جيني إسبر على غلاف مجلة كل الأسرة
جيني إسبر فنانة من نوع خاص، اجتماعية، تظهر في معظم الأماكن والحفلات، ولكنها بعيدة في الوقت نفسه عن كل ما يُمكن أن يؤرق هدوءها وتُفضّل النأي بنفسها عن المشاكل والخلافات.
في افتتاح فيلم «الهيبة».
التقتها هدى الأسير لتحدثنا عن انطباعها عنه، وعما إذا كانت ترى السينما اللبنانية بخير.
في البداية، تقول جيني إسبر عن فيلم «الهيبة» "من المؤكد أن الفيلم لا يختصر السينما اللبنانية، ولكن في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها البلد يُمكن القول إن البداية مُبشرة، والجميل أن الجمهور ما زال متحمساً للذهاب إلى دور العرض رغم التطور التكنولوجي الذي أدخل السينما إلى المنازل، ولكن عندما يضم العمل نجوماً يحبهم الناس لا يتوانون عن الذهاب إلى السينما، وهذا بحد ذاته مؤشر إيجابي".
جاء فيلم «الهيبة» بعد خمسة أجزاء درامية، ومع هذا استطاع أن يحافظ على نفس المستوى، كما توضح "عندما يعمل صنّاع العمل على تطويره، وإضافة أحداث جديدة، مع المحافظة على المستوى الممتاز، لا مشكلة في ذلك، بالعكس فإن الجمهور يتعلق «بالحدوته» وأبطالها، و«الهيبة» حافظ على مستواه من الجزء الأول حتى الأخير".
مسلسل «ستيلتو» لا يمت للواقع العربي بشيء، ومع ذلك فهو يحصد نسبة مشاهدة عالية لأن الدراما أولاً وأخيراً نوع من أنواع التسلية
البرومو الرسمي لفيلم «كازي روز»
انتقدت جيني إسبر الأعمال الدرامية التي تركز على الواقع السوري المظلم فقط في الفترة الأخيرة، وقالت "الواقع لا يُختصر بالأزمة والضابط ولا بالأمور السياسية، ولا البيئة الشامية تُختصر بالموضوعات التي سُجنت فيها، فتاريخ الشام حافل بكثير من الموضوعات التي لم يتطرق إليها الكتّاب، مثلاً غاب عنهم أن أول وأهم قاضية كانت في الشام في الوقت الذي يصورون فيه خضوع وخنوع المرأة الشامية، كذلك كان هناك دار أزياء لامرأة شهيرة تُدعى مدام ناهد وتمّ حصر البيئة بمواضيع ذات صلة بالثورة الفرنسية، الملاية والعقيد".
وتكمل "نُشاهد اليوم عبر محطة إم بي سي مسلسل «ستيلتو» الذي لا يمت للواقع العربي بشيء، لا بالمضمون ولا بالشكل، ومع ذلك فهو يحصد نسبة مشاهدة عالية، لأن الدراما أولاً وأخيراً نوع من أنواع التسلية، والناس تُحب أن ترى شيئاً جميلاً ترتاح له العين. ولذلك أقول الدراما السورية ساهمت بنقل الصورة السوداوية عن سوريا حتى قبل الأزمة، وانحصرت معظم الأعمال في النقد الميلودرامي (مثل بقعة ضوء) وعرض المشاكل في البلد مثل التركيز على العشوائيات وحالة الفقر في الوقت الذي كانت البلد في أوجها، في المقابل كانت الدراما التركية تنقل الصورة الجميلة وتشجع على السياحة فيها رغم وجود جوانب مظلمة في البلد، ومشاكل كثيرة وفقر، وأكبر دليل على ذلك زيادة عدد السيّاح بعد مسلسل «نور ومهنّد». يكفينا ما نراه في واقعنا من مآسٍ وأزمات".
وتؤكد جيني إسبر أن الدراما فرصة للهروب من الواقع ، وهي ضد التقليد الأعمى، وتفضل الأفكار الجديدة بدلاً من الاكتفاء بتعريب العمل، وتردف "الأفكار التركية ليست صعبة ولا مُعقدة، وعندما نتابعها لا نتابع بهدف التشويق، لأننا نعرف القصة وخواتيمها، بل نتابع لأننا نرى تصويراً جميلاً لممثلين نحبهم ونتابعهم".
أنا مظلومة من المخرجين الذين حصروني في إطار مُحدد من دون أن يحاولوا المغامرة بي في أُطر أخرى
ترصد سبب التقليد الأعمى للأعمال التركية والأجنبية "هناك أزمة أفكار، فالمشكلة أننا ننحصر دائماً في إطار ضيق، فعندما ينجح عمل «بيلزقوا» عليه عشر سنين، والأمر نفسه ينطبق على الكتّاب والمخرجين ممن تتكرر أسماؤهم، بدون أن تُعطى الفرص لأسماء جديدة".
من أصعب التحديات التي يواجهها الفنان هو محاصرته في دور أو إطار ما، ولم تستطع جيني إسبر حتى الآن التحرر من هذه الإطارات غير العادلة، وتخبرنا بألم "أنا مظلومة من المخرجين الذين حصروني في إطار مُحدد من دون أن يحاولوا المغامرة بي في أُطر أخرى. لدينا عدد كبير من النجوم ممن لم يأخذوا فرصاً، وآخرون سنحت لهم الفرصة بعد خروجهم من سوريا مثل معتصم النهار الذي انطلق في لبنان مع شركة مهمة مثل شركة الصبّاح، وكان يُمكن أن يبقى متقوقعاً في سوريا لولا هذه الفرصة، وهنا المشكلة".
وتضيف "بالنهاية حكم القوي الذي يجعلني كممثلة أقبل بعروض الشركات الصغيرة لكي أبقى متواجدة، وما من أحد يُنكر بأن الإنتاج الكبير يُبرز عمل الفنان الذي مهما كان قوياً ومجتهداً لن يكون عمله بنفس الجودة التي يضمنها الإنتاج الكبير، عندما يأتي البعض ويُقارن بين الممثلين الذين لا تتشابه ظروف عملهم، فإن المقارنة تظلمهم".
رغم إيمانها بأهمية المنصات تري جيني إسبر أن للتلفزيون سحراً خاصاً لم يتأثر بالزمن، تشرح "سيبقى التلفزيون هو الأساس في الأعمال الكبيرة والثقيلة، وله سحر خاص، خصوصاً في الموسم الرمضاني، في الوقت الذي يتابع المنصات جمهور خاص من الشباب ومتابعي الـ«سوشيال ميديا» ممن لا يملكون الوقت الكافي لمتابعة التلفزيون بأوقاته المحدّدة".
لم تلق الأزمة الأوكرانية - الروسية ظلالها على الفن في الشرق الأوسط، لكن جيني إسبر كانت الأكثر تأثراً بها، فوالدتها أوكرانية وهي عاشت في أوكرانيا طفولتها حتى سنوات الصبا، تخبرنا "سيرة الحرب بحد ذاتها مزعجة، خصوصاً بعدما عشناها واقعاً عشر سنوات، ولمسنا بشاعتها، وأوكرانيا تعني لي الكثير، فوالدتي أوكرانية، وأنا عشت في هذا البلد طفولتي ومراهقتي، ولي فيه أصدقاء وأقارب وذكريات.. ومن الطبيعي أن أحزن لما يحصل فيها بغض النظر عن المواقف السياسية حتى لا يصطاد أحد بالماء العكر".
* نشر الحوار كاملاً في مجلة كل الأسرة، (العدد 1518) بتاريخ 15 نوفمبر 2022
تصوير: أحمد زملوط
مكياج: رامي قبطي
تصفيف الشعر: محمد علي
أزياء: kinki clouse