15 أبريل 2024

كيف تشجع أبناءك على كسر حاجز الصمت والتحدث معك؟

محررة متعاونة

محررة متعاونة

كيف تشجع أبناءك على كسر حاجز الصمت والتحدث معك؟

صمتُ الأبناء، وكتمان الأسرار عن الأهل، من أخطر المشكلات التي قد تواجه الوالدين في مشوار التربية، بخاصة عندما يحدث هذا الأمر على أعتاب مرحلة المراهقة.. فهذا الطفل الصغير الذي كنا نحاول إسكاته، وكانت أحاديثه وأسئلته الكثيرة تلاحقنا، وتسبّب لنا إزعاجاً، عندما كبر اختار الصمت، وأصبح يجيب عن أسئلة الوالدين «بالقطّارة».

صمتُ الأبناء، بخاصة المراهقين قد يكون سببه الشعور بعدم تفهّم الأهل لاحتياجاتهم واهتماماتهم، ما يزيد من رغبتهم في العزلة، لذا يجب على الأهل الانتباه لهذه الحالات التي تصيب أبناءهم حتى لا تتطور، ولا تتكون شخصية أولادهم داخل غرفة مغلقة، وفي عالم منفصل تماماً عن الأسرة.

سألت «كل الأسرة» عدداً من خبراء الطب النفسي وتربية الأبناء، حول الأسباب التي تدفع الأبناء إلى الصمت والانعزال، ولماذا يميل المراهقون إلى الانطواء، وما هي الأمور التي تنتج عن الصّمت الأسري، وكيف يتصرف الوالدان حيال صمت الأبناء؟

كيف تشجع أبناءك على كسر حاجز الصمت والتحدث معك؟

لماذا يصمت الأبناء؟ وهل هو صمت إجباري أم اختياري؟

في البداية، يقول الدكتور والخبير التربوي محمد حسين رضوان، إن الآباء والأمهات، في بعض الأحيان، يكونون مسؤولين عن صمت الأبناء، وعزلتهم، فالطفل خلال مراحل النمو الأولى يتواصل مع الوالدين، وكلما فتح الوالدين قنوات التواصل الإيجابي داخل الأسرة كلما تعوّد الطفل على ذلك، لأننا بذلك نفتح باب الألفة، والمحبة، والتواصل مع أفراد العائلة وإلا سيطوّر الطفل النمط الصّامت لأن باب التواصل مع الوالدين مغلق، وسيتعوّد على عدم التحدث مع الوالدين، لأنه لم يتعود على ذلك منذ الصغر.

ويحذّر الدكتور رضوان من الأسباب التي تحفز المراهق على الانكفاء، وعدم التواصل مع الأهل، وأهمها:

  • تجاهل الوالدين لضرورة وأهمية تكوين علاقات ودودة وطيّبة بالأبناء في كل المراحل، بخاصة في بداية مرحلة المراهقة، فالصداقة مع أولادنا، في فترة حرجة كهذه، تحميهم من كل المخاطر التي تحيط بهم، وتسمح لنا بالتدخل في الوقت المناسب، لتقديم النصيحة قبل فوات الأوان، لكن عمق العلاقة مع الأبناء لا تعطينا الحق في عدم ترك مساحة لهم ليخطئوا، لأن التدخل يزيد من تمرّدهم السلبي.
  • النقد المبالغ فيه مع الأبناء، فمن أكثر الأمور التي تزعجهم وتجعلهم يفضّلون الصّمت هو نقد الوالدين لهم، فهم يعتبرونه أذى بالغاً بشخصياتهم، وواقع الأمر أن معظم النقد لا يكون أمراً ضرورياً، بل هو غالباً ما يتناول أشياء من الممكن أن تُعدّل في فترة تالية، مثل نقد أسلوب الكلام، أو المشي، أو الأكل.
  • إدمان الأبناء على استخدام الأجهزة الإلكترونية بشكل زائد عن الحد، فهو من أخطر الأمور التي تؤثر سلباً في القدرات التواصلية والمهارات الاجتماعية، ويصبحون أكثر عزلة وانطواء.
  • مرحلة المراهقة تشهد عادة عدم القدرة على التمييز بين الخطأ والصواب، حتى وإن كنا قد ربّينا أبناءنا على أفضل تقدير.
  • الأبناء في هذه المرحلة العمرية شديدة الخطورة يصيبهم بعض التمرّد، ورفض أي نوع من أنواع الوصاية، والنصح، والمطالبة بمزيد من الحرية والاستقلال وبناء عالم خاص بهم، في محاولة منهم للانفصال عن الآباء.

كيف تشجع أبناءك على كسر حاجز الصمت والتحدث معك؟

لهذه الأسباب يتوقف المراهقون عن الكلام

وتتفق معه الدكتورة أسماء يوسف، الخبيرة التربوية واستشارية التنمية البشرية، في أن بناء جسور التواصل والثقة مع الأبناء يحتاج إلى مزيد من الجهد والصبر، وعلينا أن نمنح هؤلاء الأبناء جزءاً من يومنا، للجلوس معهم وكسب ثقتهم، والأمر لن يأتي بين يوم وليلة، ولكنه يحتاج إلى وقت، وتقول «علينا أيضاً أن نحسن الاستماع لهم عندما يتحدثون، ونحترم مشاعرهم، وعلينا أن نتجنب لومهم وتوبيخهم على أخطائهم أثناء اعترافهم بالخطأ في جلسة صراحة منهم، حتى لا يندمون على صراحتهم معنا، وأن نبدي رأينا وتوجيهاتنا في وقت آخر، ليس ببعيد، وعلينا أن نشعرهم دائماً بمحبتنا، واحترامنا لهم، وثقتنا بهم».

وتوضح الاستشارية الأسرية د. أسماء يوسف أن العزلة الاجتماعية حالة نفسية تصيب الأبناء لأسباب متعددة، منها:

  • الانطواء والعزلة مشكلة حقيقية قد تواجه بعض الأطفال، ولا يجب إهمالها على الإطلاق، لأنها ببساطة مشكلة قابلة للتضخم، ومن الممكن أن ترافق صاحبها في مراحل عمرية متقدمة، ومن الممكن أن تصبح مشكلة كبيرة يصعب حلها.
  • تأثير أي اضطراب في العلاقات بين الزوجين لا يقتصر على الوالدين فقط، وإنما يمتد إلى الأبناء، ويظهر هذا التأثر على شكل اضطرابات نفسية، وانحرافات سلوكية، صحيح أنه لا يخلو بيت من المشكلات الزوجية، لكن على الأب والأم أن يخفياها بعيداً عن مسامع أولادهما، وألا ينشرا جو التوتر داخل المنزل، لأن ذلك ينعكس سلباً على الأطفال، وبالتالي على أدائهم الدراسي، والحيوي أيضاً.
  • كما أن من أهم أسباب صمت الأبناء والعزلة التي يفرضونها على أنفسهم، أنهم يرون والديهم لديهم مسؤوليات كثيرة مشغولون بها باستمرار، فلا يفضلون الحديث معهم حتى لا يثقلوهم بها، فوق همومهم ويبحثون عن المساعدة لدى الآخرين.
  • وكذلك الكثير من الآباء يصابون بالتوتر، ويفقدون تركيزهم في ظل الأعباء التي تثقل كاهلهم، وقد يصلون إلى أقصى درجات الاحتمال، فينفد صبرهم. وهنا يقع على عاتق الأهل مسؤولية توفير الجو الأسري الآمن الخالي من المشاحنات والتوتر، وأخذ هدنة دائمة، بحيث لا يعرف الأطفال، أو يشعرون بالخلافات الزوجية.
  • الخوف الزائد لدى الأسرة من كل ما يحيط بالطفل، ما يدفعها إلى عزله ومنعه من الاختلاط بالبيئة المحيطة به والاختلاط بالأطفال من نفس عمره، وهذا يؤثر في قدرات الأبناء الاجتماعية، ويدفعهم للعزلة حتى في المراحل العمرية الكبيرة.
  • فقدان الحب والاهتمام نتيجة انفصال الأبوين، وهو من أكثر الأمور التي تؤدي إلى عزلة الطفل، بخاصة في حالة كان الأبوان يستخدمان الطفل في حروبهما قبل، أو بعد الطلاق.
  • دعم الوالدين لانطواء الطفل على أنه الحل الأمثل، وتفسيرهما لهذا الأمر على أنه زيادة في الأدب والحياء.
  • مرور الأسرة بظروف مالية صعبة واطّلاع الأبناء على هذه الظروف سيترك هذا الأمر أثراً في أنفسهم قد يتطور إلى شعورهم بالكآبة والانطواء على الذات.
  • التفريق بين الأطفال داخل الأسرة، فيسبب لهم حالة من العزلة، والانطواء.

كيف تشجع أبناءك على كسر حاجز الصمت والتحدث معك؟

حلول ونصائح لاستعادة التواصل مع الأبناء من جديد

من جانبها، تقدم الدكتورة إيمان الريس، استشارية العلاقات الأسرية والخبيرة في تعديل السلوك بالقاهرة، «روشتة» نفسية للتعامل مع الأبناء الذين يعانون مشكلة الصّمت، والعزلة، وقلّة الحديث مع الأهل، وتطالب الوالدين بالانتباه لأمور عدة:

  • احترام الأهل لأطفالهم وأبنائهم في مرحلة المراهقة ضرورة واجبة، لأن الطفل يحتاج منا في كل الأوقات، أن نظهر له احترامنا، وتقبّلنا له بكل ما فيه، ويجب أن يتم ذلك بالأفعال، لا بالأقوال فقط، فمن لا يشعر بالانتماء والاحترام في الأسرة سيعاني مشكلة الانتماء والتواصل في المجتمع الخارجي.
  • يجب أن يراجع الوالدان الطريقة التي يتعاملان بها مع الطفل، والتي أدت إلى وصوله إلى العزلة، وعدم التفرقة بينه وبين إخوته، ومنحه الحب والأمان والدفء.
  • استخدام الوالدين عبارات تشجيعية وتحفيزية مع الأبناء للحوار والتواصل، وإعطاؤهم مساحة من التحدث والتعبير عن آرائهم واحترام تفكيرهم وعدم الاستهزاء بهم.
  • تقليل قضاء الأبناء ساعات طويلة خلال اليوم على الأجهزة الإلكترونية، والهواتف المحمولة، من شأنه أن يقوّي العلاقات الأسرية، ويعيد للأسرة الحوار المفقود.
  • عدم ممارسة أي عنف مع الطفل، سواء كان عنفاً جسدياً، أو معنوياً، وعند الخطأ نمنحه فرصة ثانية، وإذا تكرر الخطأ نعاقبه من دون ممارسة العنف.
  • التقليل، قدر الإمكان، من إثارة المشكلات الأسرية، وإن كان ولابد من حدوثها فلتكن ضمن حدود الوالدين، على ألا يشعر بها الأطفال نهائياً.
  • إذا كانت الأسرة تعاني أي مشكلات مادية، يجب ألا يعلم بها الأطفال، لأنهم ببساطة سيتأذون كثيراً منها على المستوى النفسي، ومن جهة ثانية، هم عاجزون عن تقديم أي مساعدة ممكنة.
  • فتح الباب أمام الأبناء لتكوين صداقات جديدة لأن هذا الأمر هو الحل السحري أمام الأبناء لتطوّر ونموّ شخصياتهم، مع ضرورة ترك الحرية للأبناء في اختيار أصدقائهم.
  • تنمية المواهب والميول الفنية والرياضية لدى الأبناء من الأمور الجيدة لإخراجهم من عزلتهم وزيادة تفاعلهم، بخاصة في الأنشطة الجماعية.

اقرأ أيضاً:
- كيف نبني علاقة قوية مع الأبناء؟
- هل طفلك يعاني «الصمت الاختياري»؟

 

مقالات ذات صلة