الرائد عتيقة الظاهري: الإنقاذ البحري عمل إنساني هدفه السامي يتحقق بسلامة الأرواح
جاء اختيارها لمجال العمل بناء على موقف مرت به في طفولتها، فبعد أن كادت تتعرض للغرق في عمر 11 عاماً لم تمارس السباحة بعدها لفترة طويلة، لتقرر كسر الخوف من ارتياد البحر بالالتحاق بالفريق النسائي لقيادة الزوارق البحرية بشرطة دبي، لتصبح الرائد عتيقة مصبح الظاهري، أول ضابط من العنصر النسائي تعمل في قسم الإنقاذ البحري، وكذلك أول ضابط من العنصر النسائي تكلف بمهام ضابط مناوب القوة..
التقيناها لنتعرف إلى طبيعة عملها ومحطاتها المختلفة في العمل الشرطي:
تعملين في مجال الإنقاذ البحري وتعدين أول ضابط من العنصر النسائي بشرطة دبي يقتحم هذا التخصص، فما سبب اختيارك له دون غيره؟
عندما كان عمري 11 عاماً لم أكن أتقن السباحة، وتم إنقاذي من الغرق، وبعدها لم أمارس السباحة لوقت طويل نتيجة هذا الموقف الذي شعرت معه بصدمة خلقت حاجزاً بيني وبين البحر، ليقطع هذا الحاجز التحاقي بالفريق النسائي لقيادة الزوارق البحرية بشرطة دبي (الدفعة الثانية)، وكانت من أولى الدورات في البرنامج التدريبي الذي تم إعداده من قبل المدربين في مركز شرطة الموانئ، وهو ما أسهم في زيادة ثقتي بنفسي بعد إتقاني السباحة، تلا ذلك دورات الغوص.
الإنقاذ البحري عمل إنساني يبدأ فور تلقي البلاغ من غرفة العمليات والسيطرة
هل لك أن تطلعينا على طبيعة الخدمات التي يقدمها قسم الإنقاذ البحري للمجتمع؟
الإنقاذ البحري عمل إنساني، هدفه السامي يتحقق بسلامة أرواح مرتادي المسطحات المائية وإنقاذ من يتعرض للغرق، إذ يبدأ فور تلقي البلاغ من غرفة العمليات والسيطرة، ويكون هدف أفراد القسم هو إنقاذ الغريق وتقديم الإسعافات الطبية اللازمة، وفي حال يوجد من فارق الحياة في البحر يقوم الفريق بتولي مهمة الغوص وانتشال الجثمان وتسليمه لأهله.
هل اقتحامك لهذا المجال أفرز عن بعض الصعوبات التي واجهتها في البداية؟
تم اختياري بناء على خبرتي العلمية، كوني حصلت على دبلوم الأمن البحري المهني وكذلك خبراتي العملية لالتحاقي بدورة قيادة الزوارق البحرية، وعندما توليت رئاسة القسم كان يوجد فيه حوالي 150 موظفاً بمختلف الرتب وتعاملت معهم كأم لمن يصغرني سناً وكأخت لمن يقاربني في العمر، والحقيقة أنني بمجرد أن التحقت بالعمل في شرطة دبي وجدت الدعم الكامل الذي يقدم لجميع المنتسبين إليها، خاصة المرأة، وهو ما ساعد في تذليل أية عقبات يمكن أن تكون قد واجهتني في البدايات.
يبرز العنصر النسائي في شرطة دبي بقوة، حدثينا عن أوجه الدعم الذي يقدم لكم من قبل القيادة.
القيادة العامة لشرطة دبي هي الداعم الأول للعناصر النسائية التي مكنتها للعمل إدارياً وميدانياً، إذ تهدف من وراء ذلك إلى تحقيق استراتيجية التوازن بين الجنسين وإشراك المرأة في المناصب القيادية التي تمكنها من صنع القرار، ويسعني الحديث إلى أن أتقدم بالشكر والامتنان للفريق عبدالله خليفة المري، القائد العام لشرطة دبي، ولكافة القيادات في شرطة دبي لدعمهم اللامحدود وثقتهم في العناصر النسائية.
نبارك توليك مؤخراً مهام «ضابط مناوب قوة» لتصبحي أول ضابط من العنصر النسائي يكلف بهذا العمل، فهل لك أن تطلعينا على دوركم تحديداً؟
في شهر إبريل الماضي تم ترشيحي كأول عنصر نسائي يتولى مهام المناوبة في غرفة العمليات، وأثناء المناوبة تلقيت العديد من المكالمات الهاتفية بالبلاغات والحوادث في إمارة دبي وترأست اجتماعاً افتراضياً بحضور عدد من الضباط المناوبين في مراكز الشرطة، كما قمت بالنزول الميداني ومقابلة الضباط المناوبين في مراكز الشرطة لمتابعة الحالة الأمنية ومعرفة البلاغات المستلمة أثناء مناوبتهم، وغيرها من المهام التي تدفعني لبذل المزيد من الجهد للارتقاء بجودة العمل.
ما المقومات التي يجب أن تتوافر فيمن تعمل بقسم الإنقاذ البحري؟
لابد أن تتوفر فيمن ترغب بالعمل في البحر التمتع ببنية جسمانية قوية، وبالشجاعة، والثقة بالنفس، وتحمل تقلبات الجو، والصبر بسبب المكوث لساعات طويلة في البحر.
بالعودة للوراء ما المناصب التي توليتها قبل أن ترسو سفينة إنجازاتك في قسم الإنقاذ البحري؟
بعد انتهاء الدورة العسكرية عملت كرئيس توقيف النساء - مسؤولة الشرطة النسائية - في مخفر النيابة والمحاكم، ثم انتقلت لإدارة أمن المطارات كمفتش أمن ومسؤولة الشرطة النسائية، ومن بعدها انتقلت لمركز شرطة الموانئ شعبة الأرشيف، ثم نائب رئيس قسم خدمة العملاء، ثم رئيس إسعاد المتعاملين، وأخيراً رئيس قسم الإنقاذ البحري بالوكالة.
هل هناك نصيحة تحرصين على تقديمها لأفراد المجتمع متعلقة بالسباحة والبحر عموماً؟
نصيحتي لكل من يرتاد البحر لا بد من أن يسبح في المناطق المخصصة وأماكن تمركز المنقذين، كونهم أول من يلحقون بالمستغيث وأكثر من لديهم خبرة للتعامل معه، بجانب الحرص على اتباع اللوائح والإرشادات الموضوعة على الشواطئ.
لديك سجل حافل بالإنجازات، فما أهم الجوائز والتكريمات التي حصدتها؟
حصلت وحصدت ما يقرب من 85 إنجازاً، توزعت بين شهادة شكر وشارة تقدير وأوسمة وجائزة وميدالية، وغيرها من التكريمات، وأبرزها الفوز في ﺟﺎئزة الشرق الأوسط لتميز القيادات الحادية والعشرين فئة الشخصية النسائية القيادية في قطاع الشرطة 2020 المركز الأول، كما فزت بجائزة المدير العام عن فئة أفضل ضابط إشرافي في المركز 2020 المركز الأول، وجائزة الإمارات للسيدات فئة الموظفة المتميزة 2022 المركز الثاني، وجائزة القائد العام لشرطة دبي للتميز في عامي 2017 و2019 وسام القائد العام للأم المثالية، وجائزة برنامج حمدان بن محمد للحكومة الذكية (أفضل موظف خدمة).
كنت في طفولتي آخذ الوضعية العسكرية عند التصوير واليوم أؤديها لمن يعلوني رتبة
هل ارتباطك بالمجال الشرطي له موقف أو خلفية مرتبطة بالطفولة؟
نعم، وما أقوله رسالة لأي أم أن تنتبه لاهتمامات وسلوكيات أبنائها حتى ولو كانت بسيطة، وأتذكر في طفولتي عند وقوفي أمام الكاميرا للتصوير كنت آخذ الوضعية العسكرية (أداء التحية العسكرية)، وهذا كان سلوكي في كل المواقف المرتبطة بالتقاط الصور، والحمد لله هذه الصورة أصبحت واقعية، فأنا اليوم أؤدي التحية العسكرية لمن يعلوني رتبة احتراماً وتقديراً لمقامه.
حدثينا عن أسرتك وأكثر من تحرصين على سماع رأيه في كل خطوة تقدمين عليها.
أسرتي هم مصدر سعادتي وسندي في رحلتي العملية وأيضاً كفاحي في رحلتي العلمية، فقد حصلت على درجة الماجستير وأثناء فترة الدراسة تحملت أسرتي سفري وغربتي بمفردي، وها أنا الآن في مرحلة التحضير للدكتوراه ولا زلت أتلقى منها كل الدعم والتقدير لما أقوم به، فلدي 5 أبناء أكبرهم (جامعية متزوجة ولها ولد وبنت)، والابن الثاني في السنة الثالثة بكلية القانون في جامعة الإمارات، والابنة الثالثة تدرس نظم معلومات في كلية التقنية العليا، والابن الرابع في الصف الثاني عشر متقدم، وابني الخامس في الصف الرابع الابتدائي.
هل لك أن تطلعينا على مهامك على مدار اليوم؟
يبدأ العمل الإداري في المركز بمتابعة الرسائل الواردة وإعداد الصادر، أما العمل الميداني فيكون بالنزول للبحر لقيادة الزورق، ونحن وفريق عملي في القسم نكون على مدار 24 ساعة على أهبة الاستعداد لسرعة الانتقال لإنقاذ غريق فور تلقينا الاتصال من غرفة القيادة والسيطرة في العمليات.
هل تمارسين هواية ما وتحرصين على تخصيص وقت لها؟
بعد خروجي من مركز الشرطة أتوجه لمركز الغوص وأرتدي البدلة ومعدات الغوص استعداداً للنزول لأعماق البحار ومشاهدة الشعاب المرجانية والأحياء البحرية المختلفة، وأحرص دائماً على زيادة ساعات الغوص التدريبية للحصول على شهادة متقدمة في الإنقاذ والغوص.
ما خططك وطموحاتك المستقبلية؟
لدي طموح عالٍ بأن يتم إنشاء وحدة تنظيمية سواء كانت إدارة أو مركز شرطة، تتولى العناصر النسائية إدارتها بالكامل.
* تصوير: السيد رمضان