د. دلال مطر الشامسي: معلومة عن جبل حفيت حفزتني للتخصص في دراسة علوم الأرض
كان لتفوقها الدراسي في مرحلة البكالوريوس الأثر في انضمامها لأول دفعة في برنامج الدكتوراه في الجيولوجيا بجامعة الإمارات في عام 2010. تهدف من خلال عملها النجاح في المجال البحثي وتقديم ما ينفع دولة الإمارات بشكل مستدام ومواز لسباق التقدم العلمي التكنولوجي في العالم..
هي الدكتورة دلال مطر الشامسي، الأستاذ المشارك في قسم علوم الأرض بجامعة الإمارات ومديرة المركز الوطني للمياه والطاقة، التقيناها لنفتح معها ملفات كثيرة متعلقة بجودة المياه وأهمية المساحات الخضراء في استدامة الحياة.
كان لتفوقك الدراسي دور في رسم ملامح توجهك الأكاديمي، حدثينا عن تلك المرحلة.
كان لتفوقي الدراسي في مرحلة البكالوريوس الأثر في حصولي على دكتوراه في جيولوجيا النظائر المشعة في المياه الجوفية في فترة قياسية، إذ حصلت على فرصة أداء التجارب المعملية الخاصة ببحثي في جامعة الدنمارك التقنية في مدينة روسكيلدا في الدنمارك، وكنت تحت إشراف ثلاثة أساتذة من كبار الباحثين في هذا المجال.
لديك شغف بعلوم الأرض منذ أن كنت طفلة، فما الذي دفعك للقراءة في هذا المجال في وقت كان يهتم بمن هم في مثل سنك بأمور أخرى أكثر بساطة؟
كنت أشاهد التلفاز بعد العودة من المدرسة وأنا في الصف الرابع الابتدائي، ولفت انتباهي في ذلك الوقت الحصص الدراسية الخاصة بمرحلة الثانوية العامة - لمن هم أكبر مني سناً- على إحدى القنوات المحلية، وسمعت أحد الأساتذة على التلفاز يقول إن جبل حفيت كان تحت البحر قبل 60 مليون سنة تقريباً، وتحدث عن الأدلة العلمية والتفسيرات المتعلقة بها، وكطفلة في التاسعة من عمري أصابتني دهشة عميقة، دفعتني لشراء كتب عن كيفية تكون الجبال ودراسة البيئات القديمة من معارض الكتاب في الدولة، وكنت أشتري الكتب باللغتين العربية والإنجليزية حتى أتعلم بشكل أوسع، وهكذا كان كل موضوع يمر علي يفتح أبواباً لأسئلة أخرى بلا انتهاء.
المساحات الخضراء في الإمارات تمثل الرئة المنتجة للأكسجين، وهي موزعة بشكل مدروس من قبل مهندسين زراعيين وباحثين بيئيين متخصصين في الاستدامة
من واقع عملك كمدير للمركز الوطني للمياه والطاقة، ما الدور الذي يقوم به المركز للحفاظ على استدامة المياه النظيفة من أجل البشرية؟
يقدم المركز استشارات للجهات الحكومية والخاصة، ويقدم دراسات ضخمة بواسطة الفريق المتفرغ بداخله لهذه المشاريع والأبحاث التطبيقية، والتي تضع حلولاً فورية للمشاكل البيئية التي تواجهها الشركات الكبرى أثناء عملها في مجالات المياه والطاقة، إذ يضم المركز عدداً من الخبراء والباحثين الذين قضوا فترات طويلة في المجال الصناعي قبل التحاقهم بالمركز، ولهم خبرات كبيرة في التحليل الهندسي والجيولوجي والنمذجة الرقمية للخزانات المائية، ويوفر المركز أدوات الدعم اللازمة من مختلف الجهات المختصة في العالم، والتي يستخدمها الباحثون لرفع كفاءة حلول ومخرجات الأبحاث والاستشارات البيئية في مجالات المياه والطاقة والتكنولوجيا بما يخدم شؤون البيئة داخل الدولة وفي المنطقة.
تهتم الإمارات بوضع السياسات البيئية للتصدي للتغيرات المناخية، فما طبيعة تلك التغيرات التي تقلقكم وتحاولون التصدي لها؟
من أهم التحديات وأكثرها خطورة هو تغير مستوى المياه الجوفية نحو الانخفاض، وكذلك عدم مطابقة جودة المياه الجوفية للمعايير التي وضعتها منظمة الصحة العالمية، وللتصدي لذلك فإن الفريق البحثي المختص بالمياه الجوفية في جامعة الإمارات يقوم بأخذ عينات من الآبار الجوفية بشكل متتابع وفي مواسم مختلفة لتقييمها، وتقديم التوصيات اللازمة عند الضرورة.
تطالبون برفع مؤشر الوعي البيئي فيما يتعلق بالحد من حفر الآبار الجوفية وتعزيز مفاهيم مكافحة التصحر والجفاف، فما الإجراءات التي تتبعونها لتحقيق ذلك؟
نبدأ برفع الوعي بين مجموعة طلاب السنة الأولى في الجامعة من خلال مساق الاستدامة والذي يعد متطلباً إجبارياً لطلاب الجامعة، ويطرح من قسم علوم الحياة، وأشارك في تدريسه منذ بداية إقراره في الخطط الدراسية في عام 2019، وتستمر التوعية للطلاب خلال مرحلة البكالوريوس حتى العام الأخير من خلال المشاريع البحثية، التي تسلط الضوء على سلبيات مخالفة القوانين البيئية المحلية والدولية، وتتوسع الدراسة بشكل كبير في مساق التقييم البيئي وحوكمة المياه الجوفية في مرحلة الماجستير الخاص بعلوم الأرض.
هل انتشار المساحات الخضراء بالدولة يؤثر في نسبة المخزون الجوفي من المياه؟
وجود المساحات الخضراء ضروري لأنه يمثل الرئة المنتجة للأكسجين، والتي تقوم أيضاً بامتصاص الزائد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وهذه المساحات الخضراء مزروعة وموزعة بشكل مدروس من قبل مهندسين زراعيين وباحثين بيئيين متخصصين في الاستدامة، كما أن الدولة تحرص على انتقاء المزروعات التي تستخدم كميات أقل من المياه وتتحمل التغيرات الملحية إلى درجة معلومة.
تبذل الدولة جهوداً ضخمة للحفاظ على كل نقطة مياه، حدثينا عن ذلك.
تعمل الدولة بشكل ذكي جداً، من ناحية توفير المياه المحلاة كحل لتوفير المياه الجوفية في الأرض، وفي ذات الوقت ترفع الوعي البيئي في الأجيال الناشئة، وتتخذ الحلول لحفظ كل قطرة مياه، من خلال بناء السدود، وتجميع قطرات الندى، وتنبيه الأشخاص لمسألة عدم الإسراف، وإذا أدرك أفراد المجتمع هذا القدر من الوعي والتعلم المستمر المسؤول فلا خوف على الأجيال القادمة.
هل لك أن تطلعينا على طموحاتك المستقبلية على المستويين الشخصي والمهني؟
من الناحية الشخصية أطمح للنجاح في تربية أبنائي وتعليمهم، وتوفير الحب والأمان لهم، ومن الناحية المهنية أطمح للنجاح في المجال البحثي وتقديم ما ينفع دولة الإمارات بشكل مستدام وموازٍ لسباق التقدم العلمي التكنولوجي في العالم، ولتنشئة طلابي في الجامعة بما يترك طيب الأثر في نفوسهم بشكل يدعمهم في مواجهة الحياة وتحديات العمل.
* تصوير: أمجد ضرغام