18 ديسمبر 2022

كيف تتعايش الزوجة مع قسوة زوجها؟

محررة متعاونة

كيف تتعايش الزوجة مع قسوة زوجها؟

خبراء الطب النفسي والعلاقات الزوجية يؤكدون دائماً أن القسوة والتعنت من أكثر الأمور التي تجعل الزوجة تفر بعيداً عن زوجها، فالمرأة بطبيعتها كائن عاطفي تبحث دائماً عن الحنان لكن عندما تكون قسمتها ونصيبها مع رجل قاسي الطباع تنقلب حياتها رأساً على عقب وتضيع كل أحلامها في الحياة السعيدة التي كانت تحلم بها.

ورغم أن القسوة والتعنت من أهم الأسباب المشتركة في حالات الطلاق إلا أن الطلاق ليس متاحاً للجميع فهناك زوجات لا يسارعن بالانفصال عن الزوج القاسي ويتعايشن مع الأمر على أنه قدر ونصيب يجب تحمله.

كيف تتعايش الزوجة مع قسوة زوجها؟

طرحت «كل الأسرة» عدداً من التساؤلات حول التعامل مع الزوج القاسي والمتعنت على مجموعة من خبراء الطب النفسي والعلاقات الزوجية وسألتهم: كيف تتعايش الزوجة مع قسوة زوجها دون التفكير في الطلاق؟

أسباب القسوة بين الأزواج

بداية تؤكد الدكتورة نجلاء نبيل مستشارة العلاقات الزوجية والأسرية وخبيرة التنمية البشرية في مصر أن قسوة الزوج من أكثر الصفات السيئة التي ترهق شريكة الحياة وتكدر صفو العلاقة بينهما وقد يصل الأمر في النهاية إلى استحالة العيشة بينهما ... ولكن يجب أن نتذكر دائماً أن الزواج رباط مقدس ويجب على الزوجة المحبة التعامل مع عيوب زوجها بحكمة وصبر.

القسوة والصرامة لا يتعارضان مع الحب والرومانسية فلا تفقدي الأمل

وتقول د. نجلاء «بلا شك فإن سوء معاملة الزوج لزوجته والتعامل معها بشكل قاسٍ وعدم وضعها في مكان التقدير والاحترام، يسبب لها الكثير من المشاكل النفسية والأزمات التي قد تنتهي بها إلى طلب الطلاق فالمرأة إنسانة لها حاجات نفسية واجتماعية يجب أن تلبى، وقسوة الزوج عليها تكون سبباً من أسباب الشعور بالنقص عند المرأة، فتلجأ لوسيلة الرفض وطلب الطلاق للتغلب على هذا الإحساس، وللشعور بالذات وبالأنا».

وتنصح د. نجلاء نبيل الزوجات اللاتي يكون من قدرهن التعامل مع زوج قاسي الطباع بالتحلي بالهدوء فهو أساس لحل جميع الانفعالات والمشاكل العصبية «لذا عليك بالتروي والتصرف بذكاء مع زوجك حاد الطباع والتعامل معه بعطف وحنان. ولا تبخلي عليه بالمشاعر والحب بسبب قسوته عليك فإن تعبيرك عن مشاعر الحب والاحترام من شأنه أن يجعل زوجك يشعر بالسعادة والرضا فيلين قلبه. وعلى الزوجة أن تصبر على زوجها قدر المستطاع وعدم إهانته لتكسب قلبه وحبه ويتخلص من القسوة».

وتطالب الاستشارية الأسرية الزوجات بعدم التسرع من الحكم على الزوج بأنه قاسي القلب في بداية الزواج وتطالب كل زوجة أن تتعلم الكتمان منذ اليوم الأول فتبدأ حياتها الزوجية مع زوجها والتي لا يتوقع أن تكون وردية على الإطلاق بالتحمل فلا تشتكي لأسرتها ولا تفشي أسراره لأنه بذلك سيقدر لها الزوج ذلك ويعدل من سلوكه من أجلها وحتى لا يضايقها، والزوجة عليها أن تفكر في بيتها وزوجها وأولادها تنشغل بهم ليل نهار ولا تبحث لنفسها تطلعات تأخذها بعيداً عنهم.

كما تطالب الأسر بتوعية أبنائها قبل الارتباط بوسائل التعامل مع الزوج أو الزوجة الناشز التي تحتاج لإصلاح ، وتقول «هذا ليس معناه أننا ضد الطلاق في بعض الأحيان لكن إن شاء بعضنا أن يطلق أو ينفصل فليطلق ولكن عند وقوع أسباب تستحق الطلاق، وبعد محاولات الصلح والوفاق».

كيف تتعايش الزوجة مع قسوة زوجها؟

التعايش أفضل والحلول بسيطة

ويتفق معها الدكتور حسام الوسيمي ، خبير علم النفس بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ، على أن طبيعة الرجل الشرقي تجعله يميل بشكل كبير إلى القسوة وحب السيطرة في تعاملاته مع زوجته وذلك يرجع إلى أسلوب التربية الذي نشأ عليه وصورة الأب التي يعتبرها الرجل النمط الذي ينبغي أن يعيش عليه.

لكنه يرى أن الرفق واللين بين الزوجين أهم ركيزة لتحقيق الاستقرار الأسري لأنه يخلق بيئة صالحة للتعايش ويجعل كل طرف مصدر سعادة للآخر ويكون ذلك باستخدام لغة حوار مهذبة للنقاش بعيداً عن أي ألفاظ خارجة أو نابية خاصة خلال الخلافات.

ويبين «الزوج حاد الطباع القاسي يحتاج بشدة للشعور بالاهتمام والتقدير من زوجته باستمرار لذلك من الأفضل للزوجة انتهاز جميع الفرص للتعبير للزوج عن حبها له ويجب عليها أن تحرص على إبداء آراء إيجابية وصادقة عن مظهره وأفعاله حتى البسيطة منها ولكن دون مبالغة في المدح، حتى لا يزداد الأمر سوءاً فاهتمامها به هو المفتاح الأول للتعامل معه وكسب ثقته وكسر قسوته وتليين قلبه».

التعايش مع الزوج القاسي أفضل كثيراً من الطلاق وتبعاته

ويطالب الدكتور حسام الوسيمي الزوجة دائماً بمحاولة المحافظة على هدوء أعصابها عند الدخول معه في مناقشة والأفضل لها أن تتحدث معه دائماً بأسلوب هادئ ومريح «لا تحاولي إثارته ولكن جادليه بالتي هي أحسن فطريقتك في النقاش معه تنعكس بشكل كبير على ردود فعله وتصرفاته معك ، فالشخص القاسي لا يلين عندما تواجهينه بالانتقادات المباشرة وكذلك الكلام الحاد والصوت المرتفع اختاري الوقت المناسب للتحدث معه والإفصاح له عما داخلك بطريقة لطيفة وصوت هادئ».

ويرى الدكتور الوسيمي أنه يجب على جميع الزوجات التروي وعدم التسرع بالحكم على الزوج بالقسوة وعدم الخلط بين القسوة والشخصية القوية ، ويرى أن الزوجة عليها أن تحب زوجها وتتعايش على حياتها معه حتى ولو كان حاد الطباع على الأقل من أجل أولادها ولأنه والدهم ، وأن تكمل رسالتها فما يزال عليها الكثير من الواجبات تجاههم حتى تطمئن إلى مستقبلهم.

والأفضل لها قبل التسرع بطلب الطلاق أن تحاول مراراً وتكراراً التعايش مع الزوج متناسية كل ما يمر بها لتستمر الحياة بينهما، ولا أحد يعرف كيف ستكون حياتها بعد الطلاق وتفكيك أسرتها.

الأحلام الوردية تفسد العقول أحياناً

ومن جانبها تطالب الاستشارية الأسرية الدكتورة هبة عيسوي ، أستاذة الطب النفسي بجامعة عين شمس ، كل زوجة بألا تضغط على نفسها كثيراً بالتفكير في قسوة زوجها وكيف تحول زوجها لرجل يشع حناناً ورومانسية بل على العكس عليها التفكير دائماً في كيفية إسعاد نفسها الآن وإسعاد أولادها أيضاً والتأقلم مع عصبية الزوج وقسوته بعدم إثارة المشكلات معه.

وتوضح «لكنني أريد التأكيد على الزوجة ألا تشطح بأفكارها عن الحياة الزوجية وتتخيل أنها يجب أن تنتظر الورود والهدايا كل يوم من الزوج وإذا لم يفعل ذلك تصفه بالقسوة عليها فالحياة الزوجية لا تقوم على القبلات والأحضان والهدايا ولقطات الحب والهيام فقط ولكن هناك أدواراً أخرى مثل السعي للعمل وتوفير احتياجات المنزل وتربية الأطفال، فالحياة الزوجية ليست كما نشاهدها في أفلام السينما أو في المسلسلات الرومانسية الملأى بالعاطفة».

الأحلام الوردية ليس لها مكان في حياتنا اليومية وتكون سبباً في تنغيص حياتنا

وتنصح "تقبلي زوجك كما هو وتعاملي مع طباعه على أنها واقع يجب أن تعيشيه ولا تنتظري منه أن يراجع كل تصرف معكِ قبل فعله فتراكم المسؤوليات التي يتكبلها على عاتقه كثير جداً بينما تكون الزوجة غارقة في أحلامها بالحبيب الرومانسي الذي كانت تنتظره وتقارنه بغيره ممن تراهم على شاشات التلفزيون والسينما وتقرأ عنهم في قصص الحب العاطفية".

الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي والعلاقات الأسرية بالقاهرة، يرى هو الآخر أن المرأة حالمة بطبيعتها، وأكثر النساء يفكرن بعواطفهن أكثر من عقولهن فنجد المرأة تبحث دائماً عن الحب والرومانسية في صفات شريك أحلامها، وتنظر إلى كل لفتات الحب والشوق الصادرة منه وكلما زاد شعورها بحب زوجها كانت الحياة أكثر استقراراً وسعادة بالنسبة لها.

فهي تنتظر أن يتغزل بها ويمدحها ويعبر عن حبه في جوانب عديدة، فالحب بلسم الحياة الزوجية وكفيل باستمراريتها وإطفاء أي خلافات قائمة، وبمجرد أن تشعر المرأة بأنها مهملة وغير محبوبة فإنها تثور كبركان ملتهب، ولكن يجب ألا تستسلم الزوجة سريعاً لقسوة زوجها وعليها أن تجرب كل أنواع الحنان مع ذلك الرجل وتقدم له نموذجاً متناقضاً تماماً مع شخصيته القاسية ربما تقوّم سلوكه نوعاً ما، وتساعده على الحد من تلك الصفات القاسية على قدر الإمكان.

الزوج الحنون رزق فعلاً ولكن ابحثي عن إيجابيات زوجك وامنحيه الحب رغم قسوته سيلين!

ويلفت الدكتور جمال فرويز إلى أن الرجل مهما يبدو قوياً، قاسياً وصلباً، فإنه يحتاج إلى عطف المرأة، فهو بداخله كالطفل يحب أن يتدلل على زوجته فيلجأ إليها في السراء والضراء ويتعطش لحبها وحنانها، فمثلما تريد المرأة رجلاً تشعر معه بالدفء والأمان أيضاً يرغب الرجل في الحصول على نفس الشعور مع الأنثى، لذلك يجب أن تمد الزوجة شريكها بالعاطفة لكي يظل قريباً منها ولا تطغى مشاعر القساوة على سلوكياته معها.

ويطالب أستاذ الطب النفسي الزوجات بتقدير ظروف الأزواج إذا ما كانت القسوة ليست هي الوضع المعتاد من الزوج، فأحياناً يتعرض الزوج لبعض الضغوط تجعله يشعر بالقلق والإحباط خاصة في ظل التفكير الدائم في كيفية الحصول على المال وفي حالة عدم تمكن الزوج من تغطية كافة النفقات فتزداد المشاكل فتؤثر سلباً في العلاقة الزوجية.

ويحذر الدكتور فرويز الأزواج والزوجات من الاستهانة بالقسوة بين الزوجين فهي للأسف تقطع المودة والرحمة بينهما وتؤدي إلى الطلاق وإن لم يحدث الطلاق فإنها تخلق نوعاً من أنواع الانفصال الجسدي والروحي وكره الزوجة للمكان وهذا التأثير يختلف من شخصية إلى أخرى، وهنا يكون الطلاق أفضل للطرفين فلا يجوز لهما الاستمرار في علاقة تشوههما نفسياً وتدفعهما لارتكاب العديد من الجرائم.