10 أكتوبر 2022

إنعام كجه جي تكتب: سعادة أن تكوني حزينة

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس.

إنعام كجه جي تكتب: سعادة أن تكوني حزينة

قبل سنوات نشرت سوزان كين كتاباً بعنوان «قوة التحفظ» وبيع منه 4 ملايين نسخة. والمؤلفة خبيرة أميركية تتعهد الشخصيات بالرعاية النفسية وتتجول في أنحاء الولايات المتحدة لتلقي المحاضرات وتلبي الدعوات في الجامعات. إنها باختصار تبشّر بعكس ما يدعو إليه أنصار الطاقة الإيجابية وتنمية السلوك الاجتماعي.

هل أنت متحفظة في علاقاتك وتصرفاتك؟
تميلين إلى التكتم ولا تبوحين بخفايا قلبك وأفكارك لأي كان؟
هل تشعرين بالحزن في سويعات كثيرة وبالرغبة في الانطواء على الذات؟

إذا كانت هذه الصفات تنطبق عليك فإن سوزان كين تقول لك بالصوت العالي إن الحزن من حقك، وهو ليس نزعة تبعث على الخجل أو التشاؤم.

كانت أمهاتنا يعتبرن البكاء نوعاً من العلاج النفسي والتنفيس عن الكرب. الدموع تغسل الأحزان وتخفف من احتقان القلب الملآن.

وها هي الخبيرة الأميركية تعود إلى الضوء بمناسبة صدور كتاب جديد لها بعنوان «سعادة أن تكوني حزينة». إنها تؤكد على نظريتها السابقة في احتياج المرء للتكتم والمعاناة الذاتية السرية.

كتاب «سعادة أن تكوني حزينة»- سوزان كين
كتاب «سعادة أن تكوني حزينة»- سوزان كين

إن الأمر لا يقتصر على من يمرون بفترة عصيبة أو بفقدان شخص عزيز بل قد يكون نافعاً للجميع.

لماذا؟

لأننا نعيش محاصرين بالدعوات إلى نفخ طاقاتنا الإيجابية. وهناك مئات الرسائل التي تصل على الهواتف ومواقع التواصل لتشجيع نبذ الأصدقاء المحزونين والإبقاء على من يحمل لك الفرح والتسلية والحبور. يقولون لك إن الضحك يطيل العمر وإن الكآبة تسرع في الشيخوخة وفي رسم التجاعيد على الوجوه.

لكن هذه الدوامة من الحث على التفاؤل لا تناسب الطباع البشرية دائماً. والمثل يقول إن الزائد أخو الناقص. ومثلما نسعى إلى اللقاءات السعيدة والمنفتحة فإننا نحتاج مساحة للانفراد بالنفس، أي «ساعة لقلبك».

تشرح سوزان كين في كتابها أنها كانت تميل لسماع الموسيقى والأغنيات الحزينة. وتبعاً لذلك حاولت أن تفهم سر الراحة التي تشعر بها بعد سماع تلك الموسيقى.
لماذا يسعدها تذكر الماضي والحنين لأوقات مضت؟

وخلال بحثها وجدت أننا نتربى على ثقافة البحث عن الحياة المثالية، ويهاجمنا الغم حين نفشل في بعض تفاصيل حياتنا ونعجز عن بلوغ ما نشتهيه.

هل من الضروري أن نحقق كل ما نحلم به ونكون سعداء في العمل والحب والعائلة والصداقات؟

إن الكمال مستحيل لبني البشر، ومطبات العيش كثيرة. لكنها ليست فشلاً بل تجارب عادية علينا أن نتعود التعايش معها وتحملها بدل الندب وتبخيت الذات والقول إن سوء الحظ قدر من الأقدار. هناك دائماً موازنات في حياة كل منا. وقد يملك المال من لا يملك الصحة. أو ينجح في المهنة من يفشل في تكوين أسرة دافئة.

ليس عيباً أن يكون المرء هشاً أو ضعيفاً في وقت من الأوقات. وأن تزرعي الحزن في حديقة داخلية وتسقيه بالعبرات لهو نوع من أنواع الارتياح والبهجة السرية. ليس من المعقول أن يتألف المجتمع المثالي من «سوبرمانات» مصفحة المشاعر لا يخترقها الرصاص.

 

مقالات ذات صلة