السعادة شعور يمكن أن نتعلمه! فكل واحد منا يملك في داخله موارد عظيمة حتى يتقدم وينتصر على المصاعب ويبلغ أهداف حياته.
يكشف كتاب «السعادة تختبئ في زاوية من دماغك» للمؤلف فابيان أوليكار 10 أماكن تختبئ فيها السعادة في حياتكم، بعضها في بداية يومكم وفي مشاركة الآخرين أفراحهم وفي الفضول الذي يحرك النشاط والحياة.
كتاب «السعادة تختبئ في زاوية من دماغك»
المكان الأول: في بداية النهار
حين يقوم العازف بعزف قطعة موسيقية قبل أن «يدوزن» آلته ستخرج منها أنغام غير متناسقة. تنطبق هذه الاستعارة على الطريقة التي تبدأون فيها نهاركم.
أنتم الآلة الموسيقية، وفي كثير من الأحيان لا تأخذون الوقت الكافي لــ«تدوزنوا» أنفسكم قبل بداية النهار. تقفزون من سريركم، تغسلون وجوهكم، تشربون قهوتكم وتنطلقون في أعمالكم، وقد تراجعون هاتفكم بمجرد أن تفتحوا عيونكم وتغفلون عن الفطور لتركضوا خلف الوقت. وستقضون نهاركم في محاولة للحفاظ على إيقاعكم وضبط دماغكم عليه. وستنتهون مساء منهكين جسدياً وعقلياً وغير راضين عما قمتم به.
لذا يجب أن تتعلموا العادات الصباحية الجيدة عبر «روتين» صباحي يومي جديد:
- في البداية عليكم أن تُفردوا بعض الوقت للاستيقاظ، من 45 دقيقة إلى ساعة كاملة تكرسونها لأنفسكم وتتضمن الاستيقاظ والحمام والفطور. وإذا كنتم أهلاً لأطفال صغار عليكم أن تقضوا هذه الساعة قبل إيقاظ أطفالكم.
- لا تلمسوا هاتفكم عند الاستيقاظ إلا لوضع بعض الموسيقى فدماغكم ليس مستعداً بعد لتلقي معلومات جديدة ومعالجتها أو تحليلها، وليس مستعداً لاتخاذ القرارات أو للاطلاع على محتوى الشبكات الاجتماعية.
- خذوا الوقت الكافي للاستمتاع بالاستيقاظ والتفكير مجدداً بأحلامكم.
- مع الانتهاء من طعام الفطور تصيرون مستعدين للبدء بنهاركم، وأقول «البدء» وليس «مواجهة» نهاركم لأن الكلمات التي تستعملونها تحمل معنى يؤثر في تفكيركم.
- في النهاية تجنبوا الانزعاجات في هذه الساعة الأولى من نهاركم، اهتموا بأول الانفعالات التي تعيشونها عند الاستيقاظ وتناغموا بهدوء مع أفكاركم ومع العالم المحيط بكم لتحضروا أرضاً خصبة لنهار سعيد.
المكان الثاني: في الأهداف الحقيقية
تحقيق النجاح ممكن فقط مع تحديد هدف.
من الهدف يولد النجاح أو الفشل، وبإمكاننا أن نحد من أثر الفشل عبر العقلنة الذهنية. نحن نضع لأنفسنا أهدافاً في تفكيرنا، لكن فكرنا تشوبه المخاوف والآمال والانفعالات. لذا نحدد أهدافاً في بعض الأحيان تعتمد تماماً على الصدفة وعلى الحظ، أي أنها أهداف لا سلطة لنا البتة عليها، مثل اللاعب في الكازينو الذي يقرر أنه سيربح! وكذلك لا أستطيع أن أضع هدفاً يقول بأني سأتعلم التحدث بلغة أجنبية في ستة أشهر، لأني لا أسيطر تماماً على قدراتي التعلمية، لكن أستطيع أن أحدد هدفاً يقول بأني سأكرِّس عشرين دقيقة يومياً لمدة سنة حتى أتعلم لغة أجنبية.
تكمن مسؤوليتكم في ما يخصكم وحسب، أي في الوسائل التي تكرسونها لتحقيق الهدف أما النتيجة بحد ذاتها فلا يمكن أن تكون هدفاً.
وبالنسبة إلي، فأنا لا أستطيع أن أضع هدفاً يقضي بأن يحقق هذا الكتاب نجاحاً منقطع النظير لكن أستطيع أن أضع هدفاً يقضي بكتابته بالكامل وبأفضل ما يمكن.
هذا ما أسميه «العقلنة الذهنية»: عليكم أن تضعوا أهدافاً عقلانية لا تعتمد إلا عليكم. وحين تظنون أنكم فشلتم في تحقيق هدف ما في حين أن الهدف يتألف في أغلبيته من أجزاء لا يد لكم فيها، تصيرون في وضعية من يسحب ورقة يانصيب ويتأمل بالربح، ولا يمكن أن نقول إن الأمل قد فشل ولكن الأمل لم يتحقق.
المكان الثالث: في حكمكم على أنفسكم
النقطة المشتركة التي تمكنت من تحليلها لدى كل الأشخاص الذين يظنون أنهم قد فشلوا هي القسوة التي يحكمون فيها على أنفسهم.
والدواء الوحيد هو أن تقبلوا بما أنتم عليه... أن تحبوا أنفسكم هي لعبة إغراء غريبة لأن تعلُّم حب الذات يمر أولاً عبر مرحلة التوقف عن عدم حب الذات.
وإنه لمن التعقيد بمكان أن نضع حداً لكراهية الذات حين نكون قد مارسناها منذ مدة طويلة، لأن المرء يطمئن دائماً إلى المكان الذي يعرفه.
دماغكم مشحون ببرمجيات لاواعية وأشياء تعلمتموها بشكل غير مباشر وبأفكار «تلقائية» وهي تجعل ذهنكم يفسر ما تعيشونه. إنه ذاك الصوت الداخلي الصغير الذي يحدثكم بشكل عفوي حين تتحدثون إلى أنفسكم.
هذه الأفكار لا تعكس حقاً مشاعركم المعقلنة ولكن تعكس ببساطة ما تظنه صحيحاً وهو أمر كثيراً ما يؤدي إلى تشويه الواقع.
وهي أفكار أنتم مصدرها جزئياً وكذلك البيئة المحيطة بكم، القريبة أو البعيدة. وبكل الحالات، قرر دماغكم أنها أفكار تمثل الحقيقة وهذا هو المهم، وهو يحب أن يبقى في إطار ما يظن أنه الحقيقة.
لذا، فإن عليكم في البداية أن تعترفوا إلى أي درجة أنتم تحكمون على أنفسكم وتظلمونها لأن حكمكم كثيراً ما يكون قاسياً ومشحوناً بالأفكار المسبقة ليخفي عنكم كل ما هو إيجابي.
وعليكم بعدها أن تتذكروا نجاحاتكم، لأني أؤكد لكم أنها كثيرة، صغيرة كانت أم كبيرة. يجب أن تعترفوا بها وأن تحبوا أنفسكم لأنكم حققتموها فهي إثبات على أنكم جديرون بأن يحبكم الآخرون وبأن تحبوا أنفسكم.
المكان الرابع: في جمع المعلومات
يمضي دماغنا جزءاً كبيراً من وقته في توقع السيناريوهات ووضع الفرضيات ومحاولة تحضيرنا لكل ما يمكن أن يحصل.
بفضل هذا النوع من العمل الاستباقي الذي يتم أحياناً من دون وعيٍ منا، تمكنت البشرية من التطور وفهم الفصول وابتكار الزراعة، إلخ.
بيد أن دماغنا سيضع كذلك أسوأ الفرضيات حتى يتحضر لها من أجل حمايتنا وبقائنا.
وفي عالم الحيوان، يشكل الخوف أحد مكونات البقاء.. لكن ما كنا نطبقه منذ فجر البشرية من أجل دفعنا نحو مزيد من الأمان والراحة قد تحوّل إلى إشارات خوف من أشياء غير حيوية.
والفرضيات التي تولد القلق كثيراً ما توضع بسبب نقص المعطيات لأن هذه الثغرة تجبر الدماغ على التطلع إلى عدد أكبر من السيناريوهات والإمكانات وسيترك للمعتقدات والمخاوف العامة أن تقوده في تفكيره. وحتى تكون فرضياتكم صحيحة يجب أن تتوافر المعلومات بين أيديكم. فمن دونها ستكون أفكاركم مجرد خيارات أو مخاوف تظهر على شكل سيناريوهات غير محتملة.
لذا يتعين عليكم أن تكفوا عن الفرضيات والافتراضات وأن تبحثوا عن المعلومات من مصدرها.
المكان الخامس: في الفضول
التعلّم والفهم والاكتشاف هي الأسس المكوِّنة للفضول الذي يدفعنا لعيش تجارب جديدة تختزن في ذاكرتنا. وبعدها، سيقوم دماغنا بالاستفادة من هذه التجارب ليفكر بأمور جديدة، وهذا ما نسميه ببساطة «الأفكار».
وبإمكان كل واحد منا أن ينمي فضوله عبر تحفيزه بطرائق متعددة:
- ضعوا الهاتف جانباً وانظروا من حولكم: ألا يوجد شيء لا تعرفونه ولا يهمكم حقاً للوهلة الأولى ولكنه قد يحفز فضولكم؟ ألا تستطيعون التحدث مع شخص لا تنجذبون مباشرة إليه؟ حاولوا أن تستبدلوا حركة تناول الهاتف الأوتوماتيكية من أجل تنمية وتحفيز فضولكم.
- استكشفوا ما لا تحبونه: أنتم تظنون بالتأكيد أنكم لا تحبون أشياء... لا تعرفونها. وهذا أمر غير منطقي بالكامل. عليكم أن تستكشفوا بانتظام مجالات جديدة ونشاطات وأساليب تظنون أنكم لا تحبونها، ولربما تجدون بينها ما يثيركم ويعجبكم وإن لم تفعلوا حسبكم أنكم أعملتم دماغكم وشعرتم أنكم قادرون على فهم أشياء جديدة.
- أصغوا إلى ما يُقال لكم: حين تصغون إلى شخص ما أو إلى محاضرة أو فيلم وثائقي، كثيراً ما يتدخل ذهنكم لتخطر على بالكم فكرة معينة وتنتظرون بتهذيب إمكانية الإدلاء بها وفي هذا الوقت لا تمارسون عملية الإصغاء لأنكم تركزون على بلورة ما تريدون قوله، أو أن فكرة شخصية لا تريدون المشاركة بها تخطر على بالكم، وستقودكم هذه الفكرة إلى أخرى لتضيعوا في أفكاركم وهنا كذلك، تنتهي عملية الإصغاء. كم من هذه المناسبات كانت تحمل لكم معلومات مهمة وأفكاراً جديدة وقد ضاعت منكم؟ أما الحل فهو بإدراك هذا الأمر وبالتركيز على ما يُقال لكم بقرارٍ واعٍ منكم.
- أعطوا أنفسكم الوقت الكافي للفضول: لا يمكن للفضول أن يعبر عن نفسه إلا في شكل من أشكال الفراغ. إذا كنتم تعتبرون وقت الفراغ إضاعة للوقت ليكون دماغكم وجسمكم دائمي الانشغال، لن تتمكنوا من تنمية هذا المولِّد الجبار للتجارب الجديدة. لذا عليكم بالتوقف عن مواصلة هذا الإيقاع المتسارع في حياتكم المهنية والشخصية حتى تتمكنوا من تحفيز فضولكم.
المكان السادس: لا تسعَ إلى أن تكون فريداً لأنك كذلك
ثمة قول للكاتب الشهير أوسكار وايلد هو الآتي «كن ذاتك لأن الذوات الأخرى مأخوذة».
هذا الكاتب الإيرلندي الذي عاش في نهاية القرن التاسع عشر قد أدرك أهمية احتفاظ المرء بطابعه الفريد. حين أُسأَل عن رأيي في مشروع ما، قد أقدم أفكاراً وأسمع أحدهم يقول لي «نعم ولكن هذه الفكرة موجودة في المكان كذا...» أسمع هذه الملاحظة في شتى المجالات فأرد عليها باستمرار بالطريقة التالية «هذا خطأ لأنه لا توجد نسخة من هذا المشروع قد نفذتها أنت من قبل».
كل ما تقولونه أو تفعلونه سيكون مرتدياً طابعكم الفريد الذي سيطال مشاريعكم وأحلامكم وإنجازاتكم. هل سبق لكم وتناولتم طبق الـ«همبرغر»؟ نعم، بالطبع وربما مرات عدة. كل هذه الأطباق كانت مختلفة لأن الطباخ لم يكن هو ذاته، علماً أن هذا الطبق موجود في عدد لا حصر له من المطاعم.
إن تحقيق الذات والاعتراف بما نحن عليه يؤدي إلى قيامنا بما يجعلنا سعداء وليس بما نظن أننا نرغب في القيام به حتى نتشبّه بفلانٍ أو علان لأننا معجبين به أو لأننا نحسده. الآخرون هم ما هم عليه وأنت ما أنت عليه وهذا هو المطلوب.
المكان السابع: حين تفرح لفرحة الآخرين
الإنسان حيوان لبون اجتماعي. كل ما هو جسدي وعقلي فينا مصمّم حتى نعيش ضمن مجموعات وبتفاعل مع الآخرين. بيد أننا نعاني شائبة في حياتنا الاجتماعية وهي الحسد، أي حين نغار من الآخر لما يملكه أو لما يفعله أو لما هو عليه. والحسد شعور مركب يجمع ما بين الغضب والإحباط والحزن والنفور بنسب مختلفة بحسب الوضع، ولكن هذه المشاعر الأربعة موجودة على الدوام.
قد يسهل على دماغنا أن يقدم لنا هذا المزيج من المشاعر بشكل عفوي، لكن يصعب عليه أن يجد الأسباب التي جعلت الذي نحسده يمتلك ما يمتلكه أو يفعل ما يفعله، وهو يكتفي بالحكم على النتيجة الظاهرة التي تقودنا إلى الحسد.
بيد أنه إذا ما أردنا أن نحسد الآخر بطريقة نزيهة أو أخلاقية يجب أن نأخذ بالحسبان أمرين:
- أولهما أن نقبل بأن نعيش ونفعل كل ما عاشه وفعله الآخر، بخيره وشره، حتى نصل إلى ما وصل إليه،
- ثانيهما أن نقبل بالتداعيات المستقبلية التي سيعيشها الآخر من دون أن يعرفها بعد، سواء أكانت جيدة أم سيئة.
لذا، افرحوا للآخرين وأجبروا نفسكم، إذا ما لزم الأمر، على القول إن ما حصل مفرح للآخر، واطرحوا على أنفسكم السؤال الآتي: هل حقاً ترغبون في أن تكونوا في مكانه ؟ أي أن تعيشوا كامل حياته، وهو الشرط الوحيد حتى نحسد بشكل شريف ما يملكه الآخر أو ما يعيشه.
المكان الثامن: في ما لا ترغبون
ضعوا قائمة بكل ما يسيء إلى هنائكم أو إلى خط سلوككم. اكتبوا كل ما لا ترغبون في وجوده بعد الآن في حياتكم.
قد يكون على شاكلة «لا أريد أن أقول «نعم» بعد الآن لكل شيء».
أو «لا أريد أن أكون جاراً لهؤلاء الأشخاص الذين لا يدعونني أنام كل ليلة».
مهما يكن من أمر ما تكتبونه في هذه القائمة، سيكون صادقاً لأنه ينبع من مشاعركم.
إن مجرد كتابة هذه الأمور، حتى لو احتجتم بضعة أيام لفعل ذلك، سيجعلها موجودة بالكامل بالنسبة إلى دماغكم لأنها قد صارت موجودة على الورق أي حقيقية ولا يمكن إنكارها أو التعايش معها.
أعيدوا قراءة القائمة حتى تتأكدوا من أن هذه النقاط مهمة إلى درجة أنها تؤثر سلباً في سعادتكم، وانتبهوا من «التنافر المعرفي».
ما هو «التنافر المعرفي»؟
ينجم التنافر المعرفي عن أفكار أو أعمال متناقضة، مثلاً: أنا أرغب في أن أحصل على جسم صحي وقررت أن أمارس الرياضة، لكني لا أفعل.
وفي حين أن الدماغ لا يحتمل أن يدخل نظام تفكير أو مواقف في حالة نزاع منطقي، لأن هذا الأمر يولد لديه حالة توتر داخلية عليه التخلص منها مباشرة، يلجأ إلى التبرير حتى يستعيد توازنه الداخلي، فيُضعِف واحدة من المعلومتين حتى لا تعود متنافرة مع الأخرى عبر إيجاد مبررات مفيدة إلى هذا الحد أو ذاك.
وفي مثال الرياضة سيكون المبرر على شاكلة «ليس لدي الوقت الكافي الآن، وصحتي لا تزال ممتازة، وأنا أنتبه لما آكله...».
وبالطريقة ذاتها، حين تعيدون قراءة قائمة الأشياء التي لا ترغبون فيها في حياتكم بعد اليوم، سيجد دماغكم أعذاراً مفيدة لوجودها وهذا طبيعي. ولكن لا تقعوا في الفخ واحتفظوا بكل ما هو مهم فيها لسعادتكم حتى تعملوا جاهدين على التخلص من كل ما يزعجكم وينغص حياتكم.
المكان التاسع: في العلاقات الودودة
إذا كانت السعادة مخبأة في دماغكم فالطريق للعثور عليها يجب ألا يعوِّقه الغضب أو الحزن أو الإحباط، وهي مشاعر تولد أيضاً من علاقاتنا مع الآخرين. لماذا؟
لأنه حتى لو كانت نوايانا جيدة، فإن طريقة تواصلنا مع الآخر كثيراً ما تولد عدم فهم. وفي المقابل ثمة طريقة أخرى في الحديث مفيدة لطرفيه، وهي التواصل غير العنيف والتي وضعها
العالم النفسي الأميركي مارشال روزنبرغ والتي تمكن من التواصل مع الآخرين وحتى مع الذات من دون ضرر عبر عدة مراحل:
- المرحلة الأولى: تقضي هذه الطريقة بمراقبة الأحداث من دون التسرع في إطلاق أحكام ذاتية ويمكن التعبير عن الملاحظات بطريقة لا أحكام فيها.
- المرحلة الثانية: يمكن فيها التعبير عن المشاعر من دون خلطها بالفرضيات المسبقة، مثلاً: بدل أن تقولوا «أشعر بعدم الاحترام حين تترك المطبخ الذي نظفته لتوي في حالة فوضى»، قولوا «أشعر بالحزن أو بالغضب حين أرى المطبخ الذي نظفته لتوي في حالة فوضى».
- المرحلة الثالثة: تتضمن التعبير عن الحاجات، أي يجب ترك الآخر يعبر عن حاجاته وعليكم مرافقته في ذلك وسؤاله عن شعوره وعن حالته.
- المرحلة الرابعة: يمكن أن تسألوا عما يرغب فيه الآخر أو تعبروا عما ترغبون فيه. ولا يجب الخلط بين التعبير عن الشيء وإصدار أمر به. فهذه المرحلة تسمح بتحويل حاجتكم الأولى إلى طلب واضح وبسيط وإيجابي مثلاً قولوا «أود أن تضع الصحون القذرة في المجلى»، ولا تقولوا «أريد أن تكف عن وضع الصحون القذرة في كل مكان».
المكان العاشر: في العنصر الأهم في حياتكم
تعتبر عبارة «أنا أفكر إذاً أنا موجود» ثورة فلسفية لم يضعها أي الفلاسفة الكبار موضع الشك، وهي عبارة للفيلسوف الفرنسي ديكارت الذي عاش في القرن السابع عشر واتبع الشك طريقة للوصول إلى اليقين وهذا ما أوصله إلى القول إن اليقين الوحيد الذي يمكن أن نخرج به في هذا العالم هو أن الفكر موجود. وبالتالي فإن المشاعر التي نعيشها حقيقية وسعادتنا كذلك.
نحن العنصر الأساسي والأهم في حياتنا ولن نكون أبداً على يقين من حقيقة أي واقع آخر نعيش فيه. دماغنا نفسه يثبت لنا ذلك عند كل وهم بصري أو سمعي يطرق حواسنا.
انطلاقاً من هذه الملاحظة، يجب أن نعتبر أننا مسؤولون عن فكرنا ومسؤولون عن النظر إلى أنفسنا أولاً.
هذا لا يعني أن نصير أنانيين ومركزيي الذات، بل يعني أن نعيش حياتنا بوعي كامل وأن نرعى أنفسنا قبل أن نسعى إلى الحصول على تصفيق الآخرين.
سيحبكم بعضهم وسيكرهكم بعضهم الآخر، لكن هذه الانفعالات وهذه الأفكار ليست ملكاً لكم لأنها لا تنبع منكم، فلماذا إذاً تريدون تغييرها أو تأكيدها بأي ثمن؟ من أجل تغذية «الأنا». لكن
أنت من تقرأ هذه السطور تريد أن تعيش سعادتك في حالة ذهنية هادئة ومرنة وسعيدة.
لذا، اهتم بنفسك وبأفكارك وانفعالاتك، بيدك مفتاح الحل لبلوغ السعادة فلا تنسَ نفسك.