صلاح الأبناء هم يشغل تفكير الآباء كثيراً، فلا يتركون وسيلة يمكن أن تفيد أولادهم وتضمن لهم مستقبلاً كريماً إلا ويسعون إليها جاهدين قدر المستطاع، فالأبناء هم رصيد العمر لآبائهم. وما إن تبدأ الإجازة الصيفية وتنتهي ضغوط المذاكرة والامتحانات إلا ونجد أحد أولادنا قد تطرأ برأسه فكرة العمل بشكل مؤقت خلال العطلة، وهنا يقف بعض الآباء والأمهات حائرون ما بين الموافقة لما يدركون من فوائد العمل وأهميته، وضمانة ألا تضيع الإجازة ما بين الكسل والنوم، وما بين الرفض بسبب بعض السلبيات التي قد تحدث نتيجة عمل الأبناء في سن صغيرة.
طرحت «كل الأسرة» قضية عمل الأبناء خلال فترة الإجازة الصيفية على عدد من خبراء التربية والعلاقات الأسرية وعلماء الاجتماع وسألتهم: متى يكون عمل الأبناء مفيداً؟ وما هي الأعمال التي يمكن أن نوافق على التحاق أبنائنا بها؟ وما السن المناسبة للتفكير في ذلك؟ وما السلبيات التي قد تحدث لهم وكيف نتجنبها؟
متى نوافق على عمل الأبناء؟ ولماذا؟
في البداية، يؤكد الدكتور إيهاب عيد، أستاذ الطب النفسي السلوكي وعلاج وتعديل سلوك الأطفال والمراهقين بجامعة عين شمس، أنه من حق الطالب الذي خرج للتو من جو الضغوط والمذاكرة والامتحانات الاستمتاع بوقته في الإجازة الصيفية وممارسة كل الأنشطة الترفيهية الممكنة التي حرمته منها الدراسة، ولا يحق للوالدين أبداً إجباره أو إلزامه بالتفكير في العمل رغماً عنه بل يجب أن يكون هذا الأمر نابعاً من تفكيره الخاص ورغبته الأكيدة للإقدام على هذه الخطوة.
ويقول «بعض الأبناء بالفعل يفكرون في العمل خاصة بعد مرور بضعة أيام من الإجازة حيث يشعرون بالملل من النوم ومشاهدة التلفاز وتصفح مواقع التواصل الاجتماعي. والحقيقة أن الإجازة الصيفية تعتبر فرصة رائعة لاكتساب الشباب العديد من المهارات وحصد خبرات جديدة لا حصر لها من خلال خوض تجربة الخروج إلى سوق العمل».
ويرى الدكتور إيهاب عيد أن عمالة الأبناء في السن الصغيرة، أي ما قبل 13 عاماً، لا تكون مفيدة على قدر ما قد تدفع الطفل إلى مخاطر فقدان قيمة التعليم والتفكير في العمل والحصول على المكاسب القريبة، لكن بعد سن 14 عاماً يدرك وقتها الابن قيمة العمل وأهمية الوقت ويقضي على وقت الفراغ وكسر روتين الملل الذي يسببه طول فترة الإجازة الصيفية، ويؤهله لسوق العمل بشكل أفضل، ويعلمه الاعتماد على نفسه وتحمل المسؤولية، مما يمنحه القدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة ومعرفة ما يريد لنفسه مستقبلاً.
لكن الدكتور إيهاب عيد يرى في المقابل أن كسب المال مبكراً يكون سلاحاً ذا حدين بالنسبة للأبناء، فهو رغم أنه يذيقهم قيمة وحلاوة تقدير المجهود ويعلمهم عدم تضييعه في التفاهات لأنهم تعبوا من أجل الحصول عليه ولم يأتي لهم بشكل سهل، إلا أنه أيضاً قد يدفعهم إلى الرغبة في المزيد فعندما يحل موعد الدراسة لا يستطيعون التوقف عن العمل وقد ينبذون الدراسة من أجل مواصلة العمل والحصول على مال أكثر.
ضوابط يجب الالتزام بها قبل قرار عمل الأبناء
وتتفق معه الدكتورة أميرة يوسف، استشاري طب نفسي أطفال ومراهقين بجامعة عين شمس، في أنه بعد انتهاء العام الدراسي وفترة الامتحانات من المهم جداً ترك الأبناء لمدة أسبوعين على الأقل كي يناموا طوال الوقت الذي يشاؤون ويستمتعون بوقتهم كيفما أرادوا لأنهم يخرجون من العام الدراسي منهكين ومتعبين ويحتاجون للحصول على قسط كاف من النوم والراحة، ونفس الأمر قبل بدء العام الدراسي الجديد يجب أن نكرر الأمر نفسه حتى لا يدخل الأبناء الدراسة وهم مرهقون ومنهكون القوى.
وترفض الاستشارية الأسرية د. أميرة يوسف سلوك بعض الأهل في إجبار أبنائهم للبحث عن فرصة عمل خلال الإجازة أياً كانت الدوافع والأسباب وراء ذلك، فاحتياج الأسرة إلى المال وتحسين مستوى المعيشة ليست مسؤولية الأبناء خاصة ما لم يكونوا قد انتهوا من تعليمهم وحتى ولو كان الدافع دفع الأبناء للانخراط والانغماس في سوق العمل في سن صغيرة بهدف بناء شخصيتهم وتطوير قدراتهم.
وحول الشروط والأمور التي يجب مراعاتها في العمل قبل الموافقة على إلحاق الأبناء به، تبين الدكتورة أميرة يوسف:
أفكار واقتراحات لأعمال مناسبة للأبناء خلال العطلة الصيفية
أما الدكتور عبد العزيز آدم، استشاري العلوم النفسية والسلوكية وعضو الاتحاد العالمي للصحة النفسية بالقاهرة، فيقدم اقتراحات وأفكار للأطفال والشباب للاستفادة القصوى من الإجازة الصيفية ومجالات يمكنهم العمل فيها: