20 نوفمبر 2021

مفتي مصر: تجميد البويضات للإنجاب جائز شرعًا لكن بضوابط

محرر متعاون

مفتي مصر: تجميد البويضات للإنجاب جائز شرعًا لكن بضوابط

عاد الجدل من جديد حول مشروعية تجميد بويضات المرأة إذا تأخر زواجها، عقب إعلان الممثلة المصرية «أمينة خليل» مؤخراً عن فسخ خطوبتها للمرة الثانية، وتفكيرها في تجميد بويضاتها للإنجاب في المستقبل إذا تأخر زواجها، لكي تشبع عاطفة الأمومة مثل كل النساء. والواقع أن تجميد بويضات النساء للإنجاب في المستقبل، إذا ما تقدم بهن العمر دون زواج، يحتاج إلى حسم شرعي، حيث تفتي مؤسسات فتوى معتبرة بجوازه في ظل الالتزام بشروط وضوابط شرعية، بينما يتحفظ عليه البعض خوفاً من خلط الأنساب.

لذلك كان من المهم أن نرجع إلى علماء الشريعة الإسلامية ونتعرف إلى مواقف مؤسسات الفتوى من هذا الأمر، ونسألهم عن تداعيات إباحة وشيوع تقنية تجميد البويضات على مجتمعاتنا دينياً واجتماعياً وأخلاقياً.. وفيما يلي خلاصة ما قاله العلماء ونصت عليه الفتاوى الرسمية:

لتنجح نتائج تجميد البويضات يجب أن تكون المرأة في الثلاثينات من العمر، أي حوالى من 30 إلى 35 عامًا

يؤكد دكتور يحيى وفا، أستاذ أمراض النساء والتوليد والعقم بكلية الطب بجامعة الأزهر، الحاجة للتجميد في حالات مرضية معينة وفي حالة تأخر سن زواج الفتيات، فتجميد بويضات المرأة يمثل أحد أهم الحلول والتقنيات العلمية التي تساعد المرأة على الإنجاب في عمر متأخر.

وتقنية تجميد البويضات، يقوم من خلالها الطبيب في البداية بعمل عملية تنشيط المبيض، ثم يتم جمع البويضات، وتستطيع الفتاة أو السيدة الاحتفاظ بها من خلال التبريد إلى الوقت الذي ترغب فيه بالإنجاب، وفي حال رغبة المرأة بعد ذلك في الحمل، سواء تزوجت أو كانت تخضع لعلاج أورام أو غيره، تذهب إلى الطبيب الذي بدأ في أخذ سائل منوي من الزوج ويتم حقنه في البويضات، ثم يتم نقل الأجنة التي تكونت إليها.

وينصح د. وفا بألا يتخطى عمر الفتاة أو السيدة سن الـ40، فالمناسب لتنجح نتائج تجميد البويضات أن تكون في الثلاثينات من العمر، أي حوالى من 30 إلى 35 عامًا، فإذا كانت تنوي الفتاة تأخير زواجها لأسباب مرضية أو لأمور تتعلق بحياتها، فهنا ينصح بتجميد البويضات.

لكن أستاذ النساء والعقم ينصح كل فتاة أن تقبل على الزواج في الوقت المناسب لذلك، وعدم تأخيره لأسباب واهية، ويقول «ننصح بناتنا بالتعجيل بالزواج، فالأفضل لها الاحتفاظ بالأجنة بدلاً من الاحتفاظ بالبويضات، لكن إذا كان تأخر سن الزواج لظروف مجتمعية أو قهرية، هنا ننصحها بحفظ البويضات أو حفظ نسيج المبيض، أو حفظ المبيض بالكامل، ونقوم بإدخاله في التبريد حتى يأتي الوقت الذي ترغب فيه السيدة بالإنجاب في أي وقت تشاء».

ما دام الأمر لا توجد فيه شبهة اختلاط أنساب، ويتخذ الأطباء الذين يقومون بهذه العملية كافة الاحتياطات لمنع هذا الاختلاط، فتجميد البويضات جائز شرعاً ولا حرمة فيه

مفتي مصر: تجميد البويضات للإنجاب جائز شرعًا لكن بضوابط

يؤكد مفتي مصر د. شوقي علام أن الإسلام لا يمكن أن يقف في طريق تحقيق مصلحة حقيقية للإنسان، فما دامت هناك ضرورة في أمر من الأمور فالإسلام يتعامل مع هذه الضرورة، ويضع الحلول لكل المشكلات والأزمات التي تساعد الإنسان على تحقيق طموحاته، وتلبية رغباته المشروعة.

ويضيف «لقد جلسنا مع الأطباء المتخصصين في تقنيات تجميد البويضات والتلقيح الصناعي، ووقفنا على تفاصيل ما يجري، والضوابط الطبية المتخذة لعدم خلط الأنساب، وبالتالي لم يعد هناك مجال للتحفظ، أو القول بعدم الإباحة لأننا هنا أمام مصلحة حقيقية للإنسان وهي تلك المرأة التي تعالج بالكيماوي، ويتسبب هذا العلاج في عدم قدرتها على الإنجاب مستقبلاً، أو تلك الفتاة التي تأخر زواجها لأسباب تخصها وتخص ظروفها الاجتماعية أو الوظيفية، وما دام الأمر لا توجد فيه شبهة اختلاط أنساب، ويتخذ الأطباء الذين يقومون بهذه العملية كافة الاحتياطات لمنع هذا الاختلاط، فالأمر جائز شرعاً ولا حرمة فيه، لمساعدة المرأة على الإنجاب عندما تشفى من مرضها، أو يتقدم بها العمر، وليس في عملية التجميد، وبعد ذلك التلقيح بسائل الزوج، ثم نقل الأجنة إلى رحم الزوجة محظور شرعي ما دامت تمت وفق الضوابط المشار إليها».

ويشير د. علام إلى فتوى رسمية صدرت من دار الإفتاء حول هذا الأمر وحددت عدداً من الضوابط يجب أن تكون موضوعة أمام كل الأطباء الذين يعملون في هذا المجال، وهي:

  • أن تتم عملية التجميد والتخصيب والتلقيح بين زوجين، وأن يتم استزراع البويضة المجمدة بعد التخصيب في المرأة أثناء قيام علاقة زوجية بينها وبين صاحب الحيوان المنوي، ولا يجوز ذلك بعد انفصام عرى الزوجية بين الرجل والمرأة بوفاة أو طلاق أو غيرهما.
  • أن تحفظ اللقاحات المخصبة بشكل آمن تماماً تحت رقابة مشددة، بما يمنع ويحول دون اختلاطها عمداً أو سهواً بغيرها من اللقائح المحفوظة.
  • ألا يتم وضع اللقيحة في رَحِمٍ أجنبيةٍ غير رحم صاحبة البويضة الملقحة لا تبرعاً ولا بمعاوضة.
  • ألا يكون لعملية تجميد البويضة آثاراً جانبية سلبية في الجنين نتيجة تأثر اللقائح بالعوامل المختلفة التي قد تتعرض لها في حال الحفظ، كحدوث التشوهات الخلقية، أو التأخر العقلي فيما بعد.

والسؤال الأهم هنا: هل إجازة تقنية تجميد البويضات لتجنب الفتاة بعد أن يتقدم بها العمر يمكن أن تشجع الفتيات على تأخير سن الزواج لأسباب غير موضوعية؟

يؤكد مفتي مصر د. شوقي علام أن إباحة تجميد بويضة المرأة قبل الزواج ينشأ عن حالات استثنائية بمعنى أن تكون هناك أسباب قهرية أخرت الفتاة عن الزواج في السن المناسبة، لكن الطبيعي أن تقبل الفتيات على الزواج في السن المناسبة وفقاً لظروف كل فتاة.

ويضيف «لا ينبغي أن ينشأ عن هذا الأمر عزوف بعض الفتيات عن الزواج، فالزواج آية من آيات الله لتحقيق الاستقرار الاجتماعي والنفسي فهو أهم أدوات الاستقرار النفسي التي ينبغي أن يحرص عليها الشباب من الجنسين. والإسلام حث على الزواج وحذر من وضع عراقيل في طريق تلبية نداء الغريزة لكل من الرجل والمرأة، ولا توجد شريعة سماوية دعت إلى الزواج وحثت عليه ورغبت فيه كما فعلت شريعة الإسلام، والشريعة الإسلامية لم تفعل ذلك إلا لتحقيق مصلحة الإنسان ـ رجلاً كان أو امرأة ـ ففي الزواج عصمة للشباب وحماية له من الوقوع في الخطيئة والانزلاق في وحل المعصية والرذيلة، وفيه حفظ للعين من النظر إلى ما حرم الله، فالنظرة سهم مسموم من سهام إبليس، وفيه حصانة للشرف وحماية للأخلاق.

ويكمل" إلى جانب هذا، الزواج فيه المودة والسكن والرحمة والسعادة والطمأنينة للأسرة والأمان والاستقرار للزوجين، ولنا أن نتأمل قول الحق سبحانه «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة»، كما أن في الزواج إكثار للنوع الإنساني وبقائه وحفظه، وهو طريق العفاف الكريم، ليقضي كل إنسان حاجته الجنسية في إطار أخلاقي يحفظ له دينه، ويحمي المجتمع من جريمة العدوان على الحرمات».