رحلة الحافلة المدرسية.. كيف نجعلها مثمرة وممتعة؟ ومتى تكون "محنة"؟
لا يخفى تأثير رحلة حافلة المدرسة الطويلة ذهاباً وإياباً على الصحة النفسية والجسدية للطالب، التي تنعكس بشكل سلبي على رغبته على التعلم وذهابه إلى المدرسة، إلا أنها يمكن أن تكون مثمرة ومفيدة إن تم استثمارها بشكل جيد في تنمية قدرته على الاستقلالية والاهتمام بنفسه وكيفية التعامل مع الآخرين واكتسابه مهارات جديدة ومتنوعة كالتخطيط وتنظيم للوقت وحل المشكلات، وتوسيع مداركه على عوالم جديدة ومعارف مختلفة.
د. رقية الريسي
بدايةً، تقف الخبيرة الأسرية والاجتماعية الدكتورة رقية الريسي على الأبعاد النفسية السلبية والإيجابية لرحلة حافلة المدرسة الطويلة، وتشير لأهمية تعامل إدارات المدارس مع المشكلات بطريقة ذكية وذلك من خلال زيادة عدد الباصات وتوفير كوادر متخصصة للإشراف على الحافلات وتفعيل دور الأخصائي الاجتماعي في المدرسة للوقوف على أهم التحديات التي تواجه الطلاب ومعالجتها.
أبعاد نفسية سلبية لرحلة الباص المدرسي
عادة ما تكون الأبعاد النفسية السلبية لرحلة الحافلة المدرسية ناجمة عن الإجهاد الذي يتعرض له الطالب جراء قضائه وقتاً طويلاً في حافلة المدرسة:
- التعب والإرهاق: قضاء الطالب ساعات طويلة واقفاً أو جالساً في الحافلة يمكن أن يتسبب له بالتعب والإرهاق منذ بداية اليوم الدراسي بسبب عدم حصوله على ساعات النوم الكافية، مما يؤثر في قدرته على التركيز والتلقي خلال اليوم الدراسي.
- مزاج سيئ: إحساس الطالب بعدم الراحة والتوتر يعكر صفو مزاجه خاصةً في ساعات الصباح الباكر، ما ينعكس على حالته النفسية خلال ساعات اليوم المتبقية.
- التواصل الجيد مع الأسرة: تؤثر رحلة الحافلة الطويلة في حصول الطالب على وقت أكبر للتواصل مع الأهل وتكوين علاقات اجتماعية وممارسة الأنشطة والفعاليات خارج المدرسة.
أبعاد إيجابية لرحلة الباص المدرسي
- تنمية الشعور بالاستقلالية: ذهاب الطالب إلى المدرسة بواسطة الحافلة يشعره بقدر كبير بالاستقلالية والاعتماد على النفس ويزيد من تقديره لذاته، وينمي مهارة التعامل مع أوقات الفراغ بعيداً عن إشراف الوالدين.
- التدريب على إدارة الوقت: وصول الطالب في الموعد المحدد إلى المدرسة يساعده على إدارة وقته على نحوٍ أفضل.
- اكتساب مهارات اجتماعية: يتعلم الطالب خلال الوقت الذي يقضيه في الحافلة مهارات مهمة كالتواصل السلمي والتعاطف وتعزيز قيم الاحترام والتسامح مع الآخرين.
- التعلم التعاوني: يساعد تفاعل الطلاب داخل الحافلة على تبادل المعلومات ومناقشة بعض الدروس والأفكار التي تحتاج لتوضيح ما يعزز من عملية التعلم.
- التخطيط لليوم: يساعد تواجد الطلاب لوقت كافٍ في الحافلة في ساعات الصباح الأولى على مناقشة أنشطة اليوم والتخطيط لكيفية إكمال الواجبات.
- الاستفادة من وقت الفراغ الطويل في الحافلة لإكمال بعض الواجبات المدرسية أو قراءة كتاب.
ترصد د. الريسي أهمية دور إدارة المدرسة في وضع قواعد أساسية للجلوس في الباصات، وإعداد نشرات توعوية في هذا الجانب تقدم في الإذاعات المدرسية:
- إصدار بطاقات أو منشورات توضيحية تشرح بعض القواعد المهمة التي على الطلاب الالتزام بها قبل بدء العام الدراسي، منها الالتزام بالآداب العامة والجلوس في الأماكن المحددة، وعدم إخراج الرأس أو الأيدي من النوافذ، وعدم الصراخ أو إحداث الضجيج وإزعاج الآخرين.
- تكرار التذكير بالقواعد والضوابط عبر الإذاعة المدرسية، بشكل خاص للطلاب الأصغر سناً.
- تعزيز روح الالتزام من خلال مكافأة الطلاب الملتزمين بالقواعد.
- تعزيز الوعي بالقواعد والضوابط المناسبة داخل حافلات المدرسة مهم لخلق بيئة آمنة ومريحة للجميع.
توجه د. الريسي لأهمية أخذ المدرسة بعض النقاط للحد من التحديات السلبية التي يواجها الطلاب خلال رحلة الحافلة:
- توفير كوادر مختصة بالتعامل مع مشكلات الطلبة وحالات التنمر والاعتداء.
- التأكد من صلاحية الحافلات للاستخدام، وتزويدها بكاميرات تجنباً لأي طارئ أو أحداث شغب بين الطلاب.
- الاهتمام بسلامة جميع الطلاب من قبل المشرفين ومنع أي سلوكيات غير مناسبة أثناء الرحلة.
د. علي راغب علي
توصيات صحية لرحلة آمنة
لا تتوقف الآثار السلبية لرحلة الحافلة عند الجانب النفسي للطالب لتلقي بظلالها على الجانب الصحي، يكشف الدكتور علي راغب علي، استشاري ورئيس قسم الأطفال في المستشفى السعودي الألماني بعجمان، احتمالية تعرض الطلاب للإجهاد البدني نتيجة خمول الدورة الدموية التي تحد من نشاطهم الذهني وقدرتهم على الفهم والاستيعاب وتحصيلهم الدراسي، كما يمكن أن تعرضهم لآم الظهر نتيجة كثرة اهتزاز الحافلة وتوقفها، وتعرضهم كذلك للقلق والتوتر والعصبية..
وفي هذا الجانب يقدم جملة من التوصيات للمدرسة وأولياء الأمور:
- ينبغي أن تكون رحلة الحافلة ضمن مسارات قصيرة مدروسة وآمنة ولا تزيد مدتها على 40 دقيقة في الاتجاه الواحد من أو إلى المدرسة، ليتمكن الطالب من الحصول على ساعات نوم كافية تناسب عمره وتمنحه الراحة النفسية والذهنية والبدنية، حيث يحتاج الطالب من 6 إلى 12 عاماً من 9 إلى 11 ساعة من النوم، بينما يحتاج الطالب من 12 عاماً فما فوق من 8 الي 10 ساعات من النوم يومياً.
- لتفادي الجوع والحفاظ على النشاط البدني، من المهم أن تضم وجبة الإفطار بعض العناصر الغذائية المهمة كالبروتينات التي يمكن إيجادها في (البيض والمكسرات) والحديد والمغنيسيوم والزنك والدهون الصحية الموجودة في (الزبدة والأفوكادو والمكسرات) التي تساعد على تحسن وظائف المخ، والكربوهيدرات المعقدة كالبطاطا الحلوة التي تمنح الإحساس بالشبع، وهي مصدر رئيسي للطاقة الضرورية لوظائف الجسم والدماغ.
- في أغلب المراحل الدراسية يكون الطلاب في مرحلة النمو وبناء العظام لذلك على الأهل الامتناع عن تزويد الأبناء بالوجبات والأطعمة التي تحتوي على نسبة كبيرة من السكريات والدهون المسببة لفرط الحركة والبدانة، والتركيز على الخضار كالطماطم والخيار والفاكهة كالتفاح والموز والفراولة ومنتجات الألبان، كما تشكل الفواكه المجففة والبسكويت والسوائل كالماء والعصائر من الخيارات المناسبة في حافلة المدرسة.
- على الأهل الالتفات لأهمية إلحاق أبنائهم بمدارس قريبة من السكن لتجنب تعرضهم لأجهزة التكييف لفترة زمنية طويلة والانتباه لأعداد الطلاب في الحافلة الواحدة ووجود ستائر ومقاعد مريحة.