18 أغسطس 2024

د. حبيبة الصفار: علم الجينوم يعزز صحة الأسر الإماراتية

محررة في مجلة كل الأسرة

محررة في مجلة كل الأسرة

د. حبيبة الصفار: علم الجينوم يعزز صحة الأسر الإماراتية

مسارها العلمي والمهني حافل بالإنجازات ما أهلها لأن تكون متميزة في مجالها، قدمت العديد من الأبحاث، وكانت أول من أنشأ خريطة جينية للأسر الإماراتية للكشف عن الجينات المرتبطة بمرض السكري النوع 2 ومضاعفاته، وغيرها الكثير من الدراسات التي تخدم البشرية بوجه عام..

حصلت على وسام الإمارات الأول تقديراً لعملها على إنشاء خريطة جينية للإماراتيين، كما حصدت جائزة الإمارات الدولية للوقاية من الأمراض الوراثية فئة أفضل باحث علمي..

هي العالمة في علم الجينوم الدكتورة البروفيسورة حبيبة الصفار، عميدة كلية الطب والعلوم الصحية بجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، التقيناها لنتعرّف إلى جوانب من مسارها العلمي:

د. حبيبة الصفار: علم الجينوم يعزز صحة الأسر الإماراتية

مسارك التعليمي حافل ما أهلك لأن تكوني عالمة في مجالك، هل لك أن تطلعينا على ما يعنيه «الجينوم» وأهميته في خدمة البشرية؟

الجينوم يشير إلى المجموعة الكاملة من المواد الوراثية داخل الكائن الحي، ويشمل ذلك سلسلة الحمض النووي التي تُشفر التعليمات لتطوير الكائن، ووظائفه، وتكاثره، ففهم علم الجينوم أمر بالغ الأهمية للعديد من الجوانب التي تصب في خدمة البشرية..

فهو يلعب دوراً كبيراً في مجالات متنوعة، مثل الطب إذ يساعد على فهم أفضل الطرق لقراءة الجينات وعلاقتها بالأمراض، وتطوير علاجات أكثر فعالية، وتخصيص الرعاية الصحية بناءً على الخصائص الجينية الفردية، أما في مجال الزراعة فيساعد في زيادة إنتاج المحاصيل ذات الصفات المرغوبة، ما يعزز الأمن الغذائي والاستدامة..

بالإضافة إلى ذلك، يُسهم علم الجينوم في الحفاظ على البيئة من خلال المساعدة في دراستها ومعرفة التنوع البيولوجي والأنواع المهددة بالانقراض، فعلم الجينوم يحمل آثاراً عميقة تعمل على تعزيز صحة الإنسان والأسر الإماراتية وخدمتها بشكل عام.

أعددنا المسح الجيني للعائلات الإماراتية للكشف عن الجينات المرتبطة بالسكري 2 ومضاعفاته

ما أبرز الدراسات أو الأبحاث المرتبطة بعلم الجينوم التي قمت بها في جامعة خليفة؟

يهتم مركز الأبحاث التقنية الحيوية في جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا بمجموعة من الأمراض مثل السكري وأمراض الضغط والقلب والسرطان والأمراض النفسية مثل الاكتئاب وغيرها..

ولدينا مجموعة واسعة من الأنشطة البحثية المتنوعة التي تشمل اكتشاف نشأة المرض وتطوره والمسارات الميكانيكية للعلامات والأمراض الوراثية، والطب الانتقالي والتطبيقي..

كل ذلك بهدف إدخال الطب الدقيق في النظام الصحي، ومن إنجازاتنا:

  • إعداد مرجع الجينوم الإماراتي والمسح الجيني للعائلات الإماراتية للكشف عن الجينات المرتبطة بمرض السكري النوع الثاني ومضاعفاته.
  • قراءة التسلسل الجيني الشامل للإماراتيين وإعداد التردد الجيني في المنطقة لمعرفة مدى تركز الأمراض المزمنة فيها وإعداد برامج العلاج الدقيق لها.
  • نتج عن بحثنا في مجال العلاج المناعي والجيني تحديد العلامات باستخدام الأنظمة الذكية وتعلم الآلة والتكنولوجيات والمنهجيات المستخدمة في دراسة الجزيئات الحيوية على مستوى الخلية الواحدة، لعلاج مرض السكري.
  • تعاونَّا مع مؤسسات ومستشفيات في الدولة لإنشاء أطلس جينوم السرطان خاص بالمواطنين بهدف دمج عدة مجالات لاكتشاف العلامات الحيوية والتقدم العلاجي.
  • نلتزم بتدريب الطلبة ورعاية الجيل القادم من العلماء الشباب للمساهمة في النهوض بعلم الجينوم والرعاية الصحية من خلال برامج الدكتوراه المتنوعة التي نوفرها، إذ ندعم السعي إلى ريادة مجال علم الجينوم.

د. حبيبة الصفار: علم الجينوم يعزز صحة الأسر الإماراتية

ما أهمية التوعية بالفحص الجيني للمقبلين على تكوين أسرة جديدة؟

فكرة الفحص الجيني قبل الزواج خطوة استباقية ومسؤولة نحو ضمان صحة ورفاهية الأسرة المستقبلية، فبالنسبة للكثيرين يوفر هذا الشعور الطمأنينة والسلام الداخلي عندما يكونوا على علم بأن المخاطر الجينية المحتملة قد تم التعرف إليها في وقت مبكر..

بالإضافة إلى ذلك، قد يثير هذا الموضوع مناقشات مهمة حول تاريخ الصحة العائلية ويشجع على التواصل المفتوح حول القلق المتعلق بالصحة.

ما الآلية التي يجب اتباعها للتعامل مع تلك الفحوصات؟

من الضروري التعامل مع هذا الموضوع بحساسية، خاصة وأنه قد يثير اعتبارات معقدة، فالنظرة إلى الفحص الجيني قبل الزواج تعتمد على المعتقدات الثقافية والدينية والشخصية، ولكن الهدف الرئيسي غالباً ما يكون تعزيز اتخاذ القرارات المستنيرة وإدارة الصحة الاستباقية داخل الأسرة.

توفر الدولة كل السبل لولادة جيل يتمتع بالصحة، هل لاحظتم في الفترة الأخيرة انخفاضاً في الحالات المصابة بالأمراض الوراثية بين المواليد؟

تسخر الدولة الإمكانات كافة لخدمة الملف الصحي، كما هيأت المناخ الجيد من خلال إنشاء المراكز البحثية والمختبرات المتطورة، كل ذلك من أجل حياة أكثر صحة لمواطنيها، ولكن لوجود زواج الأقارب وطبيعة تكوين الأسرة العربية الممتدة..

أفرز ذلك بعض الأمراض الوراثية، التي بلا شك ونتيجة الوعي المجتمعي تنخفض تدريجياً، وإن كنا نسعى لاختفائها بسعينا الدؤوب بدراسة تركيبتنا الجينية والتي ننفرد بها نحن الشعوب العربية وصولاً لمؤشرات الأداء التي نتمنى تحقيقها عما قريب.

أبحرتِ في جينات الأسرة الإماراتية، وكان لك الفضل في إنشاء أول سجل لدراسة مسببات الأمراض المزمنة.. حدثينا عن ذلك.

يمتلك الإنسان 46 كروموسوماً إضافة إلى قرابة 30 ألف جين، وكل جين يحمل علامات وراثية، ما يدل على أن الجسم البشري لديه ملايين العلامات الوراثية، التي تحدد ما إذا كان سيصاب بالأمراض المزمنة مثل السكري والسرطان والربو وأمراض القلب، وهذه العلامات تختلف من شعب لآخر..

ولهذا قررت إنشاء خريطة جينية للأسر الإماراتية للكشف المبكر عن مرض السكري تحديداً كونه منتشراً بكثرة في الدولة، وبدأت بدراسة عائلة إماراتية فيها 319 شخصاً من 6 أجيال، منهم 66 فرداً مصاب بالنوع الثاني من السكري، واكتشفنا 5 جينات جديدة غير موجودة في الشعوب الأجنبية والآسيوية والأفريقية ولكنها خاصة بسكان دولة الإمارات، وهذا يعد إنجازاً يسهم في التشخيص الطبي الدقيق لكل شخص وتقديم العلاج الأفضل له.

د. حبيبة الصفار: علم الجينوم يعزز صحة الأسر الإماراتية

استطاعت المرأة الإماراتية التميز في المجال التكنولوجي والبحث العلمي، برأيك ما أهم وسائل الدعم التي توافرت لها ومكنتها من ذلك؟

يعود نجاح المرأة الإماراتية في مجالات التكنولوجيا والبحث العلمي إلى عدة وسائل دعم رئيسية، منها ما لعبته المبادرات الحكومية والسياسات التي تعزز المساواة بين الجنسين، والعمل على تمكين المرأة وتوفير الفرص والموارد لمتابعة مساراتها المهنية في هذه المجالات..

بالإضافة إلى ذلك، قدمت الاستثمارات في التعليم وتطوير المهارات للمرأة الإماراتية المعرفة والخبرة اللازمتين للتفوق في مجالات التكنولوجيا والبحث العلمي، علاوة على ما قدمته من برامج الإرشاد، وفرص التواصل، والبيئات العملية المحفزة والمشجعة، ما أتاح لها منصة للتفوق والنجاح.

الجوائز بالنسبة لي تكليف ومسؤولية أكثر من كونها تشريفاً وتكريماً

هل لك أن تطلعينا على الجوائز التي حصدتِها، ومدى المسؤولية التي تشعرين بها بعد كل جائزة؟

أعتبر الجوائز تكليفاً ومسؤولية أكثر من كونها تشريفاً وتكريماً، فقد نلت العديد من الجوائز، منها جائزة «الباحثين الشباب» عام 2011، وجائزة «لوريال اليونسكو للمرأة في مجال العلوم»، وجائزة «سيدتي للتميز والإبداع» عام 2016، وجائزة «الإمارات الدولية للوقاية من الأمراض الوراثية» لأفضل باحث علمي، وجائزة «خليفة التربوية» فئة الأستاذ الجامعي المتميز عام 2023.

ما طموحاتك المتعلقة بمجال عملك؟

أتمنى أن نحقق السعادة الصحية وأن يحظى كل من يعيش تحت سماء دولتنا بوافر الصحة والعافية، فالوقاية خير من العلاج، وبالعلم والأبحاث نستطيع الوصول إلى غايتنا وأن نحقق رغبتنا في الاستمتاع بحياة صحية سليمة.

 

مقالات ذات صلة