رئيس وزراء بريطانيا وزوجته- تصوير سيمون واكر
بفضل شبابها وأناقتها وحبها للموضة فإن الصحافة الفرنسية أطلقت عليها «سيدة بريطانيا الأولى».
تختلف أكشاتا مورتي، زوجة رئيس الوزراء الجديد الحاكم في 10 داوننج ستريت، في مظهرها عن تحفظ كاميلا، الملكة المرافقة، وعن كلاسيكية كيت ميدلتون زوجة ولي العهد، وهي تجاريهما في الثراء وتتميز بتلك الحرارة التي تتمتع بها نساء الشرق البعيد وسحر العينين السوداوين.
لم تهدأ، بعد، ضجة وصول سياسي هندي إلى منصب رئيس وزراء بريطانيا. مع هذا فإن ريتشي سوناك لم يحتل المشهد وحيداً بل تقاسم الأضواء مع زوجته أكشاتا مورتي، المرأة التي انتقلت من منزلها الفخم في «كنزنجتون» لتقيم في «10 داوننج ستريت»، مقر رئاسة الوزارة.
رئيس وزراء بريطانيا ريتشي سوناك
حين خاض زوجها معركته الانتخابية لرئاسة حزب المحافظين، كانت حاضرة معه في تجمعات أنصاره، على طريقة زوجات المرشحين في الولايات المتحدة الأميركية. صحيح أنها زوجة آتية من الشرق، ومن القارة الهندية التي اشتهرت بطاعة المرأة للرجل، فإن أكشاتا وقفت بكل ثقة تبتسم لعدسات المصورين وكأنها تقول للغربيين: أنا سليلة منطقة أنجبت نساء من وزن إنديرا غاندي وبنازير بوتو.
ما حجم ثروتها؟
نقول في الأمثال إن فلاناً «يتكلم بفلوسه». وأكشاتا تتكلم بفلوسها وفلوس زوجها الذي يعتبر أغنى سياسي دخل الوزارات البريطانية.
لقد اشتغل مصرفياً لدى مجموعة «جولدمان ساكس» الشهيرة وجمع ثروة بلغت 730 مليون جنيه إسترليني. هذا من جانب الزوج، أما من جانبها هي فإن صحيفة «الجارديان» قدرت ثروة الزوجة بأكثر من 54 مليون إسترليني، حصتها من مجموعة «أنفوسيس» للتكنولوجيا التي أسسها والدها.
وبحسب موقعها كوريثة لهندي وغير مقيمة في بريطانيا، فإنها لم تدفع 20 مليوناً كضريبة تركات.
حين خاض زوجها معركة رئاسة حزب المحافظين، في الصيف الماضي، كانت هي من خرج لمواجهة حشد الصحفيين والمصورين الذين تجمعوا أمام منزلها في «كنزنجتون» وقدمت لهم أكواب الشاي الساخن، وهو قد خسر في حينه أمام ليز تراست ثم استقالت تراست وفاز هو وأخذ موقعها في رئاسة الوزارة.
كان تقديم الشاي للمصورين شبيهاً بما فعله بوريس جونسون، رئيس الوزراء الأسبق، يوم فاجأ المصورين وخرج بالسروال القصير حاملاً صينية الشاي بين يديه، أمام منزله في «أوكسفوردشاير»، الفارق بين الاثنين أن شعر جونسون كان يتطاير في الريح. لقد أراد بتلك البادرة أن يبدد غضبة مسلمي بريطانيا ضده لأنه وصف مرتديات النقاب بأنهن مثل صناديق البريد.
أكشاتا مورتي تقدم الشاي
هل تهربت «أكشاتا مورتي» من الضرائب؟
الحقيقة أن صحافة «التابلويد» الشعبية في لندن لا توفر أحداً، وهي قد استهدفت أكشاتا بعنف لأنها استفادت من إقامتها الهندية لكي تتهرب من الضرائب في بريطانيا، رغم أن ما قامت به قانوني تماماً.
وعندما أثارت الصحف هذا الموضوع في الربيع الماضي، مؤكدة أن أكشاتا تقيم في لندن منذ 9 سنوات، دافع سوناك عن زوجته قائلاً «ولدت زوجتي في الهند ونشأت هناك. وليس من المعقول ولا من العدل أن نطلب منها قطع صلاتها ببلدها الأم لمجرد أنها تزوجتني».
لكن هذا الكلام لم يقنع أحداً. وراح معارضو الرجل يسربون أنباء عن انتفاعه من أموال مودعة في الجزر العذراء التي تعتبر جنات ضريبية.
«من الآن فصاعداً سأدفع الضرائب في بريطانيا عن كل عائداتي التي تأتي من استثمارات في الخارج. وأنا أفعل هذا بملء رغبتي وليس لأن التعليمات تجبرني عليه»
أمام العاصفة، خرجت أكشاتا لتعلن بشجاعة أنها لم تتقدم بطلب إعفائها من الضريبة بل طبقت القانون المعمول به في البلاد، وأضافت في بيان لها «من الآن فصاعداً سأدفع الضرائب في بريطانيا عن كل عائداتي التي تأتي من استثمارات في الخارج. وأنا أفعل هذا بملء رغبتي وليس لأن التعليمات تجبرني عليه».
هل كانت هذه البادرة كافية لتهدئة منتقديها؟
لم تكن كافية لسببين، الأول هو ضيق العنصريين من نجاح المهاجرين الهنود في جمع ثروات طائلة، والثاني هو ما نسميه عندنا بـ «حسد العيشة».
يدفع الحسد أصحابه لاتهامها بأنها «بعيدة عن الواقع». والسبب هو المستوى الذي تعيش فيه أسرة رئيس الوزراء الجديد. إنها تمتلك منزلاً من خمس غرف قيمته 7 ملايين إسترليني في أرقى أحياء لندن، وقصراً ريفياً في يوركشاير، شمال بريطانيا، وشقة في شارع «أولد بروبتون» غرب العاصمة، عدا عن شقة تطل على البحر في سانتا مونيكا بولاية كاليفورنيا الأميركية، تزيد قيمتها على 5.5 إسترليني. لكن ريتشي وأكشاتا لم يسرقا شيئاً من أحد.
قصر لرئيس وزراء بريطانيا وزوجته
تعود ثروة الزوجة إلى ما حصلت عليه من أبيها الملياردير مارايانا مورتي، سادس أكبر ثروة في الهند. وفي سن الثانية والأربعين نالت حصة تبلغ مليار دولار من شركة أبيها التي تقدر قيمتها اليوم بأكثر من 100 مليار دولار. وهو مبلغ يجعلها أغنى من ملك بريطانيا تشارلز الثالث الذي تقدر ثروته بحوالي 350 مليون إسترليني، حسب تقديرات صحيفة «التايمس».
ورغم كل هذه الثروة فإن أكشاتا لم تعش طفولة ذهبية بل أرسلت للعيش في كنف جديها بعد أشهر من ولادتها في ربيع 1980.
كان والداها قد انتقلا إلى بومبي على أمل تحسين أعمالهما. وفيما بعد كتب لها أبوها رسالة جاء فيها أنه اضطر لاتخاذ ذلك القرار لأنه كان من الصعب أن يجمع مع زوجته بين طموحهما المهني وبين مسؤولية رعاية طفلة.
كان الأب يومذاك مبرمجاً شاباً للحاسبات ويستعد لتأسيس شركته الخاصة، وكانت والدتها سودها مورتي أول امرأة تعين مهندسة في مجموعة «تاتا» لصناعة السيارات قليلة الكلفة. واليوم تشتهر الوالدة بأنها من كبار المحسنين في العالم.
أكشاتا موري، زوجة رئيس الوزراء البريطاني
في عطلة نهاية الأسبوع، كان الأب يأخذ الطائرة من مطار «بلجوم» ثم يستأجر سيارة للوصول إلى هوبلي، لكي يرى ابنته التي لم يكن يطيق فراقها. وانتهى الأمر بأن التحقت البنت وشقيقها روهان بوالديهما وخضعا لتربية صارمة من الأم التي كانت تحرمهما من مشاهدة التلفزيون وتجبرهما على الذهاب إلى المدرسة راكبين «الريكشاو»، وهي العربة التي يجرها رجل. لم تسمح لسائق خصوصي بأخذهما إلى المدرسة لكيلا يكونان مختلفين عن زملائهما.
أما على مائدة الطعام فإن الأحاديث كانت تدور حول الفيزياء والكيمياء والرياضيات. وعندما حان وقت دخول الجامعة طارت أكشايا بعيداً جداً عن بيت العائلة لتدرس الاقتصاد واللغة الفرنسية في «كليرمونت ماكينا كوليج» في كاليفورنيا. بعد ذلك التحقت بمعهد تصميم الموضة وتسويق البضائع في لوس أنجلوس ثم في ستانفورد.
في تلك الجامعة العريقة التقت أكشاتا زميلاً يدعى ريتشي سوناك، بريطاني من أصول هندية يدرس بفضل منحة.. وكان الحب. وافق والداها على زواجها من شاب أقل منها في طبقات المجتمع، نجل طبيب يعمل في جنوب بريطانيا، ويومها كتب لها أبوها أنه «حزين وغيور» من زوجها لكنه يعترف بأن العريس يمتلك كل الصفات الطيبة التي تمنتها ابنته، أي أنه لامع ووسيم وأمين. تم الزواج في «بنجالورو» جنوب الهند، عام 2009 وحضره 1000 مدعو بينهم كبار السياسيين ورؤساء المؤسسات ونجوم لعبة الكريكت. قبل ذلك كانت العروس قد التحقت بمؤسسة هولندية في سان فرانسيسكو متخصصة في التكنولوجيا كمديرة للتسويق. وسرعان ما تركت الوظيفة لتؤسس شركتها الخاصة للأزياء. لقد عشقت الموضة منذ طفولتها لكن شركتها أفلست بعد 3 سنوات من إنشائها.
مع ابنتيهما كريشنا وأنوشكا
رزق الزوجان بابنتين: كريشنا وأنوشكا. وتسلق الزوج درجات العمل السياسي بسرعة وكان يحب التذكير بأنه عمل نادلاً في صباه. وبرغم أصله الهندي اقتحم الوسط المخملي البريطاني وعمل مصرفياً قبل أن يتم انتخابه في مجلس النواب ثم وزيراً للمال مع بداية جائحة «كورونا». ولم يتردد في توفير الميزانيات الكبيرة لمواجهتها وفي الوقت نفسه حماية الاقتصاد من الانهيار.
وكانت أكشاتا تقف بجانبه وتدعمه وتؤمن به ولم تتردد في اصطحاب ابنتيهما إلى تجمعاته الانتخابية، على الطريقة الأميركية التي تجيدها بحكم دراستها وعملها في الولايات المتحدة.
ولا أحد يشك اليوم في أنها ستعرف كيف تشغل موقعها في مقر رئاسة الوزارة، فهل تكون ذات تأثير في زوجها مثل كاري سيموندس زوجة بوريس جونسون، أم تفضل البقاء في الظل مثل سامنتا كاميرون؟