الشيف سارة الصغيّر: حلويات عيد الفطر المبارك تحمل أطياف الفرح.. ومعمول جدتي كان رفيق طفولتي
نجحت الشيف سارة الصغيّر، وهي مطوّرة وصفات، وفائزة ببرنامج تحدي الطبخ 2022، في أن تحدّد لها هوية مميزة في عالم المطبخ، وأن تقودنا إلى عوالم مفعمة برائحة الأصالة، مع لمسة ابتكارية.
في لقائنا معها بمناسبة عيد الفطر المبارك، تصحبنا الشيف سارة إلى رحلة من النكهات الخاصة بالعيد، وتعود بنا إلى معمول «جدّتها» الذي ما زالت تتحسّس طعمه حتى اللحظة:
أنت مطوّرة وصفات وحصلت على جائزة تحدّي الطبخ في 2022، من أين استقيت حبك للمطبخ؟
قد يكون شغفي بالمطبخ بعيداً عن مجال دراستي. فأنا خريجة علوم كومبيوتر، لكن عشقي للمطبخ دفعني إلى التعمق في هذا المجال أكثر. فهناك طهاة كبار درسوا هذا المجال أكاديمياً، وتكونّت لديهم الخبرات العملية، وأكنّ لهم كل الاحترام، يزعلون عند إطلاق لقب الشيف علينا. قد أتجنّب في العديد من المرات استخدام مسمّى «الشيف»، لكن الناس من حولي يعرّفونني بكوني «الشيف سارة».
فأنا أطبخ وأجرّب وصفات مذ كان عمري 13 عاماً، ولطالما تملكني الحب والشغف للمطبخ، وقد ازداد هذا الشغف وتطور مع مرور الأيام، حيث أحاول تطوير مهاراتي وتقنياتي، يوماً بعد آخر.
كمطوّرة وصفات، كيف تزاوجين بين التطوير والحفاظ على النكهات التقليدية؟
قبل كل شيء، لا بدّ من القول إنني أعشق المطبخ الفلسطيني، والمطبخ الأردني، والمطبخ الشامي، بشكل عام، بحيث أشعر بأن هذه المطابخ تحتوي على أطيب النكهات التي يمكن للفرد أن يتذوّقها.
مسمّى «مطوّرة وصفات» جاء نتيجة حبّي لنقل وتطوير أطباقنا التقليدية، مثل المسخن، فطائر الزعتر، وغيرهما، من الأطباق التقليدية، إلى مستوى آخر، وإضافة لمسات جديدة تحاكي بعض التطوير، مع الحفاظ على النكهات التقليدية التي لا غنى عنها.
ما طبيعة هذا التطوير؟
على سبيل المثال، هناك فطائر الزعتر التي يمكن صنعها على شكل «بان كيك»، بحيث تكون سهلة، ومفيدة لاستخدامها في الوجبات المدرسية لأطفالنا، فضلاً عن السرعة في إعدادها بالمقارنة مع الأطباق التقليدية التي تستغرق وقتاً طويلاً وخطوات ومكونات كثيرة بحيث نحاول الاختصار ونستحضر النكهة نفسها بطبق سهل وسريع يواكب العصر.
بمناسبة عيد الفطر المبارك، ما أهم حلويات التي ترافق هذه المناسبة سواء لجهة إعدادها أو تفضيلها؟
بالتأكيد، لا غنى عن المعمول وكعك الأساور الفلسطيني بزيت الزيتون الذي أحبه كثيراً ويواكب عيد الفطر المبارك وشهر رمضان وحتى الأيام العادية.
أفضّل المعمول بالدرجة الأولى وبالأخص معمول «تيتا» (أي جدتي)، رحمها الله. للآن، ما زلت أستشعر مذاقه في فمي وحتى أني حاولت أن أطلع على الوصفة من أمي وكيفية صنع جدتي له وجرّبته ولم أتوصل إلى الطعم نفسه الذي رافق طفولتي، كما أن كعك الأساور من الحلويات المفضلة في العيد.
هذه الحلويات قد تتمايز عن حلويات الشهر الفضيل بحيث جل حلويات رمضان تكون مشبّعة بالقطر، أو الشيرة، مثل القطايف، والعوامة، وأصابع زينب، وقد نحتاج في العيد إلى حلويات سهلة وخفيفة على المعدة. ولا ننسى التمر المحشي الذي يتم تخصيصه للضيافة بشكله الرائع وألوانه الجذابة.
الأطباق الشهيّة هي نتاج تمسّكنا بنكهاتنا الأصيلة
بالنسبة إلى الحلويات الإماراتية، هل استقيت منها بعض التقنيات في تطوير وصفاتك؟
في مجال تطوير الوصفات لم أعمل على تطوير الوصفات الإماراتية، ولكن لا بد من الاعتراف بأن «العوامّة»، أو اللقيمات، تتسيّد المائدة الرمضانية، وهذه من العادات التي استقيناها من الشعب الإماراتي الحبيب.
وفي خارطة للمستقبل، قد أسعى لتطوير وصفات وحلويات إماراتية، بما يحافظ على النكهة الأصيلة للوصفة، ويواكب مساري في تطوير نفسي لأكون في مكانة أفضل.
البساطة «سرّ الطعم»
ما التقنيات الخاصة بالشيف سارة الصغيّر التي تستخدمها وتوصلت إليها بعد بحث؟
صراحة، لا أحب أن«أتفلسف» في هذا المجال، فأنا أعتمد البساطة دوماً، وأعتبرها «سرّ الطعم» بحيث لا أحبّذ إضافة الكثير من التوابل على أطباقي لأتركها (أي الأطباق)، تتحدّث عن نفسها، لأنّ كثرة استخدام البهارات تضيع النكهة الأصلية لمكوّنات الطبق.
ولكن لا بد من الأخذ في الاعتبار استخدام مكونات ذات جودة عالية، مصحوبة بتقنيات صحيحة، بسيطة، لأن البساطة، أعيد وأؤكد، هي التي تقودنا إلى الحصول على الطعم الأصيل، والنكهة اللذيذة. فأجدادنا وجدّاتنا الذين استقينا منهم كل تلك الأطباق الشهيّة، كانوا يستخدمون مكوّنات بسيطة من الأرض، ومن بيئتهم المحيطة، ومنها زيت الزيتون، الطحين، السميد، وهذه النكهات الأصيلة هي التي تزودنا بالطعم الشهي للأطباق. أدعو إلى العودة للأصالة وللتقنيات التي كان يستخدمها أجدادنا في السابق، ما يقودنا إلى إنتاج الكثير من الأطباق الشهية.
ثمّة حلويات تدخل التوابل والمكسّرات ضمن مكوناتها، هل تعتمدين هذه الطريقة؟
أكثر التوابل التي تليق بالحلويات هي القرفة، الهيل، اليانسون، والشومر، وأنا أستخدمها، وكذلك المحلّب يعطي طعماً شهياً ومميزاً للقطايف «للكعب»، ولا ننسى المستكة باعتبارها من المكونات الرئيسية التي تدخل في الحلويات، العربية والشرقية.
أسرار العجينة الهشّة
للحصول على عجينة هشّة خاصة بالحلويات، ما الأسرار التي يمكن تزويدنا بها؟
العجينة الهشّة تختلف بالنسبة إلى الحلويات عن العجينة التي تستخدم في إعداد الموالح، أو المعجنات، ومنها البيتزا والفطائر.
الملاحظة الأولى هي عدم المبالغة في العجن للحلويات، وتقليل مدّة العجن فيها لمجرد مزج المكوّنات، لأننا لا نريد تفعيل الغلوتين، ونعكس المعادلة في الموالح لجهة العجن بقوة.
كما أن ثمة تقنية لا بد من اعتمادها وهي عدم إبقاء الحلويات لوقت طويل في الفرن، لأنها تخسر من السوائل، ونحصل على حلويات جافة، وعلى سبيل المثال، عند خبز الكعك يتّم إعداده على درجة حرارة 250 لنحصل على كعك مثالي، ولا نطيل عليه الوقت في الفرن شرط أن ندخله في فرن محمى مسبقاً، وهذه خطوة جدّ مهمة في كل الحلويات، مع ضبط درجة الحرارة حسب الوصفة التي نعدّها.
هناك مكونات مشتركة تستخدم للحلويات، كيف يتّم اختيارها؟
نعم. فهناك الزبدة، السمن، الطحين وهي المكونات الأساسية التي يجب أن تتمتع بجودة عالية. فمن المهم اختيار دقيق لا يحتوي نسبة بروتين عالية، لا تتجاوز 8 إلى 9 جرامات في الحلويات، في حين أنّ نسبة البروتين تلك يجب أن تتجاوز الـ12 جراماً في حال إعداد الموالح، والمعجنات، كما يجب الأخذ في الاعتبار جودة نوع السمن والزبدة الحيوانية وتفادي السمن النباتي في الحلويات، لكونها لا تزوّدنا بالطعم الدسم، ولكون السمن النباتي يكون ممزوجاً بزيوت مهدرجة لا نعرف مكوناتها، واستخدام السمن الحيواني يعطينا الطعم والقوام المناسبين.
هل هناك إمكانية للتجهيز المسبق للحلويات أو حتى وضعها في الثلاجة؟
بالتأكيد يمكن ذلك، ولكن الحلويات لا يمكن أن تحتفظ بجودتها ونكهتها في حال وضعها في الثلاجة. يمكن تطبيق ذلك بنجاح على الموالح، مثل الفطائر والمعجنات، وحتى يمكن «تفريز» طبخات كاملة من الشوربات واليخاني.
ولكن بالطبع، هناك حلويات يمكن تحضيرها مسبقاً، ومنها المعمول حيث بالإمكان تجهيز العجينة والحشوات قبل يوم، ما يسهل علينا العمل فيها في اليوم التالي، كما يمكن تحضير الكريمة، وكسر البسكويت، في حال رغبنا في إعداد الـ«تشيز كيك»، وغيرها من التجهيزات التي تتماشى مع المتطلبات.
اقتراحات لـ«حلويات صحية» في العيد
في عيد الفطر يكتسب الفرد وزناً زائداً وحتى خلال الشهر الفضيل، هل هناك حلويات صحية معينة أو خفيفة تنصحين بها؟
ليس هناك أفضل من التمر، سواء خلال الأيام العادية، أو في رمضان، أو في عيد الفطر المبارك. فالتمور غنية بالعناصر الغذائية والصحية، ولا تحتوي على سعرات حرارية عالية في حال تناول كمية معقولة، وحتى يمكن إدخالها في بعض الحلويات الخفيفة، منها رولات التمر بالبسكويت، وهو طبق يغنينا عن المعمول، حيث إنّ طعم الرولات قريب من المعمول، وهي تعدّ كعجينة التمر من دون النواة، وتفرد وتوضع فيها قطع من البسكويت، ويمكن استخدام البسكويت الصحي، أو المخصص للدايت، أو منخفض الكربوهيدرات، ونلفّها على شكل رول، ونقطعها، ونغلّفها بالمكسرات التي تحتوي على قيمة غذائية مرتفعة.
ما السر الأكبر لنجاحك وما رسالتك في عيد الفطر المبارك؟
سرّ نجاحي أنني شغوفة بما أقدمه، وآمنت بنفسي، وأحمد الله على وصولي إلى هذه المرحلة، وأحاول دوماً تطوير مهاراتي، يوماً بعد آخر، ولا أغفل دور أسرتي وعائلتي في دعمي للاستمرار في هذا المجال.
وبمناسبة العيد، أقول «كل عام وأنتم بألف خير، وأن يعاد عليكم وعلى جميع أمة محمد بالصحة والعافية، على أمل أن تحمل لنا الأيام القادمة بشارة خير وفرج».
وصفات ذات صلة:
- معمول السميد.. من الشيف سارة الصغيّر
- أصابع التمر (كليجة) ومعمول التفاح بالجوز.. من الشيف سارة الصغيّر
- رول التمر بالبسكويت.. من الشيف سارة الصغيّر
- الحلقوم.. من الشيف سارة الصغيّر
- مقروطة.. من الشيف سارة الصغيّر
تصوير: السيد رمضان ومن المصدر