02 يوليو 2024

إماراتيات يبدعن في بينالي البندقية 2024.. احتفاءً بتنوع الأصوات

محررة في مجلة كل الأسرة

إماراتيات يبدعن في بينالي البندقية 2024.. احتفاءً بتنوع الأصوات

تواصل الإمارات سرد قصّتها المحليّة من منظور عالمي، حيث تعكس المشاركة النسائية في بينالي البندقية في دورته الـ60، التزام الإمارات بتعزيز دور المرأة في كل الميادين والمجالات، وبينها مجال الفنّ والثقافة.

البينالي، الذي افتتح أبوابه 20 أبريل ويستمر حتى 24 نوفمبر، يعتبر ملتقىً ثقافياً للتواصل والتفاعل بين الفنانين من مختلف أنحاء العالم، ويقدّم رؤى مختلفة، وأحدث الاتجاهات في مجال الفنون، بما تحمله من تنوع وابتكار.

وتطبع مشاركة الإمارات في بينالي البندقية 2024 بصمة مميزة، تتمثل في كون المرأة تشكّل 80% من فريق الجناح الوطني لدولة الإمارات في هذا الحدث، وذلك في المقرّ الدائم للجناح الوطني في منطقة الأرسنال - سالي دي آرمي في البندقية.

إماراتيات يبدعن في بينالي البندقية 2024.. احتفاءً بتنوع الأصوات

قدّم برنامج «آفاق الفنانين الناشئين» من معرض«فن أبو ظبي»، وهي ثانية مشاركات فن أبوظبي في البندقية والرابعة على الصعيد العالمي، أعمال كل من المها جارالله وسامو شلبي ولطيفة سعيد، خلال فعاليات بينالي البندقية، الذي أقيم في صالة ماريجنانا للفنون بمدينة البندقية، تحت شعار «أجانب في كل مكان».

فكيف نرصد المشاركة النسائية في بينالي البندقية وما الذي يميّزها؟ وإلى أيّ مدى تتماهى السرديّات التي ترويها النساء مع البعد العالمي للبينالي وآفاق المشاركة؟

إماراتيات يبدعن في بينالي البندقية 2024.. احتفاءً بتنوع الأصوات

في حديثها لـ«كل الأسرة»، ترصد رئيس وحدة مشروع ومعرض «فن أبوظبي» العنود الحمادي المشاركة النسائية في بينالي البندقية باعتبارها «تجسد قصة تحوّل وتطوّر في عالم الفنون، تتخطى الحدود الجغرافيّة والثقافيّة، هذه القصة تشير إلى تقدّم المجتمع الفني نحو قبول واحترام تنوع الأصوات والتعبيرات، وتحفّزنا على التفكير في مستقبل يكون فيه الفن مساحة للجميع، بغض النظر عن الجنس أو الثقافة».

وتقول الحمادي: «بينالي البندقية ليس مجرد منصة لعرض الأعمال الفنيّة، بل هو منبر للتواصل والتفاعل الثقافي وتأكيد لدور المرأة الرائد في تحديد مسارات التجديد والابتكار في عالم الفن حيث تصبح أعمال الفنانات رسائل تنقل أفكاراً وتجارب تتنوع بين القديم والحديث، وتتعمق في قضايا الهوية والبيئة والسياسة بطريقة فنية مبتكرة وملهمة».

ما ميّز المشاركة النسائية في بينالي البندقية، بحسب الحمادي، تتجاوز حدود الفن لتصبح قصة حب ملهمة تنسجم مع ألوان التنوع والتجدد بحيث «استطاعت كل من لطيفة سعيد والمها جار الله المشاركة في بينالي البندقية بأعمال، تتسم بتقديم رؤى فنية تتنوع بين الفن التجريبي والتعبير الثقافي، ورفعتا الستار عن قصصهما وتجاربهما بأسلوب مبتكر، يعبر عن تنوع الإبداع وعمق الفكر من خلال مواضيع متنوعة شملت الطبيعة، الهوية، الثقافة والبيئة».

المشاركة النسائية في بينالي البندقية روايات حيّة عن النساء وتجاربهن تستحق أن تكون في قلب المنافسة العالمية.

كما تلقي الحمادي الضوء على الأعمال المشاركة، أعمال لطيفة سعيد، «تأخذنا في رحلة سحريّة إلى عالم الطبيعة والبيئة، حيث تستخدم التفاصيل الدقيقة لتجسيد جماليات الطبيعة وتأثيراتها على البيئة، تتميز أعمالها بالابتكار والتجريبية، حيث تستخدم تقنيات فنيّة متقدمة لإيصال رسائلها الفنيّة بشكل مبتكر ومثير، وتقودنا أعمال المها جار الله في رحلة استكشافية عبر تاريخ وثقافة الإمارات، حيث تتجلى الهويّة والتراث في أعمالها بأسلوب متقن ومعبر، مع التركيز على التفاصيل الجمالية والتركيبات الهندسية التي تعكس جمال الثقافة الإماراتية وتاريخها الغني».

تتماهى السرديّات التي ترويها النساء مع البعد العالمي لبينالي البندقية، من خلال استخدامهن للوسائط المتعددة والتقنيات الحديثة حيث ابتكرن أساليب فنية جديدة للتعبير عن أفكارهن ومشاعرهن.

توجز الحمادي "أسهمت المشاركة النسائية في بينالي البندقية بتعزيز التبادل الثقافي وتعميق الفهم المتبادل بين الثقافات وجسّدت أعمال كلٍّ من لطيفة سعيد والمها جار الله مدى التوازن بين الأصالة والحداثة، ما جعلها تندمج بسلاسة مع السرديات العالمية التي تحتفي بالتنوع، وتسعى لتعزيز التفاعل الثقافي وبناء جسور التواصل العالمي».

إماراتيات يبدعن في بينالي البندقية 2024.. احتفاءً بتنوع الأصوات

وكانت ليلى بن بريك، مديرة الجناح الوطني لدولة الإمارات في بينالي البندقية، قد علقّت على المشاركة النسائية بالتأكيد على أنّ "فريق العمل النسائي يجسّد العنوان الرئيسي للاحتفال بالمرأة هذا العام (الاستثمار في المرأة: تسريع التقدم)، ويعمل فريقنا بجدّ لإظهار القصص غير المرويّة حول الفنون والعمارة في دولة الإمارات العربية المتحدة عبر مشاركته في معارض الفنون والعمارة الدوليّة التي ينظمها بينالي البندقية، مقدّماً منصّة رفيعة المستوى لاستعراض مفاهيم تنظيم المعارض التي تستضيف الحوارات الدوليّة البارزة من منظور محليّ متميّز».

ويعتبر الجناح الوطني لدولة الإمارات مؤسّسة مستقلّة غير ربحيّة، وتتولى مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان مهام المفوّض الرّسمي للجناح الوطني لدولة الإمارات في بينالي البندقية، وبدعم من وزارة الثقافة والشباب.

إماراتيات يبدعن في بينالي البندقية 2024.. احتفاءً بتنوع الأصوات

لطيفة سعيد: «شيطان الغبار»

كان بينالي البندقية قد أتاح للفنانة التشكيلية لطيفة سعيد الفرصة لنسج سرديتها ضمن«لوحة غنية تمثل انعكاساً واضحاً لجوهر منطقتي وتجسيداً لها من خلال عرض لظاهرة طبيعية، نراها في الصحراء الخليجية تحت عنوان «شيطان الغبار» بحيث يوضح نهجها البيئي الأنظمة البيئية المختلفة التي تجمع بين الطبيعية والحضرية والتكنولوجية».

تسعى لطيفة سعيد، من خلال أعمالها، إلى تجسيد شعرية العلوم، ما «يدعونا لعيش تجربة من التأمل بين المدينة والصحراء والنجوم»، ويقدّم تركيبها «دوامة ترابيّة» تجربة تكنولوجية وحسيّة مبتكرة تعتمد على السرد الأساسي لنشأة الكون، كما يتضمن العمل إشارة واضحة إلى أسرار الطبيعة في عصر الاحتباس الحراري، من خلال تنظيم التركيب في ثلاثة أجهزة مختلفة، تضمنت آلة دخان، وشاشة LCD وجهاز كهرومغناطيسي، تتجسّد هذه العناصر الطبيعية في مشهد صوتي خاص أضافته الفنانة لطيفة لينشر تأثيراً واضحاً في المكان.

إماراتيات يبدعن في بينالي البندقية 2024.. احتفاءً بتنوع الأصوات

وحول أثر مشاركتها في بينالي البندقية، بيّنت لطيفة سعيد "يعّد بينالي البندقية أهمّ الأحداث الفنيّة المرموقة على مستوى العالم، حيث يجذب عشاق الفن ومبتكري الأعمال الفنية والنقاد والمقيّمين الفنيين من جميع أنحاء العالم، يساهم عرض الأعمال في البندقية في تعزيز ظهور الفنان وترسيخ تقديره بشكل كبير في عالم الفن، وإنه لشرف عظيم أن أمثّل الفن من دولة الإمارات العربية المتحدة إلى جمهور عالمي، الفن هو الطريقة التي يتمّ بها تخليد الأمم، والفنان يجسّد العمود الفقري لأي حضارة".

وعند سؤالنا لها: ماذا أضافت هذه التجربة إلى مسيرتك الفنية؟ أجابت «يمكن أن يكون العرض في بينالي البندقية فرصة لتحديد المسار المهني للفنانين، حيث يقدم عرضاً وحواراً فنيّاً لا مثيل له، ويساهم في التطور الفني للفنان، ويجسّد ممارساتنا الفنية الإماراتية داخل مجتمع الفن. بالنسبة لأي أمة ناجحة، فإن أفضل ذكرى تتركها وراءها هي فنها وأدبها، هكذا تقاس الحضارات في الوقت الحاضر والمستقبل».

إماراتيات يبدعن في بينالي البندقية 2024.. احتفاءً بتنوع الأصوات

وكانت الفنانة المها جار الله علقت على مشاركتها في بينالي البندقية باعتبار أن «عرض الأعمال في بينالي البندقية بالتعاون مع فن أبوظبي يتسم بأهمية بالغة بالنسبة لي؛ بسبب تاريخ تجارة اللؤلؤ بين منطقتنا وأوروبا -خاصة البندقية- كان الغوص بحثاً عن اللؤلؤ من الأعمال الأساسية بالنسبة لاقتصادنا قبل الطفرة النفطية التي غيّرت طبيعة حياتنا، وأعتقد أن هناك حوارات مثيرة للاهتمام حول الهندسة المعمارية في كلا المكانين، وحول سياق عرض العمل التركيبي «ذاكرة خام»، في البندقية».

إماراتيات يبدعن في بينالي البندقية 2024.. احتفاءً بتنوع الأصوات

لا يمكن إغفال مشاركة الفنان سامو شلبي، أحد الفنانين من برنامج آفاق الفنانين الناشئين معرض «فن أبو ظبي»، حيث اعتبر أن مشاركته في بينالي البندقية «فرصة مدهشة لعرض أعماله على الساحة الدولية»، وتابع قائلاً: «هذه المنصات تمثّل مساحات حيويّة تمكّننا من تعزيز القدرات وتحدي كل ما هو تقليدي لنقدّم منظوراً متجدداً للفن والثقافة، وعملي «عوالم خفية» يدمج السرديات الشخصيّة ويعبّر عنها بالرسم والتركيب والعناصر متعددة الوسائط، وأهدف من خلاله إلى خلق تجربة غامرة تدعو المشاهدين للتعرف إلى الجوانب المعقدة للهوية والإدراك».

من مشاركات سابقة للإمارات في بينالي البندقية
من مشاركات سابقة للإمارات في بينالي البندقية

كانت المشاركة النسائية قد طبعت العديد من محطات بينالي البندقية في أعوامه السابقة، لأسماء نسائية بينها الفنانات الإماراتيات لمياء قرقاش وابتسام عبد العزيز وهدى سعيد سيف (2009)، الفنانة الإماراتية لطيفة بنت مكتوم، وهي مدير ومؤسس «تشكيل»، وريم الغيث (2011)، ونجوم الغانم، سارة الحداد، إلى جانب أسماء أخرى في الدورة 57 للمعرض الدولي للفنون في بينالي البندقية عام 2017، حيث صدر كتاب آنذاك بالتزامن مع المعرض اعتبر بمثابة «إضافة تأمليّة» للأسئلة التي طرحها المعرض، ومفاهيم اللعب والأداء وعلاقتهما بالفنون وشاركت فيه الدكتورة عائشة بالخير والدكتورة أوزما ريزفي، إلى جانب أسماء عدة منها شاركت في دورات لاحقة، بينها الفنانة الإماراتية فرح القاسمي (2021) وغيرهن من أسماء شاركن في برامج تدريبية في البندقية.