05 يناير 2023

د. ناجية الخرجي: في كليات التقنية نشجع المواهب على كتابة القصة والرواية وغيرها من الفنون الأدبية

محررة في مجلة كل الأسرة

د. ناجية الخرجي: في كليات التقنية نشجع المواهب على كتابة القصة والرواية وغيرها من الفنون الأدبية

كان لنشأتها تأثير بالغ في تذوقها للفن بأشكاله، تربت في بيت يقدر قيمة العلم وهو ما حفزها لوضع رغبة والدتها في أن ترى لها بصمة واضحة في مجال الأدب والنقد نصب عينيها. تأخذ على عاتقها وضع الخطط التدريسية التي تشجع المواهب على كتابة القصة والرواية وغيرها من الفنون الأدبية. وعلى الرغم من أنها ترى عدم وجود طفرة بالمعنى الحقيقي في القصة القصيرة الإماراتية، إلا أنها تؤكد تمسكها بجذورها الأصيلة لتظل القصة ابنة بيئتها وتهتم بقضايا العصر، وترصد مشكلاته، وتلبي ذائقة القارئ.

إنها الباحثة والناقدة، الدكتورة ناجية علي راشد الخرجي، أستاذ مساعد في كليات التقنية العليا بالشارقة،.. التقيناها لنسلط الضوء على نشأتها ومن كان له تأثير في توجهها الأدبي:

د. ناجية الخرجي: في كليات التقنية نشجع المواهب على كتابة القصة والرواية وغيرها من الفنون الأدبية

دائماً ما يكون للنشأة تأثير في تذوق الفن بأشكاله المختلفة، حدثينا عن مرحلة الطفولة وهل كان لها تأثير في تشكيل اتجاهاتك الأدبية؟

للنشأة تأثير بالغ في تذوقي للفن بأشكاله، فقد تربيت في بيت يعرف معنى الأدب والثقافة ويقدر قيمة العلم، فوالدتي رحمها الله لم تكن تعرف القراءة والكتابة ولكنها كانت مستمعة جيدة للمذياع ومشاهدة للتلفاز آنذاك، وتحب البرامج الثقافية والعلمية بأنواعها، كما كانت مثقفة بالفطرة، فمن جالسها كان يثني على خبرتها وحنكتها وثقافتها وقوة ملاحظتها، وكانت تشجعني وتفخر بي في كل مجلس، وتحب أن ترى لي بصمة واضحة في مجال العلم والأدب.

لفترة الدراسة دور في تعزيز الهوايات، هل كانت لمعلماتك إسهامات بلورت تفكيرك وشكلت اهتماماتك؟

كانت مرحلة الدراسة ممتعة خاصة الثانوية، إذ يتعلم فيها الطالب الكثير، ويصقل موهبته ويعزز طموحه، خاصة إذا كانت هناك المعلمة فريال، والتي أحببت اللغة العربية على يديها، ورشفت من رحيق الأدب، واستمتعت بالشعر وتحليله ونقده، وبطريقة شرحها المستفيض ووعيها الملم بكل شاردة وواردة في اللغة العربية.

د. ناجية الخرجي: في كليات التقنية نشجع المواهب على كتابة القصة والرواية وغيرها من الفنون الأدبية

جاء المجال الأكاديمي ليتماهى مع شغفك باللغة العربية، وكانت رسالة الدكتوراه في النقد والبلاغة، حدثينا عن مدى ما تعنيه لك الكتابة والنقد على الصعيد الشخصي.

اليوم الذي لا أقرأ أو أكتب فيه أشعر بنقص شديد، كأنني أضعت شيئاً ثميناً، فالقراءة هي الحياة كونها تفتح لي مزيداً من آفاق المعرفة، وتطلعني على العالم بأسره، وتنمي مداركي وترسخ حبي للغة العربية، فأنا أشعر وكأنني أنساق لا إرادياً نحو حب التحليل والنقد، وتمتلكني رغبة جارفة لتقصي ماهية كل نص يقع تحت نظري، حتى أصبحت شغوفة محبة للألوان الأدبية، ولم أركز على لون بعينه، وإن كان أحبها إلى قلبي القصة القصيرة، ومع هذا لم أغفل الفنون الأخرى.

هل هناك تشابه في فنيات وتقنيات كتابة القصة القصيرة الإماراتية؟

بالفعل يوجد تشابه، ولكنه محكوم بضوابط وآليات، بحيث لا يصل إلى حد التماثل والتطابق، ولا يعد ميزة ولا تراجعاً، ولكن لكل صاحب فن ريشته التي يصوغ بها أفكاره، ويطرح بها آراءه، والجمهور في هذه الآونة يقظ ومثقف ومتذوق لجميع مجالات الفن الأدبي، ويستطيع التمييز بين ما هو صالح وطالح.

القصة القصيرة الإماراتية ابنة بيئتها وتتمسك بجذورها الأصيلة

ماذا عن تقييمك لواقع القصة القصيرة الإماراتية؟

أرى أنها بدأت قوية مع جيل النشأة والتجريب والانفتاح، ولكنها أخذت تتراجع بعض الشيء نتيجة لتراجع التشجيع في المدارس والجامعات، كما أن القصة في وقتنا الحاضر تعاني قصوراً في تكنيك اللغة والتراكيب، ولا توجد طفرة قصصية بالمعنى الحقيقي، أو حالات استثنائية يعوّل عليها كما كانت في السابق. أضف إلى ذلك هناك بعض المجموعات القصصية بعيدة عن الذوق الأدبي الرفيع، ولكن في الوقت نفسه نستطيع أن نقول توجد أقلام واعدة ومجموعات قصصية تستحق الإشادة والتقدير. 

برأيك هل تخلت القصة القصيرة الإماراتية حالياً عن جذورها الأصلية وموروثها الثقافي؟

لا مازالت متمسكة بجذورها الأصيلة، فالقصة القصيرة الإماراتية ابنة بيئتها وتهتم بقضايا العصر، وترصد مشكلاته، وتلبي ذائقة القارئ، كما أن القضايا التي تطرحها تختلف باختلاف الزمان والمكان، وتقف موقفاً محايداً لتترك المجال للقارئ يضع النقاط فوق الحروف، ويبحث عن الحلول المناسبة، فما زالت بعض القصص لبعض الكتاب تجنح إلى أصولها وتتلمس ماضيها، ولا تغفل عنه، وتحن إلى موطنها وجذورها.

ما مفهوم النقد الأدبي، وما غايته؟

هو تمحيص العمل الأدبي بشكل متكامل حال الانتهاء من كتابته، إذ نستطيع أن نكشف عن جوانب الضعف، ومواطن القوة في العمل، ثم نحكم عليه بمعايير معينة تخضع لتصنيف منزلته، فهناك نقد بناء يجنح فيه الناقد إلى تقويم العمل الأدبي وإصلاحه بناء على معايير فنية، بعيداً عن التعصب أو المحاباة، وكما قلت الغاية من النقد هي الإصلاح والتوجيه والتقويم بعد تطبيق المعايير، لذا يستطيع صاحب العمل الأدبي أن يعدّل في فحوى نصه، ويظهر عمله الأدبي بثوب جميل، ويبتعد عن أخطائه السابقة.

ينبغي على الناقد أن تكون لديه القدرة على سبر أعماق العمل الفني

ما المعايير التي تساعد الناقد على تقييم العمل الأدبي؟

هناك معايير عدة، منها الموهبة النقدية، إذ يستطيع الناقد فحص العمل الفني فحصاً دقيقاً بعين الناقد لا بعين القارئ العادي، وهناك التذوق والحس النقدي، وينبغي على الناقد أن تكون لديه القدرة على سبر أعماق العمل الفني ومعرفة خباياه، ومعرفة الرديء من الجيد، والتمييز بين المعاني والصور، وإدراك الفروق بين الألفاظ، وإدراك التناسق بين الكلمات، ومعرفة تضافرها، بالإضافة إلى معرفة أصول النقد وطرقه، فيجب على الناقد أن يعرف كيف يحلل النص الأدبي، ويستنبط خصائصه وأبرز صفاته، كما ينبغي أن تكون لديه معرفة بالاتجاهات النقدية والتراث النقدي، وأخيراً الثقافة البلاغية والأدبية واللغوية، فمن خلال العين الباصرة للناقد يتأتى عليه أن يكون فصيحاً بليغاً، يجنح للأدب الرفيع والمحسنات البلاغية، ولا نستطيع أن نغفل عن النحو والصرف فهما ملازمان ومكملان لعملية الفحص والتدقيق وتطبيق المعايير.

د. ناجية الخرجي: في كليات التقنية نشجع المواهب على كتابة القصة والرواية وغيرها من الفنون الأدبية

كونك على تماس مع الطلاب بالجامعة، كيف ترصدين مشاكلهم مع اللغة العربية؟

نرصد مشكلات كثيرة منها، ضعف في استخدام التراكيب والأساليب اللغوية، وضعف في فرع النحو والصرف، أضف إلى ذلك عدم إقبال الطالب على القراءة بشكل عام، وعزوفه عنها، وهذه المشكلات ليست وليدة اللحظة، إنما هي متراكمة من المرحلة الابتدائية إلى الثانوية، نتيجة لعدم تضافر جهود البيت مع المدرسة. ونحن بدورنا في كليات التقنية نحاول جاهدين وضع الخطط التدريسية التي ترفع من مستوى الطالب، وتشجيع المواهب على كتابة القصة والرواية وغيرها من الفنون الأدبية، والتواصل مع دور النشر المعتمدة في الدولة.

ما أهم رسالة تحرصين دائماً على إيصالها لطالباتك؟

الرسالة التي يمكن أن أوجهها لطالباتي في الكلية هي كما قالها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»: «نحن لا نرضى إلا بالمركز الأول»، دوماً وأبداً في جميع المجالات.

زوجي رفيق الرحلة الشيقة الممتعة في معية الكتب

هل كان لعائلتك دور في توجيهك نحو تذوق اللغة وآدابها، وهل يوجد من يشاركك تلك الاهتمامات؟

لعائلتي أثر بالغ في الوقوف بجانبي ومؤازرتي عندما كنت على مقاعد الدراسة والآن وأنا أستاذ جامعي، وأخص بالذكر زوجي رفيق دربي ورفيق الرحلة الشيقة الممتعة في معية الكتب، وكذلك ابنتي عائشة نعم الصديقة الصدوقة والابنة البارة بوالديها، فهي بين فينة وأخرى لا تتوانى عن دعمي وتشجيعي وبث العبارات الرائعة والكلمات المؤثرة في مسيرتي.

ما طبيعة الكتب التي تضمها مكتبتك الخاصة، وهل قاصرة فقط على مجال بعينه؟

تتضمن مكتبتي الكثير من الكتب في مجال القصة والمسرح والرواية والشعر، كذلك هناك كتب خاصة بعلم الفراسة وعلم النفس والفلسفة أحب أن أتصفحها بين فينة وأخرى. 

هل لديك اهتمامات أخرى بعيدة عن مجال تخصصك تستقطع جزءاً من يومك؟

نعم هناك اهتمامات أخرى بخلاف الكتابة وفي مقدمتها اهتمامي بأفراد أسرتي وأحرص على اقتطاع جزء من وقتي لهم، ومتابعتهم إذا احتاج الأمر إلى ذلك، كما أن لدي ولعاً بالطهي ودخول المطبخ باستمرار، والإشراف على كل صغيرة وكبيرة فيه، علاوة على الجلوس وقت الغروب على شاطئ البحر كلما سنحت لي الفرصة.

ماذا عن مشروعاتك الأدبية الجديدة؟

هناك رواية سأطرحها في معرض الشارقة الدولي للكتاب في نسخته القادمة، فحواها أو مضمونها يتحدث عن الشعوذة والسحر يتخللها بصيص من الرعب.

* تصوير: السيد رمضان