لعبت المعلّمة الإماراتية دوراً محوريّاً في تطوير المنظومة التعليميّة، وبرؤيتها الطموحة تمكّنت من وضع الأسس الأولى للتربية والتعليم التي تجاوزت حدود الصفوف الدراسيّة وامتدت لتكون شريكاً فاعلاً في صياغة الاستراتيجيّات والسياسات التي تعزّز من جودة التعليم..
في يوم المرأة الإماراتية، احتفت «كل الأسرة» بمجموعة من المعلّمات الإماراتيات اللواتي ساهمن في بناء الأجيال وتركن أثراً واضحاً.
الإماراتية قادرة على تقديم تعليم مميّز
تركت بصمة واضحة في مسيرتها في مجال التعليم قبل أن تبرز كواحدة من القيادات النسائيّة الإماراتية المتميّزة، تدرّجت من معلمة إلى وكيلة، ثم أوّل مديرة مدرسة نموذجيّة في الدولة، لتسهم في تطوير التعليم النوعي في الإمارات..
ترصد أمل العفيفي، الأمين العام لجائزة خليفة التربويّة، رسالة المرأة الإماراتية ودورها المحوري في تطوير منظومة التعليم وبناء الأجيال في الإمارات خلال سنوات عمر الدولة «في الميدان التربوي، لم تكتفِ المرأة الإماراتية بالمشاركة..
بل كانت دائماً في مقدّمة الصفوف، تسعى لتحقيق التميّز والابتكار في التعليم، فقد ساهم تواجدها في المواقع القياديّة التعليميّة في تعزيز ثقتها بقدراتها على قيادة التغيير الإيجابي، وبناء مجتمع متعلّم ومثقّف قادر على مواجهة تحدّيّات المستقبل..»..
تكمل «تمكّنت المرأة الإماراتية من تحقيق نتائج مبهرة من دورها كمعلمة، وموجّهة، ومديرة مدرسة لتثبت أنها قادرة على تقديم تعليم متميّز، يواكب التحدّيّات العالميّة ويساهم في إعداد جيل يمتلك المهارات والمعارف اللازمة لبناء المستقبل».
كما تؤكّد العفيفي «أن التميّز الذي تعيشه المرأة الإماراتية يرتقي كل يوم بدعم ومؤازرة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسّسة التنميّة الأسريّة «أم الإمارات»..
إذ تعتزّ المرأة الإماراتية بالجهد الرائد لسموها ورؤيتها الاستشرافية التي دعّمت مسيرة المرأة الإماراتية بصورة عامة والمعلّمة بصورة خاصة في تحقيق منجزاتها في مختلف الميادين.
بالإضافة إلى الجهود الرائدة للمؤسّسات الوطنيّة التي تحرص دائماً على أن تكون المرأة الإماراتية في مصاف الريادة والتميّز والإبداع، مسطّرة كلّ يوم منجزات وطنيّة في سجل المكتسبات الحضاريّة للمرأة الإماراتية».
للرعيل الأول من المعلّمات أكبر الأثر
من جانبها توضح، الدكتورة خولة عبد الرحمن الملا، رئيس هيئة شؤون الأسرة بالشارقة والأمين العام للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة، التي كرست 25 عاماً من حياتها المهنيّة للارتقاء بالتعليم في دولة الإمارات، بدأتها كمعلّمة..
ثم تدرّجت في مناصب عدة حتى وصلت إلى وكيلة، ومديرة مدرسة، وأخيراً مديراً تنفيذيّاً بوزارة التربية والتعليم في دبي «من كان يتصوّر وصول المرأة الإماراتية لهذه المكانة التي جعلت منها شريكاً أساسيّاً في عملية التنميّة ومحوراً رئيسيّاً في نهضة دولة الإمارات..
حيث أضحى حضورها اليوم في شتى الميادين مساويّاً لأخيها الرجل بل تعداه أحياناً في بعض المجالات لا سيما في نسبة الإماراتيات من حملة الشهادات العليا..»..
وتضيف «آمنت القيادة الرشيدة منذ قيام دولة الإمارات بقدرات المرأة وأهميّة دورها، وجعلت حقّها في التعليم مساويّاً للرجل، فهي التي أتمّت وهي على مقاعد الدراسة الدور الذي بدأته شخصيات مثقفة حملت على عاتقها رسالة التعليم قبل قيام الاتحاد..
فكان التحفيز والتشجيع من القيادة على رأسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» مؤسس الاتحاد، الذي دفع بكل الإمكانيّات لتمكينها ودعمها وفتح التخصّصات لها داخل وخارج الدولة من أجل إكمال تعليمها».
تكمل د. خولة الملا «كانت الفترة الأولى من الاتحاد هي فترة تقلّد الإماراتية مهنة التعليم التي أهّلتها لتتبوأ مناصب عليا أثبتت فيها قدرتها على أداء رسالتها التربويّة التي هي امتداد لثقافتها ودينها الذي آمنت به..
فكانت السبّاقة في تحمل الكثير من أعباء مهنة التعليم من أجل رسالة سامية، وضعت نصب عينها زرع القيم والمبادئ وحبَّ العلم في تلاميذها، وكان للرعيل الأول من العنصر النسائي التربوي أكبر الأثر في رسم سياسات التعليم، حيث كانت المرأة حاضرة ومشاركة في اللجان من أجل تحسين التعليم..
وكانت المبادرة في المساهمة في النهوض بالعملية التربويّة القائمة على تطوير أطرافها، ما أدى إلى تفوق جيل بأكمله على يدي معلّمات إماراتيات، ساهمن في حمل الأمانة وكان لهن الدور الريادي في نهضة تعليميّة كبيرة، تطوّرت على أثرها المناهج وطرق التدريس لتستمرّ هذه النهضة إلى عصرنا الحالي الذي يشهد مسيرة تربويّة رفيعة المستوى..
كما يجب ألا ننسى وجود المرأة في عمق صناعة القرار الذي ساهم في تحديث النظم والقرارات والقوانين التي ساندت المرأة المربيّة العاملة لتحقق التوازن بين عملها وأسرتها».
مساهمة المعلّمة الإماراتية في بناء العمليّة التربويّة
بدأت فوزية حسن غريب، مسيرتها المهنيّة كمعلّمة، ثم موجّهة، لتتدرّج بعد ذلك في عدة مناصب قياديّة في وزارة التربيّة والتعليم، تقول «يوم المرأة الإماراتية فرصة لاستذكار المسيرة العظيمة للمؤسّس الراحل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيّب الله ثراه»، وما حقّقه لهذا الوطن من نماء وبناء وتوجيهات ومبادرات استباقيّة استهدفت المرأة بجعلها شريكاً أساسيّاً في برامج التنميّة المستدامة، سواء على المستوى الوطني أو العالمي..
وسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنميّة الأسريّة «أم الإمارات»، التي كان لها دور فاعل في دعم المرأة الإماراتية لتكون مثالاً مشرّفاً يُحتذى به على مستوى العالم».
وتلفت «حرصت المرأة الإماراتية على النهل من العلم وشكّلت إحدى دعائم مجتمع الإمارات، فهي الابنة، والأخت، والأم التي تربي، وتبني، وتغرس القيم الأخلاقيّة والاجتماعيّة قبل أن تكون المعلّمة التي لعبت دوراً محوريّاً في قطاع التعليم وساهمت في بناء الدعائم الأولى للعمليّة التربويّة وتحقيق مستهدفات الدولة لمئويتها 2071 «التعليم للمستقبل» من خلال تعزيز تدريس العلوم والتكنولوجيا المتقدّمة..
لا سيما في مجالات الفضاء والهندسة والابتكار والعلوم الطبيّة والصحيّة، وترسيخ القيم الأخلاقيّة والتوجّهات الإيجابيّة، والقيم التي تُعلي من مستوى الاحترافيّة والمهنيّة في المؤسسات التعليميّة، وبناء عقول منفتحة على تجارب الدول المتقدّمة، ووضع آليّات لاستكشاف المواهب الفرديّة للطلبة منذ المراحل الدراسيّة الأولى، وتمكين المدارس لتكون بيئة حاضنة في مجال ريادة الأعمال والابتكار، وتحويل المؤسّسات التعليميّة في الدولة إلى مراكز بحثيّة عالميّة»..
تضيف «تولّي المرأة الإماراتية مناصب قياديّة في الوزارات والمؤسّسات والمجالس التعليميّة، أتاح لها الفرصة للمشاركة في صنع القرارات، حيث إن وجودها في هذه المناصب يضمن الأخذ بوجهات نظر متنوّعة وشاملة بعين الاعتبار عند وضع السياسات وأخذ القرارات التعليميّة».
إنجازات المرأة الإماراتية تجاوزت الأدوار التقليديّة
رغم تخصّصها في الكيمياء إلا أنها آثرت أن تترك بصمتها الخاصة في التعليم، حيث مارست العمل كمعلّمة، ثم موجّهة ومديرة نطاق ومدير لجائزة رأس الخيمة للتميّز التعليميّ..
هي موزة سيف الشامسي، رئيس جمعية الكيميائيين الإماراتية، التي توضح «إن شغف المرأة الإماراتية بالتعليم دفعها إلى تجاوز التحدّيّات وتحقيق طموحها الأكاديمي، فبينما اكتفى بعضهن بالعمل في التعليم الأساسي قبل تأسيس جامعة الإمارات، سافر العديد منهن لمواصلة دراستهن الجامعيّة، وما شهدته جامعة كلية التربية بعد تأسيس جامعة الإمارات من إقبال لم يكن فقط للحصول على تعليمٍ عالٍ، بل كان لهدف أسمى وهو نقل مسيرة التعليم إلى أيادٍ وطنيّة».
تضيف موزة الشامسي «أصبحت المعلّمة الإماراتية ركيزة أساسيّة في مجال التعليم، خاصة في المرحلة التأسيسيّة، حيث يوضع الأساس الفكري والتربوي والقيمي للطلاب، لقدرتها الفريدة المختلفة عن الرجل التي تعكسها المقولة الشهيرة «المرأة التي تهز المهد بيمينها، تهز العالم بيسارها»..
كما مارست دوراً محوريّاً في تطوير التعليم على كافة الأصعدة، بدءاً من استقطاب المعلمين، وإعداد المناهج، وتصميم أساليب التدريس، وصولاً إلى تنظيم الورش والدورات العلميّة والتربويّة، ومع تطور التكنولوجيا ودخول الذكاء الاصطناعي إلى الساحة التعليميّة..
كانت المعلّمة الإماراتية في طليعة هذا التحوّل، حيث قدّمت العديد منهن ورش عمل في الذكاء الاصطناعي داخل وخارج الدولة، كما تجاوزت إنجازاتها في التعليم الأدوار التقليديّة إلى إدارة مدارس الذكور».
المعلّمة الإماراتية جسرٌ بين الماضي والمستقبل
قضت الدكتورة أمينة الماجد، رئيس جمعية «المرأة سند للوطن»، 33 عاماً في المجال التربوي كمديرة وإدارية تحمل جميع صفات القيادة، تبين «خلال 23 عاماً من العمل في مجال الإدارة التربوية حرصت أن أقدّم كل ما بوسعي لخدمة المؤسسة التعليميّة، بإيجاد بيئة تشجع على العمل والنجاح فكنت الأخت والزميلة لمعلماتي، والصدر الحاني والأم التي ساعدت بناتها على تحقيق النجاح..
أبواب مكتبي مفتوحة لتنظيم الحاضرات، مناقشة القضايا واستقبال الشكاوى، فوجودنا في المنظومة التعليميّة لم يقتصر على التعليم بل امتد ليشمل التربيّة، حيث أخذت المعلّمة الإماراتية على عاتقها مسؤوليّة التركيز على دمج التعليم بالتربيّة مركّزة على بناء جيل يتمتّع بقدرات إيجابيّة من خلال غرس الهويّة الوطنيّة والمبادئ والقيم الأصيلة»..
تضيف «لم يتوقّف دور المعلّمة الإماراتية على التعليم التقليدي، إنما اتسع ليشمل الابتكار واستخدام التكنولوجيا المتقدّمة، وتزويد الطلبة بالمهارات والمعرفة التي هم بحاجة لها في سوق العمل..
فهي جسرٌ يربط بين الماضي والمستقبل، وبين الثقافة والتطوّر التكنولوجي، بالإضافة إلى سعيها الدائم إلى تطوير ذاتها وتمكينها، ركزت على الدراسات العليا واكتساب المهارات اللغويّة لتصبح نموذجاً وعنصراً يحتذى به في تحقيق التقدّم التعليمي في الدولة».