؤدي إلى خروجها عن السيطرة في أي لحظة، نتيجة خطأ، أو سوء تقدير».

وينبّه صعب من أن تهليل البعض لزيادة الأمطار في مناطق جافة، بسبب التغيّر المناخي كظاهرة مفيدة لبعض البلدان، خطأ كبير يجافي الحقيقة، والواقع: «فالعواصف المطرية العنيفة والمفاجئة والسريعة لا تفيد الزراعة، بل تدمرها، والمطلوب نظام مناخي متوازن ومستقر. ولا مفر من الالتزام بخفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري من جهة، والاستعداد للتعامل مع الآثار التي لا يمكن وقفها من جهة أخرى. على دولنا أن تأخذ تغيّر المناخ على محمل الجد».

ويحذر صعب من «التدخُّل البشري لتعديل الأنظمة المناخية، الذي قد يتسبب بعواقب لا يمكن التكهن بها، أو التحكم في نتائجها»، مؤكداً أن الخيار الوحيد المستدام هو تعديل أنماط الاستهلاك، وإدارة الموارد الطبيعية بحكمة، واحترام الطبيعة بدلاّ من تحدّيها». وقال: «قد يكون ما حصل تذكيراً بجبروت الطبيعة، وضرورة احترام قوانينها عندما تضع الحكومات برامج التنمية. فالطموح للتغيير والتطور مشروع، واحترام الطبيعة لا يعني الخضوع لها، كما أنّه لا يمكن، في المقابل، إخضاعها».

«لم يثبت علميا علاقة الاستمطار الاصطناعي بالعواصف المطرية التي ضربت الخليج.. والتغيّر المناخي حقيقة راهنة».

ويختم صعب بالقول: «الأهم، أنّ الكوارث الطبيعية بسبب أحوال الطقس المتطرفة تحصل دورياً، مع تغيّر المناخ، ومن دونه، ويجب أن نكون مستعدين للمواجهة. لكن الأكيد أنّه بسبب تغيّر المناخ تتسارع وتيرة هذه الأحداث خلال فترات متقاربة، وتكون أكثر قوّة، وشدّة.

وهنا أعطي مثلين يتعلقان بالسيول: من غير الجائز سد المجاري الطبيعية للسيول، وهي تكونت عبر آلاف السنين، بإنشاء طرقات وأبنية فوقها، وهذا ما يحصل في حالات كثيرة، بحجة أن السيول الجارفة لم تأتِ لعشرات السنين. لكن الطبيعة أوجدت هذه المجاري للتعامل مع السيول الجارفة التي أتت في السابق، ولو قبل مئة سنة.

والمشكلة الأخرى، أن المساحات الشاسعة المغطّاة بالأسمنت والإسفلت في المدن، تمنع تسرب الأمطار إلى باطن الأرض عند هطولها بغزارة، ما يؤدي إلى فيضان شبكات الصرف غير المعدّة أساساً لحالات الطوارئ. وهنا نفهم لماذا تتركز الأضرار الكبرى من السيول في المدن، وبدرجة أقل في الأرياف التي سُدّت فيها مجاري السيول».

«منخفض الهدير».. وتساؤلات حول عودة أرض العرب «مروجاً وأنهاراً»

د. محمد عيادة الكبيسي.. وحقيقة عودة أرض العرب «مروجاً وأنهاراً»

ولكن، ما حقيقة تحوّل الطقس في شبه الجزيرة العربية خلال 15 عاماً، والتي ستتحول، بدورها، إلى واحة خضراء تغطّيها المروج والأنهار، وهي علامة من علامات الساعة الصغرى التي أخبر بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟

يقول الدكتور محمد عيادة الكبيسي، كبير مفتين بإدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري، بدبي: «أخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم، أن أرض العرب سوف تصبح، وتصير مروجاً خضراء تجري فيها الأنهار والمياه، كما كانت قبل ذلك، وجاء في الحديث الصحيح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «لا تقومُ الساعةُ حتى يكثرَ المالُ ويفيضَ، حتى يَخرجَ الرجلُ بزكاةِ مالِهِ فلا يَجدُ أحداً يَقْبَلُها منه، وحتى تعودَ أرضُ العربِ مُروجاً وأنهاراً». [أخرجه الإمام مسلم في صحيحه].

ومعنى مروجاً: جنات، وحدائق، ومزارع، وبساتين خضراء، والمرج هو: الأرض التي فيها نبات كثير، ومياه عذبة، وفيها حيوانات تتجول وتتغذى فيها.

ويوضح: «الحديث قد يشير إلى اشتغال العرب بالزراعة والعناية، بالحدائق، والمساحات الخضراء، وترك الارتحال، لكن الأقرب أنّه يشير إلى تغيّر المناخ وطبيعة أرض العرب، بإرادة الله تعالى، وحكمته، وبالأسباب التي يسخّرها الله تعالى، مثل كثرة الأمطار، وزيادة النباتات الخضراء، وهو ما يظهر أنه بدأ بالحدوث في هذه الأعوام.

وقول النبي صلّى الله عليه وسلمّ: «حتى تعود أرض العرب»، وليس «حتى تصير»، فيه إشارة واضحة إلى أن أرض العرب كانت مروجاً وأنهاراً في السابق، وستعود كما كانت.

«حديث الرسول صلّى الله عليه وسلّم حول المروج والأنهار، يشير إلى تغيّر المناخ، وطبيعة أرض العرب، بإرادة الله تعالى، وحكمته، وبالأسباب التي يسخّرها الله تعالى».

ويخلص د. الكبيسي: «ذكر بعض العلماء أن أرض العرب كانت كذلك، ومنهم العلامة الحسين بن محمود بن الحسن الزيداني المظهري الكوفي (المتوفى سنة 727هـ)، الذي قال: «قيل: في زمان قديم كان أكثر أرض العرب مروجاً، وصحارى متدفقة بالمياه، ذات أشجار وثمار»، ومنهم الشيخ ابن الملك محمد بن عز الدين الرومي الكرماني (المتوفى سنة 854هـ)، الذي قال: «قيل: كانت أكثر أراضي [العرب] أولاً مروجاً وصحارى ذات مياه وأشجار، فخربت، ثم تكون معمورة باشتغال الناس في آخر الزمان بالعمارة».

وهذه العودة علامة من علامات الساعة التي أخبر بها النبي صلّى الله عليه وسلّم، فهي من الأمور التي تكون في آخر الزمان، وقرب يوم القيامة، ومن دلائل صدق النبي صلّى الله عليه وسلّم في ما يخبر به عن ربه، عز وجل».