5 يوليو 2023

عمل الأبناء خلال الإجازة الصيفية.. متى يكون مفيداً؟

محررة متعاونة

محررة متعاونة

عمل الأبناء خلال الإجازة الصيفية.. متى يكون مفيداً؟

صلاح الأبناء هم يشغل تفكير الآباء كثيراً، فلا يتركون وسيلة يمكن أن تفيد أولادهم وتضمن لهم مستقبلاً كريماً إلا ويسعون إليها جاهدين قدر المستطاع، فالأبناء هم رصيد العمر لآبائهم. وما إن تبدأ الإجازة الصيفية وتنتهي ضغوط المذاكرة والامتحانات إلا ونجد أحد أولادنا قد تطرأ برأسه فكرة العمل بشكل مؤقت خلال العطلة، وهنا يقف بعض الآباء والأمهات حائرون ما بين الموافقة لما يدركون من فوائد العمل وأهميته، وضمانة ألا تضيع الإجازة ما بين الكسل والنوم، وما بين الرفض بسبب بعض السلبيات التي قد تحدث نتيجة عمل الأبناء في سن صغيرة.

طرحت «كل الأسرة» قضية عمل الأبناء خلال فترة الإجازة الصيفية على عدد من خبراء التربية والعلاقات الأسرية وعلماء الاجتماع وسألتهم: متى يكون عمل الأبناء مفيداً؟ وما هي الأعمال التي يمكن أن نوافق على التحاق أبنائنا بها؟ وما السن المناسبة للتفكير في ذلك؟ وما السلبيات التي قد تحدث لهم وكيف نتجنبها؟

متى نوافق على عمل الأبناء؟ ولماذا؟

في البداية، يؤكد الدكتور إيهاب عيد، أستاذ الطب النفسي السلوكي وعلاج وتعديل سلوك الأطفال والمراهقين بجامعة عين شمس، أنه من حق الطالب الذي خرج للتو من جو الضغوط والمذاكرة والامتحانات الاستمتاع بوقته في الإجازة الصيفية وممارسة كل الأنشطة الترفيهية الممكنة التي حرمته منها الدراسة، ولا يحق للوالدين أبداً إجباره أو إلزامه بالتفكير في العمل رغماً عنه بل يجب أن يكون هذا الأمر نابعاً من تفكيره الخاص ورغبته الأكيدة للإقدام على هذه الخطوة.

عمل الأبناء خلال الإجازة الصيفية.. متى يكون مفيداً؟

ويقول «بعض الأبناء بالفعل يفكرون في العمل خاصة بعد مرور بضعة أيام من الإجازة حيث يشعرون بالملل من النوم ومشاهدة التلفاز وتصفح مواقع التواصل الاجتماعي. والحقيقة أن الإجازة الصيفية تعتبر فرصة رائعة لاكتساب الشباب العديد من المهارات وحصد خبرات جديدة لا حصر لها من خلال خوض تجربة الخروج إلى سوق العمل».

ويرى الدكتور إيهاب عيد أن عمالة الأبناء في السن الصغيرة، أي ما قبل 13 عاماً، لا تكون مفيدة على قدر ما قد تدفع الطفل إلى مخاطر فقدان قيمة التعليم والتفكير في العمل والحصول على المكاسب القريبة، لكن بعد سن 14 عاماً يدرك وقتها الابن قيمة العمل وأهمية الوقت ويقضي على وقت الفراغ وكسر روتين الملل الذي يسببه طول فترة الإجازة الصيفية، ويؤهله لسوق العمل بشكل أفضل، ويعلمه الاعتماد على نفسه وتحمل المسؤولية، مما يمنحه القدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة ومعرفة ما يريد لنفسه مستقبلاً.

لكن الدكتور إيهاب عيد يرى في المقابل أن كسب المال مبكراً يكون سلاحاً ذا حدين بالنسبة للأبناء، فهو رغم أنه يذيقهم قيمة وحلاوة تقدير المجهود ويعلمهم عدم تضييعه في التفاهات لأنهم تعبوا من أجل الحصول عليه ولم يأتي لهم بشكل سهل، إلا أنه أيضاً قد يدفعهم إلى الرغبة في المزيد فعندما يحل موعد الدراسة لا يستطيعون التوقف عن العمل وقد ينبذون الدراسة من أجل مواصلة العمل والحصول على مال أكثر.

عمل الأبناء خلال الإجازة الصيفية.. متى يكون مفيداً؟

ضوابط يجب الالتزام بها قبل قرار عمل الأبناء

وتتفق معه الدكتورة أميرة يوسف، استشاري طب نفسي أطفال ومراهقين بجامعة عين شمس، في أنه بعد انتهاء العام الدراسي وفترة الامتحانات من المهم جداً ترك الأبناء لمدة أسبوعين على الأقل كي يناموا طوال الوقت الذي يشاؤون ويستمتعون بوقتهم كيفما أرادوا لأنهم يخرجون من العام الدراسي منهكين ومتعبين ويحتاجون للحصول على قسط كاف من النوم والراحة، ونفس الأمر قبل بدء العام الدراسي الجديد يجب أن نكرر الأمر نفسه حتى لا يدخل الأبناء الدراسة وهم مرهقون ومنهكون القوى.

وترفض الاستشارية الأسرية د. أميرة يوسف سلوك بعض الأهل في إجبار أبنائهم للبحث عن فرصة عمل خلال الإجازة أياً كانت الدوافع والأسباب وراء ذلك، فاحتياج الأسرة إلى المال وتحسين مستوى المعيشة ليست مسؤولية الأبناء خاصة ما لم يكونوا قد انتهوا من تعليمهم وحتى ولو كان الدافع دفع الأبناء للانخراط والانغماس في سوق العمل في سن صغيرة بهدف بناء شخصيتهم وتطوير قدراتهم.

وحول الشروط والأمور التي يجب مراعاتها في العمل قبل الموافقة على إلحاق الأبناء به، تبين الدكتورة أميرة يوسف:

  1. يجب ألا تتعدى ساعات العمل الفترة المسموح بها قانوناً في أغلب الدول وهي من 6 إلى 8 ساعات يومية.
  2. وأن يكون العمل يتخلله فترة راحة بمعنى ألا يكون متواصلاً.
  3. أن يتم توفير وجبة غداء لهم من خلال العمل أو على الأقل إتاحة الفرصة لتناول وجبة غداء اصطحبوها من المنزل لتناولها خلال يوم العمل.
  4. أن تكون طبيعة العمل مناسبة وآمنة تماماً ولا تعرض الأبناء لأي نوع من المخاطر.
  5. أن يحصل الأبناء بعد انتهاء العمل على تقدير مادي مناسب للجهد الذي بذلوه وشهادة خبرة بفترة عملهم.
  6. ألا يتم الإقدام على هذه الخطوة بالموافقة على إلحاق الطفل بالعمل قبل سن 15 عاماً حتى يحقق العمل هدفه ومردوده المعنوي والاجتماعي.
  7. متابعة الأبناء وتقديم الدعم لهم وتشجيعهم على تحقيق أقصى استفادة من العمل والتحدث معهم حول أي معوقات تواجههم والاستجابة فوراً لمطالبهم إذا ما قرروا التوقف عن العمل وعدم إجبارهم على الاستمرار فيه.

عمل الأبناء خلال الإجازة الصيفية.. متى يكون مفيداً؟

أفكار واقتراحات لأعمال مناسبة للأبناء خلال العطلة الصيفية

أما الدكتور عبد العزيز آدم، استشاري العلوم النفسية والسلوكية وعضو الاتحاد العالمي للصحة النفسية بالقاهرة، فيقدم اقتراحات وأفكار للأطفال والشباب للاستفادة القصوى من الإجازة الصيفية ومجالات يمكنهم العمل فيها:

  • من المفيد جداً أن يحدد الأبناء بأنفسهم وبمساعدة الأهل أيضاً ما هي المهارات التي تنقصهم ويحاولون صقلها إما بدورات مكثفة وورش عمل أو حتى من خلال القراءة والبحث، ومن أهم المهارات التي تنقص الكثير من الأبناء: فن إدارة الوقت، فن إدارة المال، الثقة بالنفس، التواصل الناجح مع الآخرين، وهذا بخلاف اللغات وإتقانها.
  • تعلم البرمجة وتطوير الذات في التعامل مع وسائل التكنولوجيا الحديثة بما ينفعنا في مواصلة مسيرتنا التعليمية والعملية على أفضل ما يكون، فالأمر لا يتطلب دراسة وتخصصاً بل يحتاج لورش تعليمية ودورات تنمية قدرات تكنولوجية.
  • من المفيد جداً عندما يفكر الأبناء والأهل في التدريب الصيفي أن يكون ذلك يتوافق مع تخصصاتهم الدراسية أو على الأقل ميولهم الوظيفية فيما يتعلق بالمستقبل، لأن ذلك يساهم في العمل بسهولة وباحتراف بعد التخرج حتى ولو كان التدريب الصيفي قبل التخرج بدون أجر إلا أنه يكون أفضل من عمل آخر بأجر لكنه لن يفيدنا في حياتنا العملية فيما بعد.
  • التطوع في الأعمال الخيرية من أفضل الأعمال التي يمكن أن نخرط وندمج أبنائنا فيها خلال عطلة الصيف لأنها لن تثقل فقط خبراتهم الحياتية ولكن أيضاً تعلمهم التعاون ومساعدة الفئات الأكثر احتياجاً مثل الأيتام وكبار السن وذوو القدرات الخاصة لأن الأعمال التطوعية تكسب الأبناء خبرة، ومعرفة وفي نفس الوقت تعلمهم أن المال ليس كل شيء في الحياة ودمجهم مع الآخرين في المجتمع بسهولة.
  • تنمية المواهب الفنية والثقافية وأيضاً زيارة الأماكن الأثرية والعلمية والأدبية من خلال المعسكرات الصيفية، له قيمة أفضل للأبناء وأحياناً تكون أكثر من القيمة التي يحصلون عليها من العمل خاصة في السن ما قبل الجامعة لأنها لن تثقل كاهلهم بالمسؤوليات وفي نفس الوقت ستساعدهم في فهم تاريخهم وتطوير أنفسهم بشكل أفضل.
  • من المناسب أيضاً للبنات والأولاد كذلك إشراكهم في ترتيب أغراضهم وتنظيف المسكن وإعداد الطعام لأن هذا الأمر سيعلمهم الاعتماد على أنفسهم وكذلك قضاء أوقات عائلية لا تنسى وستعلمهم النظام وروح التعاون داخل الأسرة.
  • العطلة الصيفية موعد مناسب لنعلم أولادنا اتباع طرق صحية في الحياة سواء من خلال ممارسة الرياضة أو اتباع حمية مناسبة لاستعادة الوزن المثالي الذي يتأثر بفترة الدراسة والامتحانات والبقاء طويلاً في البيت بين الطعام والمذاكرة.
  • يجب ألا ننسى أن الجمع بين العمل والدراسة من أكثر القرارات التي ربما قد يتخذها الأبناء بعد تجربة ممارسة بعض الأعمال خلال فترة العطلة الصيفية، لذلك ينبغي أن نفكر في جواب نقدمه لأولادنا إذا ما اتجه تفكيرهم إلى ذلك وإقناعهم بإرجاء الأمر إلى ما بعد الانتهاء من الدراسة وإلا سنكون قد جنينا عليهم بدلاً من نفعهم.

 

مقالات ذات صلة