14 نوفمبر 2022

والدة الملياردير إيلون ماسك تنشر مذكراتها.. فماذا قالت؟!

كاتبة صحافية

والدة الملياردير إيلون ماسك تنشر مذكراتها.. فماذا قالت؟!

هناك مثل شهير يقول إن «فلانة تحكي بفلوسها»، وهو ينطبق على ماي ماسك، هذه السيدة التي تقترب من الثمانين وتحرص على أن تزاحم ولدها في الصورة.. من هو ابنها؟

هو إيلون ماسك، رجل الأعمال الملياردير الأميركي الجنسية الذي تزيد ثروته على 254 مليار دولار، وبهذه المليارات فإن كل ما تنطق به هذه المرأة ذات الشعر الفضي القصير يتحول إلى حبات لؤلؤ تطرز بها الصحف عناوينها.

ماي ماسك
ماي ماسك

ما رأيكم بامرأة تقرر أن تصبح «توب موديل» بعد أن تجاوزت السبعين؟ إنها غير محتاجة للعمل بل هي تملك فائضاً من الثروة. يكفي القول إنها والدة الثري إلون ماسك الذي سمعنا عنه مؤخراً بعد أن دخل في صفقات مليارية.

هل تنوي ماي ماسك منافسة ولدها في شهرته؟ هذا ما نعرفه من سيرتها الذاتية التي صدرت طبعتها الفرنسية حديثاً بعنوان «دروس حياة».

غلاف كتاب «دروس حياة»
غلاف كتاب «دروس حياة»

رحلة ماي ماسك القاسية

حياتها لم تكن سهلة دائماً. فقد تلقت ضربات شديدة في بعض الفترات. لكنها لم تتوقف مطلقاً عن إعادة ابتكار وسائل العيش.

إن كل ما يتعلق بها يبدو غريباً للوهلة الأولى.

كيف نجحت في عرض الأزياء وهي في السن التي تؤهلها للإقامة في دور المسنين؟

كيف أنجبت ولداً صار مع بلوغه الخمسين أغنى رجل في العالم؟

لكن هذا ليس سوى جانب من المدهشات. والأغرب من كل ما سبق أنها عرفت كيف تجتاز حياة تجمع ما بين العادية والمثيرة. مسيرة تبدو غير معقولة، ترويها في هذا الكتاب الذي تتصدره صورتها بشعرها القصير الفضي وأناقتها المميزة.

ماي ماسك
ماي ماسك

للترويج للطبعة الفرنسية من مذكراتها حضرت ماي ماسك إلى باريس وأقامت في جناح فاخر من فندق «بلازا أتينيه»، حيث استقبلت المحررين والمصورين.

كان من الصعب أن نتخيل أن تلك السيدة ذات العينين الزرقاوين الزجاجيتين والابتسامة الصادقة قد مرت بكل تلك التجارب التي ترويها في الكتاب.

كانت زوجة لرجل عنيف يعاملها بفظاظة، ربت لوحدها أطفالها الثلاثة في ظروف صعبة، ليصبح أحدهم إيلون ماسك!

امرأة تشعر معها بالود، بدون كثير زركشة، تقضم شطيرة بالجبنة بين لقاءين صحفيين أو تجربتين لفساتين من توقيع «ديور».

إنها تتصرف باحتراف أمام عدسة المصور وتعرف كيف تأخذ أوضاعاً بزوايا جميلة مثل من مارست مهنة عرض الأزياء منذ نصف قرن.

لقد كانت عارضة مثل مئات غيرها. لكنها اليوم توقع عقوداً بالملايين وتصبح سفيرة لكبريات شركات مستحضرات التجميل وتحتل أغلفة مجلات الموضة.

بل لا تجد حرجاً وهي في هذه السن من الظهور بلباس البحر.

لقد مارست المهنة من الصفوف الخلفية. ثم جاءت ثروة ابنها لتقذف بها مع تجاعيدها إلى الصف الأول.

مع ابنها إيلون ماسك
مع ابنها إيلون ماسك

ابنها، إيلون ماسك، من مواليد بريتوريا في دولة جنوب إفريقيا عام 1971. مهندس ومقاول درس في جامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة ويحمل أيضاً الجنسيتين الكندية والأميركية. أما عدد شركاته واستثماراته فأصعب من أن يحصى، والأصعب منه ثروته.

إنه يملك 254 مليار دولار و«شوية ملايين فراطة». والأهم من كل هذا أنه متعلق بوالدته التي شقيت في تربيته مع أخويه.

يهتم بها ويرافقها إلى كل المناسبات الفخمة وكأنها ملكة وهو أميرها وولي عهدها.

في سن الخامسة عشرة شاركت ماي في مسابقة محلية للجمال. وفي عام 1969 كانت دون العشرين بقليل حين ظهر اسمها في التصفيات النهائية لملكة جمال جنوب إفريقيا.

وقد انتهزت فرصة تلك الشهرة المحدودة فقررت أن تصبح مرشدة غذائية وتحصل على شهادة في المهنة. وهي قد واصلت ذلك العمل حتى سن التقاعد، لتصبح فجأة عارضة أزياء في فئة السيدات المتقدمات في السن. وقد حالفها الحظ ونالت شهرة كبيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وصار لها 600 ألف متابع على «إنستغرام». وكان مما ساعدها في النجاح احتفاظها بقوام رشيق ومرونة تليق بالشابات.

تقول في كتابها إنها استمتعت كثيراً في مهنتها، خصوصاً وأنها كانت تمارسها مع قدر من السخرية والتسلية. كما أن وسائل التواصل ساهمت في تغيير النظرة نحو النساء المتقدمات في السن. وتضيف «جاءتني الشهرة حين توقفت عن صبغ شعري. وقد ترافق ذلك مع وقت كان فيه الطلب كبيراً على العارضات الأكبر سناً أو السمينات الأكثر وزناً.لم أتصور أنني سأنجح في سن الرابعة والسبعين. ففي شبابي كنت أخضع لأكثر من 20 اختباراً قبل أن أجتاز واحداً منها. وكنت أقود سيارتي لأكثر من ساعة وأصل فأجد مئات المتقدمات للعمل قد سبقنني. ثم أعود إلى بيتي خالية الوفاض».

والدة الملياردير إيلون ماسك تنشر مذكراتها.. فماذا قالت؟!

لم تتراجع ماي ماسك عن روح النكتة وحبها للمشاكسة التي تبلغ حد الاستفزاز.

ففي عام 2011 وكانت في الثالثة والستين، ظهرت حبلى ومتخففة من الثياب على غلاف «نيويورك ماجازين».

وكانت تلك الصورة تقليداً للقطة شهيرة للممثلة ديمي مور.

وطبعاً لم تكن هي المرأة الحامل بل تم مزج صورتها بـ «الفوتوشوب» بصورة امرأة حبلى بالفعل. والطريف أن الناس الذين كانت تلتقيهم في الطريق بعد فترة من نشر الصورة، كانوا يهنئونها لأنها استعادت رشاقتها بسرعة بعد الولادة!

والدة الملياردير إيلون ماسك تنشر مذكراتها.. فماذا قالت؟!

وافقت ماي ماسك على تلك الصورة لأنها رأت فيها فعلاً سياسياً واجتماعياً، وهو الدفاع عن حق المرأة التي تجاوزت الأربعين في الأمومة. وهناك من يسمح لها الطب والوسائل العلاجية الحديثة في الحمل وهي في الخمسين، وهو أمر كان يعتبر من المحرمات المسكوت عنها في الغرب، حيث يعيب المرأة أن تصبح أماً في سن متقدمة بينما لا يعيب ذلك الرجل بل يفتخر به.

لقد ترددت ماي في الموافقة على ذلك الغلاف لكن ابنتها توسكا أقنعتها بالقبول. وكانت الابنة في الأربعين وقد تأخرت في الإنجاب وحملت بفضل الزراعة في الأنابيب.

أرادت أن تكون رمزاً للاجتهاد والشجاعة والإصرار

تتذوق ماي ماسك، حالياً، لذة أن تكون نجمة طازجة، جاءتها الشهرة على كبر. إنها سفيرة مستحضرات «ديور» للتجميل وقد منحت اسمها لنوع من الورد الذي يزرع في الحدائق خصيصاً لمتحف المصمم كريستيان ديور في بلدة «جرانفيل» الواقعة في مقاطعة النورماندي.

سفيرة مستحضرات «ديور» للتجميل
سفيرة مستحضرات «ديور» للتجميل

إنها سعيدة مثل طفلة، تتوق للذهاب إلى شاطئ البلدة الساحلية ولقاء المعجبين بها هناك. وهي قد شعرت بالحاجة لتسجيل مذكراتها حين تابعت أحوال النساء في العديد من بقاع العالم.

لقد أرادت أن تكون رمزاً للاجتهاد والشجاعة والإصرار. وقد شجعتها ناشرتها في نيويورك على ذلك.

فالقارئ قد لا يكتفي بالحكاية البراقة بل بما وراء السيرة من مشقات وعثرات، وهي قد عانت زوجاً عنيفاً، لكن الناشرة طلبت منها عدم الخوض في الكثير من هذه التفاصيل لأنها ستصرف انتباه القارئ عن حقيقة كفاحها، عدا عن أن أبناءها لم يحبوا التطرق إلى تلك الخلافات العائلية.

ماذا عن زوجها السابق؟

تكاد ماي لا تنطق اسم إيرول. إنه الزوج الذي لم تكن تود الاقتران به ثم حملت لقبه طوال حياتها. كان يهددها ويضربها ويبتزها واحتاج الأمر عشر سنوات للانفصال عنه بعد ولادة ثلاثة أطفال: إيلون وكمبال وتوسكا.

والدة الملياردير إيلون ماسك تنشر مذكراتها.. فماذا قالت؟!

لقد كانت شقيقتها التوأم على وشك الزواج فوافقت على طلب إيرول الملح وتزوجته. وفي عام 1979 تطلقا بعد سنوات من معركة قضائية محتدمة.

لقد أرادت أن تكون لها حضانة الأولاد لكنها كانت بدون موارد رغم الوضع المادي الجيد لوالدها.

وهي لم تحاول أن تطلب المساعدة من عائلتها وتظاهرت بأنها مكتفية، بل إن أشقاءها وشقيقاتها لم يعرفوا بضائقتها المالية، وقد تفاجأوا عند قراءتهم لكتابها.

وهي اليوم تشجع النساء على رفض العنف الزوجي وعلى المطالبة بحقهن في الكرامة والرحمة والإنصاف. إن من يراها وهي تتحرك في جناحها الفندقي الفخم وتتكلم بأناقة يظنها قد تلقت تربيتها في أرقى مدارس سويسرا الداخلية للبنات.

والدة الملياردير إيلون ماسك تنشر مذكراتها.. فماذا قالت؟!

والحقيقة أنها نشأت شبه حافية في بريتوريا، ترعرعت في حي متواضع قبل أن يشتغل والدها الطبيب في المقاولات ويجمع ثروة. وكانت أمها معلمة رقص ربت أبناءها الخمسة على الاستقلال والاعتماد على النفس.

مع أسرتها سافرت ماي في كافة أنحاء إفريقيا وأوروبا وزارت عدداً من البلاد العربية. فقد قرر والدها ذات يوم أن يبيع سيارته ويشتري طائرة عمودية، وعلى متن تلك الطائرة كان يأخذ زوجته وأطفاله في رحلات لا تستند إلى خرائط.

وكان يحدث أن تهبط الطائرة في عرض الطريق لعدم وجود مطار في المنطقة.

وفي إحدى المرات أراد الأب الطيران لاستكشاف موقع أثري في ناميبيا. وأمضى الأطفال ليلتهم تحت ضوء النجوم في عراء صحراء كالاهاري، كانت هناك حيوانات وحشية في المكان ولا أحد يتكلم الإنجليزية، وقد أصيبوا بالإسهال ذات رحلة وكانوا يستعجلون الهبوط لقضاء حاجتهم.

في شبابها
في شبابها

من يقرأ سيرة ماي يفهم نوع التربية التي نشأ عليها ابنها البكر ليصبح قادراً على المغامرة والمنافسة والنجاح.

إنه الرجل الذي ينوي نقل السياح إلى كوكب الزهرة على متن صاروخه «ستارشيب». وهي تروي كيف كان الولد البكر يملك جواباً لأي سؤال بحيث أن لقبه داخل الأسرة كان«إيلون الموسوعي».

لقد اشتغل ابنها الآخر طباخاً والبنت منتجة سينمائية. لكنها تحب أن تذكر قراءها بأنها كانت معروفة وشهيرة قبل شهرة ابنها. لكن الحقيقة أن أحداً ما كان التفت لكتابها لولا أنها والدة أغنى رجل في العالم.

مع إيلون ماسك
مع إيلون ماسك

ما إحساسها وهي والدة الرجل الأغنى؟

تجيب أن إيلون كان ولداً شغوفاً وهي فخورة به بشكل كبير، وكل ما يمكنها قوله هو أن على الوالدين ترك أبناءهم يختارون الطريق التي يحبون في الحياة.

أما في الكتاب فإنها تصف ولداً شجاعاً تصدى ذات يوم لأبيه ووقف حائلاً بينه وبين والدته لكي يحميها من ضرباته، إلى أن جاء اليوم الذي قرر فيه الولد السفر إلى كندا للإقامة هناك.
لقد استفاد من كون عائلة والدته تحمل الجنسية الكندية، وهي قد زودته بعناوين كل أقاربها هناك وكتبت لهم جميعاً توصيهم به.

لكن رسائلها وصلت بعد ستة أسابيع من وصوله، وكان عليه أن يتدبر أموره وحيداً.

وفي نهاية المطاف لحقت به. كانت في الثانية والأربعين وتركت كل شيء وراءها لتكون بجوار ابنها. وهناك فتحت عيادة للنصائح الغذائية واشتغلت عارضة أزياء بموازاة ذلك.

والدة الملياردير إيلون ماسك تنشر مذكراتها.. فماذا قالت؟!

تكتب أن تلك الفترة كانت صعبة، والمال شحيح، وقد وصلت تورنتو مع ولديها ولم تكن لديهم معاطف ثقيلة لمواجهة الصقيع، فاشترت مع ابنتها معطفين من دكان للثياب المستعملة.
وفي التسعينات انتقل إلون إلى سان فرانسيسكو وتبعته والدته، وكان قد بدأ اسمه يلمع في وادي السليكون، مقر الشركات التي تتعامل بالبرمجيات الرقمية المبتكرة.

والدة الملياردير إيلون ماسك تنشر مذكراتها.. فماذا قالت؟!

وهناك سكنت الأم في شقة من غرفة واحدة فيها ستارة تفصل حجرة النوم عن مكان الجلوس.

وكانت تأخذ ثيابها لتغسلها في المغاسل العمومية. وقد اشترى إيلون أريكة يمكن فتحها وتحويلها إلى سرير لكي ينام عليها حين يزورها ويضطر للمكوث عندها. لكنه لم يستخدمها سوى مرة واحدة.

تزوج الابن وصار ثرياً وهي صارت جدة لعدة أحفاد. إن وقته محسوب بالثواني لكن علاقتهما وطيدة.

وفي الربيع الماضي أخذها معه إلى حفل كبير راقص في نيويورك وتقول إنه كان سعيداً لابتعاده بعض الشيء عن مشاغل الطائرات والصواريخ.