د. منيرة الرحماني: الخرائط الذهنية تحافظ على الفكر الإبداعي المستدام
لُقّبت بملكة الخرائط الذهنية، وتُعدّ أول إماراتية معتمدة من أكاديمية «توني بوزان» العالمية كمدرّب خرائط ذهنية، وهي صاحبة 21 عاماً من الخبرة العملية، تخرّج على يديها أكثر من 11 ألف متدرّب في مختلف المجالات التي تقدمها، كرسّت وقتها لاستيعاب هذا العلم، ونجحت في دمجه مع العلوم الإدارية لتحلّ من خلالها المشكلات بطرق إبداعية مستدامة.. هي الدكتورة منيرة محمد الرحماني، مدرّبة خرائط ذهنية، ومستشارة تفكير إبداعي وبرمجة عصبية، التقيناها لنفتح باب هذا العلم لنطّلع على بعض ما يخبئه من أسرار.
لُقّبت بملكة الخرائط الذهنية، فما العلم الذي تقدمينه وماذا يعني هذا المصطلح تحديداً؟
تُعد الخرائط الذهنية أسهل طريقة لإدخال المعلومة إلى الدماغ، واستخراجها منه، بل زيادة القدرة على التعلّم والاحتفاظ بالمعلومات بنسبة 95% أكثر من طريقة تسجيل الملاحظات والمعلومات بالطريقة التقليدية، فهي أشبه بوسيلة لترتيب ملفات الدماغ بطريقة متوائمة مع برمجيّته، وبالنسبة إلي اعتبرها أداة ابتكارية تساعدنا على التخطيط، والتنظيم الجيد، لتحقيق أحلامنا، أمّا عن هذا اللقب فأنا اعتز به كثيراً لأن من أطلقه عليّ هم متدربيني، ومتابعيني على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، وهذا لكوني أول من أدمج علم الخرائط الذهنية مع علم الإدارة، والكوتشينج، والبرمجة العصبية.
هل تعتمدين على أدوات معينة في إيصال علمك لمن يطلبه؟
بعض الأوراق البيضاء، والأقلام، واستحضار المخيلة، هي كل ما أريده لنقل هذا العلم، فعند شرح المادة احتاج أن أرسم الخرائط الذهنية حتى يراها المتلقي، ويفهمها بشكل أدقّ وأعمق.
كيف نوظف الخرائط الذهنية في المجال التعليمي؟
تُعد الخرائط الذهنية من أنجح وسائل الدراسة، لكونها تمكن الطلاب من ربط المعلومات ببعضها بعضاً وتلخيص الدروس، وتنظيمها، وكتابة أهمّ ما يوجد فيها لاستذكارها، ومن ثم استخراجها في أي وقت، فهي أسهل طريقة تجعل الدماغ يحفظ المعلومات، فهي بالفعل، أداة تجعل الامتحان سهلاً ويسيراً، كما أنها تبسط على طالب العلم التركيز على الكلمات المفتاحية، ولا يقتصر دور هذه الوسيلة على المتعلم، بل والمعلم أيضاً، لأنها تساعده على التخطيط للدروس، والتحضير لها بطريقة ابتكارية من خلال كتابة أهم الملخصات، ما يساعد المعلم على استرجاع كل المعلومات أثناء شرح الدرس.
هل يمكن أن يُعتمد عليها للارتقاء بالمهن الوظيفية أيضاً؟
بالطبع، فالموظف يستطيع أن يضع كل المهام المنوطة به في خريطة ذهنية، ومن ثم يستطيع أن ينتقل إلى الخطوة الثانية، وهي تحديد الخطوات لكل هدف يعمل من أجل الوصول إليه، كما تساعد الخرائط الذهنية على احتساب كل الإنجازات التي حققها، أو يسعى للوصول إليها، ومتى سيبدأ العمل بها، ومتى ينتهي منها، وبهذه الطريقة يستطيع الموظف الارتقاء بمهام عمله، بجانب سرعة احتسابه لنسبة الإنجاز، أولاً بأول، ما يسهم في توليد أفكار جديدة إبداعية، ومن ثم يحقق التميّز الوظيفي.
من خلال ملاحظاتك أثناء التدريبات، هل مُشتتات التفكير هي التي تحول دون أن يصل الشخص لتحقيق أهدافه؟
بكل تأكيد، فالأهداف كي نحققها يجب علينا كتابتها وتوثيقها في مكان ما، لأن تواجدها في الدماغ فقط، يعني أنها في المخيلة، وبالتالي لا نستطيع أن نحققها كما نريد، ولن نصل إلى النجاح الذي ننشده، لأننا لم نعمل وفق خطواته، ولم نقيّم أنفسنا أثناء مراحل تحقيقه، فمن خلال ملاحظاتي للمتدربين وجدت أن مُشتتات التفكير، مثل الملهيّات وعدم تحديد الأولويات والأهداف، والقرب من الشخصيات التي تأخذنا لنعمل مهامها على حساب أنفسنا، كل ذلك يحول دون أن يصل الفرد إلى مبتغاه، وتحقيق أحلامه.
هدفي نقل رسالة الخرائط الذهنية لمن حولي حتى تكون حياتهم سلسلة متواصلة من النجاح والتميّز
حدثينا عن الأسباب التي جذبتك لاختيار هذا التخصص، وهل كان بمحض الصدفة أم عن دراسة أكاديمية؟
عندما فكرت في دراسة هذا التخصص كان الهدف الاستفادة الشخصية، وتطوير مهاراتي في التفكير، وحفظ المعلومة، وتنظيم الوقت، وتحديد الأهداف، والتخطيط لحياتي بشكل جيد، ولكن بعد أن تعمّقت في الدراسة وجدتها سهلة، وتستطيع مساعدة الصغير قبل الكبير، ما جعلني أعقد النية لأن أكون مدرّبة في هذا المجال، وأنقل رسالة الخرائط الذهنية لكل الأشخاص من حولي، حتى تكون حياتهم سلسلة متواصلة من النجاح والتميّز.
تقدمين العديد من الورش في مجال التفكير الإبداعي والبرمجة العصبية، فما الذي تعززينه من مهارات في متابعيك؟
أعزز كل المهارات والقدرات التي ربما تكون مدفونة، ولا يعرفها صاحبها بشكل جيد، فالبرمجة العصبية أداة جديدة تشد الانتباه.
أشرت إلى مصطلح الفكر الإبداعي المستدام عن طريق تطوير الذات، فماذا تعنين؟
تطوير الذات يأتي من تنمية قدرات الدماغ الإبداعية، والفصّين الأيمن والأيسر بطريقة متوازنة ترفع من كفاءة الدماغ، عن طريق تطويع الخرائط الذهنية التي تساعد على الحفاظ على الفكر الإبداعي المستدام، ويسهم في جعل صاحبه بمقدمة الصفوف، كلّ في مجاله.
كيف تمنحين الآخرين السعادة التي يبحثون عنها؟
من خلال عمل بسيط أبدأ به صباحاً، وهو كتابة رسالة أنشرها عبر حساباتي الشخصية على الـ«سوشيال ميديا»، فحواها بعض الكلمات التي تحفز الطاقة الإيجابية، وتجعل من يقرأها يشعر طوال اليوم كأنه في دائرة السعادة والنشاط.
هل للكلمة كل هذا التأثير في متلقيها؟
بلا شك، وهذا عن تجربة شخصية، فقد تشرّفت بلقاء صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في إحدى المناسبات الرسمية، وقال لي «أنت التي نحتاجها في المستقبل لنهضة البلد»، لتبثّ في داخلي تلك الكلمات روح التفاؤل والحماس، والرغبة في تكريس كل جهدي لخدمة وطني، وأبنائه، ومقيميه.
حدثينا عن أسرتك وأثرها في بناء شخصيتك وتوجهاتك في الحياة.
أسرتي هي من كانت تحفزني على تحصيل العلم، والتزوّد من ينابيعه، وإن بعدت، ثم أصبح أفرادها جنوداً خلف الكواليس في مشواري المهني، وأكثر من يمدّني بالطاقة عندما أضعف، وأجدهم يقولون لي «أنت قادرة وتستطيعين فاستمرّي»، فوالداي هما قدوتي في الحياة، وزوجي هو داعمي الأول في مسيرتي المهنية، وكذلك أبنائي دائماً ما يقفون خلفي، ويشجعونني، وأرى فيهم طموحي الكبير، وحلمي الذي أبحث عن تحقيقه.
هل لك اهتمامات أخرى تمنحينها جزءاً من وقتك؟
أحبّ الطبخ، وأبحث دوماً عن تحضير الأطباق البسيطة التي لا تحتاج إلى مكوّنات كثيرة، وأحضّر وصفاتي بنفسي، ومن دون الاعتماد على مقادير محدّدة مدونة في ورقة، بل أعتمد على لمساتي الخاصة، وأقوم بمشاركة متابعيني ما أعددته، فهذا يشعرني بالسعادة، وتهمني كثيراً تعليقاتهم، كما أحبّ السفر للاطّلاع على الثقافات الأخرى، ونقل ثقافة بلدي للآخرين، ممثلة في مظهري، وسلوكي، وحديثي، فنحن مرآة لوطننا الجدير بالاحترام.
ما هي أهم طموحاتك والحلم الذي يراودك دوماً؟
طموحي إيصال علم الخرائط الذهنية ليكون ضمن كل المناهج الدراسية، لكونها أداة تساعد كل من في المنظومة التعليمية، بخاصة الأطفال الذين لديهم قدرة إبداعية في رسم الخرائط، على الارتقاء بمستواهم الفكري، كما أحلم بإنشاء أكاديمية متخصصة بجودة الحياة والصحة النفسية للأمّ العاملة، تستطيع من خلالها أن تصل للسلام الداخلي مع نفسها، ومع الآخرين.
* تصوير: السيد رمضان ومن المصدر