2 نوفمبر 2022

هل تمتلك الأسرة في الإمارات ثقافة مالية واضحة؟

محررة في مجلة كل الأسرة

محررة في مجلة كل الأسرة

هل تمتلك الأسرة في الإمارات ثقافة مالية واضحة؟

تبقى الأسرة البيئة الأولى التي ينشأ فيها الطفل، ويبقى الوالدان المصدر لأي سلوك يقدم عليه. وكما أنهما المسؤولان عن التربية الأخلاقية، تقع عليهما أيضاً مسؤولية التربية الاقتصادية.

في ورشة «ثقافة الأسرة المالية- المفهوم والتربية» التي نظمتها مكتبة زايد الإنسانية، أحد مبادرات عام زايد التابعة لمؤسسة التنمية الأسرية، تطلعنا الدكتورة آمنة الناخي، أخصائي الاستدامة وخبير المسؤولية الاجتماعية، على أهمية اقتصاد الأسرة في الإمارات والتربية الاقتصادية وإدارة الموارد المالية.

تبدأ د. الناخي الورشة بتوضيح أهمية إدارة الأسرة في تحقيق النجاح والاستقرار الاقتصادي وقدرتها على مواجهة التحديات المالية، تقول «تمكين الأسرة يبدأ من تمكين الفرد مادياً، واثقال كاهله بالأمور المالية والمادية ينتج عنه في اختلال الأدوار داخلها ويزعزع الشعور بالأمان وهي طبيعة بشرية صنفت ضمن نظريات عالم النفس الأمريكي أبراهام ماسلو الذي أشار إلى أنه أي «الأمان» من الاحتياجات الأساسية التي لا يستطيع الإنسان العيش بدونها حتى لو توافرت له كافة احتياجاته الفسيولوجية، وهنا تكمن أهمية تعزيز الثقافة المالية والمدخول المادي داخل الأسرة».

هل تمتلك الأسرة في الإمارات ثقافة مالية واضحة؟

هذا الطرح يقودنا إلى عدة تساؤلات منها: هل يمتلك المجتمع الإماراتي ثقافة مالية واضحة؟

تجيب د. الناخي «لا يوجد إلى الآن دراسة واضحة أو استبيان يكشف نسبة وعي المجتمع الإماراتي بالثقافة المالية، لكن أغلب الإشارات تدل على الحاجة لإقامة ورش ودورات للتوعية بمفهوم الثقافة المالية وزيادة الوعي بمسألة الإنفاق والادخار والاستثمار والتربية الاقتصادية الذي أصبح تحدياً جديداً لا يقل أهمية عن مفهوم التربية الأخلاقية والإيمانية والنفسية والرياضية في هذا الوقت».

وتكشف ارتباط مفهوم التربية الاقتصادية بالدين، فتقول «تحرص الأسر على أداء العبادات إلا إنها لا تمتلك الوعي الكافي بأهمية تعليم أبنائها المهارات الشرائية والمالية والاقتصادية التي هي أحد متطلبات مئوية دولة الإمارات 2071 بأن يكون اقتصاد الدولة اقتصاداً معرفياً، ما يستلزم امتلاك الأفراد والأسر معرفة اقتصادية أو مهارات ومواهب إنتاجية يمكن استغلالها لمنافسة دول العالم الأخرى. وقد كشفت إحدى الدراسات التي جريت عام 2009 أن معدل الإنفاق لكل أسرة مواطنة يتراوح متوسط دخلها الشهري ما بين 19000 إلى 20000 درهم بلغ 11 ألف و241 درهماً، بينما بلغ معدل إنفاق الأسرة الوافدة التي يتراوح متوسط دخلها ما بين 10000 إلى 15000 درهم، يبلغ 10000 درهم، مما يكشف ارتفاع حجم الإنفاق مقابل الادخار».

هل تمتلك الأسرة في الإمارات ثقافة مالية واضحة؟

لكن هل يدرك المواطن معنى الاقتصاد المعرفي والتربية الاقتصادية ومتى يجب أن تبدأ؟

تشير د. الناخي إلى أن «الإنفاق أو التعامل مع المال وترشيد الاستهلاك والتخطيط المالي جميعها عادات تكتسب في مرحلة الطفولة المبكرة واتباع مقولة (اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب) تعني غياب الثقافة المالية والجهل بقيمة المال، فكل شيء يبدأ بالتدريب».

توضح «تغير وتيرة الحياة بعد أزمة (كوفيد- 19) وتغير ظروف سوق العمل التي تسببت بإغلاق بعض المؤسسات وتحول القسم الآخر إلى نظام العمل الإلكتروني بدلاً من الحضوري، كشف تأثير التربية الاقتصادية في قدرة الأفراد على التأقلم مع التغيير الجديد».

لكن كيف نغرس مفهوم التربية الاقتصادية؟

تكشف د. الناخي «كل شيء يبدأ بالتدريب، فتدريب الأبناء على ترشيد استخدام الموارد في البيت على سبيل المثال إغلاق التيار الكهربائي بعد مغادرتهم الأماكن أو ترشيد استهلاك الماء جميعها سلوكيات تعزز الجوانب المالية عند الأبناء».

السلوكيات المرفوضة عند التخطيط المالي

تكشف د. الناخي «من المهم أن يسود الوضوح بين أفراد الأسرة، خاصةً فيما يتعلق بالقضايا المالية، ومصارحة الأب أفراد أسرته بحقيقة الجانب المالي ووضع خطة مالية تجنب الأسرة الديون من خلال تحديد أوجه الإنفاق وزيادة الدخل المادي للأسر باستغلال مواهب الأبناء. فقد رصدت وزارة الاقتصاد مبالغ وضعت لرعاية ودعم المشاريع الصغيرة والمبتكرة».

توضح «توجد الكثير من الطرق والأساليب التي تساعد على توجه الأبناء للتعامل مع المال بالشكل الصحيح منها القصص والأحاديث التي تبرز أهمية ترشيد الاستهلاك والتوفير، وعقد الندوات والورش، وتضمين مادة التربية الاقتصاد في المدارس والجامعات، وأن يكون الأب والأم القدوة في التوعية بثقافة الادخار باتباع ممارسات صحية في مسألة التعامل مع المال واتباع أسلوب الحفظ والتلقين والتدريب والمتابعة والتوجيه لضمان بناء مجتمع واعي اقتصادياً».

تأثير الـ«سوشيال ميديا» ومنصات التواصل الاجتماعي

لا تخفي قوة تأثير الـ«سوشيال ميديا» ومنصات التواصل الاجتماعي وما يقدمه المؤثرون من مواد تغري المتابع لشراء ما يحتاج وما هو ليس بحاجة له، تكشف «رصدت إحدى الدراسات التي أجريت في فنلندا أن 78 % من متابعين الـ «سوشيال ميديا» يتأثرون وبشدة بما يطرحه المؤثرون، فيما رصدت دراسة أخرى أن أكثر من 70 % نسبة تأثر الأشخاص بالـ «سوشيال ميديا» مقارنةً بنسبة التأثر أثناء متابعة إعلانات التلفزيون، وفي دراسة أخرى أجرتها جامعة هارفرد تبين أن 59% من الأشخاص يتبضعون دون أن تكون لهم نية الشراء، فيما أشارت دراسة أخرى أن 37% من الأشخاص فقط يدركون حاجتهم للشراء».

 

مقالات ذات صلة