الفنانة التشكيلية علياء لوتاه: أمنيتي تأسيس مدرسة لتعليم الفنون
كان لنشأتها وسط عائلة فنية دور كبير في خوضها غمار العمل الثقافي، سواء في إنتاج لوحات تشكيلية مستمدة من أحلامها وذاكرتها الحاضرة أو دراستها كمختصة والعمل على تنفيذ برامج وإقامة معارض لتوثيق الحركة الفنية في الإمارات وتعزيز التبادلات الفنية والثقافية بين الإمارات وفرنسا.
هي الفنانة التشكيلية والمقيمة الفنية والباحثة في تأريخ الفن علياء زعل لوتاه، الحاصلة على وسام الآداب برتبة «فارس» من الحكومة الفرنسية.
في حوارنا معها تطل بنا على صفحات من طفولتها وتأثير العائلة في توجيه أعمالها الفنية ومشاركتها في استعدادات افتتاح متحف اللوفر بأبوظبي وأهم مشروعاتها الفنية المستقبلية:
الشاعر يكتب قصائده عندما يمر بأزمة أو تجربة معينة كذلك الأمر مع الموسيقي، ما هي المفردات الفنية التي تدفعك إلى الإبداع وإنتاج أعمال فنية مميزة؟
تأمل جميع الأشياء من حولي سواء كانت من الطبيعة أو التغيرات التي تطرأ على المدينة إضافة إلى الأحلام الجميلة وذكرى الصور التي تسجلها ذاكرتي الحاضرة وما أضيفه عليها من منظوري الخاص بعد استغنائي عن الصورة الرقمية والاعتماد على ما تختزنه مخيلتي وعقلي الباطن.
كيف ترى علياء لوتاه الغد وما هو دور الماضي في رسم المستقبل لديها؟
للماضي دور كبير في تشكيل المستقبل، فمنذ بداية مسيرتي وأنا في السابعة عشرة من عمري تعلمت الكثير وحرصت على أن أكون ملمة بكل ما يحدث حولي في مجال الفنون التشكيلية، لذلك تطوعت بالعمل في معارض فنية كبيرة في الإمارات منها بينالي الشارقة، وآرت دبي، وهذا ما ساعدني على فهم الفنون بشكل متكامل.
كان لمساهمتي في تعزيز التبادلات الفنية والثقافية بين الإمارات وفرنسا ومشاركتي مع مؤسسات ومعارض دولية دور كبير في الحصول على وسام الآداب
تتعدد مدارس الفن التشكيلي بين الواقعية والكلاسيكية والتجريدية والسريالية، إلى أي مدرسة تنتمين ولماذا؟ ومن هم الفنانون العالميون الذين تأثرت بهم في أعمالك؟
قبل التحاقي بالجامعة عام 2006 لم أمتلك القدر الكافي من المعلومات عن الفن، لكن مع مرور السنين بدأ إلمامي يتشكل حيث قرأت تأريخ الفن وتعرفت إلى الحركات الفنية واطلعت على الفن المعاصر، تشكلت ميولي تجاه الانطباعية كونها حركة فنية وفيزيائية بحتة يترجم فيه الفنان الصورة التي يراها باستخدام اللون والضوء وهو ما يجعلها مختلفة عن الحركات الفنية الأخرى. كما أن انضمام والدي لهذه الحركة ومشاركته في المعارض التي أقيمت في الإمارات في سبعينيات القرن الماضي زاد من شغفي لها، فعلى الرغم من ضعف نظره وانشغاله بالتجارة لم يتوقف عن الرسم، فهو يرى الضوء والظل والحركة وذبذبات الرسم بطرق وأشكال مختلفة.
كنت من الكوادر الفنية الوطنية التي لعبت دوراً مؤثراً وفعالاً في تأسيس متحف اللوفر أبو ظبي، كيف ترين المستقبل؟ وما هي الإضافات التي تتمنى علياء لوتاه أن يحققها هذا الصرح العالمي؟
رغم ترك العمل في المتحف إلا أني في زيارة مستمرة له، وفي كل مرة أعود كزائرة أجده في تطور يكشف لي مدى تقدم العمل الذي لا يزال مستمراً فيه، حيث تنقسم مقتنيات المتحف بين اللوحات الخاصة وبين ما يستعار من متاحف عالمية خصوصاً الفرنسية، ومع اعتماد أسلوب التنوع في اقتناء الأعمال من دول مختلفة أصبحت مجموعته الفنية أكثر تميزاً وثراء.
كان لك دور متعدد وفعال في مجال التعاون بين دولة الإمارات ومتحف اللوفر في باريس، ما هي المجالات والأنشطة التي تمت في تلك الفترة؟ وما هو مدى استفادة الفنانين الإماراتيين من هذا التعاون؟
كانت الاستفادة على صعيد العمل كأمينة متحف وليس كفنانة، حيث انضممت للمشاركة في استعدادات افتتاح المتحف عام 2013 عبر البرنامج الثقافي الإماراتي – الفرنسي، والإشراف على معرض الفن المعاصر في المتحف، الذي ضم أربعة فنانين، اثنان منهم إماراتيان واثنان مقيمان في الإمارات، بإنجاز أعمال بالتعاون مع مصانع فرنسية في مجالات حرفية مختلفة مثل صناعة النسيج والزجاج والخزف والتطريز، حيث عملت على تنفيذ البرنامج الذي ساعدني كفنانة بالعمل في تقييم المعارض ومعرفة العمليات والأشياء التي يحتاجها الفنان للبحث والسؤال عن مقتنيات المتحف.
منذ بداية ثمانينات القرن تشهد الإمارات انطلاقاً فنياً شارك فيه العديد من الفنانات الإماراتيات مثل «نجاة مكي»، ماذا عن دور المرأة الآن وفي المستقبل؟
لو عدنا للماضي وتحدثنا عن التراث الإماراتي والفن الإسلامي في العالم العربي لوجدنا أن مفهوم الفن يتغير من مكان لآخر، والحرفية والخزف والأعمال اليدوية «التطريز والتلي» هو فن بمفهومه الحاضر، وهو ليس بالشيء الجديد على المرأة الإماراتية. استخدام الفنانة الإماراتية نجاة مكي قطع القماش وبعض الإضافات الأخرى في لوحاتها يعطينا فكرة واضحة عن تأثر الفنانات الإماراتيات بالدول القريبة، لذلك نجد أن التأريخ يشير لصلة الحرف بالفنان المعاصر ومواكبته التكنولوجيا باستخدام أحدث الأشياء المحيطة به في إنتاج أعماله، أما الفنانون من جيلنا فقد بدأوا بالتفرع لمواضيع مختلفة، فهناك من يعمل في أعمال النحت وهناك من يعمل في مجال إنتاج الفيديو والتقاط الصور الفوتوغرافية وغيرها من الأعمال الفنية الإبداعية.
حصلت على وسام الآداب برتبة «فارس» من الحكومة الفرنسية، وهو وسام رفيع لا يمنح إلا للقليل من القامات الثقافية والفنية، ما هو شعورك بعد الحصول عليه؟ وكيف ترين توظيف هذا التكريم في التأثير في أبناء جيلك من الفنانين والفنانات؟
لم أخطط لنيل الجائزة وما حدث كان بالصدفة، شغفي باللغة الفرنسية التي بدأت دراستها منذ مرحلة الروضة جعلني أعشق كل شيء فرنسي، وخلال حصص الرسم في المدرسة ألهمتني لوحات فنان فرنسي، وبعد تشجيع الأسرة على التحدث بالفرنسية أثناء رحلاتنا إلى فرنسا وزيادة عدد الرحلات طلبت من عمي أخذي لزيارة المتاحف ورؤية اللوحات.
التحقت بجامعة الشارقة لدراسة «الفنون الجميلة»، وخلال دراستي للماجستير في تأريخ الفن وعلوم المتاحف تخصص «إدارة مقتنيات» في جامعة السوربون بأبوظبي تواصلت مع العديد من الفنانين والمؤرخين والمؤسسات الفرنسية، وكان لمساهمتي في تعزيز التبادلات الفنية والثقافية بين الإمارات وفرنسا بعد انضمامي إلى متحف اللوفر بأبوظبي ومشاركتي مع مؤسسات وبرامج ومعارض دولية أشادت بعملي معها، دور كبير في الحصول على وسام الآداب الذي أهديه لأسرتي وحكومة دولة الإمارات وقادتها، التي ساندتني في دراستي من خلال المنح التي حصلت عليها من المؤسسات والجهات المختصة.
حصلت على وسام الآداب برتبة «فارس» من الحكومة الفرنسية
نشأت في عائلة فنية، ما هو دور الوالد والوالدة في توجيهك نحو هذا المجال، وأيهما أكثر تأثيراً في دورك؟
وجدت نفسي في عائلة فنية كان لها دور كبير في توجيه أعمالي الفنية بالإشارة إلى بعض أساسيات الرسام كالقياسات والأبعاد وأشياء درست عنها في الجامعة، منها على سبيل المثال إبداء والدتي عدم رغبتها بمشاركتي بلوحة لم تجدها بالمستوى الذي يليق بي كفنانة في أحد المعارض الفنية.
ماذا عن مشروعاتك الفنية المستقبلية الجديدة، وهل هناك اتجاه لتأسيس مدرسة فنية وورش عمل يمكن أن يستفيد منها الفنانون والفنانات الشباب؟
أبوابي مفتوحة لكل من يرغب بالتعلم، أمنيتي كانت في تأسيس مدرسة لتعليم الفنون وهي فكرة باتت قريبة، فقد أحببت التدريس وعملت كأستاذة زائرة في كلية الفنون الجميلة والتصميم بجامعة الشارقة ما بين عامي 2012- 2013، أما فيما يخص المعارض سيكون لي معرض في شهري نوفمبر ومارس في دبي وسأشارك في أبريل بمعرض آخر في فرنسا.
* تصوير: محمد السماني