03 نوفمبر 2022

كيف أشرح لطفلي الفرق بين الولد والبنت؟

أستاذة وباحثة جامعية

كيف أشرح لطفلي الفرق بين الولد والبنت؟

كيف أشرح لطفلي الأمور البسيطة كما المعقدة ؟ كيف أحدثه عن أمور الحياة والأحداث التي تدور من حوله وهو يراها ويشعر بها في حين أنه بالكاد يتكلم ؟ ومع هذا من الضروري أن نتوجه إليه بالحديث وأن نشرح له ما يجري حتى لا يعيش حالة قلق قد تترك آثاراً سلبية لديه على المدى الطويل.

يتوجه كتاب "كيف أقول لطفلي..؟" للمؤلفة والطبيبة النفسية ماري نويل كليمان إلى ذوي الأطفال الذين يبلغون أقل من السادسة من العمر وإلى كل الأشخاص الذين يتعاطون مع هؤلاء الأطفال. هذا لأنه غالباً ما نظن أنه ليس من الضروري أن نخبر صغار الأطفال بالأحداث التي تؤثر في حياتهم وفي محيطهم فتؤثر بالتالي فيهم بشكل مباشر أو غير مباشر. والسبب الذي يُقدَّم هو أن الطفل الصغير لا يمتلك بعد اللغة أو أنه لا يمتلكها بالقدر الكافي فيظن الكبار أنه سيكون عاجزاً عن فهم المعلومة التي ستعطى له. والسبب الثاني هو أن عالم الصغير يبدو بعيداً جداً عن عالم الكبار فلمَ إزعاج الصغير بأخبار لا تخصّه بالدرجة الأولى أو لا تهمه؟

كتاب
كتاب "كيف أقول لطفلي..؟" تأليف ماري نويل كليمان

التساؤلات الجنسية لدى الأطفال

منذ قرن من الزمن، فتح العالم النفسي الشهير سيغموند فرويد أعين العالم على وجود تساؤلات جنسية لدى الأطفال، لكنه هل كان يتوقع عالَماً يواجه فيه الأطفال في سن مبكرة جداً صوراً ذات إيحاءات جنسية؟ ومع هذا، ترانا نفضل بشكل مستغرب أن نظل مؤمنين بأسطورة الطفولة النقية والبريئة والخالية من كل ما يمت إلى الجنس بصلة... أما في الواقع، فإنه يتحتم علينا أن نجد طريقة للتحدث مع الأطفال في هذا الموضوع الحسّاس وهي طريقة تقع في منزلة بين منزلتين: بين الكذب الذي يحدو بنا إلى النفي الكامل وبين الصدق المجرد الذي يقودنا إلى إدخال الطفل في عالم الكبار في وقت مبكر وغير مناسب له.

يجب التحدث عن الحياة الجنسية بشكل عام، دون أن يتطرق الأهل إلى حياتهم الجنسية، فالمطلوب ليس أن نخبر الطفل بأي طريقة تمكن أهله من إنجابه ولكن كيف يتم إنجاب الأطفال في العالم

في مجال الجنس، تقود الحركات والصور بسهولة إلى التباسات شديدة، لذا يجب ترك الطفل يتخيل المسائل بنفسه انطلاقاً من الكلمات التي يسمعها من أهله. لهذا السبب فإن الكتب العلمية أو حتى الموجهة للأطفال والتي تتضمن صوراً للأعضاء التناسلية أو مشاهد من الولادات لا تصلح لإعطاء الطفل المعلومة المناسبة، وغني عن القول إن على الكبار ألا يشرحوا للطفل أي شيء مستخدمين جسدهم كمثال.

لذا يجب الحرص على التحدث عن الحياة الجنسية بشكل عام ومن دون أن يتطرق الأهل إلى حياتهم الجنسية، فالمطلوب ليس أن نخبر الطفل بأي طريقة تمكن أهله من إنجابه ولكن كيف يتم إنجاب الأطفال بشكل عام في العالم.

متى نحدِّث الطفل؟

كيف أشرح لطفلي الفرق بين الولد والبنت؟

قبل سن السنتين، لا يدرك الطفل بصرياً الفرق بين الأشكال ولا يمتلك حس الحجم والمقارنة على الأقل عندما يستخدم عينيه، ففي هذه الفترة يستكشف العالم بواسطة لمسه. وهكذا إن رأى أهله عارين في الحمام لن يرى أعضاءهم التناسلية.

ثم تأتي اللحظة المهمة جداً حين يبدأ بالتمييز بين ما هو متشابه وما هو مختلف فيرى الطفل الأشكال ويلاحظ الأجساد ويفرق بين ما هو صغير وكبير، مستطيل ومستدير وبين الولد والبنت.
يمكن للأهل أو المربين تقديم المعلومات المتصلة بالفرق بين الجنسين على مرحلتين:

  • أولهما منذ ولادة الطفل حيث من المطلوب تسمية كل أعضاء الجسم، ومتى ألِف الطفل جسمه بواسطة الكلمات وخلال العناية التي تقدم له واستكشافه لجسمه، سيكون جاهزاً لفهم الفرق بين الجنسين وانتمائه لأحدهما.
  • في السنة الثالثة سيكون بحاجة إلى عناصر تمكنه من فهم ما يتخطى قدرته على الملاحظة أو الإحساس.

كيف نعلم الطفل تسمية كل أعضاء الجسم؟

حين تعطي الأم حمّاماً لطفلها أو تغير له حفاضه أو تلبسه ثيابه، تسمي بشكل عفوي كل أعضاء جسمه: الرأس (الذي لا يدخل بسهولة في الملابس)، الذراعان (اللتان لا تندسان إلا بعد عذاب في الكمين)، الساقان (اللتان لا تتوقفان عن الحركة)... وكذلك المؤخرة التي تحظى بتنظيفات دقيقة وعناية مركزة وأخيراً الأعضاء التناسلية التي قد تلقب بألقاب محببة بحسب ما ترتاح إليه الأسرة.

تعتبر اللجنة الفدرالية السويسرية لحماية الطفولة أن تسمية الأعضاء التناسلية لدى الصغير حينما نعتني به شكل من أشكال التربية الضمنية تقول للطفل إن هذا موضوع يمكن التحدث فيه لإعطاء الطفل العناصر المطلوبة حتى يتعرف إلى جسمه بطريقة محترمة وحتى يتعلم أن يحترم جسمه، وهذا ما لا تؤمنه المصادر الخارجية من تلفزيون وإنترنت التي يمكن أن يشاهدها الطفل ويطلع عليها خلال نموه.

شرح الفرق بين الجنسين في السنة الثالثة

بعد السنة الثانية ولأن الطفل يبدأ بإدراك الفوارق، يأخذ بالتساؤل حول الفرق بين الجنسين. لذا من المهم أن نضع كلمات على هذه الملاحظات التي يقوم بها ما يوفر عليه الكثير من القلق حول هذا الموضوع.

أسئلة الأطفال غير مباشرة

كيف أشرح لطفلي الفرق بين الولد والبنت؟

أحياناً يطرح الطفل أسئلة وفي أحيان أخرى لا يطرح أي سؤال، لكن من الخطأ الظن أنه يعرف أو أنه ليس جاهزاً... وهذه كلها حجج لتركه يتدبر أمره لوحده أمام هذا اللغز الكبير في حياته! فربما أن الطفل الذي لا يطرح أسئلة من النوع الذي لم يعتد أن يجد رداً على أسئلته أو أن وضعيته كـ«طفل رضيع» تناسب أكثر الكبار من حوله.

وفي كل حال من الأحوال، بعد سن الرابعة، نادراً ما يطرح الأطفال أسئلة مباشرة.

خلف سؤال «أي كنت أنا قبل أن أولد؟» يمكن سماع دعوته إلى شرح الحمل. أما بالنسبة إلى دور الأب في صناعة الأطفال فقد يمر عبر قوله «رفيقي في المدرسة لا يملك أباً...؟» ومن يسأل إن كان سينجب أطفالاً حينما يكبر، لا بد أنه يشعر برغبة في معرفة معلومات عن إنجاب الأطفال. ولا يندر أن تخرج أسئلة الطفل في لحظات حميمة، في وقت الحمام أو في وقت النوم، وهي قد لا تتخذ شكل كلمات ففي بعض الأحيان ينظر الطفل إلى عضوه التناسلي أو يلمسه وهذه أيضاً طريقة للسؤال.

لكل سؤال ولكل سن جواب يناسبه

ليس المطلوب بالطبع أن نعمد إلى تقديم تفاصيل تشريحية دقيقة إلى الصغير حول موضوع بهذه الدقة... لذا يجب أن نحرص على ألا نعطي الكثير من المعلومات دفعة واحدة وأن نرافق الطفل بحسب سرعته وإيقاعه لنفسح له في المجال حتى يطرح علينا أو على نفسه كل الأسئلة التي يرغب فيها.

على الكلمات التي نستخدمها أن تكون بسيطة، وفي البداية يجدر بنا أن نقول أو أن نكرر الفرق بين الولد والبنت «أنت تعلم أن الولد غير البنت».

وفي حال استمر الطفل في السؤال يمكن أن نواصل الحديث ويمكن أن نستمر حتى لو لم يسأل فنقول «البنات يختلفن عن الأولاد لأن البنات سيصبحن أمهات والأولاد سيصبحون آباء».

ومع مرور الوقت، يتعين علينا أن نكون أكثر دقة لأن وجود الأعضاء التناسلية في المنطقة ذاتها التي تقوم بوظيفة التبول أو التبرز هي مصدر قلق وخلط بالنسبة إلى الأطفال تقودهم أحياناً إلى تخيلات شديدة الغرابة حول فن وطريقة صناعة الأطفال! لذا علينا أن نحدد بأن للفتاة جيب يكبر فيه الطفل في ما بعد عندما يحين الوقت حتى تصبح البنت أماً.

اكتشاف الفرق بين الجنسين هو نهاية وهْم بالنسبة إلى الطفل فهو يعي أنه ولد أو بنت ولا يمكن أن يكون الاثنين في وقت واحد. الفرق بين الجنسين حدود مرسومة في الجسم يؤكدها الأهل والمجتمع وحين يعلم الطفل بانتمائه إلى جنس واحد من الجنسين تنتهي عنده مرحلة الاستفهام.