لا تتوقف منظومة الخير والعطاء في الإمارات عند حدٍ معيّن، فمن المبادرات الشخصية، إلى العمل الجماعي، تبرز الكثير من الأسماء التي تعكس تضامن المجتمع في شهر رمضان المبارك، وغيره من المناسبات. وبينما يستهدف البعض النهوض بالواقع الصحي وتتجه أبصاره نحو التعليم، يحنو البعض الآخر على الأسر المُعسرة والأيتام، وتأسيس مشاريع تنموية وإنسانية لدعم الفئات الأكثر حاجة في المجتمع والارتقاء بأوضاعها.
أطفال مؤسسة أطفال كيسورو
سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم يرعى عبر "طيران الإمارات" منظمة الخليج للخير
تختلف وتتنوّع أوجُه العطاء في شهر رمضان المبارك، ما بين العمل الفردي، والجماعي، والمؤسساتي، والتي لا تعترف بحدود معيّنة، وتحلّق لآفاق أخرى من التفاعل والتعاضد والتعاون. ويرعى سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، الرئيس الأعلى الرئيس التنفيذي لـ«طيران الإمارات»، منظمة الخليج للخير، التي نظمت حتى هذا الوقت ما يزيد على 100 مبادرة تركّز على المشاريع المتعلقة بالأطفال، مثل بناء المدارس والمستشفيات، وتزويدها بالمعدات والإمدادات، فضلاً عن تجديد دور الأيتام، جمعت من خلالها أكثر من 5 ملايين دولار، لـ 63 مشروعاً غطت 30 دولة وساعدت أكثر من 33,300 طفل بحاجة إلى المساعدة في دول مختلفة، من بينها النيبال، تنزانيا، كينيا، عمان، الأردن، سريلانكا، بورنيو، مصر، وكمبوديا والهند.
وفي شهر رمضان المبارك عمدت المنظمة إلى إطلاق حملة «هدية العطاء» لمساعدة مؤسسة أطفال كيسورو، في أوغندا، على بناء المدارس، ودعم البرامج التعليمية، وتمويل منح دراسية لتكاليف المدرسة، وتوفير موارد تساعد في دعم الأطفال والعائلات على صعوبة الحياة، إدراكاً لأهميته العميقة في نفوس العرب والمسلمين، وإيمانهم بقيم الإنسانية السامية، التي تتجسد في روح السّخاء والرأفة والتضامن، وترك الأثر الإيجابي في نفوس المعوزين والمحتاجين، من خلال التبرّع عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تحفل بهذه الأعمال خلال الشهر الفضيل.
الشيخ الدكتور خالد بن حميد القاسمي يقود إحدى مبادرات توزيع وجبات الإفطار
الشيخ خالد بن حميد القاسمي: العمل التطوعي إضافة لرصيدي المعرفي
لا يتوقف عمل الشيخ الدكتور خالد بن حميد القاسمي، رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للإبداع، مع الخير عند جانب محدد، فمن المبادرات الفردية إلى العمل الجماعي، الكثير من العمل، حيث يؤكد «العمل التطوعي يمثل واجباً وطنياً، وعملاً أخلاقياً، ورسالة سامية، كما أنه فرصة لتطوير وتنمية المهارات، الشخصية والاجتماعية، ويولّد شعوراً بالرضا والإنجاز، ويحقق أثراً إيجابياً يساعد الفرد على التعرف إلى إمكاناته بشكل أفضل». ويحرص الشيخ خالد، وأفراد أسرته، على المشاركة في حملات إفطار الصائم في الشهر المبارك بتوزيع الوجبات على السائقين، ومرتادي الأماكن العامة في وقت الإفطار، إضافة إلى الأعمال الإنسانية الفردية، وإسهاماته الواضحة في الحملات التي تنظمها الجمعيات الخيرية على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تهدف إلى إحداث أثر إيجابي في المجتمع، وإدخال السرور على الفقراء والمحتاجين وأفراد المجتمع بمختلف شرائحه.
الشيخ الدكتور خالد بن حميد القاسمي خلال إحدى المبادرات التطوعية
ونفذ الشيخ خالد من خلال جمعية الإمارات للإبداع، التي يرأس مجلس إدارتها، الكثير من المبادرات والمساهمات التطوعية الفريدة التي تزامنت وشهر المغفرة والرحمة، منها، على سبيل المثال لا الحصر، مبادرة تجهيز طعام الإفطار لموظفي قسم الحوادث والطوارئ في مستشفى القاسمي بالشارقة – في شهر رمضان، تزامناً مع «يوم زايد للعمل الإنساني»، الذي وافق الذكرى 14 لوفاة المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وهي مناسبة للتذكير بمناقب زايد، طيب الله ثراه، وترسيخ سيرته والاحتفاء بإنسانيته، كما أن الاختيار يأتي للتنويه والإشادة بهذه الفئة التي تبذل كل جهد ممكن من أجل توفير الراحة والخدمات الصحية لأفراد المجتمع على مدار الساعة في شهر الصيام، حيث يتناولون الإفطار بعيداً عن أسرهم، في إشارة إلى أهمية هذا العمل الإنساني النبيل الذي يحمل في طيّاته الخير الكثير للمجتمع برمّته. وكذلك مشاركته مبادرة (فطورنا ويّاكم)، الإدارة العامة للدفاع المدني بعجمان، حيث جاءت المبادرة وهذا الاختيار للتعريف بدور عناصر الدفاع المدني، وإدارته، التي تبذل كل جهد ممكن من أجل السهر على حماية أفراد المجتمع، وأرواحهم، وممتلكاتهم ،على مدار الساعة في شهر الصيام. والمجالس الرمضانية التي تشهد حضوراً كبيراً تتم من خلالها مناقشة القضايا المهمة المطروحة على الساحة المحلية، والتي تهم شرائح عريضة من المجتمع، إدراكاً منه لدورها الكبير ومهمتها في تعميق أواصر الترابط والمحبة بين مرتاديها في رمضان.
وعن تجربته في العمل التطوعي، يكشف الشيخ الدكتور خالد «ساعدتني هذه التجربة على التواصل، من خلال بعض الأعمال التطوعية بالتعاون مع أفراد من جنسيات مختلفة وثقافات متنوعة، أضافت لرصيدي المعرفي الكثير، تبادلت معهم المعرفة والمهارات وعمّقت من علاقاتي الاجتماعية، كما أنها علّمتني قيم المحبة والتسامح».
الشيخ سالم بن سلطان بن صقر القاسمي: رمضان يخلق شعوراً روحانياً يرتبط بإحساسنا بالفقراء
من منطلق ديني وانساني يشارك الشيخ المهندس سالم بن سلطان بن صقر القاسمي، رئيس دائرة الطيران المدني في رأس الخيمة، الكثير من المبادرات منها على سبيل المثال إفطار الصائم وخيم رمضان، توزيع وجبات الإفطار على المارة، تنظيم حفل أصحاب الهمم الرمضاني، وفعاليات متفرقة منها تنظيم إفطار ورعاية جمعيات مرضى السرطان والمسنين والايتام، إضافة إلى الاحتفاء بالمتطوعين في الشهر الكريم والتركيز على دورهم في المجتمع وغيرها الكثير من الأعمال الخيرية والتطوعية، يشير «نحرص خلال شهر رمضان المبارك على إطلاق الكثير من المبادرات الإنسانية والخيرية من منطلق إيماننا بالقيم الإسلامية الحنيفة بتوجيهات قادتنا، بهدف تعزيز العمل الخيري وتوجيه الدعم إلى الأشخاص الذين يعانون من صعوبات معيشية، من خلال تنفيذ مبادرات يتم التخطيط لها من حيث دراسة احتياجات الأفراد لضمان وضمان كفاية الموارد المخصصة وتحقيق أقصى استفادة، سواء كانت ملابس، طعام، أو تجهيزات دراسية».
يصف القاسمي شهر رمضان هو «شهر التراحم والتعاطف الإنساني شهر العبادة، وهذا التمازج بين عمل الخير والعبادة وما يحدثه الصوم من صفاء روحي وجسدي على مدار 30 يوماً يخلق شعوراً روحانياً يرتبط بإحساسنا بالفقراء، يكون فيها الإنسان أقرب لربه ولمعنى العلاقة بيننه وبين محيطه الإنساني».
د. نعيمة الخوري: هدف مبادراتنا الأول إعانة المساكين
لم يقتصر حضور الدكتورة نعيمة الخوري اللافت، على العمل في الميدان السياسي والثقافي والمهني، بل انطلقت إلى مجالات أرحب للعمل في المجال الاجتماعي والتطوعي الذي أثبتت فيه حضورها المميز، خلال شهر رمضان المبارك، أو الفعاليات والمبادرات الخيرية في داخل الدولة، بل وتوسعت مجالاتها المتعددة إلى خارج الدولة في إطار طرح برامج اجتماعية، لكونها زوجة دبلوماسي، منها توليها رئاسة «مؤسسة صندوق زوجات السفراء للأعمال الخيرية»،تقول «بفضل من الله تمكنت قيادتنا الرشيدة من تهيئة وتوفير طرق رسمية لمن يرغب في القيام بالتبرع والتصدّق خلال الشهر الفضيل، حيث يمكننا التبرع بما فضّل الله علينا، ومن جانبها تحرص الجهات الرسمية من خلال قنواتها على وصول تبرعاتنا لمستحقيها من المساكين والأيتام، ولنا في الرسول صلّى الله عليه وسلّم، أسوة حسنة، فقد كان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، لكن ذلك لا يمنع أن يكون لكل منا جهده الشخصي في شهر الخير والعطاء، حيث نقوم نحن، ومن مواقع عملنا، بالتكاتف في هذا الشهر والالتقاء بإخوة وأخوات لنا في هذا البلد المعطاء، وغالباً تكون لقاءاتنا خيرة، إذ تنطلق منها المبادرات والأفكار التي يكون هدفها، الأول والأخير، الإحسان إلى الفقراء، وإعانة المساكين».
تصف د. الخوري خصوصية شهر رمضان «شهر رمضان فرصة للتزود بالطاعة والتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة، من التزام الصلاة، وقراءة القرآن، والتطوع، والتصدّق خير وأعظم عمل يمكن أن يقوم به المسلم في هذا الشهر المبارك لما فيه منفعة للناس».
خيمة إسماعيل حسن آل رجب الرمضانية
إسماعيل آل رجب: «خيمة الإفطار» قصة تلاحم المجتمع الإماراتي وروح العطاء
في مجتمع يتسم بالتعددية الثقافية وروح العطاء، تبرز قصص الإنسانية والتلاحم بين أفراده، حيث يحفل مجتمع الإمارات بأمثلة حيّة على الكثير من هذه النماذج، ومن بين تلك القصص الملهمة، قصة «خيمة الإفطار» التي أسّسها المواطن الإماراتي إسماعيل حسن آل رجب، التي تجسد معنى العطاء والتضامن.
إسماعيل، الذي عرفته الملاعب كلاعب كرة طائرة في ناديَي الوصل والعين، يبتعد عن الأضواء الرياضية ليصبح بطلاً في عالم الإنسانية، عندما بدأ عام 2011 بفكرة «خيمة الإفطار» التي جمعت قلبه الكبير ورغبته في خدمة المجتمع معاً، بالتعاون مع جمعية بيت الخير، يقول «جاءت فكرة «خيمة الإفطار» ضمن إطار مبادرات عام الخير التي تعكس روح التطوع والعطاء في المجتمع، حيث عملت بداية على توفير 200 وجبة إفطار للصائمين والعابرين يومياً، بعد استحصال الموافقات والتصاريح القانونية حتى وصل العدد إلى 600 شخص بعد الدعم والتبرعات التي حصلت عليها من أسر من جنسيات مختلفة، وجِهات أخرى متبرعة لتوسيع نطاقها، واستمرارها».
إسماعيل حسن آل رجب واستعدادات ما قبل الإفطار
لم تقتصر بادرة إسماعيل آل رجب على توفير الطعام فقط، بل تجاوزت ذلك إلى بناء جسور التواصل والتعاون بين أفراد المجتمع، يشير رجب «لا يمكن اختزال كلمة العطاء على تقديم الطعام، فاجتماع أكثر من 200 جنسية تحت سقف واحد لمشاركة الإفطار والتعارف وتبادل الحديث، نوع من أنواع العطاء».
مساعدات مؤسسة أحمد الفلاسي للمبادرات الإنسانية لمتضرري زلازل سوريا
أحمد الفلاسي: الشهر الفضيل يعزز قيم التضامن والعطاء
لم يضع لعمله الإنساني حدوداً، من مستشفى غسل الكلى في كينيا، إلى بناء الآبار والمنازل والمدارس ودور رعاية الأيتام وتركيب أطراف صناعية لضحايا الحروب، والكثير من الأعمال الإنسانية، كان آخرها مستشفى «آمنة» في زنجبار، يتحدث أحمد النزر الفلاسي، الفائز بجائزة صانع الأمل لعام 2020، وسفير الأمل العربي الأول، ومؤسس مؤسسة أحمد الفلاسي للمبادرات الإنسانية، عن دور الشهر الفضيل في تعزيز قيم التضامن والعطاء في المجتمعات العربية والإسلامية «في رمضان نحرص على الالتزام بتلبية احتياجات أكثر الفئات حاجة من الأيتام، والأرامل، وكبار السن، وذوي الاحتياجات الخاصة، والأسر المتعففة، من خلال تجهيز المير الرمضاني في الإمارات، والسلال الغذائية لدول مختلفة، منها فلسطين، ولبنان، وزنجبار، ومصر، وكينيا، والبحرين».
يضيف الفلاسي «نحرص على استمرار أعمالنا التي تبرز من خلالها روح الإخاء والتضامن النابعة من قيم الدين والأخلاق، وتحفيز الوعي والإدراك لما يدور حولنا ومدّ يد العون لمن هم في حاجة فيه، لإحياء قيم الشهر الكريم، وتجسيد المعاني الإنسانية، وتعزيز روح المحبة والتسامح في المجتمعات العربية والإسلامية».
ثانية المزروعي تحتضن الأم هيا
ثانية المزروعي: والدي كان متطوعاً من الطراز الأول
تلتزم ثانية المزروعي، كعادتها، في كل عام، في شهر رمضان المبارك، بمساعدة الكثير من الفئات في المجتمع، من خلال مبادرتها «عطاء بلا حدود»، تقول المزروعي «أحرص على تخصيص جزء كبير من العائد المادي من عملي الخاص، للعمل الخيري، وتنفيذ الفعاليات التي تترك الأثر الطيب في الآخر، وبشكل خاص تلك التي ترافق شهر رمضان، منها فعالية «فطور زايد الخير»، لتوزيع وجبات على فئة العمال، والمرضى، والأسر المتعثرة، والأيتام، ومبادرة «سلة العيد» التي تشتمل على كسوة العيد، ومتطلباته، لمساعدة الفئات الضعيفة، ومبادرة "ماما هيا" المرأة البحرينية التي كانت تعاني من ظروف معيشية صعبة بعد وفاتها زوجها الذي قدمت برفقته للإمارات في الثمانينيات، إضافة إلى المشاركة مع الجمعيات الخيرية والانخراط في بعض الفرق التطوعية لتنفيذ بعض المبادرات مثل زيارة المرضى وتناول وجبة الإفطار بصحبتهم». في ظل هذه المبادرات تقف المزروعي عند أهمية تقدير النّعم «بينما يحتج البعض منّا على نوع الطعام الذي تمتلئ به سُفرنا الرمضانية، يعجز الكثير من الأشخاص عن توفير متطلبات الشهر الكريم، بل حتى سد رمقه، وتوفير إفطار يومه».
تتوسط "عيال زايد"
تنحدر المزروعي من أسرة تملك سجلاً حافلاً «حرص أخي الكبير، وهو أول من بدأ بهذا المجال، على إشراك والدي في أعمال تطوعية في أماكن مختلفة، داخل الدولة وخارجها، بعد سن التقاعد لإشغال وقته، فكان متطوعاً من الطراز الأول، يحثنا دائماً على ممارسة العطاء والتطوع والإيمان القوي بأهمية الصبر والتفاؤل، والبذل والعطاء ونشر الفرح لإحداث الفرق في حياة الآخرين، من هنا أصبح العمل التطوعي جزءاً أساسي من واجبي تجاه المجتمع».